الذين لاينهزمون
فقرة من كتاب " نزهة الناقد. تأملات في سينما وعصر "
بقلم
صلاح هاشم
قرأت مرة يا نيكوس وأنا صغير، وكنت طالبا في مدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية في المنيرة وعلى بعد خطوات من " دار الهلال "وكان المدرس أمين المكتبة الأستاذ صلاح ذهني والمشرف في ذات الوقت على الفرقة المسرحية في المدرسة ويختار بنفسه المسرحيات التي تقدمها ويخرجها هو بنفسه لها، يترك لي مفتاح المكتبة- بصفتي كمساعدلأمين المكتبة، المساعد الوحيد من بين كل طلبة مدرسة الخديوي اسماعيل الثانوية كلها- بعد انتهاء الدراسة كل يوم، لأقوم باعادة ترتيب الكتب المستعارة أثناء فترة الفسح بين الحصص الدراسية واعادتها الى مكانها، فكنت عندما تنتهي الحصص، اتوجه الى المكتبة وكانت أشبه بمعبد سحري لي و ملييء بالتحف والروائع والكنوز مثل معبد الكرنك واعيد وضع الكتب الى مكانها ثم أضع في حقيبتي مجموعة من الكتب لاقرأها عندنا في البيت وبعلم الاستاذ صلاح ذهني ولما انتهي من قراءتها كنت أعيدها الى مكانها في المكتبة، وكنت الطالب الوحيد الذي لايستعير من المكتبة بل يأخذ منها مايشاء من الكتب، ولم تكن هذه الكتب بالطبع تظهر للأباء الذين كانوا يحذرون أبنائهم من اللعب معي في قلعة الكبش حتى لايفسدوا من صحبة هذا الصبي الملعون الذي لايرى في الحي إلا وهو يتمرن على قذف سور مسجد احمد بن طولون بالكرة ثم يعدو مسرعا لايقافها قبل ان تهبط الى الدحديرة المصعد الحجري الى حينا قلعة الكبش.لم يكن اي من هؤلاء الآباء يريد لابنه صحبة ذلك الفتى الصايع الضايع الذي يقضى طوال وقته في الشارع ، ولايكرس وقتا للدراسة والمذاكرة.ولم يكن يعرف أحد في الحي انني لا العب الكرة إلا اذا هبطت الى الشارع فقط أما بقية الوقت فقد كنت اقضيه في قراءة روائع الكتب من روايات لطه حسين والمنفلوطي والمازني ويحيى حقي
( يتبع )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق