الإحتفاء بالكتابة حياة
بقلم
صلاح هاشم
في لحظة تجلي، تساءلت.. هل الإحتفاء بالكتابة حياة ؟..
يقول شاعر في مرثية للكتاب الكبار.. أنه لم نعد في عصرنا المتغير.. نحتفي بالكتاب الكبار.. من أمثال الرائعين العقاد و عبد القادر المازني وطه حسين وغيرهم .. ومن قبلهم ..رفاعة رافع الطهطاوي.. رائد نهضة مصر الحديثة.. وصاحب الكتاب الذي أهتز له الشرق بأسره.. كتاب " تخليص الإبريز في تلخيص باريز " فقد كانت باريس التي عرفها الطهطاوي آنذاك.. هي عاصمة الدنيا والثقافة والاختراع والفكر مع انعقاد أول معرض دولي لكل الأمم
وملكة غير متوجة للعالم باسره ( راجع من فضلك كلامنا عن باريس في فصل " باريس قلعة التنوير وأحدب نوتردام.. هل تسكنها االأرواح والأشباح ؟ )..وكنت بالفعل خضت تجربة حضور جلسة طرد أشباح ..مازالت تمارس في قلب بعض الكنائس في قلب عاصمة النور..
اختفوا هؤلاء - كل الكتاب الكبارمثل توفيق الحكيم أو كادوا من حياتنا ، خرجوا من حياتنا مع كل الرموز القيمة، لعصر انقضى.. ذهب وراح ..
صارت صور تجوم الرياضة ونجوم المسلسلات ونجوم الأغاني الوطنية وتجار السينما والترويج للهراء العام وثقافة الفهلوة هي السائدة وتحتل صفحات المجلات الحكومية وصرنا نقصف بصورهم وفي كل وقت.. حتى تقزم احساسنا بمصر الوطن.. التي نحلم بها ..وتوفر فقط.. سبل حياة كريمة ..لكل مواطن مصري..
حتى هذا الحلم المتهالك الناحل الضعيف في جسد وهن للأسف ..لم يعد من المستطاع تحقيقه
لم تعد شروطات وضغوطات الحياة المعاصرة الراكضة بلا توقف.. تسمح بأن تلتقط جريدة أو مجلة لتقرأ فيها
حتى قبل أن تبدأ القراءة ..وتستمخي - اي تستمتع بها وتشبع من الاستمتاع والله أعلم- تكون الآلآف المؤلفة من تعاقب وانهمار الصور..
وقصفنا بها ..وبلا هوادة
فلم نعد بحاجة الى جريدة ولن نستطيع اذا ركضنا ان نقف نقف ونتأمل ونفهم ونعاين ثم نجد فورا حلا لكل مشكلاتنا، فلقد قد انقضى هذا الزمن تماما، وعلينا الآن أن نركض ونشارك في " الاستعراض الكبير "..ونحن نرضخ لعمليات التسليع الرخيصة الجارية وغسيل المخ وخلق احتياجات اصطناعية لتجعلنا نفكر انه من الضروري والعضوي أن يكون لناحسابا مثلا على الفيس بوك أومواقع التواصل الاجتماعي، التي تدخلها وأنت عاقل، ثم تحاول بلا جدوى الخروج منها وتقرر ان تترك و تخرج وتنجو بجلدك من عروض "الخدمات" SERVICES التي تقصف بها وفي كل لحظة لمعرفة :
هل تعرف من هو من بين أصدقائك أقرب اليك من حبل الوريد ؟
طيب لأ.. لا أريد أن أعرف
ماشي، لكن هل تعرف كيف ستبدو وكيف سيكون شكل وجهك بعد مرور خمسين أو مائة سنة من الآن
كلا لا اريد أن أعرف
يا أخي انت صعب جدا.ماذا تريد أن تعرف إذن ؟
أريد أن أعرف بعد ان اختفي هؤلاء الناس الذين كانوا يفكرون في مستقبل الثقافة في مصر ومن حملوا مشعل " التنوير "، وبعد أن أمسسكنا عن الاحتفال بهم.. كما نحتفل بنجوم الكورة ونجوم السينما التافهين - نص كم - وأشباه وأنصاف النجوم
لماذا لانحتفي بالكتابة ذاتها،..
وبأساليب الكتابة المختلفة تعددها وثرائها
وبخاصة عندما يكون جل طموحات الكتابة - كما يقول شاعر فرنسا العظيم فيكتور هوجو - أن تحتفي برغبة بسيطة.. في إيجاد حياة كريمة فقط للمواطن.
أجل - قلت أحدث نفسي - أليس الإحتفاء بكل الكتابات المبدعة حياة ؟
.. لكن ليس كل كتابة
بالطبع ،ليس كل حياة
كتابة - وكما أتصورها - بالطول والعرض.. في المظهر والعمق .. تغوص في تاريخنا وذاكرتنا.. لكي ترد لنا " روح " إيزيس الملهمة- ضد القبح والظلم - وهي تبهرنا وتأسرنا
باختراعاتها واكتشافاتها وتدهشنا ..
وتنتصر هكذا معنا ..
لحب الحياة..
صلاح هاشم
كاتب وناقد مصري مقيم في باريس
صاحب " الحصان الأبيض " و " الوطن الآخر . سندباديات في شوارع أوروبا الخلفية مع المهاجرين العرب " و " السينما العربية خارج الحدود " .وغيرها ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق