الجمعة، أبريل 05، 2019

كراسات جاز وأفلام. نشرة غير دورية، تصدر عن موقع سينما إيزيس، ومهرجان جاز وأفلام، وتعني بالموسيقى في السينما. العدد الأول التجريبي.المحرر والمؤسس صلاح هاشم




كراسات جاز وأفلام


نشرة غير دورية تعني بالموسيقى عامة وموسيقى الجاز خاصة وشريط الصوت في السينما
وتصدر عن سينما إيزيس

العدد الأول التجريبي





بيلي هوليداي وفاكهة غريبة تتدلى من الشجر


سينما باراديسو موسيقى موريكوني
زوربا لمايكل كاكويانيس



كراسات جاز وأفلام


العدد الأول التجريبي



المؤسس والمحرر: صلاح هاشم .باريس


 المدير الفني: سامي لمع. كوبنهاجن


أوديسة . الفضاء ٢٠٠١ كوبريك


شارك في تحرير النشرة .العدد الأول التجريبي

الأساتذة :

ناجح حسن محمد سيد عبد الرحيم- سامح فتحي-  شريف حمدي





---




المحتويات




مايلز ديفيز وجان مورو



" كراسات جاز وأفلام" لماذا؟ .. صلاح هاشم .



 الموسيقى في السينما إبداع جمالي مفعم بالرؤى البليغة..

ناجح حسن .


أسطورة  موريكوني الموسيقية .. شريف فتحي .



متلازمة الإرتجال الإبداعي. مقطوعة تسجيلية في وصف


عازف الجاز كيث جاريت..محمد سيد عبد الرحيم .


فرنسا تودع الجنوبية آنياس فاردا..صلاح هاشم








--


كراسات جاز وأفلام لماذا ؟

موسيقى الجاز  عبرت شريط الصوت في أفلام السينما المصرية
 تحت مسمى " منتخبات من الموسيقى العالمية"!



لماذا يتجاوب المصريون بالسليقة وبسبب من " إفريقيتهم " إن صح التعبير مع موسيقى الجاز بالفطرة ، ويتمايلون مع ألحانها، وتبدو لهم أصوات الجاز مألوفة ويشعرون بأنهم يعرفونها جيدا ، وقد خبروها وسمعوها من قبل ؟

ذلك لأنهم مسكونين بتلك الإيقاعات والأصوات منذ عهد الأسرات وعلى إمتداد ٧ آلاف سنة حضارة وموسيقى ورقص٫ وقد انتقلت في الوعي الجمعي المصري ومنذ الأزل من جيل الى جيل..

لوي آرمسترونج


تنطلق موسيقى الجاز، الأمريكية النشأة الإفريقية الجذور، فإذا بهم يدقون بأقدامهم، ويصفقون ويصفرون، ويتمايلون مع إيقاعاتها هكذا فجأة لآنها من صلب طبيعتهم وهويتهم

ولأن ٧٥ في المائة من كل الأفلام المصرية بالأبيض والأسود، يعتمد فيها شريط الصوت على مقطوعات موسيقية جازية، وكان يجرى تمريرها في الأفلام تحت إسم " منتخبات من الموسيقى العالمية " ..

ولأن الطاقة " الروحانية " الكبيرة المنبثقة من روح الجاز تحفز دوما على إستمرارية الاحتفال بالحياة، بالعطاء والتفاوض والمشاركة٫ والنهل من بهجتها..





فيلم " بيرد" لكلينت إيستوود

ترى ماذا تقول لنا موسيقى الجاز وأفلامها التي نريد أن نكرس لهما هذه الكراسة ؟

تقول لنا ببساطة وعبر ألحانها وأغنياتها وأفلامها للوى آرمسترونج ، ومايلز ديفيز وجون كولترين وكلينت إيستوود ومارتين سكورسيزي ودوق الينجتون ويحيى خليل وزياد الرحباني ويوسف لطيف وكيث جاريت وإيلا فيتزجيرالد وربيع أبو خليل وبيلي هوليداى وبات ميتني وأحمد جمال ويان جارباريك وأنور إبراهيم وغيرهم
أن الحياة ومهما كانت التضحيات وقسوة و مرارة الألم وإحباطات كل نهار، جميلة وتستحق أن تعاش٫ وأن الاحتفال بموسيقى الجاز وأفلامها، هو عبور  إلى قارة افريقا وثقافاتها وذاكرتها وموسيقاها، يقوي ويحتفي بـ ما احب أن أطلق عليه بـ" البعد الإفريقي" في الشخصية المصرية..
وهو أيضا إحتفال بالقيم، التي تكرست لها موسيقى الجاز،وطوال تاريخها، قيم المشاركة، والتسامح، والانفتاح على الآخر، والقيمة الأسمى، التي تمنح وجودنا الإنساني دلالته ومعانيه : قيمة الحرية..


صلاح هاشم*



٠٠٠٠٠





( ٢ )

عن الموسيقى في السينما
إبداع جمالي مفعم بالرؤي البليغة







بقلم
ناجح حسن
ناقد سينمائي .الأردن

ظلت الموسيقى تحظى بحضور لافت وجذاب بوصفها عنصراً رئيسياً ضمن مقومات الصناعة السينمائية، فهي تشكل واحدة من مفردات اللغة الجمالية والدرامية في الفيلم، حيث تمتلك وظيفة حيوية في التعبير والنفاذ بسلاسة إلى ذهن المتلقي لخطاب الفيلم.


تعود أهمية الموسيقى في الفيلم منذ بدايات اكتشاف الفن السابع، عندما كان موزعو الأفلام وأصحاب الصالات يستأجرون أفراداً وجماعات من بين أشهر العازفين الموسيقيين لمصاحبة عروض الأفلام الصامتة للعزف مباشرة أمام المشاهدين.

ساهم هذا الاهتمام بالدور الفعّال للموسيقى في الفن السابع، بتوجه كثير من صناع السينما في حقبة مبكرة من نشأة هذا النوع من الفنون، إلى تذوق الموسيقى والنهل من أحكام وقواعد الفنون الموسيقية ومعرفة خصائصها في إثراء الفيلم السينمائي سواء من ناحية إبداعية أو من ناحية تفسير جملة الأحداث والوقائع التي يجري سردها أمام بصر المشاهد.


مولد أمة . جريفيث



من هنا جاءت مبادرات عدد من الرواد الأوائل في الإخراج السينمائي بالتعاون والمشاركة في وضع الموسيقى لأفلامهم الصامتة التي غدت من أشهر كلاسيكيات الفن السابع، حيث تجدر الإشارة إلى قيام رائد السينما الأمريكية د. و. جريفيث، المعروف بمواهبه المتعددة، بالتعاون في تأليف الموسيقى التصويرية لفيلميه الشهيرين: "مولد أمة" 1915 و"تعصب" 1916، والتي قامت بعزفها فرقة موسيقية أثناء عرض الفيلمين.

وتواصل مثل هذا الاهتمام من قبل المخرجين الذين جاءوا في مرحلة ما بعد السينما الصامتة، وواظبوا على الاعتناء بالمفردات الموسيقية في أعمالهم السينمائية، حتى باتت أسماؤهم تظهر على الشاشة مقترنة بموهبة التأليف الموسيقي، كما في أفلام الممثل والمخرج شارلي شابلن وسينما المخرجين جون كاربنتروكوينتن تارانتينووكلينت ايستوود رغم ما يتطلبه ذلك من الجهد والعناء.

وبفعل تزايد موضوعات القيمة الجمالية والمعرفية في الحضور القوي للموسيقى في الإبداع السينمائي، حرصت مهرجانات السينما الشهيرة الموزعة في أرجاء المعمورة، على تخصيص جوائز رفيعة لواضعي موسيقى الأفلام كجائزة (الأوسكار) مثلاً، حيث نظمت تلك المهرجانات ملتقيات وندوات لمناقشة وظيفة التأليف الموسيقى كواحد من أبرز عناصر الدلالة البلاغية والامتاع في الفن السينمائي، وأيضاً بفعل تعمقه في موضوع البحث الإنساني الشاق عن المعرفة وطرح التساؤلات العديدة عن المقولات والأفكار، وفي فك ألغاز العلاقة بين الإنسان ومجتمعه المثقل بالحواجز المادية، والقدرة في المواجهة المريرة والسخرية من القيم السائدة.

في هذا الإطار جاءت تجربة صناعة فيلم "زوربا اليوناني" للمخرج اليوناني مايكل كاكويانيس وهي تفيض بالموسيقى اليونانية العذبة، التي وضعها الموسيقار أنجلو ثيودراكيس وهي تعانق بدقة متناهية أحداث الفيلم المستمدة من رواية أدبية شهيرة تحمل العنوان نفسه للكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس، عن حكاية رجل بسيط (زوربا) يبدو من عامة الناس، ثم غدا اسطورة حية في أرجاء المعمورة.

زوربا نيكوس كازانتزاكيس



وفيه برع الممثل الشهير أنطوني كوين بدور (زوربا) في تجسيد شخصية زوربا في دور التصق به إلى نهاية حياته، وظهر في الفيلم وهو يرافق رجل وكاتب ثري يسعى إلى تحقيق مشروع استثماري في أحد المناجم في جزيرة كريت، يبدو  زوربا قانعاً  بمصيره وقدره، دون تذمر أو احساس بالمهانة، فهو رجل حر وشجاع ويتسم بمزاج وكرم نادرين، ويسكنه فهم حقيقي للحياة، ويعبر عن رغبته في ذلك بانحيازه إلى القيم الإنسانية،  فهو يعيش منفلتاً من اية أفكار جاهزة، أو أحكام مفروضة عليه من محيطه الاجتماعي، ويخوض غمار حياته بشتى اشكال المغامرة ويواجه متاعب الحياة بألوان من الرقص والغناء والعزف على آلته الموسيقية في سعي لإشباع روحه، وأيضاً في استدراك علاقات عابرة في بدايات شبابه، ويظل ملتصقاً بآلته الموسيقية البسيطة والرقص على نغماتها وهي تسيطر على أحاسيسه وتتحكم في عواطفه.

ولتعظيم قيمة الموسيقى في صناعة الأفلام، اختار منظمو مهرجان البندقية السينمائي في إحدى دوراته المؤلف الموسيقي السينمائي الفرنسي ألكسندر ديبلا رئيساً للجنة تحكيم هذا المهرجان الدولي المتخصص بإبداعات الفن السابع، الأمر الذي عدّ بمثابة تحد إيجابي، يتيح للفنون التقنية الأخرى فرصة الـتقدم خطوات إضافية على هذه الطريق، حيث جرى اعتبار هذا الموسيقار إنه ليس فقط كأحد نوابغ مؤلفي الموسيقى المعاصرة للأفلام، بل شغوفاً ومتحمساً للسينما، وصاحب حساسية فنية مدهشة تضاف إلى معرفته العميقة بتاريخ الفن السينمائي  ولغته البليغة.

وعلّق كثير من النقاد على هذا الاختيار بالقول، إن ديبلا ينحاز إلى الاكتشاف، في سعي دؤوب مؤثر إلى فهم جدلية العلاقة الخفيّة بين النص والموسيقى، وهو مقتنع تماماً بأن الموسيقى قادرة على أن تكون شخصية فاعلة ومؤثرة في بنية الفيلم، مثلما راوأ أن هذا عائد أيضاً إلى شغف المخرجين بموسيقاه السينمائية التي يحققها في تناغم مع مضامين الأفلام رغم تنوع أساليب السرد فيها، حال تلك الموسيقى في فيلم "الكاتب الشـبح" 2010للمخرج رومان بولانسكي، لافتين إلى أن موسيقى ديبلا  كانت تمتلك الدور الحاسم في العديد من مواقف الفيلم ومحطاته، ومنحته طاقة وقوة تعبيرية ذات دلالات تعبيرية استطاعتإيجاد مناخات جذابة غير مرئية.

بفعل هذه الطاقات الكامنة للموسيقى، أصبح المؤلفون الموسيقيون يعالجون الموضوعات التشويقية التي تستند على ابعاد سيكولوجية وأحداث فانتازية متخيلة، بيسر وسلاسة كما في أعمال الموسيقار ميكلوس روزا على الموسيقى التصويرية في أفلام سيد التشويق المخرج الفريد هيتشكوك المشحونة بالتوتر، وهي تتبع انفعالات وهواجس وحيرة وقلق الشخصية الرئيسية بالفيلم، وكان أن قطف الموسيقار روزا إحدى جوائز الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية لعام 1945.ووظّف الموسيقار هيوجوفريدهوفر مقطوعاته اللحنية والايقاعية في فيلم "أفضل سنوات حياتنا"، الحاصل على جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية لعام 1946، حيث مزج فيها مشاعر الفخر والحزن لجنود عائدين من لظى الحرب.

في فيلم "ظهيرة ساخنة" الذي ظهر العام 1952، واعتبر من بين علامات أفلام الغرب الامريكي، تناول المخرج فريد زينمان موضوعاً فريداً وعميقاً وازن فيه بين الزمن الواقعي والزمن الفيلمي، وفيه سبر غور أحداث وشخصيات، حيث شملت المقدمة الموسيقية للفيلم أغنية ملائمة لمناخ البيئة الصعبة الشديدة العزلة والفرادة إبان تلك الحقبة التي تسري فيها حكاية الفيلم، والتي يجري تصعيد الأحداث بها لتتفجر في نهاية الفيلم بأغنية أثيرة، حيث نال الموسيقار ديميتري تيومكين اثنتين من جوائز الأوسكار عن الفيلم، الأولى عن أفضل موسيقى تصويرية، والثانية عن أفضل أغنية بالفيلم.

مثل هذا الأسلوب المبتكر، تأثر فيه عدد من المخرجين العرب في أفلامهم التي انجزت بعيداً عن قواعد وأحكام السينما التقليدية كان منهم: المصري يوسف شاهين، اللبناني برهان علوية، السوري محمد ملص، والمغربي كمال كمال، حيث جسد الاخير بفيلميه: "السيمفونية المغربية" و"الصوت الخفي"، ألواناً من الموسيقى التراثية والكلاسيكية بشكل سينمائي فتان.

ومن بين النماذج المضيئة في استخدامات الموسيقى في السينما تبرز تجارب إبداعية ارتبطت بأفلام المخرج الإسباني المخضرم كارلوس ساورا، وتبدى ذلك في غالبية إنجازاته السينمائية، والتي أحدثها في فيلم "فلامنجو .. فلامنجو" وهو رحلة حقيقية إلى قلب هذا الموروث الموسيقي بشتى صنوف أشكاله، والذي جاء تتويجاًلإسهاماته الغنية في براعة الجمع بين الموسيقى والسينما التي قدّمها في أفلام مثل: "ابنة العم أنجِليكا"، "إليسا، حياتي"، و"ماما تكمل المئة سنة"، عالج فيها قضايا وموضوعات متنوعة تعنى بجوانب من التاريخ والسيرة الذاتية وتلك التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية ومنها الموسيقى على نحو خاص حال أفلامه المعنونة: "كارمن"، "سحر الحب"، "تانغو" وقبل ذلك فيلم "كريا كويرفوس"، الذي حقق من الإيرادات والمشاهدة ما لم يكن قد حققه أي فيلم أسباني من قبل، بل إن الأغنية التي صاحبت الفيلم وحملت عنوانه اعادت الموسيقى والغناء الإسباني إلى الواجهة من جديد.
لقد غدت مهمة التأليف الموسيقي للأفلام احترافية ذات خصوصية إبداعية لا تقل شأناً عن عمل المخرج ذاته، فهي تقترح وتبتكر حلولاً من المقطوعات الموسيقية المفعمة بالبيئة الزمانية والمكانية والموروث الثقافي لشخوص الفيلم ومناخاته، وبحسب المؤلف الموسيقي البريطاني الهندي الأصل نيتين ساوهني: "الأصوات والأنماط المستخدمة في الموسيقى التصويرية تختلف باختلاف سيناريو الفيلم، وتعتمد على المشاعر والمواقف والشخصيات والتوجه العام للفيلم"، لافتاًإلى أنه أثناء تأليفه موسيقى لعمل سينمائي، "يحاول الدخول في أفكار المخرج وآرائه ومخيلته"، كاشفاً عن تجربته في فيلم "يوغوتونو يومي"، في اللجوء إلى فرق أوركسترالية لتسليط الضوء على النقاط الدرامية في النص.
في هذا الإطار تتمظهر علاقة المؤلف الموسيقي العالمي موريس جار بنظرته الفطنة إلى الموسيقى في الفن السابع، وهو دور، ليس من المبالغة أن نقول إن جار نفسه كان قد حسمه منذ زمن طويل، وحتى من قبل سنوات الستين من القرن العشرين، حين صعد وأصبح أحد أشهر مؤلفي الموسيقى في السينما، عن براعته في تأليف موسيقى فيلم "لورانس العرب" للمخرج دافيد لين، وفيه شق طريقه إلى آفاق الشهرة العالمية منذ بداية حقبة الستينات من القرن الفائت.

ابهرت موسيقى "لورانس العرب" عشاق السينما في أرجاء العالم وذلك لتلك الاهتمامات الآتية من طاقات موريس جار التعبيرية بلغة الموسيقى، وأيضاً قدرته على المزج بين نوعيات موسيقية متباينة، مزج فيها اطياف من الموروث الموسيقي لجماعات وبيئات ثقافية متنوعة، لازمتها أحداث الفيلم التي كانت تدور في  مناطق داخل حدود سوريا وتركيا والأردن والجزيرة العربية ومصر وإنجلترا، مستخدماً عددا من الآلات الموسيقية الشعبية، في جمل لحنية تبدو طالعة من عمق الصحراء مغلفة بسحر الشرق، وهو ما واصل العمل عليه بأفلام على غرار :"ممر الى الهند"، "ابنة رايان"،"دكتورزيفاجو"، جميعها من انجازات المخرج دايفيد لين، وصولاً إلى "الرسالة" للسوري مصطفى العقاد، "يسوع الناصري" للإيطالي فرانكو زيفريللي، و"الشاهد" و"جمعية الشعراء الموتى" للأسترالي الأصل بيتر وير، وعنها ظل موريس جار يشير إلى أنه يفضل دائماً دايفيد لين، الذي فهم أكثر من غيره: "ان الاعتناء بعنصر الموسيقى في الفيلم ودمجه بهموم وتطلعات شخوص العمل السينمائي سيكون له مردود من الألق والجماليات والثراء الدرامي"، حيث رأى بشهادة هذا المخرج فهماً مبكراً ورؤية ناضجة تجاه مفردات الفيلم كوسيط تعبيري، وهو ما دأب جار التأكيد عليه بالقول: "أنه يتوجب على الموسيقى أن تعطي الفيلم ابعاداً جديدة تنهض على مكوناتها وأن تقول أموراً لا تشاهد على الشاشة أو يجري تداولها في الحوارات، لافتاً إلى أن براعة المؤلف الموسيقي وفطنته تكمن في إنجاز هذا كله دون كسر التوازن الدرامي في العمل السينمائي".

على نقيض المؤلف الموسيقي موريس جار، اعتبر المخرج الامريكي كوينتين تارانتينو"إنه من غير الوارد أن يقبل بموسيقى أصلية في أفلامه، فهو لا يروق له قطعياً بأن يمنح شخصاً أو فناناً آخر سلطة موازية له في انجاز أعماله السينمائية"!، وواصل مفسراً في واحد من تصريحاته بمناسبة اطلاق فيلمه "ديانجو" عام 2012: "جمعه الفيلم بتعاون غير مثمر دار في أجواء صعبة بالعلاقة مع المؤلف الموسيقي الإيطالي الشهير أنريكو موريكوني لأسباب تتعلق في التباين بين رؤية كل منهما تجاه تفسير  الأحداث التي جرى فيها استعادة أحد أبرز أفلام الويسترنسباغيتي" .

ومن بين أكثر الأمثلة الساطعة على براعة توظيف المخرج للموسيقى التصويرية كعنصر أساسي في أفلامه، ما أورده المخرج الروسي أندريه تاركوفسكي في كتابه المعنون "النحت فى الزمن" والذي اشار فيه: "إلى أن الموسيقى يمكن أن تضيف إلى المادة المصورة حالة شعرية تتولد من تجربة المؤلف"، ففي فيلم السيرة الذاتية "المرآة"على سبيل المثال، يتم تقديم الموسيقى باعتبارها عنصراً محورياً، فالموسيقى تُضيف إلى الرؤية الذاتية احساساً لعالم واقعي في عالم ميتافيزيقي، وهذا يوضح لماذا يستخدم تاركوفسكى الموسيقى في أفلامه دائماً رغم بعض التحفظات، "يجب أن أقول بقناعة تامة إنني لا اعتقد أن السينما تحتاج إلى الموسيقى"، لكنه يعترف بأن الموسيقى "دائماً ما تجد لنفسها مكاناً في أفلامي ، شرط أن لا تعبر بسطحية عما يدور على الشاشة".

لكن التجربة الأكثر تميزاً وابداعاً ومتانة وبلاغة تجسدت في سينما المخرج ستانلي كوبريك، حيث يتذكر عشاق الموسيقى جرأة اقتحامه الصادم لعلامات موسيقية خالدة: "فالس الدانوب الأزرق" للموسيقار شتراوس، و"السيمفونية التاسعة" لبيتهوفن، والعديد من المقطوعات العائدة لباخ وموزارت، عندما صوّر أفلامه المعنونة: "2001 أوديسا الفضاء"، "البرتقالة الآلية"، "البريق"، "باري ليندون"، وذلك على إيقاعات نغماتها وألحانها، في ألوان من المشهديات البصرية الآسرة، وهي تؤشر على التفسخ والعنف الطافح بالعلاقات الإنسانية.

تنسج الموسيقى في الفن السينما علاقات متينة بين النص والصورة، كاشفة عن ثراء مخزونها التعبيري، في القدرة على انتاج معرفي، يحوم حول اسئلة الذات والمكان والاحساس بالزمن، مثلما تغوص في أحلام ومخيلة المتلقي للفيلم ،لاستكناه معان بليغة ، تتجلى فيها افكار وخطابات المخرج، وتأملاته وانفعالاته، كل ذلك يسري بمصاحبة دقيقة لصنوف من عوالم الموسيقى الرحبة، فهي تروي الجانب الآخر من صور الشخصيات، وما وراء تعقيدات وتفاصيل صخب الحياة اليومية، حيث تعكس أمام نظر المشاهد للفيلم السينمائي بمتعة وبهجة، نقاء وصفاء جماليات آسرة ، لدواخل البشر ومعالم الطبيعة والكون.

ناجح حسن
--
( ٣ )


أسطورة "موريكوني" الموسيقية

بقلم
شريف حمدي
ناقد سينمائي- مصر





تبدأ الحياة بصرخة وليد، خرج من بطن أمه، وتبدأ الرواية بكلمة،تليها كلمات تتشكل منها فصولها التي نقرؤها فنغوص في أعماقها وأعماق شخصياتها.  ويبدأ الفيلم السينمائي بأسماء المشاركين في صناعته على أنغام موسيقية قد تكون هادئة حالمة، وقد تكون صاخبة متقطعة، أو قد تكون سيمفونية متعددة الآلات، فيبدأ المشاهد متحمساً للصور التي تظهر أمامه تباعاً ،حتى يشُده التسلسل الدرامي للأحداث.
ولعل البعض يعتقد أن الفن السابع هو فقط فن الصور المتحركة على الشاشة الفضية، والتي يغذيها أداء الممثلين الذين يجسدون أحداث الفيلم.  
نعم، هذا جزء أساسي، من العمل السينمائي، ولكن كأي إبداع فني، فإن الفيلم هو عمل متكامل تصنعه عناصر مختلفة ، تتكون منها في النهاية الصور والمشاهد التي نتابعها على مدى ساعتين أو ثلاثة.  فالفن السابع مخرج، كاتب سيناريو، قصة محبوكة، ممثلون، مونتاج، تصوير، خدع سينمائية، صوت نقي، موسيقى تصويرية، وعناصر كثيرة أخرى.  ولكن دعونا نقف هنا عند الموسيقى التصويرية ونتأمل؛

 هل كنا سنستمتع بالصور المتحركة أمامنا بدون موسيقى على الإطلاق؟ 
 ماذا لو رأينا الممثلين يتحاورون فقط دون أن تشاركهم الموسيقى خلفية الحديث؟
 قد يكون أداؤهم مؤثراً، وقد تكون المناظر حولهم خلابة، ساحرة، وملهمة، وتذهب بك إلى عالم آخر، ولكن .. هل هذا يكفي؟
فالموسيقى التصويرية هي الغذاء الروحي لأي عمل سينمائي، وهي التي تحرك الأحاسيس الجياشة في وجدان المشاهد فتجعله يتفاعل مع كلمة أو جملة، أو مع نظرة أو لمحة أو حركة تعكسها الشاشة؛ وبدونها لسقطت أفلام كثيرة، رغم روعة مضمونها وأحداثها.  وعلى سبيل المثال، من منا استطاع أن يقاوم البكاء في سلسلة أفلام "روكي" بأجزائها المتوالية، وهو يشاهد سلفيسترستالون يقاتل داخل الحلبة في مشاهد النهاية، على إيقاع أنغام المؤلف الموسيقي بيل كونتي.
ومن منا لا يتذكر "كريستوفر ريف" وهو يطير محلقاً في السماء في سلسلة "سوپرمان" على الأنغام المثيرة للعبقري چون ويليامز.  وكذلك سلسلة أفلام "العودة إلى المستقبل" Back to the Future وموسيقى آلان سيلڤستري المصاحبة لعربة الزمن التي يقودها مايكل چ. فوكس، وغيرها من الألحان والنغمات المماثلة التي لها تأثير كالسحر على المشاهد، وكأنها تجذبه من مقعده ليغوص في أعماق الصورة مع أبطال الفيلم.
وعلى غرار ما ذكرته من أمثلة لأفلام مهمة ، أعطتها الموسيقى بعداً إضافياً، أنتقل إلى موسيقى ملحن ومؤلف موسيقي فذ ومتمكّن، أثرى السينما العالمية بمعزوفات لا تُنسى.  إنه الموسيقار الإيطالي الشّهير إنيو موريكوني Ennio Morricone الذي نال في عام  2007 جائزة الأوسكار الشرفية التي تمنحها أكاديمية السينما الأمريكية كل سنة، عن مجمل الأعمال لأحد رواد الفن السابع، سواء كان ممثلاً، مخرجاً، كاتباً، أو عاملاً في أي مجال سينمائي آخر. 

 وقد لا تكون صدفة أن يقدم له الجائزة الممثل والمخرج كلينت إيستوود الذي جمعته بموريكوني أفلام المخرج الإيطالي سيرچيو ليوني، والتي تعتبر الإنطلاقة للإثنين معاً «موريكوني وإيستوود».  وكانت البداية سنة 1964 في «من أجل حفنة دولارات» الذي هو بمثابة الإفتتاحية لما أُطلق عليه فيما بعد Spaghetti Westerns أو أفلام الغرب التي كانت تصور في الصحراء الإسبانية أو الإيطالية بممثلين معظمهم أوروبيين.
وبعد هذا الفيلم تولدت صداقة وطيدة بين موريكوني وسيرچيو ليوني حتى أنه نفذ الموسيقى التصويرية لمعظم أفلام ليوني وخاصة ثلاثية الدولارات، وهي «من أجل حفنة دولارات» ثم «من أجل مزيد من الدولارات»(1965) وانتهاءً بـ «الطيب والشرس والقبيح» (1966).  وكان كلينت إيستوود هو بطل الثلاثية، بينما مثّلت موسيقى موريكوني ثورة بالنسبة لأفلام الغرب حيث استخدم فيها آلات مختلفة لأول مرة كالناي والهارمونيكا وغيرها.  ولا يمكن لأحد أن ينكر أن موسيقى «الطيب والشرس والقبيح» أصبحت من أيقونات السينما العالمية، لدرجة أنك تعرفها على الفور بمجرد سماعها في أي مكان رغم مرور هذه السنوات الطويلة، فتجعلك تسترجع شريط الذكريات لمشاهد وأحداث ذلك الفيلم.  بل إن هناك فرقة موسيقية حالية تُسمّى «ميتاليكا» لا تبدأ حفلاتها إلا بعد أن تعزف مقطوعة من الفيلم بعنوان «متعة الذهب» The Ecstasy of Gold.
وُلد إنيو موريكوني في 10 نوفمبر 1928 في العاصمة الإيطالية روما، وعاش فترة طفولته ومراهقته أحداث الحرب العالمية الثانية، وهو ما ظهر تأثره بمرارتها وأهوالها في كثير من أعماله الموسيقية.  ولحُب والده للموسيقى، أراد لإبنه أن يتعلم العزف على إحدى الآلات، فاختار له آلة الترومپيت (البوق).  واستمر موريكوني بعد ذلك في مراحل التعليم حتى درس في المعهد الموسيقي الإيطالي ثم تزوج وأنجب ثلاث أولاد وبنت.  ولم يكن موريكوني في البداية شغوفاً بدخول عالم السينما، ولكنه بعد أن بدأ هذا المشوار أعطانا ما يزيد عن 400 معزوفة موسيقى تصويرية للعديد من الأفلام، وهو ما يعتبره البعض رقماً قياسياً لا يمكن تحطيمه.
ورغم أن عمله في السينما بدأ منذ الستينيات، إلا أن الأوسكار لم يُعره إهتماماً حتى 1979 عندما رُشح لأول أوسكار موسيقى تصويرية عن فيلم «أيام السماء» Days of Heaven للمخرج الأمريكي تيرنس ماليك، ولكنه لم يفُز بالجائزة.  ثم توالت ترشيحات الأوسكار بعد ذلك فكان ثاني ترشيح في 1987 عن «المهمة» The Mission للإنجليزي رولاند چوفي، ثم 1988 عن «من لا يمكن المساس بهم» The Untouchables للأمريكي برايان دي پالما، ثم 1992 عن «باجزي» Bugsy للأمريكي باري ليڤنسون، ثم في 2001 عن «مالينا» Malèna للإيطالي چيوسيپي تورناتوري.  ولكن موريكوني لم يفُز في أي من تلك الترشيحات، إلى أن حصل على الأوسكار الشرفي في 2007 عن ’’مساهماته العظيمة والمتعددة الأوجه لفن موسيقى الأفلام‘‘ كما ورد في ديباجة الجائزة.
وربما كانت جائزة الأوسكار الشرفي هي مفتاح فوزه بعد طول انتظار بأول أوسكار فعلي في 2016 عن الموسيقى التصويرية لفيلم «الثمانية المكروهين» The Hateful Eight لكوينتون تارنتينو وبطولة سامويل چاكسون، كما فاز في نفس العام أيضاً بجائزة الكرة الذهبية عن نفس هذا الفيلم.  ولعل ذلك يدلّل أن كثيرين من عظماء السينما ربما يخذلهم الأوسكار بينما لا تخذلهم الجوائز الأخرى، ويكفي أن موريكوني قد نال خلال مشواره الفني الطويل العديد من الجوائز التي لا تقل أهمية عن الأوسكار.
وإذا كنا كثيراً ما نجد في السينما ما يُسمّى بـ Couple بمعنى "الزوجين" أو "الثنائي" الذين يجتمعان في العديد من الأفلام؛ على غرار چاك ليمون مع والتر ماثاو، أو دوريس داي مع روك هدسون، فإن العلاقة التي جمعت بين سيرچيو ليوني وموريكوني كانت علاقة وطيدة من هذا النوع، حيث وضع موريكوني موسيقى أفلام ليوني بدءاً من 1964 في «من أجل حفنة دولارات» وحتى 1984 في «حدث ذات مرة في أمريكا».
ويعتبر البعض أن موسيقى هذا الفيلم الأخير الذي قام ببطولته روبرت دي نيرو هي من أعظم ما ألفه موريكوني.  ولعل العلاقة الثنائية الوطيدة الأخرى هي التي نشأت بينه وبين چيوسيپي تورناتوري، حيث تعامل معه في ستة من أفلامه، أولها «سينما پاراديسو» Cinema Paradiso سنة 1989، يليه «أسطورة 1900» The Legend of 1900 (1998)، يليه «مالينا»(2000) الذي رُشح عنه للأوسكار في العام التالي، ثم «المرأة المجهولة»The Unknown Woman (2006)، ثم «باريا» Baaria (2009)، وأخيراً «أفضل عرض» The Best Offer (2013).  وجدير بالذكر أن أحدث تعاون بين موريكوني وتورناتوري عُرض بإيطاليا في مطلع عام 2015 وهو بعنوان La Corrispondenza أو «المراسلة».
ودعونا نتوقف هنا عند فيلم «أسطورة 1900» الذي يحكي قصة طفل رضيع تركته أمه في المهد على ظهر سفينة كبيرة في الشهر الأول من العام الأول للقرن العشرين، حيث يعثر عليه عامل فحم أسود يعمل في قاع السفينة، فيتبناه ويقرر أن يسميه باسم 1900 لعدم معرفته لإسمه الحقيقي أولاً، ثم تيمّناً بالقرن الجديد.  ويعيش الطفل السنوات الثمانية الأولى من عمره في قاع السفينة، لا يرى العالم الخارجي إلا من خلال نافذة تطل على المحيط الشاسع.  وفجأة يفتح باباً في أعلى السفينة يدلّه على قاعة كبيرة يتوسطها جهاز بيانو.  ويبدأ الطفل في العزف عليه فيكتشف رواد السفينة موهبته وتلقائيته في العزف.  ويكبر الطفل ويصبح شاباً موسيقياً عبقرياً في العزف على البيانو، ولكنه لا يغادر السفينة أبداً.  وتتوالى الأحداث وتنشأ صداقة حميمة بينه وبين عازف الترومپيت (وهي الآلة التي تعلمها موريكوني في صغره).  وكلما طلب منه صديقه أن يغادر السفينة ليرى العالم الخارجي، يرد الشاب بأنه يراه من خلال الموسيقى.
وهنا تظهر عبقرية موريكوني في رسم صور موسيقية رائعة نفذها تورناتوري باقتدار بحيث تجعل المشاهد يهيم معها ويغوص مع المناظر الحالمة في أحلام منتشية.  ولعل الفيلم مثال حي على أن الموسيقى هي بالفعل غذاء الروح؛ ففي مشهد عبقري يسأل الصديق الشاب كيف يعزف هذه المقطوعات، فيرد قائلاً ’’من وجوه وأحاسيس وحركات الناس أمامي.  فهذه مقطوعة لأرملة حزينة، وهذه لشاب يائس فاقد الأمل، وتلك لزوجين متحابين.‘‘



سينما باراديسو

وإذا انتقلنا إلى «سينما پاراديسو» فإن من يشاهده لا يمكن أن يتخيل تلك الرواية الجميلة والرائعة التي يراها أمامه بدون موسيقى موريكوني.  فقد أضافت ألحانه إلى الصورة الجمالية بعداً آخراً وأحاسيس فياضة لا يمكن وصفها.  ويمكن القول أن موسيقاه قد لخصت الحياة التي نعيشها في مجموعة من النغمات مترامية الأبعاد.  فقد نقل موريكوني إلينا مرحلة الطفولة وبراءتها لفترة، ثم تحولت موسيقاه لعنفوان الشباب فترة أخرى، وتلاها بحالة حب يعيشها الإنسان في مراهقته، ثم انتقل بنا حيناً آخراً لأحزان الموت، منتهياً بالذكريات الجميلة والأليمة معاً التي نتذكرها في خريف العمر، فتجعلنا نلهث أحياناً وراء سراب لن نُدركه أبداً، أو نضحك لما مرّ ومضى أحياناً أخرى.  وقد حاز الفيلم على العديد من الجوائز المهمة، على رأسها جائزة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية في أوسكار 1990.  ومن بين تلك الجوائز خمس جوائز «بافتا» BAFTAوكانت كالتالي: أفضل ممثل (فيليب نواريه)، أفضل ممثل مساعد (سالڤاتوري كاشيو) والذي كان حينها طفلاً لم يتجاوز التاسعة من عمره، أفضل فيلم أجنبي، أفضل سيناريو أصلي (چيوسيپي تورناتوري)، ثم أفضل موسيقى تصويرية والتي يستحقها إنيو موريكوني عن جدارة، بغض النظر عن خذلان أكاديمية السينما الأمريكية له بعدم ترشيحه هذه المرة للأوسكار.  وقد لا أبالغ إذا قلت أن أعضاء الأكاديمية ربما شاهدوا الفيلم واضعين أيديهم على آذانهم.





سينما باراديسو


وفي رأيي أن «سينما پاراديسو» هو من أفضل وأهم مائة فيلم في تاريخ السينما العالمية، فهو تحفة سينمائية رائعة رُسمت ملامحها بأيدي عباقرة، وهو مثال لتأثير الفن السابع على تاريخ البشرية ومشاعر وأحاسيس الناس.  فهو ببساطة يحكي قصة علاقة صداقة نشأت بين طفل صغير عمره خمس سنوات وعامل تشغيل آلة للعرض السينمائي في قاعة مسرح صغير للسينما إسمه «سينما پاراديسو»، ومعناه «سينما الفردوس»، تقع في ميدان بمدينة إيطالية فقيرة إسمها «چيان كالدو» وذلك إبان الحرب العالمية الثانية.  وتتوطّد الصداقة نظراً لحب الطفل للصور المتحركة التي يتكون منها شريط الفيلم السينمائي الذي يبثه العامل للجمهور؛ فيعيش الطفل في عالم السينما الخيالي وعالم الحقيقة المُرة للحرب في آنٍ واحد.  وهنا يظهر إبداع موريكوني مع مشاهد البراءة البادية في عيني الطفل وهو يتابع ما يراه؛ مثلاً عندما يرى مشهد قُبلة على الشاشة.  كما نرى في قاعة السينما الصغيرة كيف كان عامة الشعب يلهثون لمشاهدة الأفلام من أجل نسيان ما يدور في العالم الخارجي من أحداث، حيث كانوا يضحكون لنكتة أو حركة، أو يبكون لفراق عاشقين، أو يتفاعلون مع حركات الأبطال في أفلام المغامرات.
وتمر السنوات، ويكبر الطفل ليصبح شاباً يعمل في تشغيل آلة العرض بنفس مسرح سينما الفردوس بعدما أصيب صديقه بالعمى نتيجة حريق شبّ منذ زمن في قاعة العرض.  وهنا يصبح الشاب بديلاً عن عيون صديقه العجوز، يحكي له بالتفصيل ما يتحرك أمامه من صور للأفلام، فيغوص العجوز في أحلامه متخيلاً الشاشة أمامه.  وهنا تؤدي ألحان موريكوني دورها في تخفيف معاناة العجوز فضلاً عن تحريك نبضات الحب التي بدأ يخفق بها قلب الشاب تجاه فتاة جميلة أحبها حباً خالصاً، ولكنه حب صعب المراد، فهو من حي فقير بينما هي من عائلة ذات صيت.
ويترك الشاب المدينة ثم يعود إليها بعد سنوات وهو في الأربعينات من العمر، فتتحول بنا الرواية إلى عالم الذكريات حيث تتحدث هنا الموسيقى وحدها دون الكلام.  ويا لها من معزوفات سيمفونية رائعة أبدعها موريكوني لتصاحب مشاهد الرجل وهو يتحرك ويدور بين أركان حجرته القديمة، يتأمل الصور المعلقة وعلب أفلام السينما الخام التي كان يعرضها في شبابه.  ولا يستطيع المشاهد هنا مقاومة البكاء وهو يرى ويسمع ذلك الجمال الرنان الذي يدغدغ الآذان والوجدان.
وأنتقل إلى مخرج إيطالي آخر هو إيليو پتري، الذي وضع موريكوني الموسيقى التصويرية لفيلمه الحاصل على أوسكار أحسن فيلم أجنبي سنة 1971، وهو بعنوان «تحقيق لمواطن فوق الشبهات» وبطولة چيان ماريا ڤولونتي.  وتلعب موسيقى موريكوني دوراً هاماً في الأحداث، خاصةً مع مشهد البداية، حيث نرى البطل يترجل لدخول بناية بعينها على إيقاع مقطوعة موسيقية تشعرك بأنه يبّيت النية بداخله لأمر شرير.  وتستمر الموسيقى مع البطل حتى يدخل شقة بعينها فيقابل إمرأة بداخلها، وإذا به فجأة يقتلها.  وهنا تتوقف موسيقى موريكوني فجأة أيضاً بعد أن جعلت المشاهد يترقب مع إيقاعها ماذا سيحدُث، حتى يفاجأ بالنهاية الدموية للمشهد.
ولأن المقام لا يسمح بالحديث عن العشرات، إن لم يكن المئات، من أعمال موريكوني الهامة، فسوف أقتطف فيما يلي بعض الزهور من بستان الموسيقى التصويرية الوفير لموريكوني:-
1) «القطة ذات التسعة ذيول» للمخرج الإيطالي داريو أرجنتو (1971)
2) «1900» للإيطالي برناردو بيرتولوتشي وبطولة روبرت دي نيرو (1976)
3) «إي كما في إيكاروس» للفرنسي هنري ڤيرنوي وبطولة إيڤ مونتان (1979)
4) «المحترف» للفرنسي چورچ لوتنر وبطولة چان بول بلموندو (1981)
5) «الشيئ» للمخرج الأمريكي چون كارپنتر (1982)
6) «المفتاح» للإيطالي تينتو براس (1983)
7) «خسائر الحرب» للأمريكي برايان دي پالما وبطولة مايكل چ. فوكس (1989)
وختاماً فإن إنيو موريكوني موسيقار فذ، ترقى إبداعاته الموسيقية لمرتبة الأسطورة.  وهو في رأيي واحد من أهم ما أخرجته السينما الإيطالية، في مجال الموسيقى التصويرية.  وهو لم يكتف بالسينما فقط، فتاريخه يمتد أيضاً للتليفزيون، حيث ساهم في وضع المقدمات الموسيقية للعديد من المسلسات الأمريكية والإيطالية.  كما أن اسطوانات حفلاته الموسيقية التي لا تُحصى، تباع حتى الآن وتحقق إيرادات عالية، دليلاً على الذوق الرفيع لمحبّيه.  ومع أن عمره الآن يناهز التاسعة والثمانين، فما زالت إبداعاته متدفقة ومستمرة.  وأخيراً، عُذراً موريكوني، لأني لم أوفيك حقك بعد.  فالحديث عن أسطورتك الموسيقية، لا تكفيه هذه السطور، بل يحتاج للعديد من الكتابات لملاحقة غزارة وثراء وتنوع تلك الأسطورة.

--
( ٤ )



ألبوم الموت والوردة

كيث جاريت


متلازمة الارتجال الإبداعي

مقطوعة تسجيلية في وصف عازف الجاز كيث جاريت


بقلم

محمد سيد عبد الرحيم
ناقد سينمائي والمدير الفني لمهرجان شرم الشيخ- مصر





تتماس الموسيقى مع السينما في الاستناد على الزمن. ولذلك كان على مخرج الفيلم التسجيلي "كيث جاريت: فن الارتجال Keith Jarrett: The Art of Improvisation" أن يعكس في فيلمه حالتين من حالات الزمن. أولها:المتعلقة بالموسيقى عبر المونتاج والمكساج للقطع الموسيقية التي نسمعها في الفيلم ونرى الملحن وعازف البيانو الأمريكي الشهير كيث جاريت وهو يعزفها. وثانيها: المتعلقة بالسينما ، حيث تقطيع اللقطات والمشاهد وتتابعها،  من أجل خلق حالة كاملة، لا تبدأ ولا تنتهي بالتترات، بل تبدأ قبل وتنتهي بعد التترات.





الايقاع المؤسس على الزمن،  هو أساس أي فن على مر الزمان. فالإنسان لا يمكنه أبدا أن يهرب من أسر الزمن، فقبل حتى تترات وجوده في داخل العالم ،وقت ولادته من رحم أمه، وهو يشعر ويكون في الزمان عبر الجسد والوعي،  وحتى بعد وفاته يتأثر جسده بمرور الزمن عليه، حتى تحلله تماما.
هذا الاهتمام بالزمن،  تبدي في عدة حيل فنية قام بها المخرج ميك ديب، كوضع صورة بداخل صورة من أجل المحافظة على صورة وسيلان الحفل الموسيقى، وبنفس الوقت إظهار تعليق كيث جاريت المتعلق والمعلق على هذا الحفل في نفس الكادر، أو عبر الانتقال السلس البصري من أرشيف الحفلات المختلف، إلى كيث جاريت أو من عزفوا معه أو أقاربه وغيرهم من الضيوف. 
بل والأهم من ذلك هو جسد الفيلم نفسه، الذي لا يبدأ أو ينتهي بالتترات مثلما هو متبع في أغلب الأفلام وخاصة التسجيلية ، ولكن يبدأ بجزء من إحدى حفلات كيث جاريت، ليدخل صوته على شريط الصورة ليتحدث عن الارتجال، وعن صعوبت، وعن كيف أن جهازه العصبي كله يستوجب عليه أن يكون مستعد دائما، لتلقى واستقبال وعزف الارتجال.
 ثم يظهر كيث جاريت في ربع الكادر فوق صورة الحفل مكملا حديثه عن فن الارتجال بالنسبة له ، والذي يعتبره ماهيته كفنان. وأيضا لا ينتهي الفيلم بالتترات ،بل ينتهي بعد التترات. فنشهد تسجيل لإحدى حفلاته ،ثم تنزل التترات لنعود إلى كيث جاريت، والذي يؤكد أنه لم يعد قادرا على الإبداع، ولكن كل ما يحاول فعله الآن، هو أن يتمرن كثيرا، حتى يحافظ على مستواه بقدر إمكانه ،وذلك بعد المرض العضال الذي أصابه، فأثر على موهبته، وبالتالي ماهيته كفنان.

العزف في الزمن

هذا التركيب المونتاجي يؤكد رأي كيث جاريت - والذي يوافقه فيه الكثير من النقاد والمفكرين والفلاسفة - في أن الزمن هو أساس الموسيقى والفنون جميعها. خاصة في حالة الارتجال حيث سيلان الزمن عبر النغمات المتتابعة، والتي إذا أوقفها أي طارئ كنشاز يخرج بغير قصد من عازف مشارك أو اضطراب في جموع الجمهور كعطس أحدهم أو تصوير أحدهم للعازف أثناء أداءه - وهو ما جعل كيث جاريت يعزف أحيانا في الظلام - أو مرض أو غيرها من المسببات بقادرة على وقف هذا التدفق السائل للزمن، وجعله جامدا أو على الأقل تقدير مضطربا.

كيث جاريت هو ملحن وعازف بيانو أمريكي شهير،  أكثر إسهاماته في حقلي موسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية. ولقد كون وقاد جاريت عدة فرق موسيقة، والتي عزفت الكثير من الحفلات حول العالم. بالإضافة إلى تسجيله لعشرات الإسطوانات، التي احتوت على الكثير من المقطوعات الموسيقية التي سجلها لكبار الملحنين، أو ألفها وعزفها بنفسه.




 وقد فاز كيث جاريت بأرفع الجوائز الموسيقية مثل أفضل ألبوم لموسيقى الجاز عام 1975 عن ألبوم "حفل كولن The Köln Concert " والذي يعتبر الأعلى مبيعا في التاريخ كألبوم لعزف البيانو وأيضا جائزة ليون سونينج الموسيقية بعام 2004.

ما يميز كيث جاريت هو الارتجال. فيوجد الكثير من الملحنين حول العالم ويوجد أكثر منهم الذين يعزفون بشكل جيد والقادرين على عزف مقطوعات من موسيقى الجاز وأيضا مقطوعات كلاسيكية. ولكن ما يميز كيث جاريت عن أقرانه هو قدرته على الارتجال وهو ما ركز عليه هذا الفيلم التسجيلي بداية من عنوانه وحتى آخر لقطة وكلمة فيه حينما يؤكد كيث جارويت أنه لم يعد قادرا على الارتجال بعد أن أصيب بمرض متلازمة التعب المزمن والذي هد حيله - مثلما يقولون - فلم يعد باستطاعته الخروج من بيته أو القيام بأي حركة معتادة كان يقوم بها قبل إصابته بالمرض. فهذا المرض قد أصاب جسده وعقله بالوهن مما أثر على قدرته على الإبداع.

والمتابع لكيث جاريت أو من شاهد أي حفلة له ضمن مئات الحفلات التي أقامها قبل إصابته بهذا المرض سيشهد رجلا أبعد ما يكون عن الوهن والتعب. أنه رجل مفعم بالنشاط والحيوية والإبداع. رجل بقادر على العزف عزفا ممتازا وتلحين مقطوعات ممتازة وتكوين فرق موسيقية وقيادتها وتلحين مقطوعات لآلات موسيقية مختلفة ولعازفين آخرين وأيضا عزف آلات أخرى غير البيانو الذي برع فيه منذ أن كان طفلا كالآلات النفخ والطبول وغيرها.


عن الارتجال والحياة


اللحظات الوحيدة التي كان يظهر عليه الوهن فيها قبل إصابته بهذا المرض النادر الذي قلما ما يصيب أحدا هو حينما كان يرتجل إحدى المقطوعات أثناء إحياءه لأحد الحفلات. حينها فقط تشهد هذه المعاناة على وجهه، معاناة من يحاول أن يتغلب على شيء ما غير مرئي ولكنه هائل القدرات. وهذه العملية المرهقة هي التي تنجب مقطوعة مرتجلة بقادرة على إثارة إدهاش الجمهور قبل إعجابهم بل وإثارة إدهاش وإعجاب الفرقة المصاحبة لكيث جاريت أنفسهم والذين يلاقون صعوبة من نوع آخر وهي مجارة كيث جاريت في عزفه. هذه المجاراة التي رغم صعوبتها إلا أنها ووفقا لشهاداتهم هم أنفسهم تتسم أيضا باللذة والاستمتاع حيث تبرز وتؤكد مواهبهم الفنية التي استدعاها ارتجال وعزف كيث جاريت.

وبالتأكيد هذا الإرهاق الجسدي والعقلي الذي كان يمارسه ويظهر على وجه كيث جاريت دائما أثناء ارتجاله هو الذي تجمع أخيرا ليصيبه في مقتل فيوقفه عن الإبداع تماما عبر هذا المرض النادر الذي يدعى متلازمة التعب المزمن.
هذا الارتجال ينبع أيضا من روح متمردة على الأعراف والقوانين التي وضعها العازفين لأنفسهم. فأغلب العازفين يرهبون الخروج على النوتة الموسيقية ويبجلونها متجاهلين أو بالأحرى غير مدركين أنهم بتبجيلهم للنوتة الموسيقية لا يبجلون الموسيقى نفسها. فالموسيقى والحالة التي تخلقها الموسيقى في شعور ووجدان المستمعين هي الغاية والنوتة الموسيقية واللحن والعزف نفسه هي مجرد وسائل للوصول إلى هذه الغاية.
ولكن كيث جاريت لم يخاف من حالة الارتجال بل مارسه باستمرار وتميز فيه حتى وصل الأمر أن محبي موسيقى الجاز يذهبون إلى حفلاته خصيصا من أجل تميزه في الارتجال. فهم مثله تماما يخرجون من الحفل ليس مثلما دخلوا بل يشعرون أن هذا الارتجال وهذا الحفل قد غيرهم. وهو ما عكسه أيضا فيلم ميك ديب عبر أسئلته الذكية وعبر المونتاج بين اللقطات التي تعرض حفلات كيث جاريت وحديث جاريت نفسه عن حياته وفنه.

محمد سيد عبد الرحيم

--

( ٥ )

فرنسا تودع مخرجة "السعادة" وأيقونة "الموجة الجديدة"

الجنوبية

آنياس فاردا





بقلم

صلاح هاشم
ناقد سينمائي ومخرج - مصر

ودعت فرنسا بقلب حزين مع جميع عشاق فن السينما في العالم يوم الجمعة الموافق ٢٩ مارس المخرجة الفرنسية العالمية الكبيرة آنياس فاردا، التي توفيت في باريس عن ٩٠ سنة، والتي حققت شهرتها خارج حدود وطنها، من خلال مجموعة كبيرة من الأفلام الروائية مثل فيلمها " السعادة"، والأفلام الوثائقية مثل فيلمها " وجوه وقرى " وغيرها، التي ساهمت بقدر كبير في تطوير حضارة السلوك الكبرى- السينما  كما أحب آن أسميها، في العالم..





وكانت آنياس فاردا  التي بدأت حياتها المهنية كمصورة فوتوغرافية- حصلت بأفلامها من النوعين على العديد من الجوائز، مثل الأوسكار في هوليوود، والسعفة الذهبية في مهرجان " كان " فرنسا، وحاضرت عن أفلامها ، كيف كانت تصنع، ومنهجها في الاخراج السينمائي، في أنحاء العالم٫ حتى صارت " أيقونة " من أيقونات الإخراج ، وسينما المؤلف في عصرنا.

وكانت فاردا ومنذ عام ١٩٥٤، تعتبر رائدة من رواد السينما في فرنسا ،فقد فتحت بفيلمها الروائي الطويل الأول " لابوانت كورت "-على إسم الحي الذي نشأت فيه في مدينة (ست) الفرنسية في أعماق الجنوب الفرنسي تحت الشمس الافريقية وعلي بعد خطوات من الشاطئ المتوسطي الكبير..

فتحت الباب أمام مخرجي الموجة الجديدة في فرنسا من أمثال فرانسوا تروفو وجان لوك جودار وإيريك رومير، لصناعة سينما أخرى " مغايرة" غير" سينما الجودة " السينما البرجوازية التقليدية الرسمية المحفلطة، التي كانت تصنع داخل الاستوديوهات ، ويتحكم فيها كاتب السيناريو، الذي كان يعتبرآنذاك مخرج الفيلم..

خرجت فاردا الجنوبية بالسينما الفرنسية، وبأفلامها ،الى الحياة والبحر والنور٫ لتصنع أفلاما عن السعادة، والحنين، والألم ، والأمل، علي الرصيف٫ وتزرعها في قلب الحياة، ولتقربنا من خلال تلك الأفلام، من النوعين الروائي والوثائقي، حتي وهي تحكي عن الموت، كما في فيلمها الروائي الطويل الأثير " كليو من ٥ الي ٧ مساء " ،تقربنا أكثر، وكما في كل أفلام السينما العظيمة ، من إنسانيتنا

وداعا آنياس فاردا




صلاح هاشم


--







كراسات جازوأفلام



تعريف بالمؤسس والمحرر صلاح هاشم


مايلز دفيز وجان مورو

صلاح هاشم مصطفى من مواليد ١٢ نوفمبر، حي " قلعة الكبش "، بالسيدة زينب القاهرة، مصر. كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس، فرنسا. تخرج في آداب القاهرة قسم إنجليزي عام ١٩٦٩، وسافر فور تخرجه الى أوروبا. درس في  باريس السينما والمسرح وموسيقى الجاز والأدب الأفرو أمريكي وتخرج في جامعة" فانسان" الشهيرة . له مجموعة قصصية " الحصان الأبيض " صدرت عن دار الثقافة الجديدة في مصر، وكتاب في الهجرة والغربة وأدب الرحلات والصعلكة المنتجة بعنوان " الوطن الآخر. سندباديات مع المهاجرين العرب في أوروبا وأمريكا" الذى صدر في٣ أجزاء عن دار الآفاق الجديدة في بيروت.لبنان..

وله عدة كتب في السينما، مثل كتاب " السينما العربية خارج الحدود" ، وكتاب" الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية" وكتاب" السينما الوثائقية .تجارب ودروس" الصادرة عن المركز القومي للسينما في مصر. وكتاب " تخليص الإبريز في سينما باريز.السينما الفرنسية " الصادر عن العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة، مصر.

أخرج مع الفنان اللبناني المصور سامي لمع مجموعة من الأفلام الوثائقية الطويلة التي تحكي عن مصر تاريخها وذاكرتها، مثل فيلم " وكآنهم كانوا سينمائيين. شهادات على سينما وعصر" عنالتأثيرات التي أحدثتها السينما المصرية في الوعى الجمعي المصري، وفيلم "أول خطوة" عن ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وفيلم " حكايات الغياب. شهادة لجيل " عن الشاعر والروائي المصري الكبير محمد ناجي، وفيلم " البحث عن رفاعة " عن رفاعة رافع الطهطاوي رائد نهضة مصر الحديثة، عرضت في مصر والخارج.

عمل لفترة كرئيس تحرير لمجلة " الفيديو العربي " التي كانت تصدر في لندن في فترة الثمانينيات. عمل مندوبا وممثلا في فرنسا وأوروبا لمهرجان الأسكندرية السينمائي -لفترة عشرين عاما- ومهرجان الإسماعيلية، وأشرف على تنظيم إحتفالية تكريم للمخرج المصري الكبير صلاح أبوسيف في مهرجان لاروشيل عام١٩٩٢ ومدير التصوير الكبير د. رمسيس مرزوق في مهرجانالفن (آرت فيستفيال) في سلوفاكيا عام ٢٠٠١. شارك كناقد سينمائي في العديد من لجان تحكيم المهرجانات السينمائية الدولية مثل لجنة تحكيم الكاميرا الذهبية في مهرجان " كان " السينمائي العالمي .أنشا " موقع سينما إيزيس " الذي يعني بـ " فكر" السينما المعاصرة عام ٢٠٠٥ على شبكة الإنترنت ، ومهرجان" جاز وأفلام " عام ٢٠١٥في مصر

مغني الجاز أول فيلم ناطق في تاريخ السينما























  










ليست هناك تعليقات: