المخرج السينمائي الجزائري بلقاسم حجاج شارك في لجنة التحكيم الرسمية للدورة33 وخرج معنا للمشاركة في كرنفال البهجة
حصاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 33 (2من3)
طقوس الخروج ليلا
بقلم صلاح هاشم
وكنت قررت ذات صباح في المهرجان أن استفسر من صديقي المخرج الهندي آدور جوبالاكريشنان ADOOR GOBALAKRISHNANعن انطباعاته عن المهرجان وزيارته الي القاهرة،حين حضر شاب وسيم من اللجنة المنظمة للمهرجان، واستأذنه في أن يسارع باللحاق باعضاء لجنة التحكيم الذين ينتظرون حضوره في معدَّيَة او مركب صغير، خصصته ادارة المهرجان للانتقال بلجنة التحكيم من حيث يقع فندق سوفيتل في جزيرة النيل الي الضفة الاخري للنهر، حيث يقع فندق جراند حياة-ميرديان سابقا، وتوجد به "قاعة جود نيوز الكبري الفاخرة "التي تعرض افلام المسابقة الرسمية . فاجلت الحديث مع آدور- الذي الح علي بأن اصطحبه في رحلة عبور النهر- الي وقت آخر، وجلست بعد الافطار بعد أن صبّحت علي النيل ، جلست في بهو الفندق، ادخن سيجارة..
حين لمحت الناقد السينمائي المصري الكبير سمير فريد يدلف الي القاعة، وكانت السيدة كريستيان ايميه رئيسة المكتب الصحفي في مهرجان " كان " السينمائي، وهي تعرفني و تعرف كل الصحفيين والنقاد السينمائيين العرب الذين يترددون علي المهرجان كل سنة ويقومون بتغطية افلامه واحداثه وكانت حضرت ضيفة علي مهرجان القاهرة
سألتني منذ قليل ان كنت صادفت سمير فريد في قاعة الفندق، فاسرعت اليه، وابلغته بالامر فشكرني ، وكنت تركت له نسخة من فيلمي الوثائقي الطويل " البحث عن رفاعة " في العام الماضي اثناء تواجدي في دورة المهرجان 32، وعلي امل أن يسمح وقته بمشاهدتها، ومر عام من دون أن أعرف رأيه ، فاخبرني سمير فريد ونحن نبحث عن السيدة ايميه وكان علي موعد معها، اخبرني انه شاهد الفيلم واعجب به – وسوف ينظم عرضا له في مكتبة الاسكندرية – اتمني ان يفعل بالطبع، وأرجو ان تسمح الظروف، بأن تتحقق رغبته هذه..
وسعدت جدا بالخبر طبعا، وهي حسنة من حسنات برنامجي المفتوح دوما في المهرجانات علي المصادفات والمفاجآت، وفي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بالذات، حين تصبح المدينة الكبيرة القاهرة "ملعبي" وليس فقط تلك البقعة الصغيرة المحصورة بين فندق الضيوف سوفيتلSOFITEL ودور العرض علي الضفة الاخري من النهر، وساحة كافتيريا المجلس الاعلي للثقافة..
بركات البرنامج المفتوح
فلو كنت سمعت كلام صديقي آدور رئيس لجنة التحكيم في الدورة 33 وذهبت معه الي المعدية، ما كنت التقيت سمير فريد في بهو الفندق . وكنت متشوقا الي معرفة رأي سمير فريد الشخصي والفريد مثله جدا في الفيلم ، وانا أعرف انه يحمل لي محبة خاصة جدا – أجل ثمة أشياء كثيرة يمكن ان تدركها من الحضور المشع للبشر -هكذا أحب أن أسميه- ولسوف تتعرف علي مشاعرهم ، من خلال ذلك " الحضور المشع " القوي في التو، لتدرك في اللحظة ، ان كانوا يحبونك او يبغضونك، وهكذا من دون بوح - فمازلت اتذكر اعجابه بكتابي " الوطن الآخر .سندبادياتى مع المهاجرين العرب في أوروبا وأمريكا " الذي جمعت فيه تحقيقاتي عن المهاجرين العرب في اوروبا وامريكا وصدر في ثلاثة أجزاء عن دار الآفاق الجديدة في بيروت عام 1982 ..
تلك التحقيقات ، التي كنت اكتبها في باب " العرب في العالم " في مجلة "الوطن العربي" الاسبوعية التي كانت تصدر من باريس في فترة الثمانينات ، وهي المجلة التي بدأت أكتب فيها ايضا في السينما بانتظام – مازال البعض يتذكرذلك لحسن الحظ-، الي جانب اشرافي الكامل آنذاك علي الباب المذكور..
وكنت لا التق بسمير فريد الامرة في السنة، اثناء حضورنا لمهرجان " كان " في مايو من كل عام . وفي تلك السنة التي صدر فيها الكتاب، ولم اكن اعرف كيف تحصل علي نسخة منه، اذا به يهجم علي في المهرجان ـ وينادي علي ان تعال يابن "قلعة الكبش "، ويهنأني علي الكتاب الذي اعجب به كثيرا، وفرح به كما لو انه كان مؤلفه، وهذه أشياء يحسها الانسان علي الفور..
وربما يكون سمير فريد - قلت لنفسي – ربما أعجب بفيلمي"البحث عن رفاعة" – وسأحكي يوما واكتب عن تجربة صنع هذا الفيلم في اطار تجارب صنع افلام مستقلة في مصر - لأن هناك لقطة من حي "قلعة الكبش" يتحدث فيها عربي الترزي – ابن حتتي -عن علاقته بالسينما المصرية، فهو منذ عام 1968 ولحد الآن، يقوم بتصميم الازياء والملابس لافلام السينما المصرية ،وظهر لكي يمثل اخيرا في دور صغير في فيلم يسري نصر الله " حديقة الأسماك "، وتظهر هذه اللقطة لحينا العريق قلعة الكبش في الفيلم مع قطع وهو يتحدث- اقصد عربي الترزي - قطع علي لقطة من فيلم " عنتر وعبلة " لصلاح ابوسيف ، يظهر فيها فريد شوقي مع كوكا ، وتمر اللقطة بسرعة ، ثم نعود بعد القطع الي عربي الترزي من جديد ..
غير أن سمير فريد ، الذي أثق في نزاهته وأحكامه، لم يترك لي فرصة للتكهن ، لكي أسرح بخيالي بعيدا، وأبحث عما أعجبه، وابلغني ومن دون تحفظات ، انه انبسط و " انشرح " قوي واستراح لشكل الفيلم، واعجب خصوصا ب "مضمونه الفكري "، وكما يحدث في كل مهرجان، والكل يركض و في عجلة من أمره، ورنين الهواتف المحمولة اللعينة لا ينقطع ، تواعدنا علي اللقاء،وأسرع سمير فريد ليلحق بالسيدة كريستين ايميه، وجري الوقت بسرعة كالعادة، وعدت الي باريس من دون ان التقي بسمير فريد مرة أخري..
لكن عوضني عن متعة اللقاء معه مرة اخري خلال الدورة 33 لمهرجان القاهرة السينمائي ، عدة جلسات سينمائية وفكرية ممتعة وغنية، مع عدد من الزملاء والاصدقاء والاساتذة، الذين التقيتهم بفضل برنامجي المفتوح، وطقوس الخروج ليلا في ساحة المهرجان المتألق في حضن المدينة..
من ضمنها جلسة مع الكاتب والشاعر والروائي المصري الأصيل الصديق محمد ناجي صاحب " خافية قمر " وروايات اخري رائعة مثل " مقامات عربية" وغيرها، بح صوتنا في التنبيه الي اهميتها،وامكانية اقتباسها، وبخاصة في السينما، و كانت هناك دعوة ونداء في البلاد لتسفير محمد ناجي للعلاج علي نفقة الدولة في الخارج ، وزرع كبد جديد له..
اتمني ان تحظي بتوقيع بعض المخرجين والنقاد والسينمائيين المصريين البارزين من أمثال المخرجين الكبيرين داود عبد السيد ومجدي احمد علي، والناقد السينمائي الكبير سمير فريد، وغيرهم، وكنت وعدت ناجي بالاتصال بهم، لكن -عذرا -لم يسعفني الوقت..
كما كانت لي جلسات طويلة أيضا مع الروائي المصري والكاتب الصحفي الكبير خيري شلبي في كافتيريا المجلس الاعلي للثقافة بجوار دار الاوبرا المصرية التي تعتبر اثناء فترة انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي، وهذه حسنة ايضا من حسنات المهرجان، تعتبر ساحة لتجمعات الصحفيين والمخرجين والنقاد والفنانين ، وتستحق ان تكون "مقهي المهرجان" عن جدارة..
وكنت اريد ان اعرف لانشغالي حاليا في باريس- عملي الجديد- بالاشراف علي وضع قاموس للهجة العامية المصرية باللغة الفرنسية،عن علاقته عم خيري شلبي ككاتب بلهجتنا، فاذا به يعود بنا القهقري الي 5آلاف سنة مضت من تاريخ مصر، ويحكي لناعن رحلة العامية المصرية في تاريخنا وذاكرتنا وهويتنا ، حتي اننا من فرط استغراقنا في حديثه الطلي مع الزميل رياض عواد، نسينا ميعاد عرض الفيلم الذي كنا نجلس ننتظر مشاهدته بعد قليل في قاعة مركز الابداع بجوار الكافتيريا، وسافرنا مع عم خيري في البلاد، اقول في " البلاد " لاني اعتبر مصر " قارة لم تكتشف بعد..
كما التقيت في ساحة المهرجان بالمخرج السينمائي العراقي الكبير قاسم حول الذي يعيش في هولندا و شارك في لجنة تحكيم مسابقة الافلام العربية في المهرجان، ويصور فيلمه الروائي الطويل " الحسين " الآن في العراق، وحكي لي عن شخص طفيلي ثقيل الظل جدا كان يتعقبنا في كل مكان،ويوزع كتالوج احدي المهرجانات الخليجية التي انضم للعمل بها حديثا، وكان قاسم عهد اليه بأحد افلامه لعرضها في احدي المهرجانات،فاذا بذلك الشخص المنافق ثقيل الظل ابن بلده الذي وثق به،اذا به يعرض فيلم قاسم في عدة مهرجانات من دون أن يخبره او يبلغه بالامر،اي راح يتاجر بالفيلم لحسابه الشخصي، وثبت انه قواد و محتال.ونبه قاسم الي ظاهرةوجود "مبرمجين" قوادين كثيرين من الوصوليين في ساحة المهرجانات العربية ، من الذين لا يفقهون شيئا في السينما ، ومع ذلك استطاعوا عن طريق تقديم خدمات وتسهيلات خاصة لرؤساء بعض المهرجانات ، أن يصلوا الي مراكزهم الحالية فيها،وصار بامكانهم الآن منع بعض الافلام التي تصلهم من العرض لتصفية حسابات شخصية مع اصحابها، وكانت "جبهة تحرير الخيال السينمائي" التي أنشأتها في مهرجان الفيلم العربي في روتردام هذا العام ، اقترحت ان يكون في كل المهرجانات العربية " فضاء سينمائي حر" لعرض تلك الافلام التي تعاني من مشاكل مع المبرمجين والرقابة ونعرض فيها افلامنا " المستقلة " براحتنا..
وسعدت في المهرجان بلقاء مجموعة من الاصدقاء والزملاء من أمثال الناقد السينمائي اللبناني الكبيرابراهيم العريس، والناقد السينمائي المصري الصديق عماد النويري مدير نادي الكويت للسينما، والناقد السينمائي الكبير عمنا الاستاذ فوزي سليمان الذي لم يعجبه مثلي ملصق الدورة33 الغرائبي المحير، والناقد السينمائي السوري الصديق صلاح سرميني وغيرهم ، وجلست مع البعض وتحدثنا ..
تجارب السينما " المستقلة "
وكانت لي حكاية مع السرميني في الوسط ، فقد كنا تعاركنا لفترة ، ثم تصالحنا- نعم تصالحنا الآن،وربما تكون هذه ايضا حسنة اخري من حسنات الدورة 33 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بل والقيمة الاساسية للسينما التي تقربنا أكثر من انسانيتنا.والحق اننا قبل ان نتعارك ونتصالح، كنا أصدقاء في باريس لفترة عقود. بل لقد كان السرميني في فترة علي وشك أن ينتج لي فيلمي " البحث عن كلام العيون" من نوعية الافلام الروائية المستقلة، ومازلت اتذكر حماسه لانجاز الفيلم علي طريقتنا " المستقلة "..
أعني بالامكانيات المتاحة في متناول اليد، خارج الاطر الانتاجية التجارية السائدة المعروفة، ومن دون شروط او ضغوطات،وأحيل هنا القاريء الي مساهماتي في التعريف بهذه السينما من خلال كتابي " السينما العربية المستقلة " الذي لم يطلع عليه البعض، وتجربتي الشخصية في النوع " المستقل "من خلال فيلم " البحث عن رفاعة " الوثائقي الطويل، الذي أنجزته بالتعاون مع الاعلامية الكويتية نجاح كرم التي أنتجت الفيلم، والمصور اللبناني الصديق سامي لمع..
وكان ثمرة تعاون وجهود عربية مشتركة، بهدف التوثيق لذاكرة ورحلة رائد نهضة مصر الحديثة رفاعة رافع الطهطاوي بين مصر وباريس، ولم تساهم الدولة المصرية بمليم في انتاج الفيلم ، الذي عرض في "كرافان السينما العربية" و " مركز الاعلاميات العربيات " في الاردن، كما عرض في القصور والبيوتات والمراكز الثقافية التابعة لصندوق التنمية الثقافية في مصر،وعرض مرتين ولحد الآن في باريس، كما نقلت الفضائية المصرية وقائع العرض الاول للفيلم في العاصمة الفرنسية بحضور السيدة ماجدة رفاعة حفيدة الطهطاوي..
واود أن أحيل القاريء بمناسبة الحديث عن السينما المستقلة الي مدونة الزميل الصديق الناقد السينمائي أمير العمري " حياة في السينما " فقد نظم العمري حديثا ندوة مهمة عن السينما المستقلة في مصر أثناء تواجده هناك، تحدث فيها مجموعة من المخرجين من امثال ابراهيم البطوط " عين شمس " و أحمد رشوان " بصرة " عن تجاربهم في النوع.
وكنت اتمني بالطبع أن التقي صديقي أمير في مصر، وبخاصة بعد " غطستي " الأخيرة والتي لا ينفع معها حديث في تليفونات، وأحضر الندوة المذكورة، وأشارك فيها بالكلام عن تجربة صنع فيلمي " البحث عن رفاعة "، لكني كنت حجزت لعودتي لباريس يوم 22 نوفمبر( عقدت الندوة في وقت لاحق ) ولم استطع مد فترة اقامتي في البلاد، اقصد مصر، بسبب ظروف عملي الجديد في باريس..لكني اطلعت علي مادار في الندوة في مدونة العمري..
وعودة الي السرميني، اظن انه مازال يحتفظ عنده بنسخة من ملخص فيلم " البحث عن كلام العيون " وشكل المعالجة،ولولا انتقالي من باريس للعمل في " مجلة الشرق الأوسط " في لندن ، و كانت تصدر مع جريدة "الشرق الأوسط "السعودية من هناك ، لكنا ربما أنجزنا هذا الفيلم الروائي " المستقل " الذي كان السرميني يعتقد آنذاك – علي ما اتذكر ، وربما كنت واهما- انه لو انجز وفقا لتلك المعالجة التي كتبتها ، لكسر الدنيا، أجل كان السرميني متحمسا للفيلم علي ما اتذكرالي هذا الحد..
وفي وقت،انشغل فيه بعض ضيوف المهرجان في مشاهدة مباراة كرة القدم بين مصر والجزائرفي استاد القاهرةعلي شاشة كبيرة نصبت في قاعة الطعام الكبري بفندق سوفيتل، جلست مع السرميني في بهو الفندق بعد ان تصالحنا، وراح كل واحد منا يحكي للآخر عن حياته ومشاغله.صحيح اننا نعيش في ذات المدينة باريس، الا اننا بسبب الوقت، وايقاع الحياة في تلك " العصور الحديثة" المهببة لانتزاور. واحيانا لا تتاح لنا فرصة للقاء الا من خلال تواجدنا وحضورنا في تلك المهرجانات السينمائية الكبري،التي نواظب عليها،حتي اصبحنا من شيوخها المدمنين ، مثل مهرجان " كان " العريق، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي دعي اليه السرميني هذا العام للمشاركة في ندوة عن السينما الهندية، وكان شارك في العام الماضي في لجنة تحكيم النقاد الدوليين الفبريسي في المهرجان..
حكيت للسرميني عن رحلتي الاخيرة الي "لاهور" في الباكستان، بدعوة من مؤسسة الاغا خان ، لكتابة بحث عن الفن الاسلامي المغولي – هذه قصة أخري- وانشغالي حاليا بموضوع التصوف في السينما،ورغبتي في وضع قاموس لمفردات التصوف علي الشاشة، وحكي لي السرميني عن عشقه للسينما الهندية، ورغبته من خلال تعمقه في دراستها ومشاهدة افلامها والكتابة عنها منذ فترة،رغبته في ان يفتح لها "سكة" الي قلب وعقل المتفرج العربي..وياله من هدف نبيل حقا، وليته يشغله – هذا الهم الأكبر – عن اهتمامه بتعقب بعض الصحفيين - الذين يعيشون علي السطو علي مقالات الغير- مثل الصحفي السوري المدعي محمد عبيدو وراجع ما كتبناه عنه في موقع " سينما ايزيس" - وينسبونها ياللعار الي أنفسهم ..
ولست بالطبع ضد أن يكشفهم السرميني ويفضحهم ونستريح منهم ونصل الي نتيجة، وقد عرفت انه بصدد اصدار"بيان " موقع عليه من قبل بعض النقاد الاصدقاء من امثال أمير العمري ومحمد رضا، ساضم اليه انا ايضا توقيعي..
المهم انتهي حديثنا بصيحات وهتافات قادمة من قاعة عرض المباراة في سوفيتل فعرفنا بأن الفريق المصري فاز علي نظيره الجزائري بهدفين نظيفين، وتركت السرميني وخرجت مع بعض الاصدقاء: الناقد السينمائي ناجح حسن من الاردن، والمخرجين الجزائريين بلقاسم حجاج الذي حضر للمشاركة في لجنة التحكيم الرسمية للدورة 33 ، وعبد الكريم بهلول ، الذي حضر للمشاركة بعرض فيلمه الجديد في تظاهرة تكريم السينما الجزائرية في المهرجان ، والصحفي الاذاعي الجزائري جمال ( ... ) والمخرج السينمائي المصري زكي النجار.خرجنا للاحتفال مع جماهير الشعب المصري علي كوبري قصر النيل بفرحة الفوز، والمشاركة في كرنفالات وأفلام البهجة العارمة، المدلوقة في شوارع وأحياء المدينة ، والتقطت بالطبع بعض الصور لذلك الحدث البهيج ، من طقوس الخروج ليلا في مهرجان القاهرة..
العريس :سينما "المشاعر الجميلة و الشعور بالدفء"
مع الناقد والمؤرخ السينمائي اللبناني الكبيرابراهيم العريس- وكان حضر الي القاهرة للمشاركة في ندوة حول كتابه الجديد عن مخرجنا الكبيرالراحل يوسف شاهين الصادر عن دار الشروق في مصر- كانت جلسة طويلة في فندق سوفيتل،بحضورعدد من الاصدقاء، تحدث فيها العريس مثل "مفكر" سينمائي و"حكواتي" من عصر مضي، تحدث عن فن السينما ومستقبلها، و حكي لنا عن دفاعه في دورة من دورات مهرجان قرطاج السينمائي الدولي في تونس عن المخرج الفلسطيني ايليا سليمان،وعن فيلمه الجميل "وقائع اختفاء" ذلك الفيلم الذي تعرض لهجوم قاس في المهرجان، فتصدي العريس للدفاع عنه ..
كماحكي لنا ايضا عن تجربة الغربة في ايطاليا ، حين ذهب الي هناك لدراسة السينما ، والشعور في الغربة بالدفء، وعلاقة السينما بحياتنا ومشاعرنا من خلال قصته مع كلب، أجل مع كلب علي رصيف الشارع في البرد في ايطاليا، وتحدث العريس عن فعل الابداع الفني كممارسة للحرية في اعظم اشكالها.وكان حديثا شيقا رائعا وتمنيت ان أسجل لابراهيم العريس المتألق كل كلمة نطقها في جلسته تلك فقد راح يتدفق في الحكي مثل نهر
وكان جوادا وسخيا في عطائه الفكري وكأنه يحملنا شهادة ما ، ومسئولية نشرها: شهادة الانحياز دوما في السينما الي الفن..
وليس الانحياز الي الايديولوجيات والافكار الجامدة المحفلطة التي عفي عليها الزمن و صارت محنطة ودخلت متحف التاريخ، وانتهت القعدة مع العريس بمفاجأة ادهشتني كانت بمثابة " درس في السينما"لابراهيم العريس في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 33. كانت المفاجأة حين أشار اليّ العريس في حديثه ، وقال انه مازال يتذكر انه حضر معي عرضا خاصا لفيلم " يادنيا ياغرامي " للمخرج المصري مجدي أحمد علي- مازلت اتذكر بالطبع تلك الواقعة، لكنني لا اتذكر علي الاطلاق اي من الذين كانوا حاضرين معي في القاعة. لكن العريس مازال يتذكر، ياللعجب
يتذكر ان فيلم مجدي هزني جدا ، وحرك مشاعري بقوة جبارة حتي اني أخذت أبكي وانهنه في القاعة بصوت مسموع ، من فرط تأثري بالفيلم،اذ كان يحكي عن أهلي واخواتي ، وقال العريس انه لن ينسي في حياته هذا المشهد المؤثر،الذي يكشف عن قوة المشاعر في السينما ، ومالها من تأثير جد هائل ، في نفوس المتفرجين ..
وقال العريس: " لقد تأثرت جدا بمنظر صلاح هاشم وهو يبكي ، ويقول لمجدي ان ليلي علوي في الفيلم ذكرته بأخته وان الفيلم يحكي بالنسبة لصلاح عن اناس عاش معهم وسطهم واحبهم، يحكي عن احلامهم، وقسوة الحياة عليهم، وتضامنهم والفتهم الفريدة الاصيلة المحببة ضد كافة أشكال القهر والظلم والفناء والعدم في احياء قلعة الكبش والسيدة زينب من أحياء مصر الشعبية العريقة ..
غير ان ابراهيم العريس، الذي فاجائني في تلك الجلسة بتلك الواقعة التي لما تزل رغم مرور سنوات طويلة ماثلة في ذهنه، و كان غادر القاهرة في اليوم التالي علي جلستنا، لم يكن يعرف اني بكيت مرة ثانية من فرط تأثري، وفي فيلم جديد من صنع ذات المخرج مجدي احمد علي عرض في الدورة 33وأعني به فيلم " عصافير النيل " الذي شارك باسم مصر في المسابقة الرسمية للمهرجان وحصل به ممثله فتحي عبد الوهاب علي جائزة احسن ممثل في المسابقة الرسمية واعتبره من اجمل الافلام التي عرضها المهرجان ضمن مجموعة كبيرة من الافلام التي اتحفنا بها في دورته الثالثة والثلاثين..
غير ان مشاهدة الفيلم في المهرجان كانت حكاية، لا بل بالاحري مسخرة،مسخرة لايمكن السكوت عليها وعادة ماتحدث وتتكرر مع عرض اي فيلم مصري بالذات، يشارك باسم مصر في المسابقة الرسمية
وكنت في الواقع شاهدت الفيلم مع الزميل الصحفي الفلسطيني الصديق رياض عواد، حيث توجهنا بعد قعدتنا مع عمنا خيري شلبي في كافتيريا المجلس الاعلي للثقافة ، توجهنا بسيارة رياض الي مكان العرض، وركنا السيارة الي جوارفندق جراند حياة، وحاربنا لكي ندخل القاعة، بسبب التكالب والزحام الشديد علي مشاهدة الفيلم وحضور عدد هائل من البشر بل لقد حاول مخرج الفيلم الصديق مجدي احمد علي أن يفهم العسكري الغوريلا الحمار علي الباب اننا ضيوف علي المهرجان من الخارج علي أمل أن يفهم ويسمح لنا بالدخول ففشل، فلم تكن هناك اولوية في الدخول - كما في جميع المهرجانات السينمائية المحترمة التي نحضرها منذ عقود- للصحفيين والضيوف المعتمدين من قبل المهرجان، ولم يكن هناك اي تنظيم بالمرة..
بل كانت اولوية الدخول لمحاسيب ومعارف اصحاب القاعة وأهاليهم واصحابهم، وكأنك ياصاحبي في "مهرجان جود نيوز" وليس مهرجان القاهرة السينمائي، ومولد صاحبه غائب..وقد شاهدت بنفسي مهزلة الدخول لمشاهدة " عصافير النيل" والفتوة الشحط السمين المصارع الذي وضعوه علي باب الدخول وقد راح يهددنا بقبضته ويلعب لنا عضلاته ، حتي يخيفنا ويقهرنا ويتلذذ باهانة الجميع، ويدخّل فقط اللي ييجي علي مزاجه وهو يستمتع بمشاهدة بهدلتنا و بهدلة الناس المحترمين وضيوف المهرجان من العرب والاجانب،بل لقد كان ابراز بطاقات المهرجان التي تثبت اننا ضيوف علي المهرجان والبلد الذي يأويه مدعاة لسخريته، واذلالنا أكثر_ اللعنة –تري من اية غابة افريقية احضروا لنا هذه الغوريلا من فوق الشجر لكي تتحكم في دخولنا الي القاعة ؟ ... وللحديث بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق