يكون الفن عظيمًا عندما يكون له دور فى محاربة التطرف الفكرى والعنف المجتمعى، وهذا ما فعله فيلم «مدينة الرماد» الذى أخرجه حسن شعراوى، مدير مدرسة السينما بجمعية الجزويت الثقافية.
«مدينة الرماد» الذى لا تجاوز مدته 43 دقيقة يوثق بالصور التى تفوح منها رائحة الدخان ولقاءات شهود العيان، جريمة التطرف الذى انتشر فى ربوع مصر، وكانت مدينة المنيا عاصمة محافظة المنيا النموذج الأسوأ من وجهة نظر المخرج على هذا الإرهاب المُنظم، حسب تعبيره.
∎ لماذا ومتى قررت صنع فيلم عن مدينة المنيا؟
- لأننى عشت طفولتى فى المنيا وأهلى يعيشون هناك، وأعرف مدى الاحتكاكات بين الأهالى والجماعات الإسلامية، كنت أشعر أن كارثة ما ستحدث إذا تم فض اعتصامات الإخوان، وهو ما حدث بالفعل، وذهبت للمنيا بعد تخريب المدينة بأسبوعين، أى فى نهاية أغسسطس .2013 بعد أن وافقت اللجنة المصرية للعدالة والسلام السينما التابعة للكنيسة الكاثوليكية، برئاسة الأب وليام سيدهم على صنع فيلم منخفض التكلفة وبدعم من الكاتب سليمان شفيق الذى جسد دور راوى تاريخ المنيا خلال أحداث الفيلم.
∎ وماذا رأيت فى بداية رحلتك؟
- عندما وصلت المدينة كانت رائحة الدخان ما زالت متمسكة بالمبانى التى سلبها وحرقها المعتصمون، وأتذكر أن المصور قال لى أثناء التصوير داخل كنيسة الأمير تادرس عمرها 100 عام، إن الكادر خالٍ من الألوان، ورائحة الدخان تملأ المكان وأقدامنا تغرس فى الرَماد بعد أن تم حرق الكنيسة بكامل أيقوناتها وكتبها، وهذا المكان أظهر «الغل» الذى أصاب المتطرفين، الذين جن جنونهم بعد فض الاعتصام وتحولت المدينة تحت سيطرة كاملة لهم فى غياب تام للأمن على مدار 3 أيام.
∎ هل تمكنت من أن تبرز الحقيقة وتحافظ على حياديتك؟
- الفيلم يعتمد على سينما الواقع أو الحقيقة، لأن مصدر معلوماته هم شهود العيان الذين كانوا موجودين أثناء عملية التخريب، وسألت: «كيف وماذا ومتى حدث»؟ فى محاولة للتوصل إلى ملامح الجريمة التى استمرت ثلاثة أيام متتالية بدءاً من 13 أغسطس .2013
∎ وما أبرز المشاهد التى استفزتك؟
- ذهبت إلى ملجأ أيتام جنود المسيح الذى كان مُلتصقًا بميدان «بالاس» الذى كان فيه الاعتصام، ولحسن الحظ كان خاليًا من الأطفال أثناء الحادث، التقيت بالأب أفرايم مدير الملجأ الذى أكد أنه حاول الاستغاثة بالشرطة أثناء الحادث دون جدوى، ووجدت الأطفال فى الظلام وصورت معهم مشهدًا واقعيًا بالشموع وهم يصلون للضحايا.
∎ وأين كان أبرز الضحايا من وجة نظرك؟
- عاملان «مسلم ومسيحى» ماتا محتضنين بعضهما البعض بعد إشعال النيران فيهما أثناء تواجدهما فى إحدى الباخرات النيلية، بعد أن أشعل المعتصمون النيران فيها والتهمت الباخرة المجاورة والاثنتان يمتلكهما قبطى.
∎ ما الهدف من سرد تاريخ المنيا؟
- لأن سليمان شفيق منياوى الأصل وعلى دراية كبيرة بتاريخها منذ عصر الفراعنة، كان دوره مهما فى حكى قصة العنف فى المنيا منذ عهد إخناتون مرورًا بالثورة العرابية والأربعينيات وما تلاها من تقلبات وأحداث عنف، واستخدمت أسلوب الفاصل بين كل مشهد وآخر، وهذا هو الخط الدرامى الثانى والمتعلق بالجذور الذى يتقاطع مع الخط الأساسى وهو المشاهد وكلام شهود العيان.
∎ وما أبرز معلومات شهود العيان؟
- أكدوا أن المعتصمين نظموا هجماتهم على ثلاث مراحل، فى مجموعات مسلحة، كل مجموعة تتكون من 300 إلى 350 فردا ويهجمون على الأماكن بشكل متوازٍ.. واستهدفوا أماكن كثيرة متفرقة، اقتنصت الـ7 الأبرز وهى: كنيستا الأنبا موسى وتادرس، وجمعية الجيزويت والفرير التى اقتحمهما حوالى 300 إرهابى بعد كسر بابها ليحرقوا الكتب والوثائق كما حدث مع مكتبة الإسكندرية القديمة، ونادى جمعية شبان المسيحية، وباخرتان سياحيتان وملجأ الأيتام الذى سرقوا منه الأرز السكر المخصص للأطفال.
∎ متى سيتم عرض الفيلم؟
- خلال الأيام القادمة بمقر جمعية النهضة الثقافية «الجيزويت» فى الفجالة.∎
عن موقع مجلة روز اليوسف بتاريخ 6 ديسمبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق