مبارك الى مزبلة التاريخ . بسرعة.عدسة صلاح هاشم أثناء الثورة المصرية
تسقط " ديكتاتورية السرعة"
بقلم
صلاح هاشم
اتصل بي حديثا صديق "ابن حلال" يعمل ويعيش في العاصمة لندن ، وطلب مني ان كنت سمعت او شاهدت فيلم (كذا) الذي تم ترميمه وعرضه حديثا ، وأحب ان اتحدث عن الفيلم - وبأجر مدفوع- لقناة تلفزيونية مصرية في باريس، فعلى ان ابلغه بموافقتي فورا، لكي يقوم بعمل اللازم، وطلب مني سرعة الرد ..
ولم أكن سمعت من قبل عن ذلك الفيلم الذي يتحدث عنه، وربما بسبب غيابي لفترة 6 اسابيع في مصر أثناء الثورة، ولم لم أسمع من قبل ايضا عن تلك القناة " المصرية " الجديدة التي تم إنشائها ، وأنا بالطبع لست كما قلت له لست ضد تأسيس قناة تلفزيونية جديدة في باريس، لكني لست متحمسا للعمل من جديد مع " رجال أعمال عرب " وفي الاعلام بالذات ،لأنهم أوأغلبهم كما شرحت له لايقيمون وزنا للحفاظ على حقوق العاملين معهم، ويتصورون ان من يعيش في باريس يعيش في الجنة ، بعيدا عن مآسي ونكبات الحياة بكل أشكالها في الوطن، وهذا غير صحيح كما يتوهمون ، وهم يظنون ان الاقامة في باريس وحدها من منظور ومنطق رجال الاعمال ، هو مكسب لايجعلهم - اعني المغتربون والمهاجرون من أمثالنا والفقراء الى الوطن - في حاجة الى مطالبتهم بأجورهم وحقوقهم
فهم محظوظون بالعيش في باريس مدينة النور التي يساقط على سكانها من السماء سمنا وعسلا وأحسن أنواع الجبن الفرنسي المعتبرة ، أفلا يكفيهم ؟ وفي طرقات باريس يتدفق النبيذ انهارا، أفلا يرضيهم ؟ يجب عليهم في كل وقت كما يتصور رجال الاعمال العرب الموقورون ان يقارنوا اوضاعهم في باريس باحوال الناس في الوطن، هؤلاء الذين يعيشون في اجواء اقرب ماتكون الى أجواء العصور الوسطى الظلامية ، بما فيها من الحبس والقمع وظلم الحكومات الديكتاتورية . تلك الحكومات التي لاتعرف الا الحوار والنقاش بالهراوات والسكاكين والبنادق المصوبة الى صدور المعتصمين والمتظاهرين
ان اغلب هؤلاء الذين يصفون أنفسهم برجال أعمال ، وهم رجال اعمال سرقة ونهب فقط ، ويتفننون في تغيير بدلهم و ثيابهم المزركشة كل ساعة - قلت لصديقي ابن الحلال وانا أشكره على مبادرته - ليسوا سوي لصوصا وحرامية، وليس لدي متسع من وقت للبحث ولا للتفتيش عن حقيقتهم، كما انهم لايحترمون " إنسانية " من يعملون معهم، والبعض منهم يشعرون بغيرة و " عقدة " تجاه المصريين بالذات ، ويميلون أحيانا الى التقليل من شأن حضارتهم المصرية التي علمت العالم ( 7 الآف سنة حضارة ) تلك الحضارة التي تجعلهم من خلال سلوكياتهم الفطرية، تجعل المصريين وحتى بدون وعي منهم يكرهون الاستبداد والظلم، ويرفضون ان يتجرأ أحد على إهانتهم أو سبهم، أو جرج مشاعرهم بالإساءة الى وطنهم مصر ، وقلت لصديقي ابن الحلال اني لاارحب بالعمل الا مع من يحترم حقوق الانسان ويحترم إنسانية البشر، ومن بعدها نستطيع أن نتحاور ونتكلم في كل الأشياء، وأضفت أن قدر المصري وبخاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر، قدر المصري الآن أن لايركع لأحد ، قدره الآن أن يطالب بكل حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويحصل عليها بكافة الطرق السلمية وغير السلمية إن لزم الأمر. إرفع رأسك فوق أنت مصري - قلت له - اعادت للمصريين كرامتهم المنهوبة المسلوبة وجعلت من ذلك الشعار بطاقة هوية لهم الآن وأكثر، وانا تحت ضغوطات ديكتاتورية السرعة، التي صارت أبرز ظواهر المجتمعات الاستهلاكية في العالم كله ، وجعلتنا نأكل ونشرب ونقرأ ونشاهد ونتكلم ونحب ونكره وننام ونصحو بسرعة ، بسرعة تتصاعد وترتفع وتتعاظم وتيرتها في كل لحظة. بسرعة تمضي بسرعة، أسرع من سابقتها وعلى المجلس العسكري في مصر ان يحسم أمره في ظل هذه الديكتاتورية الجديدة وان يقوم بالاستجابة الى مطالب الثورة المصرية كل مطالبها قبل ان تجهض مكاسبها وينقض عليها أعداء الثورة وتضيع منا والى الابد بسبب حركته البطيئة جدا جدا جدا في التنفيذ وتحركاته مثل سلحفاة فإان كان لتلك الديكتاتورية من فضيلة فلاشك انها فضيلة " الحسم " وكل ماعدا ذلك فهو رذائل يستطيع بحسمه وسرعة تنفيذ مطالب الثوار أن يجنبنا من أضرارها وشرورها. تحرك يا مجلس عسكري ، والشعب المصري معك .
صلاح هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق