الوثائقي «وكأنهم كانوا سينمائيين» لصلاح هاشم: فيلم يبحث دور الفن السينمائي في حياة المصريين
ملصق فيلم " وكأنهم كانوا سينمائيين " لصلاح هاشم
بقلم
محمد عبد الرحيم
عرض بمركز الثقافة السينمائية بالقاهرة، التابع للمركز القومي للسينما الفيلم الوثائقي «وكأنهم كانوا سينمائيين …
شهادات على سينما وعصر» سيناريو وإخراج الناقد صلاح هاشم. وهو محاولة لتوثيق الدور الذي لعبته السينما في حياة الشعب المصري، على المستوى السياسي والاجتماعي. يعتبر الفيلم جزءا أول من ثلاثية يجمعها عنوان أكبر هو «سِحر السينما المصرية الخفي»، والأجزاء كلها ما هي إلا إجابة عن مكمن هذا السِحر، كما قال مخرج الفيلم قبل بداية العرض. يدور الجزء الأول حول شهادات ثلاثة أصوات من المهتمين والعاملين بالمجال السينمائي، أولهم الروائي والباحث «بكر الشرقاوي» الذي تحدث عن دور السينما المصرية في وعي الشعب المصري، ثم الناقد «صبحي شفيق» الذي ناقش مشكلة فلسفة السينما وماهيتها وتأثيراتها المتبادلة على المصريين، وأخيراً جاء مدير التصوير «رمسيس مرزوق» ليدلي بشهادته حول جماليات الفن السينمائي من خلال تجربته الشخصية. ويتناوب الفيلم سرد الشهادات ولقطات من تراث السينما المصرية التي تؤكد كلماتهم كلقطات استشهادية. الفيلم إنتاج 2014، ومدته حوالى 60 دقيقة.
شهادات على سينما وعصر» سيناريو وإخراج الناقد صلاح هاشم. وهو محاولة لتوثيق الدور الذي لعبته السينما في حياة الشعب المصري، على المستوى السياسي والاجتماعي. يعتبر الفيلم جزءا أول من ثلاثية يجمعها عنوان أكبر هو «سِحر السينما المصرية الخفي»، والأجزاء كلها ما هي إلا إجابة عن مكمن هذا السِحر، كما قال مخرج الفيلم قبل بداية العرض. يدور الجزء الأول حول شهادات ثلاثة أصوات من المهتمين والعاملين بالمجال السينمائي، أولهم الروائي والباحث «بكر الشرقاوي» الذي تحدث عن دور السينما المصرية في وعي الشعب المصري، ثم الناقد «صبحي شفيق» الذي ناقش مشكلة فلسفة السينما وماهيتها وتأثيراتها المتبادلة على المصريين، وأخيراً جاء مدير التصوير «رمسيس مرزوق» ليدلي بشهادته حول جماليات الفن السينمائي من خلال تجربته الشخصية. ويتناوب الفيلم سرد الشهادات ولقطات من تراث السينما المصرية التي تؤكد كلماتهم كلقطات استشهادية. الفيلم إنتاج 2014، ومدته حوالى 60 دقيقة.
أعظم سينما في العالم
دار الجزء الأكبر من الفيلم مع شهادة الروائي والباحث «بكر الشرقاوي» الذي يرى أن السينما المصرية هي أعظم سينما في العالم. ورغم المُبالغة في هذا الحُكم، إلا أن الرجل لديه أسباب يسردها من خلال حواره، أهمها … تزامن العرض السينمائي عند اكتشاف السينما بعد عرض الإخوان لوميير في باريس، حيث كان العرض الثاني في الأسكندرية. كما أن هذه الصناعة التي لم تكن تمتلك مصر أدواتها، ورغم ذلك تطورت وازدهرت وتفاعل معها الشعب المصري، ولم تبطل السينما أو تخرج من مصر منذ دخلتها.
الحوار واللغة والأدب
يُتابع بكر الشرقاوي شهادته ويتحدث عن اللغة الحوارية التي أدخلتها السينما إلى وعي الشعب، وجعلته يتحدث مثل الفيلم من حيث الكلمات وطريقة الأداء، وكان على رأس هؤلاء المجددين الكاتب الكبير (توفيق الحكيم). إلا أن الحكيم في الأساس كاتب مسرحي، ووجود المسرح لم يكن غريباً عن المصريين وإيقاع حياتهم، إضافة إلى الإذاعة! ويسترسل الرجل ليؤصل دور الأدب وتحويل الروايات إلى السينما، مما شجّعت السينما على هذا النوع الغير معروف في الموروث العربي، وقد بدأت السينما بأول رواية مصرية تصلح لها «زينب» لـ «محمد حسين هيكل»، في نسختين فيلميين صامتة وناطقة، كما اكتشفت السينما «نجيب محفوظ» وعالمه، وجعلته يدخل عالم كتابة السيناريو عن طريق المخرج «صلاح أبو سيف».
الانتصار للشعب
يرى «الشرقاوي» أن فيلم «العزيمة» للمخرج «كمال سليم» عام 1939، الذي أدخل الحارة المصرية إلى السينما أرّخ لما سُمّي بعد ذلك بالواقعية الجديدة في أوروبا، وهو قد سبقها بهذا الفيلم، الذي يُعد بحق أول فيلم يتحدث عن الفئات الفقيرة والبورجوازية المصرية. إلا أن الحل الذي جاء في نهاية الفيلم على يد (الباشا) لم يخل من مغازلة فئة الأرستقراط والاعتماد عليها بديلاً عن الحل القدري في أعمال الميلودراما! ويلفت «الشرقاوي» النظر إلى تجربتين هامتين أولهما فيلم «لاشين» عام 1938 لـ «فريتز كرامب» والآخر «السوق السوداء» عام 1945 لـ «كامل التلمساني»، وكل منهما لاقى مصير المنع من العرض، في عهد الملك فؤاد والملك فاروق على الترتيب، فالأول يناقش الحاشية الفاسدة الملتفة حول الحاكم، والثاني يناقش احتكار رجال الأعمال للسلع الضرورية وقت الأزمات، ولعله الفيلم الوحيد حتى الآن الذي أتاح لأهل الحارة/الشعب أخذ حقوقهم بالقوة، بتحطيم متجر التاجر وأخذ ما يحتاجونه. ومن وقتها والسينما أصبحت تنتصر للشعب ضد حُكامه. لم يذكر «الشرقاوي» دور السينما الدعائي الصاخب لنظام سياسي ما، أو الانتقام لنظام سابق لصالح نظام آخر، وهو دور غير منكور قامت به السينما، وساعدت ــ رغم بعض نواياها الحَسنة ــ على تزييف التاريخ والواقع إلى حدٍ كبير.
الناقد صلاح هاشم مخرج فيلم " وكأنهم كانوا سينمائيين "
وكأنهم كانوا سينمائيين
يُشيد «الشرقاوي» بتجربة «شادي عبد السلام» في «المومياء»، وكيف أن هذا الفيلم هو تأصيل لتجربة وفن وحضارة مصر القديمة. فالجداريات الفرعونية المنتشرة تحكي القصص عن طريق الرسوم والصور، دون الاقتران باللغة، وهي بذلك طريقة سينمائية خالصة (وكأنهم كانوا سينمائيين) ــ المقصود الفن المصري القديم، ومن هنا جاءت تسمية الفيلم ــ إلا أن العيب الوحيد الذي يراه «الشرقاوي» في الفيلم أن (شادي) استعاض عن العامية بالفصحى، فأسقط عن الفيلم جغرافيته وحافظ على عنصره التاريخي. وهي إشارة في غاية الأهمية.
العزلة
تحدث الناقد والمؤرخ «صبحي شفيق» عن الوضع المُتردي للسينما المصرية الآن، وأن محاولات التواصل عالمياً من خلال المهرجانات المنتشرة، وعلى رأسها (مهرجان القاهرة السينمائي) ما هي إلا محاولات كاريكاتورية لإشعار الغير وأنفسنا أننا على خريطة العالم السينمائية، مما أدى بالمسافة بيننا والعالم في الفن السينمائي أن أصبحت بعيدة جداً، مقارنة بالبدايات، وما حققته السينما المصرية في الماضي من نجاحات لا تخفى على أحد.
تحقيق الذات
لم يتحدث مدير التصوير «رمسيس مرزوق» إلا من خلال تجربته الشخصية في الفن السينمائي، وكيف أن التصوير حقق له حلماً ذاتياً خفياً، لم يكن يدري كُنهه إلا عندما عمل بالسينما، وعرف جمالياتها وتأثيرها على الناس.
محمد عبد الرحيم
عن جريدة القدس العربي بتاريخ 29 يونيو 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق