فيلم حبيبي
تساؤلات حول الدورة 17 لمهرجان الإسماعيلية
بقلم
صفاء الليثى
بين فيلم الافتتاح لمهرجان الإسماعيلية " عن يهود
مصر، نهاية رحلة" لمخرجه المصرى أمير رمسيس، وبين آخر فيلم شاهدته بالمهرجان
" رعى السماء" عن فنانى السيرك، وجدتنى وقد خرجت بحصيلة كبيرة من المتعة
الفنية، ومن التفاعل مع من يحضرون العروض من المشاركين بالمهرجان، كنت انتويت أن
أسعد ، وأن أصبر على أى متاعب قد تظهر فى الأفق. متفهمة الجهد الكبير للقائمين على
المهرجان ، من داخل المركز القومى للسينما ومن خارجه
شعب المهرجان راح فين؟
كتبت سابقا عن دورات مختلفة للمهرجان سواء برئاسة الناقد
على أبو شادى ومعه الكبير صلاح مرعى، أو مع دورته برئاسة مجدى أحمد على ومعه
الناقد الكبير –قامة- أمير العمرى، ركزت فى الرسائل على دور المشاركين ممن أسميتهم
شعب المهرجان، وبدون حضورهم للعروض ومشاركتهم فى النقاش مع صناع الأفلام، يضيع جهد
شهور طوال فى جلب الأفلام وفى اختيارها، وفى تصنيفها وجدولتها، فما بال هذا الشعب
وقد تقلص عددا وتغيرت نوعيته فى هذه الدورة السابعة عشر برئاسة كمال عبد العزيز وإدارة فنية للمنتج
محمد حفظى وإدارة إدارية لوائل ممدوح. شعب مهرجان الإسماعيلية راح فين؟
أين هؤلاء
المهووسين بالسينما التسجيلية، المثابرين على العروض من الصباح الباكر وحتى منتصف
الليل؟ فى هذه الدورة تحديدا اختلفت نوعية المشاركين، سواء من المصريين والعرب ، أو
من الضيوف الأجانب الذين فضلوا التمتع بالسهرات، وبالعوم فى حمام سباحة الفندق، أو
البقاء فى الغرف، ومشاهدة برامج التلفزيون وحفلات إعلان فوز الرئيس المنتخب وحفلات
تنصيب الرئيس الجديد. وبقيت قلة قليلة مثابرة حرصت على المتابعة ولم يفوتها فيلم
إلا عندما يتقاطع مع فعالية أخرى من المهم حضورها.
من هؤلاء المثابرين هذا العام المخرج التسجيلى الكبير
على الغزولى الذى كرمه المهرجان فى برنامج من أجمل برامج التكريم حيث عرض فيلمه
الأشهر " صيد العصارى" وأقيمت ندوة أدارها – احتراما وتقديرا- مدير
التصوير رئيس المهرجان كمال عبد العزيز بنفسه وحضرها عدد كبير من النقاد والصحفيين
ومن جمهور شعب الإسماعيلية . ندوات التكريم تبدأ فى التاسعة بعد انتهاء العرض
الأخير لأفلام المسابقة وكان هذا موعدا مناسبا حيث لا يتقاطع مع نشاط آخر مثلما
حدث مع ندوات نوعية أخرى مثل ندوتى مناقشة كتابى المهرجان: كتاب " حرب اكتوبر في السينما " لسمير فريد وكتاب " الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية لصلاح هاشم،
ومثل ندوة عن السينما الحرة. على الغزولى يحضر العروض والندوات والسهرات دون أن
تعوقه أعوامه التى تقترب من الثمانين عن الاستمتاع والاستفادة من فن الفيلم
التسجيلى الذى أمضلى جل حياته له. ومن التفاعل مع زملاء العمر والمهنة المخرج
الكبير هاشم النحاس والمخرجة الكبيرة نبيهة لطفى.
غلاف كتاب الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية لصلاح هاشم
غلاف كتاب الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية لصلاح هاشم
هل الجوائز لمن يحتاجها أم لمن يستحقها؟
فيلم موج
تفاعل الجمهور المختلف والأكبر عددا مع فيلم " عن
يهود مصر نهاية رحلة" لعرضه فى الافتتاح حيث تمتلئ القاعة بضيوف المحافظ
وموظفى القصر الذى فاتهم تخصيص مقعدين لمخرج فيلم الافتتاح والسيدة زوجته، ما زلنا
نعتقد بأن من يشغل منصبا رسميا فى الحكومة هو الأهم وهو وحده الجدير بالاحترام.
وكان أمرا مستهجنا أن يتجمع الصحفيون والمصورون لتصوير وزير الثقافة والمحافظ حتى
تأخر عرض الفيلم ليبدأ فى العاشرة مساء بعد ساعتين ضاعتا فى تهافت الصحافة وفى
كلمات الافتتاح التى طالت وتفرت إلى الشأن السياسى. وبعد ساعتين تنفسنا الصعداء
نحن صناع الأفلام ومريديها المشتاقين لفيلم شاهدنا جزأه الأول وتوقعنا النجاح
للثانى الذى تخطى توقعاتنا وأبكانا مع المناضلة ماجدة هارون وتعاطفنا مع حلمها
النبيل فى ضم التراث اليهودى إلى التراث المصرى مثلما حدث مع التراث الإسلامى
والمسيحى. وحين خرج من الجوائز حزن
الكثيرون منا لأنه استحق جائزة كبرى من المهرجان، ولكنها دائما حال الجوائز لأنها
محدودة العدد والأفلام التى تستحق كثيرة ومتنوعة، على الأرجح مالت لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية فى منح جوائزها
لمن يحتاجها أقرب من منحها لمن يستحقها، ففى فرع الفيلم التسجيلى الطويل وحده
تنافست أفلام هامة موضوعا ومتميزة فنيا منها " بخصوص العنف" عن عنف
المقاومة المسلحة المناهض لعنف المستعمر البرتغالى فى أفريقيا، وفيلم " أعمال
خطرة" عن بطولة العناصر غير المستقرة فى روسيا البيضاء، والتحفة الفنية
" رعى السماء " الذى يقدم فى إطار شديد الفنية والجمال بورتيرهات
متضافرة عن فنانى الترابيز والسيرك وإظهار كيف تغلبوا على الجاذبية الأرضية وحققوا
حلمهم بالطيران ، الفيلم يحقق الكمال لشخصياته كما نجح صناعه فى تحقيق كمال فنى فى
عمل رفيع استحق جائزة لجنة تحكيم جمعية نقاد السينما المصريين المكونة من أحمد
حسونة وأسامة عبد الفتاح وحسام حافظ. كما
نافس فى قسم التسجيلى الطويل الأردنى " حبيبى بيستنانى عند البحر" الذى
قدمت فيه مخرجته ميس دروزه رؤية ذاتية عن القضية الفلسطينية ممتزجة بأشعار صديقها
الراحل حسن ورسوماته الفريدة. استحق الفيلم جائزة لجنة التحكيم الرسمية التى شاركت
فيها المخرجة الشابة هالة لطفى وهى اللجنة التى منحت فيلم " موج" لأحمد
نور عن الثورة فى السويس تحديدا جائزة أفضل فيلم تسجيلى فى دورة الإسماعيلية 17.
يهود مصر
ارتكب المدير الفنى للمهرجان المنتج محمد حفظى غلطة لم يحسب
حسابها بمنع الصحفيين من حضور حفل السهرة المقام بحديقة فندق ميركير على شاطئ
بحيرة التمساح، مما دعاهم إلى الغضب وإلى التركيز والمبالغة على عيوب وأخطاء
نشروها فيما يشبه التقرير. لا يمتلك حفظى حصافة على أبو شادى الذى اعتاد تدليل الصحفيين
ودعوتهم جميعا، والعمل على إرضائهم بما امتلكه دائما من لباقة ومن دعم كبير من
وزير الثقافة ومن محافظ الإسماعيلية، بالإضافة إلى حرصه على المساواة بين الجميع
فى الإقامة بالقرية الأوليمبية فى غرف مزدوجة مهما كانت مكانة الضيف. يتساوى توفيق
صالح مع مخرج يقدم فيلما للمرة الأولى، ويتساوى ناقد كبير مع صحفى يكتب تقريرا من
عدة أسطر فى جريدة لا يقرأها أحد. ويبقى مهرجان الإسماعيلية الأكثر حميمية والأفضل
تنظيما –حتى الآن- من بين المهرجانات التى تقام على أرض مصر مهما تغيرت الإدارات. وأشهد
أننى سعدت وأشرف بالمشاركة فى غعالياته وحضورها مع كل الرئاسات.
هناك تعليق واحد:
سعيدة بموقع إيزيس للناقد صلاح هاشم الذى يفسح مجالا لنا نحن النقاد غير المعينين فى صحف ثابته للتعبير عن وجهات نظرنا. يا أهلا بالسينما وبكل محبيها.
إرسال تعليق