الخميس، سبتمبر 11، 2014

حول أزمة مهرجان القاهرة السينمائي المقاوم بقلم رانيا يوسف


الناقد السينمائي الكبير سمير فريد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي..المقاوم



حول أزمة مهرجان القاهرة السينمائي المقاوم

لماذا التشهير برئيس المهرجان لعرقلة إقامة دورة المهرجان القادمة ؟
كتبت. رانيا يوسف



يعاني مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ سنوات طويلة من تدني مستواه الفني والتنظيمي ولا يخفي علي الوسط السينمائي في مصر الهروب الكبير وعزوف المخرجين المصريين عن المشاركة فيه بأفلامهم رغم انه المهرجان السينمائي الاكبر في الشرق الاوسط ، لكن هذا التاريخ المتفاوت في قيمة وحجم كل دوره جعل من مهرجانات مازالت في طور المهد ان تتقدمه وتتفوق عليه تنظيمياً وفنياً ، فمهرجان مثل مهرجان دبي السينمائي اصبح في اقل من عشر سنوات الوجهه السينمائية التي يتجه اليها الفنانيين والمخرجين العرب ومنهم المصريين وتصاعد النجاح التنظيمي والفني للمهرجان بالتوازي مع هبوط مستوي مهرجان القاهرة، ولم تأتي ثورة يناير بالتطهير المتوقع لهذا الحدث الفني الأضخم والاهم لسينمائي مصر والعالم العربي، لكن ما حدث من تنازع وتفتييت وامتداد اذرع رموز الثورة المضادة كانت الأقوي في السنوات الثلاثة الماضية ولازالت تترنح حتي الأن املاً في العودة.

كان من الطبيعي الغاء دورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2011 نظراً لما كانت تمر به مصر من حالة فوضي وعدم استقرار سياسي ولم يكن مهرجان القاهرة وحده هو الذي تنحي عن المشهد الثقافي ، ولكن الواقع السياسي الذي عاشته مصر طوال هذا العام كان أكثر درامية من اقامة اي احتفاليات ثقافية او فنية، وبعد الهدوء الحذر للوضع السياسي ، بدأنا نصدق ونتعامل مع الجمهورية الجديدة التي ستبني علي تطهير ما تبقي من فساد الماضي، ولكن الحلم سرعان ما انتهي وتكسر علي صخرة الواقع السياسي الذي شهد عودة رموز النظام السابق من جديد للحياة العامة ومنها الحياة الثقافية والفنية ومحاولة استعادة سيطرتهم بالتوازي مع تراجع الاعتراف بما حدث في يناير 2011 .

بدأ تأسيس هيكل تنظيمي لتولي ادارة مهرجان القاهرة في دورته الجديدة عام 2012 ، تحت اسم مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، علي أن تتولي علي مدار العام اعادة هيكلة المهرجان وتنظيف سمعته التي وصلت الي كبري مهرجانات العالم، وتولي الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله رئاسة الجمعية ، لكن حالة الإخفاق السياسي وتراجع تحقيق اهداف ثورة يناير ومحاولة استعادة الوطن من قبضة اتباع النظام المباركي حال دون استكمال عملية التطهير الكاملة، ونجحت الثورة المضادة بتكاتف كل رموزها في هذا العام في استعادة المهرجان والسطو علي عمل اعضاء المؤسسة لعام كامل ، وعادة سهير عبد القادر بمساعدة السينارسيت الراحل ممدوح الليثي الذي صدر واجهة جمعية كتاب ونقاد السينما للحصول علي حق تنظيم المهرجان ، لتتربع علي عرش المهرجان من جديد سهير عبد القادر، ولكن الاخفاق المدوي الذي لحق بالدورة الخامسة والثلاثون لم يشكل وصمة عار في وجه ادارة المهرجان بقيادة سهير فقط ، لكنه لاحق وزير الثقافة في تلك الفترة والذي رضخ للأوامر العليا بعودة سهير واتباعها لاقامة دورة سد الخانة بعد ان اطلقت تخوفات جاهلة ليس لها اساس من الصحة ، تفيد بسحب اتحاد المنتجيين الدوليين لصفة الدولية من المهرجان ان لم تقام دورة عام 2012 ، بعد ان الغيت دورة عام 2011، والمفهوم الاقرب الي الواقع هو اما ان تقيم سهير عبد القادر الدورة والا لن يقام المهرجان.

رحل صابر عرب لمدة قصيرة عن كرسي الوزارة مع بداية الحكم الفاشي للإسلاميين، اللذين اتوا بوزير الثقافة الاسبق علاء عبد العزيز الذي وقف في وجهه القاصي والداني ، من له علاقة بالثقافة من كان يمر بجوار اعتصام المثقفين داخل اروقة الوزارة، في الوقت الذي كان فيه مهرجان القاهرة السينمائي بلا هوية واضحة وبلا اي خطة مستقبلية لدورته القادمة عام 2013، لم يقبل الوسط السينمائي في مصر التعامل مع هذا الوزير الذي وصفه البعض بذراع الاخوان داخل الوزارة، قاطع عدد كبير من الفنانيين والمثقفين قرارات وزير الثقافة ومنها تولي الناقد الكبير امير العمري رئاسة الدورة السادسة والثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ، لم تكن المقاطعة لشخص د. امير الذي عبر عدد كبير من السينمائيين احترامهم لشخصه ولخبرته السينمائية، ولكن الوضع العام وسرعة سيطرة الاخوان علي مفاصل الدولة واخطرها الثقافة والاعلام حال دون الترحيب بتولي العمري رئاسة المهرجان،ولكن العمري اراد ان يغامر ويتحمل المسئولية كاملة ورفض العمري التنحي عن اقامة الدورة الجديدة رغم مقاطعة السينمائيين حيث بدأ العمل عليها بالفعل ، ولكن جاءت ثورة 30 يونيو لتغير مجري الأحدث السياسية والثقافية برمتها.

ذهب علاء عبد العزيز مع من ذهبوا من الاخوان وانقلب السحر علي الساحر واستعاد المصريون وطنهم من فك الثعلب، وعادت المشكلة المطاطة من سيقوم بتنظيم مهرجان القاهرة السينمائي، تحت رعاية وزارة الثقافة الجديدة ، حيث عاد رجل كل الأزمنة صابر عرب لتولي الوزارة بعد سقوط الاخوان ، وقام بإسناد تنظيم المهرجان هذه المره الي الناقد الكبير سمير فريد ، الذي قام بطفره كبيرة في جسد المهرجان ، اعاد سمير الروح والأمل في اقامة دورة تعيد الي المهرجان شرفه وتنظف سمعته ، لم يقوم الناقد الكبير سمير فريد بإعادة هيكلة المهرجان فقط بل قام "بتنفيض" الأتربه التي التصقت علي جسده لسنوات طويلة ودفنته تحت قدم المهرجانات العربية الحديثة، استحدث فريد برامج جديدة في المهرجان ليوازي ما يحدث في كبري مهرجانات السينما في العالم، استحدث برنامج اسبوع النقاد الذي تنظمه جمعية نقاد السينما والذي يعرض ضمن مسابقته العمل الاول او الثاني للمخرج، وبرنامج سينما الغد الدولي الذي ينظمة المعهد العالي للسينما ويضم مسابقتي افلام الطلبة والافلام القصيرة، واعاد تنظيم المكتب الاداري الفني وقام بتوزيع دليل عمل الدورة الجديدة المقرر لها ان تنعقد في الفترة من 9 وحتي 18 نوفمبر القادم علي الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي اقامه منذ اشهر قليلة للرد علي اتهامات الادارة القديمة له بالسطو علي المهرجان.

عادة المرأة التي لا تنتهي الي مهاجمة سمير فريد من خلال بيانات صحفية مجهولة المصدر ولكن مصدرها معلوم للصحفيين زملاء المهنة، استخدمت سهير واتباعها كل طرق التشهير بالناقد سمير فريد لعرقلة اقامة الدورة القادمة، لكن مثابرة فريق المهرجان الجديد ودعم العديد من سينمائيي مصر له اثبت صموده في وجه اذرع رموز الثورة المضادة والتي لم تتوقف عن مهاجمة سهير التي انصرفت الي الاستيلاء من جديد علي أحداث اخري داخل وزارة السياحة حيث لم تتوقف عن تنظيم مهرجانات تنشيط السياحة في الغردقة او شرم الشيخ لكنها لم تختفي تماماً من الحياة السينمائية حيث اعادها منظمي مهرجان الاسكندرية والمقرر اقامة دورته الثلاثون بعد ايام قليلة لتكون احدي اعضاء لجنة التحكيم في واحدة من مسابقاته.

هذا القتال المستميت علي تنظيم اكبر حدث سينمائي في مصر هو في الحقيقة نزاع بين سلطة تحتضر علي امل انعاشها ، وبين سلطة تحاول بكل اشكال المقاومة التمسك بحقها في تطهير المستقبل من أفات الماضي، لن يوجد زمن يتفق عليه الجميع ولكن ليس من حق احد ان يحاسب الاخر علي شيء لم ينجز بعد، كما يمارس في الاعلام المصري منع او محاربة اي عمل فني قبل استكماله او مشاهدته، بالطبع قد يختلف البعض مع سياسة فريد في ادارة المهرجان او يضع ملاحظات علي بعض القرارات التي يصدرها خاصة بعد تغيير مجلس ادارة المهرجان اكثر من مره او الغاء سوق المهرجان الخ ، ولكن لن نحاسبه الا يوم 19 نوفمبر اي بعد انتهاء كافة فعاليات مهرجان القاهرة، اتركوه يعمل دون ترصد ربما يفاجئنا جميعاً بما لا نتوقعه.

رانيا يوسف

ليست هناك تعليقات: