مختارات سينما إيزيس
واقع المجلات السينمائية في المشهد الثقافي المصري الآن
مجلة " الفيلم " صاحبة قوام حقيقي وجاد في تناول السينما وقضاياها أما مجلة " فرجة " الجديدة لصاحبها ابراهيم عيسي فقد خيبت آمالنا..
العدد الرابع من مجلة " الفيلم "
بقلم
محمود الغيطاني
كاتب وناقد سينمائي مصري
منذ توقفت مجلة الفن السابع في 2001م،
وهي المجلة التي كان يتحمل عبئها المادي الممثل محمود حميدة ومن ثم قدم لنا
تجربة فنية حقيقية ووجبة دسمة شهرية في السينما والنقد السينمائي لم نر من
بعدها مجلة أخرى تستطيع الاقتراب من هذه التجربة المهمة في تاريخ الصحافة
السينمائية سوى تجربة مجلة “سينما” التي كان يُصدرها ويرأس تحريرها من
باريس الناقد السينمائي السوري قصي صالح درويش.
بعد هاتين التجربتين المهمتين في تاريخ
النقد السينمائي والمتابعات السينمائية الجادة التي تتعامل مع السينما
بعمق ونضج لم نر مجلة سينمائية جديدة تستطيع أن تحذو حذوهما في الجدية،
والعمق؛ وبالتالي خلت الساحة الصحفية والنقدية من هذه التجارب التي قليلا
ما نراها.
مجلة " فرجة " ..طباعة فاخرة فقط
في بداية يناير 2016م صدرت مجلة جديدة
تهتم بعالم السينما وهي مجلة “فرجة” التي يرأس تحريرها إبراهيم عيسى،
وحينما تم الإعلان عن عزمه إصدار مجلة تهتم بالسينما شعرنا بالكثير من
البهجة والأمل في صدور مطبوعة تُعيد إلى الأذهان هاتين التجربتين اللتين لا
يمكن تعويضهما، وبما أن إبراهيم عيسى له تجربة عريضة وطويلة في عالم
الصحافة؛ ذهب بنا الظن أنه لن يُقدم سوى تجربة مهمة من الممكن لها مُضارعة
التجربتين السابقتين.
لا يمكن إنكار أن المجلة من حيث
الاهتمام بالطباعة كان مستواها جيدا يليق بمطبوعة سينمائية، لكن الكارثة
لدى إبراهيم عيسى كانت في المتن الذي تم تقديمه، فلا توجد المقالات النوعية
التي تهتم بصناعة السينما ومشكلاتها، وكيفية الخروج من أزماتها، وهروب
معظم شركات الإنتاج إلى التوزيع تخوفا من ركود السوق، أو الحديث عن عدد نسخ
الفيلم الأجنبي والفيلم المصري، وحينما حاول تقديم مادة من أجل التحليل
النقدي للأفلام قدم لنا مقارنة بين فيلمين من أفلام الأكشن، كما كان حديث
محمد العدل الذي كتبه عن فيلم “مولانا” مجرد مجاملة غير مفيدة، وما كتبه
الناقد القدير رءوف توفيق كان مجرد ذكريات، وربما نتيجة المادة وخفتها
اهتمت المجلة بقائمة أهم خمسة ممثلين كي تكسب المزيد من الصفحات التي يتم
تسويدها، تعويضا عن غياب المادة السينمائية القوية، كذلك موضوع أفضل عشرة
أفلام في 2015م، كما أن تقديم بورتريهات عن نادية الجندي، ونبيلة عبيد ومن
ثم محاولة وضعهما في مقارنة وجها لوجه ليس من قبيل الاهتمام بتقديم مادة
سينمائية ناضجة.
أفضل ما في العدد كان الحوار الطويل
والمهم الذي أجراه أنس هلال مع المخرج علي عبد الخالق، أما فيما عدا الحوار
فلم تُقدم المجلة أي وجبة سينمائية مفيدة وبدت مثلها مثل جميع المجلات
الخفيفة التي نراها يوميا تتحدث عن السينما من الخارج، ولا تعرف عنها شيئا
من الداخل.
مجلة " الفيلم " قوام حقيقي وجاد في تناول قضايا السينما
في نفس السياق صدر العدد الجديد من
مجلة “الفيلم” غير الدورية التي يرأس تحريرها الكاتب فتحي إمبابي، وبتأمل
العدد الجديد منها نلاحظ أنها أكثر عمقا من حيث المادة المُقدمة، ولها
أبواب مُنظمة يستطيع من خلالها المشرفون على المجلة الحديث عن قضايا
سينمائية بعينها، وتناول العديد من الملفات المهمة في تاريخ صناعة السينما،
وبالتالي يكون للمجلة قوام حقيقي وجاد في تناول السينما وقضاياها
المختلفة، من أهمها تيار الواقعية في السينما العالمية لاسيما السينما
الإيطالية التي ابتدعت هذا الاتجاه،
كما كان هناك ملفا جيدا عن الواقعية
المصرية وبداياتها وأهم رموزها من المخرجين المصريين، وفنية هذا الاتجاه
المهم في تاريخ السينما المصرية رغم حداثته النسبية، كما كان هناك موضوعا
مهما عن أهم 15 فيلما لابد من مشاهدتها من أفلام الواقعية الإيطالية
الجديدة.
يستطيع المهتم بفن السينما الحصول على
وجبة جيدة من خلال مجلة “الفيلم” تُفيد ثقافته السينمائية كثيرا، بينما
خيبت مجلة “فرجة” أملنا في عددها الأول الذي بدا وكأنه مجرد عدد هواة عن
صناعة السينما.
عن موقع " بوابة " بتاريخ 13 يناير 2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق