لويس جريس وزوجته معشوقته سناء جميل
فيلم " حكاية سناء " لروجينا بسالي :أغنية عاشق
و " تحية " الى سناء جميل
سناء جميل الفنانة المصرية الممثلة العملاقة كما يكشف فيلم روجينا بسالي عاشت حياتها، ولم تتنكر أبدا لطينتها ومعدنها الأصيل
بقلم
صلاح هاشم
كان
يوما حافلا بالمسرات والبهجة سطعت فيه الفنانة الكبيرة القديسة الراحلة سناء جميل
بقوة مثل كوكب منير.كنت قرأت على صفحة الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ لويس جريس زوج
الفنانة الكبيرة العملاقة سناء جميل دعوة
لحضور عرض فيلم " حكاية سناء "
لروجينا بسالي..
في انتظاركم جميعا – كتب لويس يقول – " .. سناء ..لازلت أحتفل بعيد ميلادك كما لو كنت موجودة معي، بل أنت هكذا كل عام وانت معي، كل عام وأنت تعيشين بالقلب والروح والجسد، سأحكيك لكل عاشق كي يتعلم كيف يكون العشق. في انتظاركم جميعا للاحتفال معي بعيد ميلاد سناء جميل .. "..
في انتظاركم جميعا – كتب لويس يقول – " .. سناء ..لازلت أحتفل بعيد ميلادك كما لو كنت موجودة معي، بل أنت هكذا كل عام وانت معي، كل عام وأنت تعيشين بالقلب والروح والجسد، سأحكيك لكل عاشق كي يتعلم كيف يكون العشق. في انتظاركم جميعا للاحتفال معي بعيد ميلاد سناء جميل .. "..
وكنت
وصلت منذ اسبوع من باريس وبسرعة حجزت يوم الخميس 28 ابريل في أجندتي لمشاهدة ذاك الفيلم الذي يعرض لسيرة الفنانة القديسة
سناء جميل ويرويهاعلى لسان زوجها المحب العاشق الأستاذ الكاتب الكبير لويس جريس
من " مدرسة صباح الخير" الصحافية، التي نهلنا نحن ابناء الجيل الذي
انتمي اليه - جيل الستينيات – نهلنا من فنها وفكرها، واقطابها الكتاب والفنانين
العمالقة من أمثال أحمد بهاء الدين واحسان عبد القدوس ورءوف توفيق وجورج البهجوري
وآدم حنين وصلاح جاهين وحسن فؤاد وغيرهم ، ونفتخر دوما بأننا كنا تلامذتهم ونحن في الإعدادية، ثم كبرنا على كتاباتهم، ولوحاتهم
ورسوماتهم وتأثرنا بها...
من
حيث الرواية وطريقة الحكي، تعتمد روجينا باسلي في فيلمها على أسلوب اعادة تمثيل
بعض الوقائع التي عاشتها سناء جميل في طفولتها - وهي في رأيي أضعف مناطق في الفيلم -
ثم تترك الكلام لزوجها لويس جريس العاشق، ليحكي بتوهج وتأثر بالغ عن قصة حبهما
الرائعة، عندما تعرف عليها عند عودته من أمريكا، وبداية عمله في مجلة صباح الخير ،ولم
يكن يعرف انها فنانة وممثلة كبيرة ، حتى شاهد لها فيلمها البديع " بداية
ونهاية " لصلاح أبوسيف الذي تصل فيه الى القمة في الاداء التمثيلي وتتسامق
عاليا بفنها..
وكانت ثريا – اسمها الحقيقي - مثلت في طفولتها، ثم تركت أهلها في الصعيد وحضرت
الى القاهرة لتتعلم التمثيل والتقت بالاستاذ زكى طليمات عميد المسرح العربي الذي
أكتشف موهبتها ومنحها أسمها الفني والفضل يرجع اليه في رعايتها وصقلها ليصنع
منها فنانة مسرحية قديرة، كما ان لويس جريس لم يكن يعرف انها مسيحية حتى عرضت عليه
أن يتزوجا بدلا من ان يعيش كل واحد منهما في.. وحدته..
ويحكي لويس في الفيلم كيف كانا بحاجة الى شهود
لاتمام مراسيم الزواج فاضطر الى احضار شهود من عمال ضباح الخير وتعهد باعادتهم الى
مقر عملهم من جديد بعد اتمام مراسيم الزواج في الكنيسة ، وهذا الجزء المحوري في
الفيلم في رأيي هو أهم مافي الفيلم، اعني قصة الحب الجميلة هذه – حكاية سناء - التي نشأت بين سناء ولويس، وبكل مافيها من رقة و
نبل ورومانسية وإنسانية ، ويالها من سعادة بأن تنام في حضن فتانة كبيرة بقامة سناء
جميل، وتنهل من حنانها وعطفها وحبها وثقافتها السينمائية الفنية الرفيعة ، فهي
تغني أجل وتمثل أيضا بالفرنسية كما كشف الفيلم. ..
تم
تبدأ سلسلة شهادات لنقاد وصحافيين ومخرجين وممثلين وممثلات في الفيلم، تعكس جوانب من شخصية سناء جميل السينمائية
وشخصيتها الانسانية، من خلال التجارب التي
عاشتها، والادوار التي مثلتها في حياتها، وتتراوح هنا قيمة هذه الشهادات وضروريتها
– وأعتبرها نفطة الضعف الرئيسية في الفيلم - ، فبعضها، بدا لنا اصطناعيا وسخيفا،
وبه يقينا الكثير من الإدعاء والحذلقة، مثل شهادة الصحفي مفيد فوزي المملة الاستعراضية - من
هو مفيد فوزي هذا الذي يحسب نفسه نجما، وفرض نفسه في الفيلم كنجم، وكبطل من أبطاله
؟- وشهادة الناقد طارق الشناوي الذي تفلسف كثيرا وتردد وهو يحكي عن مميزات فن سناء جميل،
ولم نفهم ماذا أراد أن يقول بالضبط، لأن ماقاله يدخل في نطاق العموميات..ويمكن أن
ينطبق على أداء اي ممثلة،وكان يمكن في رأيي حذف الشهادتين ، واختصار الوقت – لأن السينما هي فن الاقتصاد عن جدارة - والتركيز على
الشهادات الطبيعية العفوية الجميلة المهمة
في الفيلم، بطزاجتها وبساطتها وعفويتها..
مثل شهادة الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، وشهادة
الفنانة الشابة منى زكي، وربما تكون شهادة الأخيرة اطول الشهادات، واكثرها عمقا
وإضاءة ، لشخصية سناء جميل الفنية والانسانية معا، فقد كانت سناء فنانة عملاقة، من
طراز رفيع ونادر وشجاع، وكانت تتدخل احيانا كما يذكر المخرج الكبير شريف عرفة في
الفيلم لتضيف من عندها لسيناريو الفيلم،
وكانت تتوقف عن التمثيل إن لم تكن مقتنعة بطبيعة الشخصية..
وتظهر هنا قيمة شهادة لويس جريس الزوج العاشق
بخصوص فهم سناء وتمثلها وهضمها لفنها، فقد طلبت سناء منه ان يصطحبها الى سوق السمك
في الأسكندرية لتتعرف بنفسها من بائعة سمك
في السوق على ملامح دورها وحركاتها وأكلها ولبسها وشخصيتها ولذا لمعت ستاء جميل إن
في المسرح أو السينما في كل الأدوار التي مثلتها - على صغرها- وشمخت بها وبفنها عاليا....
فيلم
" حكاية سناء " يقول انها
بشخصبتها الانسانية وبفنها تمثل " ظاهرة " نادرة لن تتكرر ابدا في
حياتنا- سأحكيك لكل عاشق كي يتعلم كيق يكون العشق- فقد كانت بنت الظروف التي أنجبتها،والمجتمع
المصري الحر المفتوح المتسامح الذي يحترم الفن والفنانين ويفدر الموهوبين أنذاك،
كما كانت سناء جميل تعجب مثلا بثمثيل شريهان وأحمد زكي، من بين الممثلين الصاعدين
من الشباب، وتقدر موهبتهماكما ظهر في الفيلم وتعمل على تشجيعهما.وهي ظروف نعلم
جميعا انها قد مضت ولن تعود.
لكن
اجمل مافي سناء جميل كما يكشف الفيلم،و بكل الحب والتقدير، وبما يستحق الإشادة
والتحية، انها "عاشت حياتها " كما في فيلم المخرج الفرنسي الكبير جان
لوك جودار بنفس
الإسم ، ولم تتنكر ابدا لسناء جميل..
لم
تتنكر سناء ابدا لطبيعتها و طينتها " الجنوبية " الصعيدية الأصيلة و
" معدنها " وصراحتها وشفافيتها
وخفة دمها الحلوة وقفشاتها المحبة العفوية او الغاضبة المستنكرة، ولم تحاول قط ان تخفي أو تتنكر لعمرها، بل كانت تدافع دوما عن
حقها في ان تكون سناء جميل الحرة بنت
العشرين كما كانت هي سناء في سن السابعة والخمسين، ومن لايعجبه الأمر فليشرب من
البحر ، ويدعها وشأنها..كانت سناء تدوس على مساحيق التجميل وتعيش حياتها براحتها
وبمزاجها وترفض ان تختفي خلف قناع حتى لو كان قد من ذهب ..
فيلم
حكاية سناء هو تحية وتكريم لممثلة عظيمة وكل القيم النبيلة في حضارة السينما أي
" حضارة السلوك الكبرى " كما أحب أن أسميها، وقد كانت سناء " قدوة
" حتى عندما مثلت في فرنسا وأعجب بها
الجمهور الفرنسي وكتبت عنها الصحافة الفرنسية مشيدة بفنها الرفيع كما يقول الفنان
الكبير جميل راتب في الفيلم ..
حكاية
سناء أبعد من أن تكون حكاية عشق لحبيبة
وأكبر من ذلك . انها حكاية عشق للوطن لمصر أيضا من خلال عشق الحبيبة وهي
يقينا حكاية عشق صوفي وجديرة بأن تحكى وفي كل وقت ، كي نتعلم منها
أيضا كيف يكون الحب والولاء والانتماء للأرض التي أنجبتنا والوطن الكبير الذي ننمو
و نكبر في أحضانه ونتعلق به وبترابه ونحتفل بعيد ميلاده طول حياتنا..
صلاح
هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق