لقطة من فيلم ملك اسكتلندا الاخير
بقلم أمير العمري
انتهت حديثا الدورة الخمسون لمهرجان لندن السينمائي الدولي (تأسس عام 1956)، أي دورة اليوبيل الذهبي
ورغم الاهتمام الكبير الذي يوليه المهرجان عادة للسينما الأمريكية التقليدية، أي سينما هوليوود، إلا أنه عرف أيضا باهتمامه الموازي بما يعرف بـ "السينما المستقلة"
السينما المستقلة عادة هي الأفلام التي تنتج بعيدا عن هوليوود، بميزانيات محدودة، وبدون الاستعانة بمشاهير النجوم، كما تخلق لنفسها مساحات واسعة نسبيا من الحرية في تناول المواضيع نتيجة عدم مراهنتها على السوق الكبيرة التقليدية
أفلام دورة 2006 تجاوزت 180 فيلما قصصيا طويلا وقصيرا، تسجيليا وروائيا، كما ضمت عددا من الكلاسيكيات القديمة التي أعيد إحياؤها، وتمكن خبراء السينما والمعامل من إنقاذ الأجزاء التي كانت مفقودة منها.
السياسة والجنس والانتحار في مهرجان لندن السينمائي
بقلم أمير العمري
انتهت حديثا الدورة الخمسون لمهرجان لندن السينمائي الدولي (تأسس عام 1956)، أي دورة اليوبيل الذهبي
ورغم الاهتمام الكبير الذي يوليه المهرجان عادة للسينما الأمريكية التقليدية، أي سينما هوليوود، إلا أنه عرف أيضا باهتمامه الموازي بما يعرف بـ "السينما المستقلة"
السينما المستقلة عادة هي الأفلام التي تنتج بعيدا عن هوليوود، بميزانيات محدودة، وبدون الاستعانة بمشاهير النجوم، كما تخلق لنفسها مساحات واسعة نسبيا من الحرية في تناول المواضيع نتيجة عدم مراهنتها على السوق الكبيرة التقليدية
أفلام دورة 2006 تجاوزت 180 فيلما قصصيا طويلا وقصيرا، تسجيليا وروائيا، كما ضمت عددا من الكلاسيكيات القديمة التي أعيد إحياؤها، وتمكن خبراء السينما والمعامل من إنقاذ الأجزاء التي كانت مفقودة منها.
ملك اسكتلندا
وكان افتتاح المهرجان جاء بفيلم بريطاني جديد هو "ملك اسكتلندا الأخيرالذي يعيد تسليط الأضواء على واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل هي شخصية ديكتاتور أوغندا الراحل عيدي أمين.
مدخل الفيلم إلى الشخصية ولع عيدي أمين بكل ما هو اسكتلندي (حتى أنه أراد في وقت ما أن يساهم بقوات مسلحة في تحرير اسكتلندا!)، وبالتالي علاقته الوطيدة بطبيب اسكتلندي ذهب في زيارة إلى أوغندا.
أمين يعرض على الطبيب الشاب العمل كطبيب خاص له (لا تنس أنه استعان بستة من الحراس الشخصيين الاسكتلنديين الذين كانوا يحملونه على محفة)، ثم يصبح الطبيب تدريجيا مستشارا سياسيا بل وعسكريا ومسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة في حياة الرئيس الكاريزمي.
ومن خلال هذه العلاقة التي تتعرض للكثير من الشد والجذب، نتعرف على التناقضات الكامنة في شخصية عيدي أمين: الرقة الشديدة وحب الناس، والقسوة المفرطة والتنكيل بالخصوم دون رحمة، وأساسا الجنوح إلى كل ما هو مغالى فيه ومتطرف. فيلم الافتتاح هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج البريطاني كيفن ماكدونالد. وواضح أنه يخلط الحكايات الشخصية (المتخيلة) بالوقائع السياسة الموثقة.
أما الختام فقد اختارت إدارة المهرجان له الفيلم المكسيكي الأمريكي "بابل" الذي سبق أن اثار ما أثاره من اهتمام كبير في عرضه العالمي الأول في مهرجان "كان" الأخير.
"بابل" أعجب الكثيرين بموضوعه الإنساني الرحب الذي يدور حول أكثر القضايا المعاصرة إثارة للاهتمام، وهي قضية الإرهاب الدولي والعنف، والعنف المضاد وحالة الهلع العام السائدة في العالم التي نتجت مما يسمى بالحرب على الإرهاب.
والفيلم المكون من 3 قصص ترتبط بشكل ضعيف ببعضها البعض، أساسه في الحقيقة، القصة التي تدور في المغرب، في بيئة جبلية قاسية.
وقد سبق أن تناولنا هذا الفيلم بالنقد والتحليل في هذا الموقع عند عرضه في كان، وكان لنا رأي سلبي فيه على العكس من آراء معظم النقاد، بسبب طابعه الفولكلوري وإغراقه في الرؤية الاستشراقية، ومشاهده التي تحمل التفسير ونقضيه!
السياسة كانت حاضرة بقوة أيضا من خلال فيلم "بوبي الذي يروي بإيقاع خاص خلاب، تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة مرشح الرئاسة السيناتور روبرت كنيدي قبل اغتياله، من خلال استعراض ما كان يشغل عددا متباينا من الشخصيات في ذلك الوقت، تتقاطع مع بعضها البعض وتصب في لحظة الاغتيال يوم 5 يونيو / حزيران 1968 داخل فندق أمباسادور بلوس أنجليس.
ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم الذي أخرجه الأمريكي إيميليو ستيفيز، من أفلام الترحم على الماضي، بل هو عمل شديد المعاصرة لأنه يردنا طيلة الوقت، إلى ما أصبح عليه عالمنا اليوم من ضآلة وفراغ وحيرة بعد أن تلاشت "الأفكار الإنسانية الكبيرة"- إذا جاز التعبير- وحل مكانها الدعوات الهستيرية التي تتسم بالعنف ورفض الحوار والإنصات إلى الآخر. جسر الانتحار الشهير
ولعل من أكثر الأفلام التي عرضت في دورة هذا العام إثارة للخلافات الفيلم الأمريكي التسجيلي الطويل "الجسر للمخرج إريك ستيل.
وكان عدد من المهرجانات السينمائية الدولية قد رفض قبوله أصلا بسبب موضوعه الغربي وما يثيره من تساؤلات مشروعة تماما.
الجسر هو ذلك جسر "جولدن جيت" الشهير في مدينة لوس أنجليس الذي يعد من أشهر المعالم السياحية في المدينة، بل وفي أمريكا بأسرها.
هذا الفيلم المعروف بجذبه للسياح والعشاق، اشتهر أيضا بسبب جاذبيته الشديدة للراغبين في الانتحار!
منذ افتتاح هذا الجسر في عام 1937، انتحر من فوقه 1300 شخص. وفي عام 2004 قرر المخرج ستيل وضع كاميراه فوق الجسر لكي يرصد ويصور المنتحرين في ذلك العام الذين بلغ عددهم 24، وتمكن من تصوير 23 منهم وهم يقومون بتلك القفزة الشهيرة والأخيرة في حياتهم!
ويدور الفيلم بالطبع حول فكرة الانتحار من منظور فلسفي وفكري يسعى للوصول أولا إلى ما يجذب المنتحرين إلى هذا الجسر، وما الذي يدفعهم للانتحار عموما، وبم يشعرون وهم يواجهون الموت على هذا النحو، فهناك حوار في الفيلم مع رجل من الذين تراجعوا عن الانتحار.
وهناك مقابلات أخرى عديدة من أصدقاء وأهالي وأقارب عدد من المنتحرين. غير أن القضية الأساسية التي يثيرها الفيلم هي قضية مشروعية الاستغلال السينمائي لهذا النوع من الفعل الإنساني (أو بالأحرى الضعف البشري الخطير).
هل يحق لأي سينمائي أن يستخدم الكاميرا بدون مشاعر على الإطلاق، فقط لكي يحصل على ما يبغيه من لقطات مثيرة صادمة لأناس يقفزون من فوق جسر؟ وما هو الأساس الأخلاقي الذي يبرر له ذلك؟ وهل يمتد هذا إلى أشياء أخرى مثل تصوير جرائم قتل حقيقية يعلم السينمائي مقدما بزمان ومكان وقوعها؟
البعض اعتبروا هذا الفيلم "تحفة سوسيولوجية" كبيرة جديرة بالمشاهدة، بينما اعتبره آخرون عملا استغلاليا يتاجر بآلام البشر ويحقق نوعا من الإبهار عن طريق الصدمة.
الجنس بدون حدود
لم يكتف مهرجان لندن بفيلم عن الانتحار الحقيقي، فأتى بفيلم "شورتباص" وهي كلمة تشير في الفيلم إلى ناد في نيويورك يديره نجم شهير، ويقدم الموسيقى والرقص والشراب، غير أن أهم ما يقدمه هو أنه يتيح الفرصة أمام العشاق والأزواج لممارسة الجنس بشكل جماعي معا في كل الأشكال والأوضاع، وتبادل الجنس والاشتراك معا في أوضاع غريبة، منها ما هو مألوف، ومنها ما هو مثلي.
ولعل هذا ليس الأغرب في فيلمنا هذا الذي أخرجه الأمريكي جون كاميرون ميتشيل، بل أنه صوره أيضا متبعا أسلوب "سينما الحقيقة" أي أنه جمع بين عدد من الممثلين والممثلات، سواء الذين يرتبطون بعلاقات معا أو لا يرتبطون، وجعلهم يمارسون الجنس بالفعل أمام الكاميرا.
والتقط المخرج مشاهد ممارسة الجنس على مدار أشهر طويلة، وبعد تدريبات يقول إنها كانت "محدودة" بين الممثلين.
ومثل فيلم "الجسر" الذي لا يمكن اعتباره أحد أفلام الرعب مثلا/ لا يمكن اعتبار "شورتباص" أحد أفلام الجنس الزرقاء الإباحية المعروفة بـ "البورنو".
هذا الفيلم (الذي ينتمي قلبا وقالبا إلى السينما المستقلة) لا يسعى إلى تصوير الجنس في حد ذاته وبهدف الإثارة، بل إلى دراسة ماذا يعني الجنس بالنسبة للناس، هل يساعد الجنس في كسر حائط الجمود القائم بين العلاقات البشرية في مجتمعات الغرب التي تعيش دون شك، أزمة روحية هائلة مع الانتشار الكبير للتكنولوجيا؟ وكيف؟ وما مغزى التلامس والإحساس بالنشوة الجسدية إذا كان الإحساس الروحي العميق بالتواصل مفقودا؟
قد تكون هذه هي الفكرة الأساسية التي يطمح المخرج (وهو مثلي الجنس) إلى استكشافها محاولا إحاطة فيلمه بجو من المرح والضحكات، ويمزج بين الموسيقى الناعمة والطابع الكوميدي (هناك خوف نفسي دفين من اعتبار الجنس أمرا
وكان افتتاح المهرجان جاء بفيلم بريطاني جديد هو "ملك اسكتلندا الأخيرالذي يعيد تسليط الأضواء على واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل هي شخصية ديكتاتور أوغندا الراحل عيدي أمين.
مدخل الفيلم إلى الشخصية ولع عيدي أمين بكل ما هو اسكتلندي (حتى أنه أراد في وقت ما أن يساهم بقوات مسلحة في تحرير اسكتلندا!)، وبالتالي علاقته الوطيدة بطبيب اسكتلندي ذهب في زيارة إلى أوغندا.
أمين يعرض على الطبيب الشاب العمل كطبيب خاص له (لا تنس أنه استعان بستة من الحراس الشخصيين الاسكتلنديين الذين كانوا يحملونه على محفة)، ثم يصبح الطبيب تدريجيا مستشارا سياسيا بل وعسكريا ومسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة في حياة الرئيس الكاريزمي.
ومن خلال هذه العلاقة التي تتعرض للكثير من الشد والجذب، نتعرف على التناقضات الكامنة في شخصية عيدي أمين: الرقة الشديدة وحب الناس، والقسوة المفرطة والتنكيل بالخصوم دون رحمة، وأساسا الجنوح إلى كل ما هو مغالى فيه ومتطرف. فيلم الافتتاح هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج البريطاني كيفن ماكدونالد. وواضح أنه يخلط الحكايات الشخصية (المتخيلة) بالوقائع السياسة الموثقة.
أما الختام فقد اختارت إدارة المهرجان له الفيلم المكسيكي الأمريكي "بابل" الذي سبق أن اثار ما أثاره من اهتمام كبير في عرضه العالمي الأول في مهرجان "كان" الأخير.
"بابل" أعجب الكثيرين بموضوعه الإنساني الرحب الذي يدور حول أكثر القضايا المعاصرة إثارة للاهتمام، وهي قضية الإرهاب الدولي والعنف، والعنف المضاد وحالة الهلع العام السائدة في العالم التي نتجت مما يسمى بالحرب على الإرهاب.
والفيلم المكون من 3 قصص ترتبط بشكل ضعيف ببعضها البعض، أساسه في الحقيقة، القصة التي تدور في المغرب، في بيئة جبلية قاسية.
وقد سبق أن تناولنا هذا الفيلم بالنقد والتحليل في هذا الموقع عند عرضه في كان، وكان لنا رأي سلبي فيه على العكس من آراء معظم النقاد، بسبب طابعه الفولكلوري وإغراقه في الرؤية الاستشراقية، ومشاهده التي تحمل التفسير ونقضيه!
السياسة كانت حاضرة بقوة أيضا من خلال فيلم "بوبي الذي يروي بإيقاع خاص خلاب، تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة مرشح الرئاسة السيناتور روبرت كنيدي قبل اغتياله، من خلال استعراض ما كان يشغل عددا متباينا من الشخصيات في ذلك الوقت، تتقاطع مع بعضها البعض وتصب في لحظة الاغتيال يوم 5 يونيو / حزيران 1968 داخل فندق أمباسادور بلوس أنجليس.
ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم الذي أخرجه الأمريكي إيميليو ستيفيز، من أفلام الترحم على الماضي، بل هو عمل شديد المعاصرة لأنه يردنا طيلة الوقت، إلى ما أصبح عليه عالمنا اليوم من ضآلة وفراغ وحيرة بعد أن تلاشت "الأفكار الإنسانية الكبيرة"- إذا جاز التعبير- وحل مكانها الدعوات الهستيرية التي تتسم بالعنف ورفض الحوار والإنصات إلى الآخر. جسر الانتحار الشهير
ولعل من أكثر الأفلام التي عرضت في دورة هذا العام إثارة للخلافات الفيلم الأمريكي التسجيلي الطويل "الجسر للمخرج إريك ستيل.
وكان عدد من المهرجانات السينمائية الدولية قد رفض قبوله أصلا بسبب موضوعه الغربي وما يثيره من تساؤلات مشروعة تماما.
الجسر هو ذلك جسر "جولدن جيت" الشهير في مدينة لوس أنجليس الذي يعد من أشهر المعالم السياحية في المدينة، بل وفي أمريكا بأسرها.
هذا الفيلم المعروف بجذبه للسياح والعشاق، اشتهر أيضا بسبب جاذبيته الشديدة للراغبين في الانتحار!
منذ افتتاح هذا الجسر في عام 1937، انتحر من فوقه 1300 شخص. وفي عام 2004 قرر المخرج ستيل وضع كاميراه فوق الجسر لكي يرصد ويصور المنتحرين في ذلك العام الذين بلغ عددهم 24، وتمكن من تصوير 23 منهم وهم يقومون بتلك القفزة الشهيرة والأخيرة في حياتهم!
ويدور الفيلم بالطبع حول فكرة الانتحار من منظور فلسفي وفكري يسعى للوصول أولا إلى ما يجذب المنتحرين إلى هذا الجسر، وما الذي يدفعهم للانتحار عموما، وبم يشعرون وهم يواجهون الموت على هذا النحو، فهناك حوار في الفيلم مع رجل من الذين تراجعوا عن الانتحار.
وهناك مقابلات أخرى عديدة من أصدقاء وأهالي وأقارب عدد من المنتحرين. غير أن القضية الأساسية التي يثيرها الفيلم هي قضية مشروعية الاستغلال السينمائي لهذا النوع من الفعل الإنساني (أو بالأحرى الضعف البشري الخطير).
هل يحق لأي سينمائي أن يستخدم الكاميرا بدون مشاعر على الإطلاق، فقط لكي يحصل على ما يبغيه من لقطات مثيرة صادمة لأناس يقفزون من فوق جسر؟ وما هو الأساس الأخلاقي الذي يبرر له ذلك؟ وهل يمتد هذا إلى أشياء أخرى مثل تصوير جرائم قتل حقيقية يعلم السينمائي مقدما بزمان ومكان وقوعها؟
البعض اعتبروا هذا الفيلم "تحفة سوسيولوجية" كبيرة جديرة بالمشاهدة، بينما اعتبره آخرون عملا استغلاليا يتاجر بآلام البشر ويحقق نوعا من الإبهار عن طريق الصدمة.
الجنس بدون حدود
لم يكتف مهرجان لندن بفيلم عن الانتحار الحقيقي، فأتى بفيلم "شورتباص" وهي كلمة تشير في الفيلم إلى ناد في نيويورك يديره نجم شهير، ويقدم الموسيقى والرقص والشراب، غير أن أهم ما يقدمه هو أنه يتيح الفرصة أمام العشاق والأزواج لممارسة الجنس بشكل جماعي معا في كل الأشكال والأوضاع، وتبادل الجنس والاشتراك معا في أوضاع غريبة، منها ما هو مألوف، ومنها ما هو مثلي.
ولعل هذا ليس الأغرب في فيلمنا هذا الذي أخرجه الأمريكي جون كاميرون ميتشيل، بل أنه صوره أيضا متبعا أسلوب "سينما الحقيقة" أي أنه جمع بين عدد من الممثلين والممثلات، سواء الذين يرتبطون بعلاقات معا أو لا يرتبطون، وجعلهم يمارسون الجنس بالفعل أمام الكاميرا.
والتقط المخرج مشاهد ممارسة الجنس على مدار أشهر طويلة، وبعد تدريبات يقول إنها كانت "محدودة" بين الممثلين.
ومثل فيلم "الجسر" الذي لا يمكن اعتباره أحد أفلام الرعب مثلا/ لا يمكن اعتبار "شورتباص" أحد أفلام الجنس الزرقاء الإباحية المعروفة بـ "البورنو".
هذا الفيلم (الذي ينتمي قلبا وقالبا إلى السينما المستقلة) لا يسعى إلى تصوير الجنس في حد ذاته وبهدف الإثارة، بل إلى دراسة ماذا يعني الجنس بالنسبة للناس، هل يساعد الجنس في كسر حائط الجمود القائم بين العلاقات البشرية في مجتمعات الغرب التي تعيش دون شك، أزمة روحية هائلة مع الانتشار الكبير للتكنولوجيا؟ وكيف؟ وما مغزى التلامس والإحساس بالنشوة الجسدية إذا كان الإحساس الروحي العميق بالتواصل مفقودا؟
قد تكون هذه هي الفكرة الأساسية التي يطمح المخرج (وهو مثلي الجنس) إلى استكشافها محاولا إحاطة فيلمه بجو من المرح والضحكات، ويمزج بين الموسيقى الناعمة والطابع الكوميدي (هناك خوف نفسي دفين من اعتبار الجنس أمرا
جادا
غير أن الفيلم يفشل تماما في توصيل ما يريده، بسبب نمطية الشخصيات والحوار. فالبطلة أخصائية في تقديم المساعدة للعاجزين عن الحصول على الإشباع عن طريق الجنس، لكنها تعاني من عدم الإشباع.
أما المثلي ورفيقه فهما يقعان في غرام شخص ثالث ليس من المثليين، لكنه يكتشف أنه ينجذب أيضا لكلاهما بنفس الدرجة!
والجو العام للفيلم لا يوحي أننا أمام عمل حتى ذو قيمة علمية، بل يعتمد أيضا على فكرة الصدمة من خلال تصوير أدق تفاصيل العلاقات الجنسية المباشرة.
كان التمرد على السائد والتعبيرعن الرغبة في التواصل من خلال الجنس في السينما الأوروبية نتاجا حقيقيا "فلسفيا" إذا جاز التعبير، عن الثورة الجنسية، وتمرد الشباب في الستينيات.
وقد تمثل هذا في أفلام بازوليني وفاسبندر وأوشيما وبرتولوتشي وغيرهم.
إلا أن "شورتباص" لا يأتي تعبيرا عن هاجس فكري وحركة اجتماعية حقيقية لها جذور واصول في الفن والشعر والأدب والفلسفة بقدر ما ينطلق من رغبة أمريكية في ادعاء البحث عن التواصل دون البحث الشاق عن المعرفة بل ودون مرح أو إشباع!
هذا جانب مما آلت إليه سينما العالم حاليا، لكنه ليس الصورة كلها، ففي جعبة السينما مفاجآت مدهشة كثيرة حقيقية. لننتظر ونشاهد
غير أن الفيلم يفشل تماما في توصيل ما يريده، بسبب نمطية الشخصيات والحوار. فالبطلة أخصائية في تقديم المساعدة للعاجزين عن الحصول على الإشباع عن طريق الجنس، لكنها تعاني من عدم الإشباع.
أما المثلي ورفيقه فهما يقعان في غرام شخص ثالث ليس من المثليين، لكنه يكتشف أنه ينجذب أيضا لكلاهما بنفس الدرجة!
والجو العام للفيلم لا يوحي أننا أمام عمل حتى ذو قيمة علمية، بل يعتمد أيضا على فكرة الصدمة من خلال تصوير أدق تفاصيل العلاقات الجنسية المباشرة.
كان التمرد على السائد والتعبيرعن الرغبة في التواصل من خلال الجنس في السينما الأوروبية نتاجا حقيقيا "فلسفيا" إذا جاز التعبير، عن الثورة الجنسية، وتمرد الشباب في الستينيات.
وقد تمثل هذا في أفلام بازوليني وفاسبندر وأوشيما وبرتولوتشي وغيرهم.
إلا أن "شورتباص" لا يأتي تعبيرا عن هاجس فكري وحركة اجتماعية حقيقية لها جذور واصول في الفن والشعر والأدب والفلسفة بقدر ما ينطلق من رغبة أمريكية في ادعاء البحث عن التواصل دون البحث الشاق عن المعرفة بل ودون مرح أو إشباع!
هذا جانب مما آلت إليه سينما العالم حاليا، لكنه ليس الصورة كلها، ففي جعبة السينما مفاجآت مدهشة كثيرة حقيقية. لننتظر ونشاهد
عن موقع البي بي سي لندن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق