الاثنين، ديسمبر 18، 2006

هجوم قاس بقلم نجاح كرم

لقطة من فيلم " بلديون او السكان الاصليون " من أجمنل وأقوي الافلام التي عرضها المهرجان

لقطة من الفيلم الهندي اومكارا










بقلم نجاح كرم




القاهرة - من نجاح كرم: استوقفني عنوان على احد المواقع المهمة على الانترنت يقول... بين التقشف وسوء التنظيم... هل يلفظ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي انفاسه الاخيرة؟بصراحة اعتبرت العنوان قاسيا جدا على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 30 وبعد هذا التراكم الزمني الكبير الذي وصل اليه بفضل جهود المؤسسات الفنية والابداعية ودعم الدولة والقطاع الخاص لهذا المهرجان الذي يعد من اهم المهرجانات في العالم... فهل يستحق هذا الهجوم عليه وبهذه الصورة القاسية... لا شك ان اقامة مهرجان بحجم مهرجان القاهرة الدولي وجعله في مصاف المهرجانات العالمية لهو حدث مهم تفخر به جمهورية مصر العربية لمد جسور التواصل بين شعوب العالم وتعريف العالم الغربي باهمية دور السينما في العالم العربي كسلاح مهم وخطير يتسلح به المثقف العربي ويعتبره اداة مهمة في مواجهة المخاطر التي تحدق بنا على جميع الاصعدة فلا يحق لاي فرد ان يعتبره ساحة معركة او حلبة صراع يتنازع عليها اي كان بل يجب ان يكون حلبة صراع كما قال الفنان القدير عزت ابو عوف لتبادل الافكار وتواجهها وتبادل وجهات النظر وفتح صفحة سينمائية كبيرة وجديدة امام الجماهير تعرض فيها المشاكل التي يمر بها العالم ومحاولة حلها... كما ان مهرجان هذا العام يعتبر نقطة مضيئة في تاريخ الفنان الدكتور عزت ابو عوف الذي استلم الرئاسة خلال فترة زمنية قياسية اي ان ثلاثة شهور لا تعتبر فترة زمنية كافية لفنان يتسلم مهرجانا بهذا الحجم ليكون سوبر مان يطير بالمهرجان إلى افاق ونجاحات قياسية دون اخطاء تذكر او سلبيات... لا بد ان نتذكر دائما ان بعد دورة المرحوم سعد الدين وهبة رحمه الله كثير من الامور تغيرت كما تغير الزمان بكل ما فيه من تداعيات، وتعاقب اكثر من رئيس عليه يعتبر سلبية في حد ذاته فلا يقاس فشل المهرجان ونجاحه بنوع الرئيس وقدراته... هذه الدورة برأيي المتواضع وكوني اغطي المهرجان منذ عشرسنين دورة متميزة وان كان بها بعض السلبيات إلا أن الامور كانت جيدة فحفل الافتتاح شهد اطلالة الفنان عمر الشريف الذي استضافه رئيس المهرجان بذكاء خارق ليعطي تألقا غير عادي كما ان وجود نجوم عالميين متميزين ابهر الحضور امثال «جاكلين بيسيه» و«شارل ازنافور» و«داني جلوفر»... اما الحفل في قصر محمد علي فكان اشبه بحفلة عائلية خاصة، ناهيك عن الندوات والمؤتمرات الصحافية القيمة... اما الملامح الجديدة لهذه الدورة فوجود الفنانين الشباب مع افلامهم التي عرضت للمرة الاولى للجمهور، ولا ننسي افلام المسابقة الرسمية التي اعتبرت افضل افلام قدمت من 15 دولة ومنها على سبيل المثال دول اميركا اللاتينية التي شاهدنا اعمالها واطلعنا على افضل انتاجاتها في الفترة الاخيرة، السينما الخليجية بتواضعها كان لها حضور مميز فلم تغفل ادارة المهرجان عن الانتاجات التي قدمتها السعودية وسلطنة عمان فغصت الصالات بالمشاهدين من كل الجنسيات لمعرفة ماذا قدمت السينما الخليجية بعد سبات عميق، اصدارات المهرجان تعتبر ثروة للمكتبة السينمائية فترنيمة حب عن بصمة الكاتب الكبير نجيب محفوظ في السينما المصرية تحفة لا تتكرر صاغها الكاتب هاشم نحاس وكتاب التكريمات تاريخ وثق مسيرة كل من المكرمين الفنان محمود عبدالعزيز والفنانة يسرا والفنان عمر خيرت وشيخ المصورين سعيد الشيمي، سينما اميركا اللاتينية للدكتور حسن عطية يعتبر مرجعاً للثقافات السينمائية العالمية والتي تفتقدها المكتبات العربية.ما يقال عن ان هناك اخطاء حصلت في المهرجان كأخطاء في الترجمة او غياب عدد كبير من وسائل الاعلام العربية والاجنبية لتغطية فعاليات المهرجان او عرض الافلام في صالات بعيدة مثل صالة عرض سيتي ستار اخطاء ليست بالجسيمة وان كان ممكناً تلافيها في المستقبل حتى لا تقع ادارة المهرجان في اشكالية نجاح المهرجان من عدمه وانتقاده بهذه الصورة... اي لا يمكن لاي مهرجان اي كان وفي اي دولة في العالم ان تتفادى جميع الاخطاء وتلبي جميع رغبات الموجودين وتحقيق احلامهم دون سلبيات تذكر ... والغريب في الامر ان جميع الانتقادات والهجوم العنيف الذي تابعته من خلال الصحف اتى من الصحافة المصرية
التي يفترض بها ان ترتقي بالمهرجان وتعطيه حجمه المطلوب وتركز على ايجابياته وتغض النظر ولو قليل عن سلبياته ولا تضخمها بهذا الشكل وتقول عنه في النهاية انه سيلفظ انفاسه الاخيرة.
..أجمل الأفلام: تنوعت أفلام المهرجان ما بين مكسيكية، برازيلية، أرجنتينية، هندية، فرنسية، سويسرية، مصرية، ومن ايران وحتى سيلان... أفلام اعتبرتها من أفضل ما قدم لعام 2006 فهذه الافلام عالجت العديد من القضايا المعاصرة وسلطت الضوء على العديد من الجوانب الإنسانية دون حدود للمكان والزمان وبصورة جميلة وواقعية ومنها:


النظرة الأخير: المكسيك يحكي الفيلم قصة فنان تشكيلي مبدع يصاب بالعمى الموقت بعد ان تأكد ان المرض وراثي في العائلة كون الاب أعمى ايضاً ليحاول جاهداً وبنفسية متعبة ومصدومة ان يتأقلم مع الحياة الجديدة وبعد ان تركه اصدقاؤه وأحباؤه ليعيش وحيداً ومنهم الراهبة التي أحبته وحاولت ان تساعده لكن ظروفها كراهبة منعتها من مواصلة المشوار معه... يضطر ان يعيش وحيداً يتدبر أموره بنفسه دون مساعدة لدرجة استغلال البعض من الشباب عجزه فيحاولون سرقته دون أن يدري... من جانب آخر تعيش فتاة شابة تعمل خادمة في منزل تقطنه العاهرات في منطقة نائية في الصحراء المكسيكية تتدخل الظروف ويلتقي الرسام بالفتاة التي تحاول ان تبقى خادمة فقيرة على ان تكون عاهرة غنية وتصر على ذلك رغم فقرها وعوزها تفاجأ الفتاة بدخول الفنان الى منزل العاهرات ودفع مبلغ كبير من المال 3000 دولار لتمضية ساعة مع الفتاة التي لم تكن تتوقع ان يطلب منها هذا الأمر لكن بعد خلوهم في الغرفة يطلب منها ان تنزع جميع ملابسها ليطلي جسمها بطلاء أحمر وتقف عند النافذة اي في النور فتلبي رغبته رغم خوفها واستغرابها ليقول لها في النهاية ان هذه النظرة الأخيرة التي أشاهد فيه اللون الاحمر في حياتي وبعدها سوف أكون أعمى الى الابد


.الطريق: الصين في بداية الستينات من القرن الماضي يعمل لاوكوي الكبير في السن كسائق تاكسي أو اتوبيس في بلدة صغيرة بمقاطعة يونان الصينية بينما تعمل الشابة الجميلة آلي شونفين ببيع التذاكر على الاتوبيس نفسه حيث تكون تلميذة للاوكوي، يحب لاوكوي الشابة لكنه لا يعرب عن حبه لها كما انها بالمقابل لا تعبر عن مشاعرها نحوه رغم انها تحبه وتقدره لمساعدتها له، وعندما يقرر الحزب الشيوعي ان العامل المثالي لاوكوي يجب أن يتزوج يقوم بترتيب موعد بينهما دون ان يعلما ولا يلبثا ان يصبحا زوجين في فترة قصيرة لكن مع مرور الوقت تقرر آلي شونفين ترك زوجها لاجل طبيب شاب عبر عن حبه لها في الماضي في هذه الاثناء يقع حادث خطير للزوج يجعله طريح الفراش فتتحمل الزوجة المسؤولية كلها لمدة عشرين عاماً دون أن تتمكن من التعبير عن مشاعرها.


...اومكارا: الهندفي إحدى القرى بإقليم اوتار براديش بالهند يتزعم اومكارا الذي هو نتاج زواج بين طائفتين اجتماعيتين مختلفتين عصابة من الخارجين عن القانون التابعين للسياسي الفاسد ابهيساب، ومن اعضاء عصابة اومكارا صاحب الدهاء لانجدا تياجي والنشيط كيسو، يقوم لانجدا باختطاف العروس الجميلة دوللي في طريقها للزفاف من راجو حيث ان اومكارا قد وقع في غرامها وهي قد عبرت عن رغبتها في الزواج به، ولأن كيسو يسيطر على مجموعات الطلبة من الشباب ويمكنه التأكد من انهم سوف يدلون بأصواتهم في الانتخابات لصالح بهيساب، فإن اومكارا يعينه قائداً اعلى في العصابة، على امل ان يتفهم لانجدا الذي يعتبره اخ ضرورة لذلك، لكن يغضب لانجدا فيقوم بعمل خطة لزرع الشك والغيرة في نفس اومكارا مدعيا ان زوجته دوللي على علاقة مع رئيس قواته ونائبه المفضل كيسو


.زوزو انجل: البرازيل قصة حقيقية حدثت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي اشتهرت مصممة ازياء برازيلية تدعى زوزو انجل بالزهور البرازيلية ذات الالوان الناصعة في تصميماتها، لكن في السبعينات غلبت على ازيائها الخطوط السوداء وبقع الدم الحمراء انعكاساً لسخطها ورفضها على جرائم التعذيب والقتل التي يرتكبها النظام الديكتاتوري في بلادها وكان من بين الضحايا ابنها الطالب النشيط سياسياً ستوارت انجل اذ ألقى الجيش القبض عليه وتم تعذيبه حتى الموت في احدى مراكز القوات الجوية بريو دي جانيرو في عام 1971، زوزو تكافح وتناضل في سبيل معرفة مصير ابنها بكل الطرق والوسائل المتاحة وغير المتاحة فتطير الى أميركا لتقابل هنري كيسنجر لعرض قضية ابنها عليه وتقابل رؤساء الجمعيات الإنسانية للوصول الى مصير ابنها بعد ان تخلى عنها الكثيرون خوفاً من الجيش وسخطه لكن كل المحاولات تبوء بالفشل بعد ان عرفت بموت ابنها ظلما، فتقول كلمة عندما اطلت من نافذة الطائرة وهي تهبط فتنظر الى جمال مدينتها وروعة مناظرها بأن هذه المدينة الجميلة يعيش بها وحوش تسفك دم الابرياء...


سنكارا: سيريلانكايصل الكاهن البوذي الشاب اناندا الى أحد المعابد في منطقة تمتاز بروعة الطبيعة الى احد المعابد كي يقوم بترميم اللوحات الجدارية المرسومة على جدران المعبد والتي تتناول ثيلباثنا جانا كابا وهذه اللوحات بها موعظة حيث تقول ان بوذا قد أوصى بأنه يجب على الرجل صاحب الغاية العظيمة ألا يميل بالرغبات ويتم اغراق حواسه الخمس خصوصا عن طريق النساء الجميلات فلا يجب ان يترك حواسه للشهوات والرغبات الجنسية الدنيوية، وفي يوم عندما يقوم اناندا بعملية الترميم يجد دبوس شعر لفتاة شابة ملقى عند نافذة المعبد فيحاول ان يعرف لمن هذا الدبوس ليحاول اعادته فيفاجأ انه لفتاة شابة جميلة ينبهر بجمالها بمجرد مشاهدته لها فتستيقظ مشاعرة المكبونه ويسقط العالم الروحاني الداخلي للراهب الشاب في براثن الفوضى الحسية والرغبات المدفونة


.قص ولزق: مصرجميلة فتاة تبلغ من العمر ثلاثين عاما وبسبب الظروف الاقتصادية تفكر بشكل جدي بالهجرة فتقرر السفر والاقامة في نيوزيلاند لتحقق حلم الثراء الذي تحلم به ومن اجل ذلك فهي تعمل ليل نهار في البيع والشراء كل ما يقع في يدها فمرة تكسب ومرات تخسر لتحقيق هذا الحلم في الوقت الذي تسعى والدتها التي تعمل كوافيرة الى زواجها من اي شخص يتقدم لها لتتخلص من همها كونها بلغت سنا لابد لها ان تتزوج وتستقر، لكن في ظل الظروف السيئة التي تعيشها جميلة والعادات والتقاليد الراسخة بين اهلها تجد صعوبة بالغة في الهجرة فلابد من وجود فكرة جهنمية تجعل والدتها توافق على حلمها، والخطة هي ان تتزوج من اي شخص تتفق معه على تحقيق الحلم بشرط ان تكون لديه نفس الرغبات، ومن خلال عملها اليومي تصادف شخصا تتمكن من اقناعه بفكرة السفر ويوافق على مضض ومن ثم يتقدم لوالدتها ويتم الزواج الذي وضعت له جميلة شروطا قاسية بعدم التقرب منها لحين السفر لكن هذه الفكرة مع الوقت لم يستسغها الزوج وتلغي كل الاعتبارات وكذلك فكرة السفر عندما تسقط كل الاقنعة


.مكان ما بعيد جدا: ايرانرجل يجلس وحيدا حزينا غاضبا لا يتكلم ينظر له البعض على انه مجرم خطير، ففي اقليم كوجور في مقاطعة مازانداران يقتل قاطعو الاشجار والخارجون على القانون احد سكان الغابات المعروفين فتدور الاحداث لمعرفة القاتل الى ان يظهر الشاب جمال الذي يعترف بانه هو القاتل، رغم عدم تصديق الناس له إلا انه يصمم على اقواله فالشهود يقرون بان اعترافه أتى بدافع من حبه للفتاة البكماء نيالا الذي يعشقها منذ فترة فهل ستصدقه المحكمة وتطبق عليه القصاص
عن جريدة " الرأي العام " الكويتية بتاريخ الاثنين 18 ديسمبر2006

ليست هناك تعليقات: