بوسطجي سينما إيزيس
رواية جديدة للروائية السورية سلوى النعيمي ورسائل من مصر
بقلم
صلاح هاشم
سلوى النعيمي في رواية " شبه جزيرة عربية " : أنا حرة
فكرة . لماذا تفرض الأوطان علينا فرضا ، ولا نستطيع أن نخلقها بأنفسنا ، ولم نقبل بفكرة أن تكون نهاية أي رحلة كما في رحلات ابن بطوطة وعوليس وحتي اي تي عودة البطل الى الوطن الأصلى لكي يموت ويدفن هناك. يعود الى المغرب كما فعل ابن بطوطة أو الى ايثاكا كما فعل عوليس، أو السماء المرصعة بالنجوم " الوطن " على لسان اي تي في فيلم ستيفن سبيلبيرج الشهير ؟ وصلنا حديثا في " سينما إيزيس " رواية جميلة جدا بعنوان " شبه جزيرة عربية " للكاتبة الشاعرة الروائية السورية سلوى النعيمي " برهان العسل " صادرة عن دار نشر روبير لافون Robert Laffont في باريس، تتحدث فيها سلوى النعيمي عن تلك أمور، وتخترع فيها شخصية صحافية سورية تعيش في باريس، تغادر وطنها بعد أن رفضت الانضمام الى الحزب الحاكم في سوريا للحصول على وظيفة محررة في جريدة، فتركت البلد ورفاق النضال والمقاومة ومعظمهم الذين بقوا بعد سفرها انتحروا ا أو ماتوا في السجن ولا شماتة، لكي تمارس رحلتها الشخصية في بلاد الله الواسعة ..
. اسعي يا عبد وأنا أسعى معاك ، هكذا قال لنا جدي الحاج سيد مرزبان في كتّاب قلعة الكبش حينا العريق وهو يضربنا على قفانا بالعصا وبلاد الله لخلق الله واسعة. الحديث في الرواية شيق وممتع ويجعلك تتلتهم الرواية في ليلتين ، فبعد مرور 17 سنة تعود بطلتنا من خلال اصطحابها لمجموعة صحفيين أجانب ، تعود في زيارة الى سوريا ، وتنتهز الفرصة لكي تحكي لنا عن ذكرياتها مع الأب المسلم والأم المسيحية و أصدقاء الماضي وجغرافية المكان ، وذلك الوطن الذي كان ثم بمرور الوقت تبخر وتلاشى و اختفى . رواية لذيذة بأفكار ورؤي عن الوطن HOME و المنفى والحب والسفر ، وفكرة العودة أو اللاعودة ، ترفض أن يكون " الوطن " مكانا للحبس وقمع وتجويع وتشريد وتعذيب الناس ، وتؤكد على حق كل أنسان في أن يصنع ويكون له وطنه الخاص به - على مزاجه وبراحته الذي يحبه ، رواية تقول فيها سلوى أنا حرة واللي مش عاجبه يشرب من البحر ولن يمنعني من ممارسة حريتي لا وطن ولا أب أو زوج أو إبن أو قضية وقد تكون الافكار التي تطرحها النعيمي في روايتها مهمة ، لكن الأهم أن الذي يمنح تلك الحكايات والمشاعر والأفكار قيمتها ، هو ذلك الأسلوب المقطر المصفى الذي تكتب به سلوى مثل الفستق المقشر من دون رحرحرة أو رطرطة أو استرسال وينفذ مباشرة الى القلب. والجدير بالذكر أن الرواية كانت صدرت أولا بالعربية عن دار نشر نجيب الريس في لندن ..
وتعالوا نقرأ معا تلك الرسائل التي وصاتنا حديثا من مصر..لكن قبلها دعونا نذكر بأن باريس كلها تنتظر خروج عرض فيلم " وجدة " للمخرجة السعودية هيفاء المنصور وهو الحدث السينمائي العربي الأول في باريس في شهر فبراير وسنكرس له مستقبلا في " سينما إيزيس " مايستحقه..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق