السينما المصرية الي أين ؟
عزبة آدم تعيد الحياة الي سينما المقاولات في مصر
بقلم علاء طه
ماهي الوصفة للموجة الجديدة في سينما المقاولات:"دستة من النجوم والممثلين من مختلف الأجيال، وموضوع يحرق الدم عن الفقر أو الإرهاب أو خشونة الشرطة، ومزيكا ترسم ملامح المأساة".. هم يسمونها سينما مختلفة، تلك التي بدأت مع "كباريه" و"حين ميسرة" بدرجة جيدة من الصنع.. ونحن نسميها سينما أونطة، تلك التي أنتهت عند الفيلم الجديد المعروض هذه الأيام في دور السينما تحت عنوان "عزبة آدم" بدرجة ضعيف فنياً للغاية. مضطرون نحن إلي إستخدام هتاف جمهور السينما الشهير"سينما أونطة .. هاتوا فلوسنا".. ومجبرون هم، صناع هذه النوعية من الأفلام الي تصديعنا بالكلام عن السينما المختلفة والمخالفة والمغايرة والمغيرة.. لكن النتيجة: عشر خطوات الي الوراء. فهي أفلام سريعة خفيفة تعيدنا الي أفلام المقاولات، وموجة السبعينات، مع إختلاف الشكل من مخرج لآخر، ومن ممثل الي آخر. "عزبة آدم" هو المنتج الجديد لأحدث أجنحة السبكية في السينما، للأبن الأصغر كريم، الذي يريد أن يؤكد جدارته في الإنتاج مثل والده محمد وعمه أحمد، ويقلد إنتاج والده علي الأخص في تقديم كلاً من فيلمي "كباريه" و"الفرح"، هو يريد نيل لقب الشاطر والكسيب وهي مصطلحات جديدة في سوق الإنتاج تجاري فهلوة وتفنين المنتجين الجدد في تحقيقي أعلي قدر من الإيرادات.. يفكرون في الضحك علي الجمهور، ومن ذقنه وأفتل له، لكن الجمهور لم يعد هو الجمهور الذي تنطلي عليه الألاعيب، ولا تحركه المشاهد الساخنة، ومآسي الواقع تغنيه عن خيال السينما، وهذا يفسر محدودية إيرادات هذا الفيلم الذي يأتي ترتيبه الرابع أو الخامس. تركيبة "عزبة آدم" تدفع بعدة ممثلين من الأسماء الرفيعة علي رأسهم الكبير الموهوب محمود ياسين، ومعه فتحى عبدالوهاب، وأحمد عزمى، ودنيا سمير غانم، وهالة فاخر، وماجد الكدوانى، وضياء المرغنى، ولطفى لبيب، وسليمان عيد، وفتوح أحمد، وإيناس النجار.. ومعهم المخرج محمود كامل في ثالث تجربة له، هو راوغ الجميع بفيلم "ميكانو"، لكنه صدمنا للمرة الثانية علي التوالي في فيلمين يعرضان في وقت واحد.. الأول "إدرينالين" والثاني"عزبة آدم"!! عزبة آدم يخدعك من المشاهد الأولي: تشعر أنك أمام فيلم مغاير، أسطورة فنية، تدخلك عالم جديد.. لكن مع توالي المشاهد أنت أمام قصة معادة عن الهامشيين الذين يعيشون خارج القانون.. فكرة قلب الشراب، وإخراج أرنب من جراب الحاوي الغلبان تسيطر عليك.. وتري مشاهد بالكربون من أفلام كبيرة وعظيمة تتكرر أمامك بالمسطرة، من "شئ من الخوف" و"الصعاليك" و"طيور الظلام"، و"الإرهابي"و"الإمبراطور"..
الفيلم لا هو عن الفقر ولا عن الإرهاب ولا عن الفساد، ولا هو تيمة أنسانية عن الصداقة.. هو تركيب أفكار عن كل ذلك وشخصياب قص ولزق، ولأن السينارية لا يسمح بكل ذلك حاول المخرج والمؤلف محمد سليمان الإستعانة بالراوي وهو مريم الفتاة التي تحترف الدعارة، لتتكلم وتحاول ان تغني بالكلام عن الصورة، ولكن النتيجة اننا أمام مسلسل من 30 حلقة وحلقة، توهان وتشويش في الأفكار، فلا توجد شخصية واحدة سوية الكل يخاف ممن هو أكبر منه، ويهرب، ولا تعرف الدافع وراء الأخطاء فكما تخطأ مريم وتمارس الدعارة من اجل المال لا نعرف مبرر ضابط الشرطة للخطأ واللعب مع الفاسدين وقلة أدبه في الحوار السوقي فماجد الكدواني طيلة الفيلم يمطرنا أفيهات شعبية:" كلكم ملايكة ولا أيه"و" معاك بطاقة يا روح أمك" .. ومريم نفسها تقبل ممارسة الدعارة بالأجر، لكنها ترفض الحلال والزواج ممن لا يميل له قلبها وتقول لحامد:" تاخدني غصب تحت أمرك إنما كله إلا رضايا".. ومحمود ياسين كبير الصيادين يخاف ويرتدع لأوامر الضابط ويهرب من القرية ويختفي من الفيلم بعد أن تم تقديمه في البداية علي انه يقود المطالبين بحقوقهم.. ومصطفي ينضم لجماعة إرهابية ثم يبلغ عنهم الشرطة ويتركونه لحاله دون عقاب.. والمشاهد الجميلة التي يحاول المخرج تقديمها مع المصورهشام سري عن البحر والطبيعة تفسدها مشاهد العشش.. وكل ممثل يجتهد في دوره ففتحي عبد الوهاب الذي يبدو شريراً جديداً يفقد صوته بالنهاية لنجد أننا أمام شرير تافه وقطة.. وهالة فاخر تؤدي أسوأ أدوارها في السينما في شخصية القوادة روحية التي تتحول بقدرة قادر الي سيدة البر رحمة.. وفشل المونتير عمرو عاصم في تحقيق نقل طبيعي للزمن علي الشاشة.. والديكور الذي يقدمه كمال مجدي سخيف.. والموسيقي تفلت للمرة الأولي من خالد حماد المميز.. والمحصلة أننا أمام فيلم لم ينضج بعد.. يذكرنا بالأفلام الهندية التي تحاول تقديم كل شئ ويقتل فيها كل الأبطال التي كنا نشاهدها في السبعينات والثمانينات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق