كيف تصنع فيلما وثائقيا
إعداد زينب صادق
فيلم " البحث عن رفاعة الطهطاوي " لصلاح هاشم
لقطة من فيلم " البنات دول " لتهاني راشد
ملصق فيلم " وكأنهم كانوا سينمائيين " لصلاح هاشم
كيف تصنع فيلما وثائقيا ؟
اعداد: زينب صادق
يتناول البحث المحاور التالية :
- نوعيات السيناريو في الفيلم التسجيلي
- إعداد المعالجة
- البحث و الدراسة
- كتابة السيناريو التنفيذي
- الإعتبارات التي لابد منها لإنتاج فيلم تسجيلي مؤثر
- الهدف السلوكي والجمهور المستهدف
- اللقطة وأنواعها
- دور المصور وبعض مهامه
- الصوت و المكساج ( مزج الأصوات )
- حرفية المونتاج
- حرفة المونتاج
- فن المونتاج
- مونتاج الفيديو
سيناريو الفيلم التسجيلي
يتفق الفيلم التسجيلي كثيرا مع البحث العلمي في كثير من الخطوات حيث يقوم على فكرة محدودة أو ما يمكن أن نطلق عليه مشكلة يحدد لها المخرج عنوانا يمثل اسم الفيلم و يخاطب العقل أساسا ، و يعتمد في ذلك على تقديم المعلومات و البراهين و الأدلة ، و قد ينفذ بعد ذلك إلى العاطفة و يتسم بالوضوح و التوجه إلى جمهور مستهدف لتحقيق هدف محدد له بداية و له نهاية و التي قد تتمثل في طرح مزيد من الاستفسارات لأفلام أخرى .
السيناريو : هو وصف الحركة السينمائية على الورق ، فهو و ثيقة مكتوبة بدقة تصف المناظر منظرا منظرا مع تفاصيل الصوت المصاحب للفيلم ، و يشتمل السيناريو على قسمين هما :
( أ ) القسم الأول : الحركة و المشاهد .
( ب) القسم الثاني : الكلام المصاحب للحركة و المشاهد .
و في الفيلم التسجيلي نتعامل مع العالم الحقيقي الذي حولنا ؛ و لذلك لا يستطيع كاتب السيناريو أن يكون دقيقا في كتابته ، حيث إن هناك بعض الأفلام التي يضطر فيها المخرج إلى التخلي عن السيناريو بشكله التفصيلي و يستبدله بسيناريو نظري مبدئي يحوي مجرد خطة للتصوير منظمة و مرتبة .
و في هذا الصدد يقول هوف بادلي HUGH Baddeley :
(( إن السيناريو في الفيلم التسجيلي لا يمكن أن يكون - دائما - دقيقا تفصيليا ، لأنه يجب أن يسمح للمخرج و للمصور بقدر من حرية العمل للتعامل مع الأشياء غير المتوقعة و التي لا يمكن التحكم فيها )) .
من أفضل الأمثله علي ذلك ما فعله بارلورنتز Pare Lorentz في فيلمه النهر ، فيقال أنه عندما رأى نهر المسيسبي ألقى بالسيناريو الذي كان قد كتبه ، فقد بدا له النهر كئيبا لا طرافة فيه ، مجرد مجرى كبير من المياه الداكنة يجري بينه شطئان رتيبة خالية مما يلفت النظر ، و حينئذ تبين أن موضوع الفيلم لا ينبغي أن يكون النهر ذاته ، بل الناس الذين يعيشون على جانبيه و ما فعلوه بالنهر و ما فعله بهم .
و من هنا يتضح أن الفيلم التسجيلي ليس له سيناريو دقيق و محكم - في أغلب الأحيان - لأنه في تعامله مع الواقع تظهر و تستجد أشياء غير متوقعة و لا يمكن التحكم فيها ، لذلك قد يضطر صانع الفيلم التسجيلي إلى التخلي عن السيناريو بشكله التفصيلي و استبداله بسيناريو نظري يحوي مجرد خطة للتصوير .
و في الأفلام التسجيلية في أغلب الأحيان نجد عن بداية كتابة السيناريو بعض الاحتمالات التي تترك بدون تحديد نهائي حتى وقت التصوير، و هذا الأسلوب لا يظهر انخفاض مستوى المخرج و الذي هو في الغالب كاتب السيناريو أو صاحب الفكرة و لكنه مرتبط بخصائص المجال الفني للعمل التسجيلي و أهدافه و فلسفته. و لا يعني ذلك التخلي النهائي عن السيناريو المبدئي أو ما يمكن أن نطلق عليه التصوير المقترح لسير العمل في ضوء الهدف المطلوب حيث إنه إذا تخلي المخرج في الفيلم التسجيلي عن السيناريو تماما و عن التفكير و التحديد النسبي المسبق حيث يجد نفسه هو و الكاميرا أمام كل العناصر منشقة و غير منظمة لأن الحياة الواقعية الحقيقية أكثر اتساعا بحيث لا يمكن أن يختار منها صور بدون ترتيب سابق و اختيار منظم . و في نفس الوقت لا يمكن أن تحدد بدقة شديدة كل لقطة يقوم بها المخرج أو المصور بتسجيلها مثلما يحدث في الفيلم الروائي .
نوعيات السيناريو في الفيلم التسجيلي :
ينقسم السيناريو في الفيلم التسجيلي :
1- السيناريو النظري :
و هو الذي يعرض في سلاسة الأحداث و الحقائق التي يجب أن تصور لكي تعطي المعنى الذي يعبر عن الفكرة الأساسية و في هذا النوع من السيناريو نجد الخطوط العامة للفيلم بدون تحديد دقيق لأحجام اللقطات أو زوايا الكاميرا أو الحركة التي سوف تسجلها الكاميرا ، و لكن يترك صانع الفيلم هذه التفاصيل لوقت التصوير حتى يستطيع أن يساير أية تغييرات يمكن أن تطرأ على المكان الذي يصور فيه الفيلم . فالسيناريو النظري عليه أن يعبر عن الفكرة الفنية للعمل من خلال بعض الصور الوصفية البسيطة .
2- السيناريو التفصيلي :
في هذه الحالة يكون السيناريو عبارة عن نموذج مصغر للفيلم ، و يحدد مكان و زمان الأحداث ، و أحيانا أطوال اللقطات حتى يستطيع صانع الفيلم أن يشعر مقدما بالرتم و الإيقاع اللذين سوف يحصل عليهما بعد اتمام عملية المونتاج ، كذلك يستطيع تحديد نوعية الموسيقي ( او المؤثرات الصوتية - المعد - ) و زوايا اللقطات و أحجامها فهو يعطي تخيلا تاما عن الفيلم التسجيلي بالكامل على مستوى عنصري الصورة و الصوت .
خطوات إعداد سيناريو الفيلم التسجيلي :
و يمر سيناريو الفيلم التسجيلي بعدة خطوات على النحو التالي :
- إعداد المعالجة the preparation of treatment
- البحث و الدراسة carrying out of research
- كتابة السيناريو التنفيذي the writing of the shooting script
و نعرض فيما يلي لكل خطوة تفصيلا :
أولا : إعداد المعالجة :
هذه المرحلة أو الخطوة الأولى عبارة عن شرح و توضيح للفكرة الأساسية التي يدور حولها الفيلم . و الفكرة الأساسية في الفيلم هي خاطر فني، و من الناحية النظرية يمكن استخدام أي خاطر من الخواطر الإنسانية كفكرة أساسية لأي فيلم .
و الفكرة الأساسية لابد أن تتسم بالوضوح التام ، لأنه إذا كانت الفكرة محور السيناريو غامضة أو غير محددة ، فإن ذلك يؤدي إلى فشل السيناريو ، و عندما يتحول السيناريو الغامض إلى صور تعرض على الشاشة فإن الأمر يختلط على المتفرج مما يثير ضيقه الشديد .
و في مرحلة الإعداد للمعالجة لابد أن يضع صانع الفيلم عدة نقاط في الاعتبار مثل أسلوب تقديم الفيلم ، و هل يحتوي على ديالوج منطوق أو على تعليق أو على كليهما . و هل الموسيقى ( او المؤثرات الصوتية - المعد - ) ستكون مكونا أساسيا في الفيلم ، و هل سيستخدم في تقديم الفيلم أسلوب الحقيقة أم ستعالج المادة في قالب درامي .
و في هذه المرحلة لابد من الإجابة على عدة أسئلة :
1- ما هو الهدف من الفيلم ؟
2- من هو الجمهور المستهدف ؟
3- ما خصائص الجمهور المستهدف و ما موقفه من الموضوع المطروح ؟
ثانيا : البحث و الدراسة :
بعد تحديد الفكرة الأساسية و الرئيسية للفيلم ، تظهر الحاجة إلى بحث مفصل في الموضوع ، حيث يجب تجميع المعلومات التي سيقدمها الفيلم و بجب مراجعتها مراعاة للدقة و في هذه المرحلة لابد من زيارة الأماكن التي سيدور فيها التصوير و الأحداث ، و يجب عمل الاتصالات اللازمة مع الشخصيات التي لها صلة بموضوع الفيلم .
و لا يجب إهمال أي مصدر للمعلومات مهما كانت مساهمته بسيطة ، و لابد كذلك من الاستعانة بالخبراء في الموضوعات المتخصصة . و يمكن الحصول على المعلومات من عدة مصادر مثل الكتب و المجلات و الجرائد و الأرشيف الفيلمي و الموسوعات و شبكات المعلومات .
ثالثا : كتابة السيناريو التنفيذي :
و تعتبر كتابة السيناريو التنفيذي المرحلة السابقة مباشرة على التنفيذ و بداية التصوير ، و يتم اللجوء إلى هذا النوع من السيناريوهات في بعض الحالات و الموضوعات ، و لابد أن يصف المرئيات لقطة بلقطة و يزودنا بالمعلومات التالية :
- عدد اللقطات سواء كانت داخلية أم خارجية .
- الأماكن و وقت التصوير سواء كان نهارا أم ليلا .
- المناطق التي سنراها عن طريق الكاميرا .
- حركات الكاميرا المختلفة .
و السيناريو في الفيلم التسجيلي له عدة وظائف من أهمها :
- يعطي المخرج الاتجاه الرئيسي الذي يسير فيه .
- يعطي المخرج الفرصة للتعرف على الأماكن التي من الممكن أن يختار مادته منها .
- يساعد المخرج على أن يقوم بعملية تركيز مبدئي للمادة المراد تصويرها .
و يرى روي بول مادسن ROY Paul Madsen :
أن هناك عدة اعتبارات لابد أن يضعها صانعو الأفلام التسجيلية في اعتبارهم إذا أرادوا أن ينتجوا فيلما له أثر فعال و هي :
- الهدف السلوكي
- الجمهور المستهدف
- الموضوع
- الشكل السينمائي الملائم
- التطابق
و نعرض فيما يلي لكل من هذه الاعتبارات الخمسة :
1- الهدف السلوكي Behavioral Goals
و يقصد به ما الذي سيفعله المشاهد نتيجة لما شاهده و تعلمه من الفيلم ، و تحديد الهدف من الفيلم خطوة هامة لأنه على أساس هذا الهدف يتم تحديد الموضوع و كيفية رد فعل المشاهدين بعد رؤية الفيلم ، و عليه أن يتأكد من أن محتوى الفيلم يساهم في تحقيق هذا الهدف .
و إذا لم يحدد صانع الفيلم هدفه بوضوح ، فإن ذلك سيؤدي إلى تقليل فعالية الفيلم و يقلل تركيز المشاهد على الجوانب الهامة فيه . و في النهاية يؤثر على جني رد الفعل المنشود .
2- الجمهور المستهدف Target Audience
لابد أن يتعرف صانع الفيلم على جمهوره المستهدف قبل أن يصنع فيلمه ؛ و ذلك كي يستطيع أن يختار الطريقة الفعالة لمخاطبتهم و للتأثير فيهم . و هناك عدة عوامل تؤثر في علاقة الجمهور المشاهد بالفيلم ، و على صانع الفيلم التسجيلي أن يضع هذه العوامل في اعتباره و هي :
أ- التعرض الانتقائي Selective Exposure
فالشخص العادي يبحث عن الأفلام التي تتفق مع ميوله و اتجاهاته و يتعرض لها ، و يتجب الأفلام التي لا تتفق مع هذه الميول و الاتجاهات .
ب- الإدراك الانتقائي selective perception
إذا اضطر المشاهد إلى رؤية فيلم معين ، و محتوى هذا الفيلم يحبذ آراء و اتجاهات معينة فإن المشاهد العادى سوف يتقبل الآراء و الأفكار التي تدعم و تؤيد اتجاهاته الأصلية ، و نجده يتجاهل أو يتجنب - إن لم ينفعل ضد - الاتجاهات و الآراء المضادة لاتجاهاته و آرائه ، في هذه الحالة نجد أن الشخص يحاول أن يدرك و يفسر أحداث الفيلم بالطريقة التي تتفق مع ميوله و اتجاهاته .
ج - التذكر الانتقائي Selective Retention
الشخص العادي يتذكر الأفكار و الاتجاهات التي يشاهدها في الفيلم و التي يعتبرها ذات قيمة بالنسبة له و في نفس الوقت تتفق مع ميوله و تدعم اتجاهاته. كذلك على صانع الفيلم التسجيلي أن يضع في إعتباره أن هناك خصائص للجمهور المشاهد ، و هذه الخصائص تؤثر في إدراك الجمهور و في استجابته للفيلم . و من أهم هذه الخصائص :
- العمر .
- الذكاء
- مستوى التعليم
- حيز الحياة و الذاتية
و نعرض فيما يلي لهذه الخصائص :
أ- العمر Age
تنمو قابلية الجمهور المشاهد للسينما في نمو الفرد منذ عمر مبكر و تستمر في التطور كلما تقدم الفرد في العمر . و لكن من العصب إدراك ردود الفعل على المشاهد في عمر 12 سنة أو أقل ، بينما يبدأ المشاهد في إدراك الأفلام و مستواها من سن 12 إلى 15 سنة ، و تستمر هذه القابلية للمشاهدة كلما تقدم الفرد في السن . و إدراك رد الفعل 15 سنة ، و تستمر هذه القابلية للمشاهدة كلما تقدم الفرد في السن . و إدراك رد الفعل يصل لذروته في سن 16-19 سنة .
و يرى روي بول :
أن العروض التعليمية المقدمة للأطفال في الصفوف الثلاثة الابتدائية الأولى يكون طول الفيلم فيها من 5 إلى 10 دقائق . و أن الصغار في الصفوف المتوسطة يستطيعون أن يستوعبوا المضمون من أفلام مدتها من 11 إلى 14 دقيقة ، أما طلاب المدارس الثانوية فيتعلمون من الأفلام التي يمكن أن تكون مضمونها على مستوى عال و مدتها 22 دقيقة .
و يقول روي : أنه في البرامج التي تستغرق مدتها أكثر من 22 دقيقة نجد أن الطلاب حتى الأذكياء جدا - ربما ينسون ما قدم لهم في البداية ؛ و لذلك لابد أن يأخذ القائمون على إعداد الفيلم التسجيلي في اعتبارهم هذا العامل خاصة إذا كانت الأفلام المقدمة من نوعية الأفلام التعليمية .
ب - الذكاء Intelligence
يرتبط الذكاء كعامل يؤثر في إدراك الجمهور للفيلم و استجابته له أساسا بالأفلام التعليمية ، فإدراك المشاهد للفيلم و استجابته له تختلف من شخص لآخر حسب مستوى الذكاء لكل منهما .
ج - مستوى التعليم Level of Education
يوجد ارتباط بين عامل الذكاء و بين مستوى التعليم ، فهما عاملان مرتبطان ببعضهما البعض و الأفلام التعليمية - مثلا - توجه إلى جمهور على درجة معينة من التعليم ، كذلك الأفلام التي تقدم أفكارا فلسفية يرتبط الإقبال عليها بدرجة التعليم .
د- حيز الحياة و الذاتية Life space and subjectivity
يقصد بحيز الحياة الموضوعات التي تقدم بطريقة مباشرة و حميمة و شخصية للإنسان ، فالإنسان يخاف و يأمل و يود الأمن و هو يبحث في الفيلم الذي يشاهده عن شيء يفيده أو يمتعه أو يثقفه هو شخصيا؛ لأن الفرد يبحث عن الاثراء الذاتي في الفيلم ، و هنا يجب على منتج الفيلم أن يضع في اعتباره - عند الاتصال - خصائص الجمهور المستهدف و سنه ، و ذكاءه و تعليمه ، بالإضافة إلى كل ذلك وجهة النظر الشخصية للفرد المشاهد .
فحيز الحياة يعني التوحد مع الحاجات و الرغبات الخاصة بالمشاهد الفرد و ارتباط هذه الأشياء بموضوع الفيلم ، بحيث إن ما يقدمه الفيلم يلائم و يكسب رضاء الفرد المتفرج . و سنعطي مثلا بسيطا على حيز الحياة و الذاتية ، فإذا كانت هناك سيدة في مقتبل العمر تستعمل حبوب منع الحمل ، نادرا ما تستمتع هذه السيدة بالموضوعات العلمية ، ولكنها ربما تشاهد بشوق شديد فيلما عن الآثار الجانبية للحبوب إذا قدمها الفيلم على أساس آثار هذه الحبوب على السيدات اللاتي هن في مقتبل العمر ؛ لأن هذا الموضوع يؤثر على حيز حياتها .
و الإعلانات - في الحقيقة - تخلق حيز الحياة هذا ؛ فمثلا في المجتمع الأمريكي نجد أن الإعلانات تخلق حيز الحياة عن طريق تحديد حاجات لم يكن المشاهد على علم أو معرفة بها ثم تعمل هذه الإعلانات على الاحتفاظ بهذه الحاجات و الرغبات .
3- الموضوع subject Matter
يرى روي بول أن اختيار المضمون يأتي في المرتبة الثالثة ، و السبب في ذلك أنه ما دام صانع الفيلم حدد الهدف السلوكي الذي يريده من الجمهور ، و أن خصائص الجمهور المستهدف تم تحديدها ، يصبح من السهل أن يختار صانع الفيلم المحتوى الفعال .
4- الشكل السينمائي cinematic form
يأتي الشكل السينمائي في المرتبة الرابعة ؛ لأن قرار تحديد شكل الفيلم - سواء كان الشكل الدرامي أو التسجيلي الخالص أو الرسوم المتحركة - يعتمد أساسا على هدف الفيلم ، و الجمهور المستهدف و طبيعة الموضوع ، و يجب أن يتم اختيار الشكل السينمائي بعد أن يتم التعرف و الانتهاء من كل الخطوات السابقة .
5 - التطابق Identification
إن التطابق هو آخر ما يهتم به صانع الفيلم التسجيلي ، و لكن ليس معنى ذلك أنه أقل من العناصر السابقة و التطابق معناه أن الجمهور المشاهد يشعرأن ما يقدم له على الشاشة يتطابق مع حياته الحقيقية الواقعية ، حيث إن تمتع المشاهد بالفيلم يتوقف على مدى إحساسه بأن محتوى الفيلم و ثيق الصلة به .
فالتطابق هو أي شئ وثيق الصلة بالمشاهد ، و أحيانا يطلق على هذا التطابق محتوى الرؤية Visual context و هو ما يشير إلى توحد المشاهد مع الحوادث التي تحدث على الشاشة ، و يمكن تحقيق ذلك جزئيا باحتواء الفيلم على الأشياء المألوفة للمشاهد ، فالشخص العادي يستجيب لحوادث الفيلم التي يشعر أنها تميزه شخصيا ، إن الشخص العادي هو مخلوق ذاتي يدرك و يستجيب انتقائيا للأشياء الموجودة في الفيلم و التي يجدها هامة بالنسبة له .
فمثلا في الفيلم التعليمي يبحث الفرد عن المضمون الذي يرتبط بالموضوع الذي يدرسه و يهمه ، و في بقية الأنواع الأخرى من الأفلام التسجيلية نجد أن الفرد يبحث عن الأشياء التي تمس حياته أو بيئته مسا وثيقا .
من ذلك نستطيع القول بأنه كلما كانت الدرجة التي يعبر بها الفيلم عن المضمون مألوفة للمشاهد ، زادت درجة التأثير لدى المشاهد .
مصطلحات يتعامل معها صناع الفيلم التسجيلي :
و يتعامل صناع الفيلم التسجيلي - من مخرجين و مصورين و كتاب تعليق و كتاب سيناريو و أيضا المستفيدين من ذلك الشكل الاتصالي في برامج العلاقات العامة أو النقاد السينمائيين - مع عديد من المصطلحات و التي تمثل القاموس اللغوي لهذا التخصص ، و التي يفضل أن تكون موحدة المفاهيم لتفعيل الاتصال فيما بينهم .
و نعرض فيما يلي لأهم هذه المصطلحات و التي نرى أهمية استيعابها نظريا بالنسبة للدراسين و صولا إلى تطبيقها عمليا عند الممارسة على النحو التالي :
اللقطة Shot
يعرف أحمد زكي بدوي اللقطة :
بأنها جزء من الفيلم الخام الذي يتم تصويره بصفة مستمرة و دون توقف للمرء أو المنظر أو أي شئ يراد تصويره ، و تحدد اللقطة من لحظة إدارة الكاميرا و هي في وضع معين حتى تتوقف أو حتى يتم النقل إلى منظر آخر في السينما أو كاميرا أخرى في التليفزيون و اللقطات تجمع معا لتكون مشاهد ، و المشاهد تجمع معا لتكون فصولا .
و تتفاوت اطوال اللقطات من عدد قليل من الكادرات ( الصور الثابتة ) إلى طول يصل إلى طول بوبينة الفيلم الخام . و يعتبر معدل طول اللقطات السائد على مدار الفيلم ، من أهم عناصر خلق الإيقاع العام و الذي يساعد على توصيل هدف الفيلم إلى المتفرج و ترى منى الصبان - الأستاذ بالمعهد العالي للسينما و نتفق معها - أن اللقطة :
هي وحدة بناء الفيلم ، تماما مثلما الكلمة هي وحدة بناء اللغة . و اللقطة بإيجاز من وجهة نظر التصوير هي :
الجزء من الفيلم المطبوع ، الذي بين اللحظة التي يبدأ فيها محرك الكاميرا الدوران و بين اللحظة التي يتوقف فيها ، و من وجهة نظر التوليف هي الجزء من الفرام الموجود بين مضربتي المقص ، ثم بين لصقتين . و من وجهة نظر المشاهد هي الجزء من الفيلم الموجود بين مشهدين أي بين حجمي لقطتين .
و يذكر دانييل أريخون أن اللقطة هي من أدوات قواعد اللغة السينمائية ، و أن طول اللقطة ( أو مرة واحدة من التصوير) يحدده كمية الشريط الذي يمكن أن يتعرض للضوء داخل آلة التصوير ، دون إعادة لتعبئة الشريط ، وليكن 4 أو 10 أو 33 دقيقة .
و يذكر آخرون أن اللقطة :
هي أصغر وحدة في اللغة السينمائية ، و يتكون الفيلم الطويل من آلاف من الصور منظمة داخل اللقطات ، و اللقطة تبدأ من بداية حركة الكاميرا و حتى توقفها . و طول اللقطة قد يستغرق طول زمن رمشة عين، أو يستغرق طول بوبينة الفيلم الموضوعة في الكاميرا ، و قد استغرقت اللقطة في فيلم هيتشكوك الحبل 10 دقائق أي طول بوبينة الفيلم .
و قد اختلفت الآراء في تقسيم و تحديد أحجام اللقطات ، بين السينمائين في فرنسا و بريطانيا و غيرهما من البلاد . و توضح الصورة رقم 1و 2 تقسيم اللقطات في كل من فرنسا بريطانيا و إن كان هذا التقسيم لم يعد شائعا حاليا ، و أصبح تقسيم اللقطات يتم بناء على مجموعة من المعايير واضعين في الاعتبار أن هناك بعض التقسيمات المشتركة العامة مثل : اللقطات القريبة و المتوسطة و العامة ، أو غير هذا ، و ذلك من الأشياء موضع التصوير .
( أ ) أنواع اللقطات the size of shot
تعتمد اللقطة و حجمها اعتمادا على المسافة الفعلية التي بين الكاميرا و الشئ الذي يتم تصويره و على نوع عدسة الكاميرا أثناء التصوير و كل حجم يقوم بتوصيل معلومات تختلف عن الآخر و تحقيق أثر مختلف لدي المشاهد .
1- اللقطة البعيدة جدا ( Extreme Long shot ( Els
هي تحتوي أكبر معلومات يمكن أن تصل إلى المتفرج ، حيث إنها تعرض المناظر الطبيعية ، أو مكان ما من مسافة بعيدة، و تستعمل كذلك في تصوير اللقطة التأسيسية Establishing shot في بداية المشهد لتوضيح المكان الذي يتم تصويره ، ووضع كل ممثل داخله ، تمهيدا لعدم حدوث تداخل للمتفرج في معرفة مكان كل منها في بقية لقطات المشهد.
2- اللقطة البعيدة ( long shot ( Ls
تعرض صورة شخص بكامل هيئته من أعلى الرأس إلى القدم مع جزء كبير من المكان الذي حوله.
3- اللقطة المتوسطة البعيدة ( Medium long shot ( MLS
تصور شخصا من أعلى رأسه إلى ركبته و أحيانا ما تسمى اللقطة الأمريكية American shot.
4- اللقطة المتوسطة ( Medium shot ( M S
تصور شخصا من أعلى رأسه حتى وسطه.
5- اللقطة المتوسطة القريبة ( Medium close shot ( Mcs
تصور شخصا من أعلى رأسه حتى صدره .
6- اللقطة القريبة ( close UP ( CU
تصور شخصا من أعلى رأسه حتى أكتافه ، أو أي جزء تفصيلي من شيء يتم تصويره .
7- اللقطة القريبة جدا ( Extreme close up ( ECU
تصور جزاءا صغيرا من ثلثي المصور قد تصل إلى مجرد عين أو فم .
و هناك تقسيم آخر لأنواع اللقطات :
التصنيف الثاني :
لقطة بعيد Totala
لقطة نصفية ( حتى الصدر ) bust shot
لقطة متوسطة ( حتى الركبتين ) Knee shot
لقطة ثنائية 2- shot
لقطة ثلاثية 3-shot
لقطة كتف over shoulder shot
لقطة عكسية Cross shot
( ب ) زاوية اللقطة the Angle of the shot
أو بمعنى أدق مكان الكاميرا بالنسبة للشي ء الذي يتم تصويره ، و كل زاوية تحمل معنى للمتفرج مختلف عن الآخر .
1- لقطة مستوى العين Eye- Level shot
تكون الكاميرا على مسافة خمسة أو ستة أقدام من الأرض أي على نفس مستوى عين شخص عادي ينظر إلى الشيء المصور . و هي تعتبر اللقطة ذات الزاوية القياسية بالنسبة لبقية الزوايا .
2- لقطة الزاوية السفلى Eye_ Level shot
تکون فیها الکامیرا أسفل الشخص المصور لتظهره أكثر طولا و جلالا و قوة .
3- لقطة الزاوية العليا High- angle shot
تنظر إلى الشخص المصور من أعلى لتقزمه و اتجعله أقل من حجمه الطبيعي ، و لتظهره في موقف الضعيف .
(ج) اللقطة المتحركة The Movement of the shot
تتحرك فيها الكاميرا ، لتظهر الصورة و كأنها تتحرك أو تغير من اتجاهها ، أو تتغير من منظور المتفرج ، و سمحت إمكانية تحريك اللقطة للمتفرج ، أن يتابع حركة ممثل ، أو سيارة مثلا ، أو أن يشاهد الشئ المصور من وجهة نظر الممثل شخصيا أثناء حركته ، و هو ما يقوي انتباه المتفرج إلى الأجزاء التي يريد المخرج أن يلفت نظره إليها .
1- لقطة التتبع Tracking , Traveling shot
و تكون فيها الكاميرا مثبتة على منصة ذات عجلات dolly ، تتحرك على قضيبين متوازيين حتى تساعد على سهولة و نعومة حركة الكاميرا ، أثناء متابعة حركة الشيء المراد تصويره .
2- لقطة الرافعة Crane shot
تثبت الكاميرا فيها على ذراع رافعة Crane لتتحرك أفقيا ، و رأسيا ، و في جميع الاتجاهات حتى تقترب و تبتعد عن الشيء الذي تقوم بتصويره بشكل درامي جاف .
3- اللقطة البانورامية pan shot
تتحرك الكاميرا فيها بشكل أفقي إلى اليمين أو إلى الشمال و هي ثابتة في مكانها ، أو لتلقي نظرة بانورامية على مكان ما.
4- اللقطة التلت Tilt shot
تتحرك الكاميرا فيها بشكل رأسي إلى أعلى أو إلى أسفل و هي ثابتة في مكانها ، إما لتتبع شخص يصعد أو ليهبط إلى أسفل ، أو لتصوير وجهة نظر شخص ينظر إلى أعلى أو إلى أسفل .
( د) عدد الأشخاص داخل اللقطة The number of Characters Within the shot
و هي اللقطة التي تسمى بعدد الأشخاص التي يتم تصوير ما بداخلها و منها :
1- لقطة واحدة The one - shot أي اللقطة التي تصور شخص واحد .
2- لقطة الاثنين The TW - shot أي اللقطة التي تصور شخصين .
3- لقطة الثلاثة The Three - shot أي اللقطة التي تصور ثلاث شخصيات .
و يمثل المصور أحد العناصر الرئيسية في الإنتاج السينمائي أيا كان نوعه ، و فيما يلي نعرف ببعض مهامه .
المصور
يعتبر المصور أهم تخصص في صناعة الفيلم بعد المخرج ، كما تعتبر الكاميرا أهم آلة في صناعة السينما فالكاميرا هي النافذة التي نطل منها على كل ما في الأفلام من متعة و إثارة و على كل ما في هذا العالم من حوادث و أماكن .
و تتضمن مهام المصور ما يلي :
- عمل جدول للتصوير يعتبر كرسم تخطيطي شامل للفيلم كله بما في ذلك إدارة الكاميرا و الأضواء المقترحة و الموسيقى ( او المؤثرات الصوتية - المعد - ) و الصوت.
- تحديد مشاهد الفيلم في جدول التصوير مجمعة بالترتيب الذي ستصور به .
- العناية بالتخطيط و الدراسة قبل بدء التصوير من الأهمية لأنها توفر في وقت التنفيذ و التكاليف .
و بالرغم من كل هذه الدقة و العناية دائما ما يحدث تأخير ، و يتكالف الفيلم أكثر مما قدر له و هو أمر يراعي عند إعداد الخطط فتخصص له مبالغ إضافية في ميزانية الفيلم .
و يساعد المصور في عمله مساعدون حيث :
يتولى مساعده الأول : العناية بالكاميرا و التأكد من صلاحيتها للعمل ، و يضع لها الأفلام ، و يعرفها و يتولى أيضا قياس المسافة بين الهدف و الكاميرا بشريط طويل حتى يمكن ضبط عدسات الكاميرا.
أما المساعد الثاني : فهو الذي يتولى فرع الكلاكيت في أول كل مشهد و يكتب تقريرا دقيقا عن كل مشهد يحتوي على البيانات المتعلقة بكمية الضوء الذي عرض لها الفيلم و رقم اللقطة و نوعها و طول الفيلم الذي صور و يرسل هذا التقرير للمونتير و المعمل.
الصوت :
عناصر شريط الصوت :
يحتوي شريط الصوت في الفيلم على أربعة عناصر :
1- المؤثرات الصوتية
2- الموسيقى
3- التعليق
4- الصمت
و هذه الأصوات يمكن استخدامها مع بعضها أو بصورة مستقلة بشكل واقعي أو بشكل تعبيري و من الضروري أن تكون الأصوات متزامنة مع الصورة . بمعنى أن تكون صادرة في نفس اللحظة و متوافقة مع الحركة و شريط الصوت النهائي يتكون من الأشرطة السابقة حيث يتم مزجها مع بعض ، و أهم الأشرطة هو الذي يتم تسجيله أثناء تنفيذ الفيلم مصاحبا للتصوير أي التسجيل المباشر مثل راو يحكي عن شئ أو ماكينة تدور بصوت معين . أما الموسيقى أو الأغاني فتسجل قبل التصوير و تركب على الصورة عند المونتاج .
المكساج ( مزج الأصوات ) :
و هو آخر خطوة في مجال التسجيل الصوتي ، و يتم فيه مزج أشرطة الصوت المختلفة على شريط واحد يتم طبعه في النهاية بجوار الصور على شريط النسخة الاستاندرد . و عملية المكساج لا تتم إلا بعد عملية المونتاج و ترتبط بها ارتباطا و ثيقا .
و المونتاج بمعناه الدقيق ليس عملية تقطيع و توصيل و تجميع اللقطات المصورة ، و هو ما يتم على المافيولا- بالنسبة للسينما- داخل حجرة المونتاج لكنه عملية تركيب خلاق لجزئيات الفيلم من حيث تكوين الأفكار و المعاني و الأحاسيس و المشاعر و الإيقاع و الحركة ، و كذلك تحقيق الوحدة الفنية للفيلم .
فالمونتير يتسلم لقطات التصوير اليومي من المعمل و يبدأ في مشاهدتها و بلصقها بآلة اللصق الخاصة ، و يقوم بمطابقة الشرائط المصورة ، و الصوت بآلة التزامن الموجودة لديه طبقا لتسلسل السيناريو من ناحية و لمواقع اللقطات داخل المشهد من ناحية أخرى .
و يعد المونتاج أهم مرحلة من مراحل العمل الفني حيث يتضمن جميع العمليات التي تتم بالنسبة للصوت و الصورة الفيلمية و التليفزيونية بين نهاية التصوير و الإنتاج و بين العرض النهائي لهما .
و الكلمة الشائعة في الاستديوهات العربية المونتاج مأخوذة من الفعل الفرنسي Monte و هي تعني التجميع ، و التحديد ، و التركيب ، و التنسيق ، و اللصق ، و سلسلة السياق ، و ترابط التتابع في وقت واحد و تسمي في السينما المونتاج الفيلم - Film Editing ، أما في التليفزيون فتسمى مونتاج ما بعد الإنتاج Production Post Editing .
و بالرغم من أن عمليات البناء مختلفة تماما في كلتا الوسيلتين إلا أن الهدف في كليهما واحد ألا و هو إنتاج عمل فني ناجح عن طريق تقديم الأجزاء المختارة بعناية من المواد المتاحة و يعرف أحمد كامل مرسي و مجدي و هبة هذه العملية بأنها :
عملية فنية و حرفية تقوم أساسا على عمليتي القطع و اللصق، و تركيب اللقطات في السياق الطبيعي ليطابق السرد الفيلمي أو التقطيع الفني ، الذي وضعه المخرج مع المؤلف في معظم الأحيان و يرى أحمد زكي بدوي في أن المونتاج أو التوليف المبدع هو :
عملية فنية خلاقة لاختيار و ترتيب و توليف و تسلسل المناظر و الأصوات لإخراج الفيلم في صورته النهائية بشكل إبداعي جديد ، و يتضمن هذا النوع من التوليف تعديلا للواقع و الحقيقة . و يقرر محمد فريد عزت أن المونتاج صورة مركبة تصنع بضم عدد من الصور المستقلة بعضها إلى بعض و يعرف المونتاج في مصر و الوطن العربي عامة بأنه :
تهذيب الفيلم أو الشريط الفيديو باستبعاد لقطات غير صالحة من حيث المضمون أو النوعية أو إضافة لقطات ما أو تبديل ترتيب اللقطات بطريقة مخالفة لترتيب تصويرها ، و يقصد بكملة المونتاج في الولايات المتحدة الأمريكية معنى آخر و هو مجموعة من اللقطات الفيلمية أو المسجلة على فيديو غير مرتب زمنيا لإيجاد فكرة معينة و غالبا ما يكون موضوعها انتقاليا كمرور الزمن أو مرور الحوادث ، و قد ترتبط الصورة فيها بالمزج أو الازدواج أو أي مؤثرات خاصة أو حيل أخرى .
ويرى تايمز وهادسون Thames a Hudson أن المونتاج :
عملية تغطي جميع المراحل ما بين تصوير و تسجيل الفيلم و الانتهاء من إخراجه - مه استبعاد العمل المعملي - و هي عملية تتضمن ترتيب جميع المواد و اختيار القرارات الخاصة بما سيظهر في الشكل النهائي و يؤكد هارمسورز Harmsworth أنه :
أداة تستخدم في خلق صورة ذهنية معينة في عقل الجمهور ؛ و ذلك لخلق إحساس أو جو معين من خلال سلسلة من اللقطات الموجودة ذات انطباع تعرض واحدة تلو الأخرى بسرعة و بدون ترتيب منطقي واضح .
و يسمى البعض المونتاج أو عملية وضع الفيلم معا ، في شكله النهائي بما في ذلك اختيار و ترتيب اللقطات ، و المشاهد ، و الفصول ، و مزج كل شرائط الصوت مع الصورة ، و أحيانا يطلق على هذه العملية كلمة تقطيع ( Cutting) ولكن هذا المصطلح يعبر عن العملية من الناحية الحرفية فقط ، بدون أي نواحي درامية أو فنية ، والتي يتطلبها عمل فيلم مؤثر و مترابط ، و لا يتضمن أيضا عملية مزج شرائط الصوت مع الصورة .
و يقول بون وچونسون Bone a Johnson عن المونتاج أنه :
واحدة من أهم خطوات عمل الفيلم حيث تتضمن اختيار أحسن الزوايا و اللقطات ، التي تم تصويرها و تركيبها في وحدة متكاملة داخل مشاهد ، و فصول ، و سرعة و توقيت مناسبين .
و يقرر بوب فوس Bob Foss أن المونتاج :
ليس مجرد لصق لقطتين من الفيلم معا مع مراعاة قواعد التتابع Continuity، و لكن أين و كيف ، و متى القطع يعتمد في المقام الأول على أسلوب الفيلم ككل ، فالقطع الناعم في موقف معين ، قد يعتبر قطعا خشنا في موقف آخر .
و يقول سيجل siegel أن المونتاج - الذي يعد أحد العناصر الأساسية لفن الفيلم - يقصد به :
تركيب جزئيات الفيلم بشكل خلاق من حيث الأفكار و المعاني و الأحاسيس و الإيقاع و الحركة و تحقيق الوحدة الفنية للفيلم ككل - و من ثم ظهر المصطلح الإنجليزي Editing ليكون المقابل الإنجليزي للمصطلح الفرنسي Montage .
و يرى أرنست Ernest أن مسئولية المونتاج تقع على عاتق عدد كبير من الأشخاص حيث تبدأ من كاتب السيناريو و تمر بالمخرج حتى تصل إلى المونتير الذي يقوم بتحويل رؤية المخرج و أفكاره الخاصة بالإيقاع إلى خط سير للفيلم و ترى منى الصبان الأستاذ بمعهد السينما في مصر أن هناك ثلاثة مصطلحات تستعمل مجتمعة لتفسير معنى عملية المونتاج و هي :
( أ ) حرفية المونتاج The Techique of The Editing
و هي التقنية التي يستعملها المونتير في فصل نسخة المواد المصورة بالبوزتيف positive material - المطبوعة من نسخة النيجاتيف الأصليةoriginal negative بعد كل يوم تصوير إلى لقطات ، و إعادة تجميعها في مشاهد . و بعد آخر يوم تصوير ، يكون قد قام بواسطة جهاز التزامن ( السنكرونيزر ) synchronizer ، بتجميع جميع لقطات الفيلم في تزامن مع الصوت الخاص بكل منها ، و الذي سجل أثناء التصوير .
و استعمال جهاز المفيولا Moviola يبدأ في حذف الأجزاء غير المطلوبة من اللقطات ، ليحصل في النهاية على نسخة مبدئية Rough Cut من الفيلم و يستمر المونتير في عملية القص و اللصق بين اللقطات باستعمال جهاز اللصق Splice حتى يحصل في النهاية على نسخة نهائية Fine Cut ، و تتضمن المؤثرات البصرية Optical effects التي تم تنفيذها أثناء التصوير ، أو أي وسائل انتقال Transition يختارها بين اللقطات مثل المزجDissolve، أو الظهور و الاختفاء التدريجي Fade In-Out.
و تتضمن حرفية المونتاج تركيب شرائط الصوت المختلفة مثل الحوار Dialogue ، و المؤثرات الصوتية Sound effects ، و الموسيقى Musicفي تزامن مع صورة الفيلم ، و عمل مزج MiX بين هذه الأصوات لتصبح على شريط صوتي نهائي واحد ثم يقوم المونتير بقص و لصق و تركيب نسخة النيجاتيف الأصلية original negative .
مطابقة تماما للنسخة النهائية البوزتيف positive Final ، ليتم في النهاية طبع نسخة واحدة standard copy للعرض ، تتضمن صورة الفيلم ، و الشريط الصوتي النهائي الواحد .
(ب) حرفة المونتاج the Craft of the editing
و هو ما يعبر عن الحرفة في اختيار اللقطات المهمة من الموارد المصورة و استبعاد ما هو غير مهم فيها في حدود كل العناصر التي تتضمنها كل لقطة ، و الغرض منها في توصيل الفكرة الرئيسية للمتفرج ، بل و كيفية تجاوز هذه اللقطات في ترتيب معين يؤثر على الادراك الحسي للمتفرج ، بل و كيفية الانتقال بين كل منها : فتفضيل وسيلة انتقال على أخرى، يعتمد على الانطباع الذي يريد المونتير توصيله إلى المتفرج . و في النهاية كيفية التمكن من عرض سلسلة من الأحداث المتتالية ، بحيث يظهر كل تطور جديد في القصة في اللحظة المناسبة من الناحية الدرامية ، أي المحافظة على توقيت Timing و سرعة pacing ، و إيقاع Rhythm لقطات الفيلم .
(ج) فن المونتاج the Art of the editing
يعبر عن معنى أبعد من حرفة المونتاج ، فهو يعبر عن العملية الإبداعية التي تتم أثناء جمع عدد من اللقطات بهدف خلق تأثير معين على المتفرج . فعن طريق السيطرة الإبداعية على التوقيت Timing ، و السرعة pacing و الإيقاع Rythm، للقطات و المشاهد ، يمكن خلق التوتر Tesion ، أو الفكاهة Humor ، أو الاسترخاء Relaxation ، أو الإثارة arousal أو الغضب anger أو غيرها من المشاعر . و هكذا نرى أن المونتاج ليس حرفية أو حرفة أو فنا، بل هو خليط من الثلاثة ليخلق في النهاية الفيلم السينمائي المؤثر .
أما مونتاج الفيديو فيختلف اختلافا كبيرا عن المونتاج السينمائي و يتم إلكترونيا من خلال جهازي تسجيل فيديو video Cassett Recorders و جهازين للرؤية Monitors ووحدة مراقبة كنترول control Unit و التي تعمل على ضبط توقيت بدايات و نهايات اللقطات و هي أقل نوعية من معدات مونتاج الفيديو تعقيدا و هو ما يسمى off lineEditing، و جميع الانتقالات هي القطع فقط و هي تقوم إما بعمل تجميع للصورة و الصوت و الكنترول تراك Assemble editing أو بعمل إسقاط للصورة أو للصوت فقط أو لهما معا بشكل منفصل Insert Recording و في الفيديو أيضا سجل قرارات المونتاج Edit Decision حيث يقوم المونتير بكتابة أرقام الكود الزمني Time code لبداية كل لقطة و نهايتها ، و يتم هذا إما يدويا أو عن طريق الكمبيوتر ، و هذا السجل هو ما تعتمد عليه مرحلة المونتاج النهائية on line Editing و يتم أثناءها تنفيذ جميع و سائل الانتقالات و المؤثرات التي اتخذ فيها قرار في مرحلة المونتاج الأولى ولكن على شريط عالي الجودة ليكون الشريط الماستر أي النسخة الرئيسية و قد يرى المونتير عدم التقيد بترتيب السيناريو ، حيث لا تمكن اللقطات المصورة من ذلك ، أو أنه قد وجد ترتيبا أفضل اتضح له بعد مشاهة ما تم تصويره .
بعد اكتمال مونتاج مشاهد الفيلم كصورة ، و كذلك الشريط الصوتي الخاص بالحوار، ويتم تكوين الشرائط الصوتية الأخرى - المؤثرات و الموسيقى و فقا لما سبق تفصيله ، و باكتمال كل الشرائط الصوتية يقوم المونتير بضبطها جميعا مع بعضها ثم مع الصورة ، ويضع العلامات اللازمة لعمليات المكساچ للاسترشاد بها في تحقيق التأثيرات الصوتية المطلوبة .
و المونتير و السينارست و المصور و المخرج هم الأعمدة الأربعة لفن الفيلم، و يحتاجون - إلى جانب التأهيل العلمي - إلى الحس الفني و سرعة البديهة و القدرة على العمل في إطار الفريق .
المصدر: كتاب أسس الفيلم التسجيلي : إتجاهاته وإستخداماته في السينما والتلفزيون - د . منى سعيد الحديدي و د . سلوى إمام علي- ص 53-79
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق