مهرجان الاسكندرية السينمائي30 .. ميراث الليثي لتلاميذه
نادية الجندي في حفل افتتاح المهرجان
بقلم
: رانيا يوسف
عندما
يهب الفنان عمره لفنه لا ينتظر شيئاً من جمهوره سوي التقدير، هذا التقدير الذي تُرجم
الي مظاهرة حب من الفنانيين من مختلف الأعمار خلال الندوة التي اٌقيمت تكريماً للفنان
نور الشريف علي هامش فعاليات مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط في
دورته الثلاثون، بعد ان اهدي المهرجان الدورة الي اسم نور الشريف تقديراً لمشواره الفني
ولعطائه في مجال السينما والمسرح والتليفزيون، جاء اختيار الشخصيات المكرمة خلال هذه
الدورة اختيار انساني وسياسي ، حيث كرم المهرجان ايضاً المخرج التونسي الطيب الوحيشي
الذي صعد علي المسرح فوق كرسي متحرك ليتسلم تكريمه، ولم يخفي الوحيشي غضبه من احد الصحفيين
المصريين الذي صرح ان علي المهرجانات المصرية تكريم الفنانيين المصريين دون غيرهم،
وانتقد الوحيشي هذا الفصل بين مصر والعرب، واكد ان العرب تربوا علي الثقافة والفن المصري
الذي يمثل الجزء الأكبر من التراث الثقافي العربي.
لم
يغب التكريم السياسي عن المشهد في الوقت الذي تكرر فيه منع دخول المخرج السوري محمد
ملص الي مصر للمرة الثانية دون ابداء اي تفسير واضح من جانب السلطات المصرية مما دفع
المخرج الي اصدار بيان يتسائل فيه عن اسباب منعه من دخول مصر لكن لا احد يجيب،في الوقت
الذي عرض له في المسابقة الرسمية فيلم "سلم الي دمشق" و فاز بجائزة الابداع
الفني، تم تكريمه ايضاً الي جانب المخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد ، الذي عرض له فيلم
عمر ، وشهد حفاوة وترحيب كبير من الحضور، و انقسمت الاراء حول عرض فيلم "فيلا
توما" المتنازع علي جنسيته ، بينما اعلن رئيس المهرجان الامير اباظة انه سيكون
فيلم الافتتاح ثم تراجع ليعلن انه سيشارك فقط ضمن المسابقة الرسمية، وبالفعل ادرج الفيلم
ضمن جدول العرض لكن موعد عرضه تغير اكثر من مره الي ان الغي عرضه نهائياً دون ابداء
اسباب واضحة رغم حضور بطلة الفيلم الفنانة نسرين فاغور.
لم
تصدر ادارة المهرجان اي تصريح بالاسباب الحقيقية التي حالت دون عرض الفيلم ،في الوقت
التي تصر فيه مخرجة الفيلم سهي عراف علي ان فيلمها فلسطيني الهوية تتمسك اسرائيل بحقها
في نسب الفيلم اليها بناء علي التمويل الذي حصلت عليه المخرجة من صندوق الدعم الاسرائيلي،علي
اي حال كان الاجدر لأدارة المهرجان الاعتراف بتدارك خطأها في ادراج الفيلم ضمن افلام
المسابقة دون وجود شرعية لعرضه ، ففي النهاية خضعت لتطبيق قرار الجمعية العمومية لاتحاد
النقابات الفنية المصرية واتحاد النقابات العربية ، والذي يلزم المهرجانات العربية
منع عرض اي فيلم شاركت اسرائيل في انتاجه، ادراك الخطأ واجب والاعتراف به فضيلة لكن
تجاهله استعلاء وعدم احساس بالمسئولية.
لا
انكر اني تعاطفت في البداية مع نداء المخرجة لاعتبار الفيلم فلسطيني ،هذا التعاطف الذي
انتقل لبعض الفنانيين منهم الفنان نور الشريف الذي طالب باعادة النظر في فتح ملف التطبيع
الثقافي مع عرب 48 ، لكن في مثل هذه القضايا الكبيرة يجب ان ننحي المشاعر جانياً ونتعامل
مع الواقع ولا نغلب العاطفة علي العقل، مناشدة المخرجة سهي عراف بإعتبار فيلمها فلسطيني
هزت مشاعرنا للحظة لكن هذا لا ينفي مشاركة اسرائيل في انتاجه ونزاعها علي استرداد حقها
في نسب الفيلم، واذا حاولنا استثناء مخرجي عرب 48 من هذا القرار دون وجود ضوابط ،سيخضع
الاختيار للتقيم الشخصي، واعتقد انه يصعب وضع ضوابط او قواعد محددة لتقييم اي عمل فني،
لذا تنحي ادارة المهرجان عن عرض الفيلم حتي لو كانت النسخ وصلت بالفعل هو قرار صائب
وتصحيح لخطأ يحتاج الي شجاعة للإعلان عنه بوضوح.
أعلن
مهرجان الاسكندرية في دورته الثلاثون عن تنظيم مسابقة لمخرجي الاسكندرية اقيمت قبل
موعد انعقاد المهرجان بمشاركة مركز الابداع الفني الذي ايضا ادرج فيلمين من انتاجه
بالمسابقة هما فيلم "17 شارع فؤاد" وفيلم "اسكندرية كما لم تري"
، وهذا لا يجوز ان ينظم ويشارك المركز في وقت واحد ، فيما عبر مخرجي الافلام المشاركة
عن غضبهم ورفضهم لقرارات لجنة التحكيم التي اعتبروها مجاملة غير مقبولة واهانة للمستوي
الفني لأفلامهم، حيث منحت لجنة التحكيم المكونة من الاستاذ فتحي العشري والاستاذ شريف
محي الدين والاستاذ ابراهيم الدسوقي والاستاذ ماهر جرجس والاستاذ محي الدين فتحي،جائزة
احسن فيلم الي فيلم بعنوان "حكاية قمر"، تلك الجائزة التي اعتبرها المشاركون
في المسابقة جائزة سياسية منحت له فقط لأنه يتعرض لثورة 30 يونيه ويمجد في النظام الحالي،
ولا يمكن لأحد الحكم علي اراء لجنة التحكيم ، لذا دعا المخرجون عدد من الصحفيين والنقاد
لمشاهدة الفيلم عند اعادة عرضه في المهرجان، ورغم تدني المستوي الفني للفيلم الذي يهين
النظام لا يسانده، الا ان المشكلة الاكبر هي تصعيد الفيلم بعد فوزه في مسابقة افلام
مخرجي الاسكندرية الي مسابقة الافلام القصيرة لدول البحر المتوسط ، والمسابقتان داخل
مهرجان واحد، فكيف يمكن ان يشارك فيلم فاز في احدي مسابقات المهرجان في مسابقة اخري
يمكن ان يفوز فيها ايضاً ،لم يكن الفيلم الوحيد لكن الاربعة افلام الفائزة تم تصعيدها
في مسابقة اخري داخل مهرجان واحد، حاولت اكثر من مره الاستفسار من منظمي المسابقة عن
شرعية تصعيد تلك الافلام لكن الاجابة كانت تأتي " لا احد يعرف شيء"،بالفعل
لا احد يعرف شيء عن المهرجان الذي لم ولن يتغيرمساره ، خاصة بعد ظهور وجوه تم استبعادها
من الحياة السينمائية في لجنة التحكيم، تم اعادتها مره اخري ليس فقط من خلال عضوية
لجنة التحكيم ولكن بالمساعدة في تنظيم المهرجان بشكل غير معلن،
اضافة
مسابقة للأفلام العربية في المهرجانات المتخصصة كمهرجان الاسكندرية المختص بافلام دول
حوض البحر المتوسط ،او مهرجان الاقصر للسينما المصرية والاوربية ، يحيد عن هوية هذه
المهرجانات، اتفهم وجود مسابقة عربية في مهرجان دولي مثل مهرجان القاهرة السينمائي
رغم انه ايضاَ يضم كافة الجنسيات في برامجه المتنوعة ،مسابقات الافلام العربية التي
يتم تدشينها حديثاً لا تأتي عادة الا مجاملات ضمنية لأصحاب المهرجانات العربية الاخري
،ليست سوي باب لتبادل الدعوات بين رؤساء تلك المسابقات، في العام الماضي اضيفت تلك
مسابقة للافلام العربية الطويلة الي مهرجان الاسكندرية ،لكنها تقلصت هذا العام الي
مسابقة للافلام القصيرة فقط، فأصبح المهرجان يضم 3 مسابقات للأفلام القصيرة، مسابقة
لدول حوض البحر المتوسط ومسابقة للافلام العربية ومسابقة اخري لمخرجين الاسكندرية،
وبالطبع كل مسابقة تضم لجنة تحكيم مختلفة وتقدم جوائز منفصلة، يمكن اختصارها الي مسابقة
دولية واحدة للفيلم القصير و الغاء المسابقة العربية، و فصل مسابقة افلام مخرجي الاسكندرية
عن المهرجان ، لتكون مسابقة قائمة بذاتها.
المبالغة
الاعلامية في الاعلان عن الفيلم المصري "قبل الربيع" للمخرج احمد عاطف الذي
شارك في المسابقة الرسمية لأفلام دول حوض البحر المتوسط ، صدمت الحضور ليس للمستوي
الفني الضعيف للفيلم الذي يقترب من التقرير الصحفي، لكن لإغفاله الترويج لوجود فيلم
مصري اخر ضمن المسابقة الرسمية وهو الفيلم الروائي الطويل "بعد الحب" للمخرج
محمد نادر، الذي عرض في اليوم الاخير قبل الختام ، حيث فؤجيء الحاضرين ادراجه في جدول
العرض بعد ان غادروا المهرجان، الفيلم حصل علي جائزة العمل الاول لمخرجه، فهل هذه جائزة
داخل مسابقة ام مسابقة داخل مسابقة، الوضع مرتبك ، منح جائزة للعمل الأول تعني ان جميع
الافلام المتنافسة داخل هذا القسم هي عمل اول لمخرجيها ، لكن هذه المسابقة لا تضم سوي
فيلم واحد اخر فقط هو العمل الاول لمخرجه وهو الفيلم الجزائري "البطلة" اخراج
شريف عقون.
رانيا يوسف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق