الربة إيزيس الملهمة أم المصريين..
نحن - قال صديقي الغاضب، ونحن نجلس على مقهي في وسط البلد، وكان يقصد بكلامه " نحن " وعلى ما أتذكر، شعب مصر العظيم والبلد..
- نحن هنا في مصرلاشييء بالمرة يا صديقي .نحن الرجال الجوف، في الأرض اليباب، مع الاعتذار للشاعر الانجليزي العظيم ت. إس. إليوت الذي درسنا قصيدته العظيم " الأرض الخراب " في قسم انجليزي بآداب القاهرة، وسأقول لك لماذا..
- لماذا ؟
سألته
قال
- أعتقد، ولابد أنك لاحظت ذلك أثناء زيارتك الأخيرة لمصر، أنه خلال الثلاثين سنة الماضية، تخرج في الجامعات والمعاهد المصرية العامة والخاصة، أجيال من الشباب من حاملي الشهادات - وبعضهم سافر ليدرس في الخارج وعاد بشهادات دكتوراه مزورة أو منحت له مجاملة وقد لايستحقها - شباب تنقصهم الكفاءة التي تؤهلهم لشغل المراكز والمناصب التي يحتلونها الآن في جميع المواقع، وبخاصة في الإعلام والتعليم وطب الأسنان، ودواوين الحكومة والسفارات المصرية في الخارج، بعد ان تم توظيفهم ليس بسبب من كفائتهم وعلمهم، بل بسبب صلة القرابة التي تربطهم بذويهم وأقاربهم أو أصحاب ذويهم وأقاربهم ،في المصالح والمكاتب والهيئات الحكومية ووسائل الاعلام الحكومية الرسمية والخاصة وهيئات التدريس في المدارس ووزارات الخارجية والثقافة والشباب والتعليم والجامعات. أجل الجامعات التي تجاوزت اعدادها أعداد مركبات التوك توك التي تزاحم المارة في المطرية وحدائق حلوان وشارع بورسعيد في طهطا في صعيد مصر، وصارت تنكد عليهم عيشتهم، والجميع يسأل من أين أتوا هؤلاء الناس والتوكتوكات؟ من أين أتوا كل هؤلاء الأساتذة في معظم المعاهد والجامعات،وهي أكبر كارثة الآن في بلدنا، بسبب تلك العمالة الزائدة، والأيدي العاملة غير المؤهلة، ووجود جيوش من البوابين الصعايدة و المدرسين والأساتذة الجامعيين، والشعراء والكتاب والفنانين،والموظفين والمخرجين المزيفين، والممثلين من النجوم المشهورين الكذابين في كل موقع تقريبا. من أين أتوا كل هؤلاء، في بلد صار يقتات على الكذب، ويعيش في الوهم والنفاق، ويطبل فقط للمدير والوزير وصاحب العمل، ولايرجي من أهله وحكامه ، مدارسه وجامعاته ، مكاتبه وصحفه وشاشاته.. نفعا..؟
نحن هنا في مصرلاشييء بالمرة...
ثم فجأة قام صديقي من على كرسييه في ذاك المقهي في وسط البلد وصاح وهو يتطلع الى السماء التي ترصعها النجوم بأعلى صوته
- ياااارب. يا سميع يا عليم .. اللهم هجرة..اللهم هجرة ..
( كانت صرخاته في الخارج تختلط بنباح الكلاب،والجو حار جدا يكتم أنفاس البشر.. )
صلاح هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق