مختارات إيزيس
الإخوان يقعون فى غرام اليهود
بقلم
محمد أبو الغار
لا أحب أن أعلق على ما قاله د. عصام العريان عن عودة اليهود
المصريين وتعويضهم مادياً باعتباره رأياً شخصياً، ولكننى أريد أن أقول إن
رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى ونائب رئيس
الحزب، حين يتحدث فى موضوع ذى أهمية وخطورة شديدة على مستقبل الوطن لا يمكن
أن يعتبره عاقل رأياً شخصياً إلا إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين جماعة
وهمية بايظة وغير منضبطة وكل قيادى فيها يقول ما يريد. بالطبع الإخوان
جماعة شديدة الانضباط والعضو فيها كلامه بمقاس وحسابات دقيقة.
الأمر ببساطة أن الإخوان يريدون أن يستمر التأييد الأمريكى الشديد لهم
بمنتهى القوة ولذا أرادوا أن يلعبوا على وتر الولاء المطلق من أمريكا إلى
اليهود وإسرائيل ويريدون تعميق العلاقات مع أمريكا، واستكمال باب الود
والحب مع إسرائيل.
المعروف أن موقف الإخوان الرسمى المعلن فى الشارع من اليهود خلال ثمانين
عاماً كان خطاباً شديد العنصرية، وكان وصف اليهود بالخنازير هو الأمر
الطبيعى فى اجتماعاتهم العلنية ومن على منابر مساجدهم وفى صحافتهم، وكتبهم
وكان الهتاف الرسمى للآلاف فى الشوارع والجامعات حتى الآن هو «خيبر خيبر يا
يهود جيش محمد سوف يعود» وهو بالطبع يعنى أنه سوف يعود للقضاء على اليهود،
ولم يفرقوا بين اليهودية كدين والصهيونية كمشروع سياسى.
وأعود إلى عام 1947، حيث كان اليهود المصريون وعددهم حوالى ثمانين ألفاً
من 15 مليون مصرى فى ذلك الوقت وكان أغلبهم لا يؤمن بالصهيونية، وقد خرج
معظم اليهود خوفاً ورعباً لأسباب كثيرة، كان أولها وأهمها هو الهجوم على
المنشآت والمحال والمتاجر اليهودية وحرقها وهو ما قام به الجهاز السرى
للإخوان المسلمين وهو أمر مسجل فى كل الوثائق التاريخية، مثل كتابى الرافعى
وطارق البشرى، ثم قاموا بالاشتراك مع حزب مصر الفتاة فى حرق حارة اليهود
وهى حى متكامل ومات فيه أعداد كبيرة من اليهود المصريين بالإضافة إلى
الخسائر المادية.
فما هو الجديد فى الأمر، حتى يقوم الإخوان المسلمون فى مصر بهذا الإعلان
الغريب؟ الأمر ببساطة هو القول والتصريح بما تضمر غيره وهى سياسة معروفة
تاريخياً لجماعة الإخوان المسلمين ولا يعتبرونها عيباً أو نقصاً فى
الأخلاق، لأن الغاية تبرر الوسيلة.
ما هو تأثير هذا التصريح على أمريكا وإسرائيل؟ الأمر ببساطة هو أن
إسرائيل سوف تستغله فى إخراج كل المقولات والأحاديث والتسجيلات الإذاعية
والتليفزيونية عن الإخوان فى سيرة اليهود خلال ثمانين عاماً، لتظهر للعالم
كله أن الإخوان أكبر الكذابين، وهى مقولات لا تسر عدواً ولا حبيباً،
بالإضافة للابتزاز المادى الذى قد نتعرض له.
من ناحية أخرى أحب أن أطمئن المصريين أن كبار الأغنياء من اليهود باعوا
كل ممتلكاتهم فى الفترة من 1947 إلى 1954 وأن الأغنياء منهم أصحاب الجنسيات
الفرنسية والإنجليزية صودرت ممتلكاتهم عام 1956 عقب العدوان الثلاثى وتم
تعويضهم بالكامل فى نهاية عام 1957. أما الطبقة المتوسطة فقد خرجت من مصر
بين عامى 1954 و1957 بعد أن باعت معظمها ممتلكاتها بسرعة بعد عدوان 1956
وأخذ قرار الخروج، أما فقراء اليهود فلم يمتلكوا شيئاً، وكل من كان له حق
ناله من القضاء المصرى وآخرهم أصحاب فندق سيسيل بالإسكندرية.
إن ما كان يملكه اليهود فى مصر ولا يزال موجوداً هى المعابد اليهودية
وكلها مغلقة وتعبث بها الفئران ما عدا معبد عدلى وبن عزرا فى القاهرة
والنبى دانيال فى الإسكندرية وهى لم تكن مملوكة لأفراد، وإنما للجالية كلها
التى كانت جزءاً من الشعب المصرى وبالتالى فهذه المعابد ملك للشعب المصرى
وليس لأى فرد فى مصر أو خارجها، وأخيراً يجب أن يعلم الإخوان المسلمون أن
الضحك على دقون البسطاء من المصريين بعبارات دينية تعمق الكره فى المسيحيين
قد تنجح فى مصر، ولكن هذه العبارات لن تنجح مع اليهود أو إسرائيل أو
أمريكا.
و أخيراً إذا كان الإخوان يخطبون ود اليهود الذين تركوا مصر منذ أكثر من
خمسين عاماً فالأولى بهم أن يخطبوا ود المسيحيين المصريين الذين يعيشون
بينهم ويتوقفون عن تهديد كنائسهم ومصالحهم وحياتهم حتى هاجر منهم الآلاف.
يا حضرات الإخوان كفوا عن الافتراء والظلم والكذب وأرجوكم ألا تعيدوا
مسلسل العنف الذى اشتهرتم به سنوات طوالاً وأن تبدأوا بتغيير تفكير الهيئة
التى من قياداتها خيرت الشاطر والتى أصدرت بياناً جباراً بأنه حرام على
المسلمين أن يقولوا لمسيحيى مصر «كل سنة وانتم طيبين». وأنا أقول لكل مسيحى
فى مصر كل سنة وأنت طيب وأنتم جميعاً فى قلوبنا.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك
عن جريدة " المصري اليوم " بتاريخ يناير 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق