مهرجان " سينما الواقع " 33 في باريس
سينما المؤلف التي تطرح " رؤية" ولاتخضع لمقص رقيب
هكذا تتطور السينما الوثائقية في العالم وتتحرر ايضا
بقلم
صلاح هاشم
كتبت عن مهرجان " سينما الواقع " في باريس في معظم المجلات العربية داخل وخارج مصر التي تعاونت معها منذ فترة تجاوزت عقدا من الزمن، في مجلات " الوطن العربي" وفي " كل العرب" و " مجلة الشرق الاوسط " وفي جريدة "الاهرام الدولي " التي عملت لفترة تزيد على العشر سنوات في مكتبها بباريس وغيرها، وتابعت وتطور السينما الوثائقية في العالم مدارسها واتجاهاتها وابداعاتها الجديدة من خلال تغطياتي لاعمال ذلك المهرجان المخصص للنوع ،واعتبره على مستوي السينما الوثائقية في مقام مهرجان " كان " على مستوي السينما الروائية، وهو بالطبع ينحاز في اختياراته الى تلك الافلام التي يقوم بصنعها وانجازها مخرجين مستقلين، يعبرون من خلالها عن رؤي مستقلة " سينما المؤلف" واحيانا يدفعون من جيبوبهم لانجازها ..
وتكون بعيدة تماما عن الشبهات" و تلك الافلام التسجيلية التي تصنعها ادارات التلفزيون في العالم او المؤسسات السينمائية القومية للترويج لافكار وسياسات معينة ومكرسة لاستقرار وثبات انظمة سياسية بعينها ايضا كنوع من البروباجندا وتكون بهذا المعني افلاما "مسيسة" و مؤدلجة ومقيدة بشروط وضغوطات على مستوي التعبير والانتاج ومعرضة للرقيب ومقص الرقابة، وعادة ماتعتمد على الراوي وشريط صوت يقوم بادارة وتوجيه المتفرج وتجعله يسير على هواه ويشاهد العمل مثل " تابع " بلا عقل او فكر ومستلب تماما.انها افلام للتسكين والتغييب وتكون خاضعة طوال الوقت لوصاية الانظمة السياسية التي تصنعها وتفبركها لمصلحة الاستعلامات وما شابهها وشاشاتها العقيمة..
انطلقت حديثا الدورة 33 للمهرجان إذن ، وتمتد حتى الخامس من ابريل وتشمل عدة محاور مهمة ، فهناك اولا محور المسابقة الرسمية التي تضم اكثر من اربعين فيلما وثائقيا جديدا موزعة على اقسام المسابقة المختلفة مثل مسابقة أول فيلم والمسابقة مخصص فقط للافلام الفرنسية وهناك المسابقة الدولية بالطبع ويمنح المهرجان عدة جوائز، ويكشف من خلال محاوره وفعالياته ونشاطاته ولقاءاته كما ذكرت عن تطور" سينما الواقع " اي محاولة السينما من خلال الافلام الوثائقية ان تكشف عن تناقضات عوالمنا ومجتمعاتنا وتصبح اداة تأمل في ازماته ومشاكله وبلاويه ومآسيه وتمسك هكذا بروح عصرنا وتكون بمثابة " مرآة " ليس فقط شاهدا على مايحدث، بل تتجاوز ذلك من خلال التحريض على حدوثه ،والمشاركة في تغييره، فهي تستلهم منجزات السينما الكفاحية في اعتماد السينما وتوظيفها كسلاح في الثورة والتغيير، وعلى اعتبار فني مهم الا وهو ان السينما لاتصبح اابدا كثر " ثورية " بالهتاف والصراخ والجعجعة والطحن ، بل بالتلميح اكثرمن التصريح، والتعبير بالصورة فقط قبل واكثر من الكلمة ..
والانحياز الى "الهمس" قبل " الصراخ " والا تحولت السينما من خلال الثرثرة الفارغة الى فن درامي اذاعي وليس فنا تشكيليا يعتمد في قاعدته على وحدات فنية والمخاطبة بابجدية الصورة من دون كلام ، كما في افلام السينما الصامتة العظيمة " نانوك الشمال" عن حضارة الاسكيمو في الصورة المرفقة مع ملصق المهرجان هنا...
والجدير بالذكر قبل ان نتوقف عند بعض افلام ، تلك التظاهرة المميزة في عدد مقبل ان " مهرجان سينما الواقع" الذي انطلق في الرابع والعشرين من مارس 2011 كان افتتح فعالياته بعرض بعض افلام المخرج السينمائي الكبير السوري الراحل الصديق عمراميرالاي، الذي لم اصدق بعد انه قد رحل ،على الرغم من ان نبأ وفاته جاءني في مصر اثناء الثورة، وهبط على مثل صاعقة، وحزنت جدا جدا لوفاته ، لكني أعلم ان افلامه يقينا سوف تبقى نبراسا ودليلا ودرسا يحتذى للاجيال الحالية والقادمة في سوريا..
ونموذجا ساطعا للسينما الوثائقية المستقلة الجميلة بابداعات وتجليات واشراقات وابتكارات الفن المدهشة، ومن فضلكم دعونا من استخدام كلمة " تسجيلية " هذه لتوصيف النوع ، التي صارت شائعة الاستخدام في الصحافة العربية المتخلفة واعلامنا الحكومي الرسمي المضلل والمتدني. اسمها السينما " الوثائقية " دوكيومون ، وثيقة ، وثيقة ، يا سادة ، ومفيش اي لايوجد غير العرب كما يقول المخرج السينمائي الليناني الصديق جان شمعون ( درسنا سويا السينما في جامعة فانسان 8 الشهيرة في باريس ) الذين يطلقون عليها قال إيه " تسجيلية،" ولذلك فالعالم يتقدم الى الامام من حولنا ونحن نسير خطوتين الى الخلف ، خلصونا بقى!
صلاح هاشم
سينما المؤلف التي تطرح " رؤية" ولاتخضع لمقص رقيب
هكذا تتطور السينما الوثائقية في العالم وتتحرر ايضا
بقلم
صلاح هاشم
كتبت عن مهرجان " سينما الواقع " في باريس في معظم المجلات العربية داخل وخارج مصر التي تعاونت معها منذ فترة تجاوزت عقدا من الزمن، في مجلات " الوطن العربي" وفي " كل العرب" و " مجلة الشرق الاوسط " وفي جريدة "الاهرام الدولي " التي عملت لفترة تزيد على العشر سنوات في مكتبها بباريس وغيرها، وتابعت وتطور السينما الوثائقية في العالم مدارسها واتجاهاتها وابداعاتها الجديدة من خلال تغطياتي لاعمال ذلك المهرجان المخصص للنوع ،واعتبره على مستوي السينما الوثائقية في مقام مهرجان " كان " على مستوي السينما الروائية، وهو بالطبع ينحاز في اختياراته الى تلك الافلام التي يقوم بصنعها وانجازها مخرجين مستقلين، يعبرون من خلالها عن رؤي مستقلة " سينما المؤلف" واحيانا يدفعون من جيبوبهم لانجازها ..
وتكون بعيدة تماما عن الشبهات" و تلك الافلام التسجيلية التي تصنعها ادارات التلفزيون في العالم او المؤسسات السينمائية القومية للترويج لافكار وسياسات معينة ومكرسة لاستقرار وثبات انظمة سياسية بعينها ايضا كنوع من البروباجندا وتكون بهذا المعني افلاما "مسيسة" و مؤدلجة ومقيدة بشروط وضغوطات على مستوي التعبير والانتاج ومعرضة للرقيب ومقص الرقابة، وعادة ماتعتمد على الراوي وشريط صوت يقوم بادارة وتوجيه المتفرج وتجعله يسير على هواه ويشاهد العمل مثل " تابع " بلا عقل او فكر ومستلب تماما.انها افلام للتسكين والتغييب وتكون خاضعة طوال الوقت لوصاية الانظمة السياسية التي تصنعها وتفبركها لمصلحة الاستعلامات وما شابهها وشاشاتها العقيمة..
انطلقت حديثا الدورة 33 للمهرجان إذن ، وتمتد حتى الخامس من ابريل وتشمل عدة محاور مهمة ، فهناك اولا محور المسابقة الرسمية التي تضم اكثر من اربعين فيلما وثائقيا جديدا موزعة على اقسام المسابقة المختلفة مثل مسابقة أول فيلم والمسابقة مخصص فقط للافلام الفرنسية وهناك المسابقة الدولية بالطبع ويمنح المهرجان عدة جوائز، ويكشف من خلال محاوره وفعالياته ونشاطاته ولقاءاته كما ذكرت عن تطور" سينما الواقع " اي محاولة السينما من خلال الافلام الوثائقية ان تكشف عن تناقضات عوالمنا ومجتمعاتنا وتصبح اداة تأمل في ازماته ومشاكله وبلاويه ومآسيه وتمسك هكذا بروح عصرنا وتكون بمثابة " مرآة " ليس فقط شاهدا على مايحدث، بل تتجاوز ذلك من خلال التحريض على حدوثه ،والمشاركة في تغييره، فهي تستلهم منجزات السينما الكفاحية في اعتماد السينما وتوظيفها كسلاح في الثورة والتغيير، وعلى اعتبار فني مهم الا وهو ان السينما لاتصبح اابدا كثر " ثورية " بالهتاف والصراخ والجعجعة والطحن ، بل بالتلميح اكثرمن التصريح، والتعبير بالصورة فقط قبل واكثر من الكلمة ..
والانحياز الى "الهمس" قبل " الصراخ " والا تحولت السينما من خلال الثرثرة الفارغة الى فن درامي اذاعي وليس فنا تشكيليا يعتمد في قاعدته على وحدات فنية والمخاطبة بابجدية الصورة من دون كلام ، كما في افلام السينما الصامتة العظيمة " نانوك الشمال" عن حضارة الاسكيمو في الصورة المرفقة مع ملصق المهرجان هنا...
والجدير بالذكر قبل ان نتوقف عند بعض افلام ، تلك التظاهرة المميزة في عدد مقبل ان " مهرجان سينما الواقع" الذي انطلق في الرابع والعشرين من مارس 2011 كان افتتح فعالياته بعرض بعض افلام المخرج السينمائي الكبير السوري الراحل الصديق عمراميرالاي، الذي لم اصدق بعد انه قد رحل ،على الرغم من ان نبأ وفاته جاءني في مصر اثناء الثورة، وهبط على مثل صاعقة، وحزنت جدا جدا لوفاته ، لكني أعلم ان افلامه يقينا سوف تبقى نبراسا ودليلا ودرسا يحتذى للاجيال الحالية والقادمة في سوريا..
ونموذجا ساطعا للسينما الوثائقية المستقلة الجميلة بابداعات وتجليات واشراقات وابتكارات الفن المدهشة، ومن فضلكم دعونا من استخدام كلمة " تسجيلية " هذه لتوصيف النوع ، التي صارت شائعة الاستخدام في الصحافة العربية المتخلفة واعلامنا الحكومي الرسمي المضلل والمتدني. اسمها السينما " الوثائقية " دوكيومون ، وثيقة ، وثيقة ، يا سادة ، ومفيش اي لايوجد غير العرب كما يقول المخرج السينمائي الليناني الصديق جان شمعون ( درسنا سويا السينما في جامعة فانسان 8 الشهيرة في باريس ) الذين يطلقون عليها قال إيه " تسجيلية،" ولذلك فالعالم يتقدم الى الامام من حولنا ونحن نسير خطوتين الى الخلف ، خلصونا بقى!
صلاح هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق