((السينمائية)) ... نحو فهم السينما
سيف الربيعي
تشهد الحركة الثقافية منذ الخمسة أعوام الأخيرة تطورا هائلا في دائرة النشر، حيث وصلت أعداد الصحف والمجلات حد التخمة بأشكالها ومضامينها المتعددة والتي قد تصل في بعض الأحيان الى حد اقرب للشمولية من حيث الأنماط وتزاحم الأفكار في مديات متضاربة. إن هذا الطيف الأدبي المتآصر داخل حاضنة اعلامية واحدة يسهم في اتساع الاهتمامات الأدبية لدى القارئ وذلك بإجباره على الاحتكاك بأنماط معرفية تتناسب زيادتها طرديا مع وعي القارئ، ولكن هذه الوفرة في نمط الشمولية يجب ان تقابلها انماط الاختصاص المنفرد بنسبة ترضي وتشبع نهم ذوي الاختصاص ذاته. لان مساحة الاشتغال هنا ستكون على رقعة فكرية واسعة وضمن مديات الجنس الادبي المنفرد او أي فن إبداعي يدخل في منظومة الانجاز والنقد، وهذا ما سيساعد كثيرا في انضاج الفكرة الوليدة، حيث يتوحد المجال الإبداعي بامتلاكه الصرف للمنظومة الورقية الناشرة/ مجلة او جريدة، مما سيتيح فرصة الاحتكاك والتناسل للنصوص وما يحاكيها من الردود والنقد بأنساقه وسياقاته المختلفة من حيث المنظور التقييمي للاشتغالات المتعددة للنص..
مجلة (السينمائية) وهي مختصة بالسينما اسما ومضمونا تبلورت فيها حاجة التخصص حيث يشع فيها النقد السينمائي ليضيء المخفي من النتاج الفيلمي سيما بعض الأعمال السيميائية التي تتداخل فيها الدلالات والرموز ضمن السياقات النصية والصورية كافة، مما يجلل الغاية الحقيقية للفيلم في ذهن المتلقي/ المشاهد او المختص، ارتقاءا بالذوق العام والذي بدوره يمهد لترسيخ الركائز الصحيحة للنهوض بواقع السينما المحلية والعربية. إضافة الى لمسات ذوي الاختصاص – محرريها- والتي تبزغ بوضوح في صفحات المجلة المكتظة بتحليل المشاهد السينمائية وتحديد القيمة الابداعية والمحور الرئيسي لسياقات الفيلم، مبتعدة عن ملاحقة الاخبار والمتابعات السريعة والبيانات الصحفية والدعائية...
(السينمائية) مجلة شهرية تصدر عن جماعة سينما للحياة، صدر عددها الثاني في ايار مايس 2010. افتتحها رئيس التحرير قبل فقرة المتابعات لما يدور عالميا ضمن نطاق الفن السابع، تلى ذلك حوار مع الناقد السينمائي اللبناني محمد رضا، ثم باب "ملف الشهر" وجاء عن الآفاق والتطلعات في السينما الخليجية. أما عن النقد الفيلمي فجاء ضمن "أفلام الشهر" وهو نظرة فاحصة في احدث الأفلام العربية والعالمية مثل " كلمني شكرا"و "منطقة خضراء" و "صائد الجوائز" و " براعة بروكلين" و "رجال ريبو" و "عايشين اللحظة". اما الأبواب الاخرى للمجلة فهي باختصار: نجوم – مهرجانات – قراءة – نظرة ما – الجمهور ناقدا – ساعي البريد – اسود وابيض – وصورة اكيرا كيراساوا...
ان المجتمع العراقي الذي عانى ما عانى من ويلات نظام المقابر الجماعية لهو بحاجة اكيدة الى من يفتح الافاق امامه ويمهد الطريق للابداع بعيدا عن اصوات الانفجارات ولغة الحروب التي تشيع الجهل والفقر بعد مخاض عسير للحرية، وحتى لا تضيع قيمة التغيير وتسفه ارادة الشعب العراقي ولا يوأد الحلم الجبل في مهده .. انبثقت الحاجة الملحة لمثل هذا المطبوع الذي يهتم بمجال ثقافي واسع ومؤثر في زمن عسر فيه الالتفات الى الثقافة والفنون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق