مجلة مستقلة تأسست في اغسطس 2005 وتعني بفكر السينما المعاصرة EDITOR AND OWNER:SALAH HASHEM MOUSTAFA salahashem@yahoo.com
الاثنين، أبريل 26، 2010
السينما العربية من ضياع الحلم الى إستعادته بقلم حكمت الحاج
إننا لا نريد أن نقول إن السينما الحقيقية هي ابتكار مصري خالص، بل ربما العكس هو الصحيح. فالتونسيون والسوريون والجزائريون ومن ثم المغاربة، كانوا أيضا من أوائل من اجترحوا صيغا مثلى للسينما في الفضاء العربي. لكنهم وبإصرار غريب، لم يغادروا أبدا الندرة في الإنتاج والاستبعاد المتقصد للجمهور عبر تناول موضوعات بعيدة عنه وطرق أساليب تعبير سينمائية مليئة بالتنطع الثقافي النخبوي. أما الذي انفردت به "هوليوود العرب"، أي مصر، التي اقترح أن نسميها من الآن "موليوود" تكريما لتاريخها في الصناعة السينمائية وأسوة بنظيرتها الشرقية الأخرى "بوليوود" أي الهند، أقول، ما انفردت به السينما المصرية كان تمسكها بالرؤية الصحيحة وحدها دون غيرها في مجال التصنيع السينمائي متمثلة في الثنائية المتراكبة مع بعضها البعض جدليا، ألا وهي الكثرة والجمهور، ولم تسمح أبدا بالخروج على هذا النهج إلا في حدود ضيقة جدا من الإبداع المتقون على أيدي فنانين قلائل كبار. وللأسف فإنه ما إن تبلورت موليوود (مصر السينما) كتيار رئيس للصناعة السينمائية، حتى جاء رد الفعل العكسي من الجميع في باقي العواصم العربية، فذهبوا يعملون فى صيغ إنتاجية وجمالية بديلة تحت شعارات مثل الوطنية والتاريخية والشاعرية والتجريبية والتجديدية وسينما المؤلف خاصة، وهى مبادرات جميعها لم تولي اهتماما لا للكثرة في الإنتاج ولا لاجتذاب الجمهور لصالات السينما، بل وجمعها شيء آخر، إضافة إلى الاعتياش الطفيلي على الدعم الحكومي في تلك البلدان العربية، ألا هو الفشل الحتمي وغير القابل للنقاش .
إن النقاد والكتاب والإعلاميين وكل العاملين في الشأن السينمائي العربي والمعنيين به مدعوون إلى تحديد معنى التفاهة والسطحية في السينما وتمييزها عن العمق والأصالة على وفق فرز وتصنيف يضع الحلم الإنساني المشروع مقياسا لذلك. وعندما نصل جميعا وعلى سبيل المثال إلى القناعة بأن أفلام مخرجين مثل يوسف شاهين وخالد يوسف وإيناس الدغيدي هي أفلام تافهة وسطحية مليئة بالكذب وخالية من الحلم نستطيع عندها أن ندشن عهدا جديدا لعودة الجمهور إلى السينما وصالات العرض السينمائية. ليس لمشاهدة أفكار سقيمة تتراقص على القماشة البيضاء الساحرة، فالأفكار متناثرة على الطريق كما قال الجاحظ ذلك قبل أكثر من ألف عام، بل لمشاهدة أحلامه وآماله تتجسد أمامه بشكل درامي عميق أو كوميدي ساخر إنما في هذا وذاك بتعبير فني كله تشويق وسحر وجذب للانتباه. وإن من البيان لسحرا.
____________________________________
hikmetelhadj@gmail.com
السبت، أبريل 24، 2010
سينما إيزيس لماذا ؟ بقلم نديم جرجورة
سينما إيزيس في جريدة " السفير " اللبنانية
مدوّنة «سينما إيزيس»
تطمح الى سينما تشبهنا
صلاح هاشم : نريد بديلا من الهراء
الذي يُسمَّى ثقافة السينما
2007
الجمعة، أبريل 23، 2010
فن الترجمة لأهداف سويف سلسلة محاضرات في الجامعة الامريكية مصر
فن الترجمة
عندما يكون المترجم مؤلفا
سلسلة محاضرات بعنوان " المؤلف كمترجم "
للدكتورة الروائية أهداف سويف
في الجامعة الامريكية بالقاهرة
تنظم الجامعة الامريكية بالقاهرة مصر اعتبارا من يوم الاربعاء 28 ابريل 2010 سلسلة محاضرات في فن الترجمة بعنوان " المؤلف كمترجم " للدكتورة الروائية المصرية العالمية أهداف سويف التي ترجمت بعض رواياتها التي تكتبها بالانجليزية ( وهي خريجة قسم انجليزي بجامعة القاهرة مصر في فترة الستينيات وابنة د. فاطمة موسي ود.مصطفي سويف) ترجمت الى العربية ، كما تم اقتباس بعض قصصها القصيرة للسينما في مصر ، و المعروف ان أهداف سويف الي جانب اشتغالها على الرواية ، تكتب ايضا كمعلقة سياسية في بعض الجرائد الانجليزية مثل جريدة " الاندبندانت " اليسارية المعروفة، وبخاصة في مايخص قضايا الشرق الأوسط عامة وقضية فلسطين بوجه خاص
ان الترجمة في اعتبارنا هي فن وابداع وخلق جديد غير ان معظم الكتب المترجمة وبخاصة في المكتبة السينمائية العربية مثلا مازالت غامضة ومرتبكة وغير مفهومة لأن معظم المترجمين وبخاصة في مؤسسات ومراكز الترجمة المصرية والعربية قد يجيدون اللغة التي يترجمون عنها الا انهم ليسوا من أهل الاختصاص في المادة سينما مسرح فنون جميلة فلسفة علم نفس مادة الكتب التي يقومون بترجمتها اما عن درايتهم باللغة التي يترجمون اليها اي العربية فلا تحدث
لذا تكون ترجماتهم ضعيفة وركيكة وغير مفهومة بالمرة ، بالاضافة الي ان تلك المؤسسات المذكورة تهتم ايضا بالكم اي عدد الكتب المترجمة اكثر من اهتمامها بالكيف ، و كانت استاذتي في الجامعة د.فاطمة موسي رحمها الله اثناء زيارة لي الي مصر حذرتني من التعامل مع تلك المؤسسات وبخاصة اذا عرضت علي ان اقوم بمراجعة اية ترجمات عن الانجليزية لأني سوف اكتشف في التو ان الكتاب المترجم يحتاج ليس الي مراجعة فقط بل يحتاج الي ترجمة جديدة او ترجمته من جديد في حين تدفع لك المؤسسة مكافأة المراجعة فقط ويكون المترجم الخسيس حصل على مكافأته و ذهب يتفسح في أجازة براحته ولذلك نقول هنا ان بعض الكتب و الروايات المترجمة لن تجد فيها اي شييء البتة سوي عناوينها الموضوعة علي الغلاف وتستحق ان تلقي بسرعة في اقرب سلة مهملات
هل لدينا " حركة ترجمة " في العالم العربي ؟ أشك في ذلك فما زلنا متأخرين جدا في هذا المجال ، و لذلك يتقدم العالم من حولنا ويتطور ، من منطلق ان الترجمة احد ابرز العناصر في قيام نهضة فكرية تنويرية أصيلة الله يرحمك يا طهطاوي ، و مازلنا نحن في بلادنا محلك سر، لكن هناك في نهاية النفق المظلم بصيص من نور، و بخاصة في ما يتعلق بمصر يتمثل في قيام مركز قومي للترجمة في البلاد يترأسه د.جابر عصفور حقق لاشك بعض الانجازات المهمة في هذا المضمار، و استحداثه لجائزة " الطهطاوي" في الترجمة
وعودة الى سلسلة محاضرات " المؤلف كمترجم " لأهداف سويف، ننوه هنا بأنها ستبدأ يوم الاربعاء الموافق 28 ابريل على الساعة السادسة مساء في "القاعة الشرقية " بالجامعة الامريكية بالقاهرة ( وسط البلد ) مصر وهي تستحق المتابعة والحضور عن جدارة
الثلاثاء، أبريل 20، 2010
مقال نقدي يثير سخطا في البرلمان اليمني ودعوة للتضامن مع العقبي
من أجل حرية الفكر
دعوة للتضامن مع السينمائي اليمني
حميد عقبي
مقال نقدي
لفيلم حين ميسرة
يثير سخط البرلمان اليمني
و خطباء الجوامع
مازال الشارع اليمني بكل فئاته مشغول بتطورات القضية التي اثارتها كتلة من النواب التابعين لحزب الاصلاح الديني باليمن وذلك بسبب مقال نقدي للمخرج السينمائي اليني حميد عقبي المقيم بفرنسا والذي تناول عبر حلقات دراسة نقدية حول فيلم "حين ميسرة" بعنوان "المضمون الاجتماعي والسياسي والاغراء الجنسي في افلام خالد يوسف"، وركز المعترضين على الحلقة الاخيرة المنشورة في 21 مارس الماضي في العدد 524 بصحيفة الثقافية التي تصدر عن مؤسسة الجمهورية الرسمية بتعز، ويعتبر المعترضون ان الكاتب نادى بسن قوانيين تبيح زواج المثلية باليمن وتدعو للرذيلة والاباحية الجنسية، وتم ماقشة الموضوع تحت قبة البرلمان اليمني في يوم 7 ابريل وأثار سخط الاعضاء وتم تحرير مذكرة الى وزير الاعلام من رئاسة البرلمان تطالبة باغلاق الصحيفة والتحقيق مع المسؤولين، وعلى اثرها اصدر سمير اليوسفي رئيس مؤسسة الجمهورية قرار بايقاف الصحيفة وتحويل طاقم التحرير الى التحقيق. ورغم اغلاق الصحيفة الا ان ردود الفعل انتقلت الى الجوامع والمساجد في صنعاء وعدد من المدن اليمنية الكبرى تطالب باصدار اقصى العقوبة على الكاتب عقبي باعتباره يدعو للاباحية وسرعة محاكمته. كما تم تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق من المنتظر ان ترفع تقريرها خلال ايام وتحويل القضية الى النيابة والمحكمة.
ويدور نقاش واسع في الكثير من المنتديات الاليكترونية والشارع اليمني، وتم توزيع منشورات تكفر المخرج السينمائي حميد عقبي وتطالب باباحة دمه. هذا وقد اكد عقبي الموجود حاليا بفرنسا انه لن يعتذر وان ما طرحة وجهة نظر تدعو لفهم ظاهرة المثلية الجنسية ومعالجتها باسلوب علمي وعصري وانساني وضرورة التوسع في القوانيين المدنية التي تدعم الحرية الاجتماعية وعدم التفريق بين الناس بغض النظر عن الدين او اللون او الهوية الجنسية، كما طالب بضرورة التفريق بين المثلية الجنسية والاستغلال الجنسي للقاصرين والقاصرات، وتناول في الدراسة صورة المثلي الجنسي بالسينما العربية باعتبارها ضعيفة وممقوته وهشة.
الجدير بالذكر ان حميد عقبي مخرج سينمائي يمني مقيم، وهذه دعوة من موقع "سينماتك" للتضامن معه وضد الحجر على حرية الفكر والتعبير عن الرأي في الوطن العربي.
مقال العقبي
المضمون الاجتماعي والسياسي
والإغراء الجنسي
في أفلام خالد يوسف
بقلم
حميد عقبي
الحلقة الأخيرة
المخرج السينمائي المصري الأكثر إثارة خالد يوسف والذي لم يسلم من النقد والتشهير باعتباره مروجاً للفاحشة والفساد وخصوصاً في فيلمه "حين ميسرة " حيث أثار مشهد السحاق اعتراضات واحتجاجات من جهات عديدة، ومن وجهة نظر المخرج أن الفنان والسينمائي عليه أن يتوغل في عمق الواقع الاجتماعي وإظهار مشهد جنسي فاحش أوعنيف هو جزء من قراءته للواقع وخصوصاً مجتمع العشوائيات الفقير والبائس.
نود أن نختم هذا الملف مع فيلم "حين ميسرة" للفنان خالد يوسف وذلك كون لدينا مواد مهمة في الاسابيع القادمة، وسوف نتناول المحاور الثلاثة الباقية وهي السلطة، والارهاب، والطبقة البرجوازية، وقد ورث خالد يوسف عن استاذه يوسف شاهين مسالة مقارعة السلطة ولكنه بالطبع أقل شجاعة من استاذه، كون العملاق يوسف شاهين كان لا ينقل الواقع بل يعري السلطة ويفضحها بشكل فني مدهش ولم يكن يخاف سلطة الرقيب وجبروته ولا نجد في أفلامه مداهنة أو نفاقاً اوتصالحاً بل كان كل فيلم بمثابة ضربة قوية لفضح ديكتاتورية وعنف هذه السلطة وخوائها الفكري والروحي واللإنساني في التعامل مع الناس باعتبارهم عبيداً وليسوا شعباً من حقه أن يعيش كبقية الشعوب الحرة.
السلطة هنا في فيلم "حين ميسرة "تستغل حشيشة وغيره ليكون جاسوساً وتعطيه بعض السلطات ليصبح فتوة الحي بشرط ان يظل عينها وخصوصاً على الفئة الارهابية والتي أصبحت تمثل خطراً حقيقياً على الاستقرار السياسي وتوجه ضربات موجعة اقتصادية وهي اي هذه الفئات الارهابية تأخذ من الأحياء الفقيرة العشوائية ملاذاً آمناً كي تختفي في شكل خلايا وهي مدعومة من جهات غربية ولم يوضح الفيلم اهداف هذه الفئات بالضبط وما هي مطالبها وجذورها وافكارها.. يظهر في هذا الفيلم أن السلطة أي الشرطة غير قادرة على فهم هذا المجتمع والتعامل معه وتفتقد لرؤية واضحة علمية ومدروسة المهم هو تنفيذ التعاليم التي تأتي من السلطات العليا والحصول على مكاسب وترقيات هناك خلل لدى السلطة وعدم فهم واضح للمجتمع العشوائي فالقوة وحدها لا يمكن أن تمنع الجرائم دون علاج ناجع لمشاكل الانسان واحتياجاته الضرورية مثل الصحة والتعليم والثقافة والعمل والشعور بالأمان أو الشعور بالوجود وجمال الحياة، والاجرام يجد ملاذاً جيداً في اوساط المجتمعات الفقيرة والجاهلة وغير المثقفة وتتحول هذه المجتمعات الى أرضية خصبة للارهاب والجريمة وهذا ناقوس الخطر الذي يهدد معظم مجتمعاتنا العربية، فالحكام يستأثرون بالمال والثروة والخيرات ويدعون شعوبهم في دائرة الفقر والجهل والمرض مما ينتج عنه شعور بالضياع والعودة للعصر الهمجي حيث القوة هي المعيار وينتزع حشيشة السلطة المحلية داخل هذا المجتمع العشوائي بالقوة باحراق تاجر الحشيش واعوانه وكما سبق وقلنا خالد يوسف من خلال هذا العنصر حاول خلق شخصية ملحمية أي بطل لكننا لم نفهم هذا البطل جيداً ولم نتعمق الى دواخله وظل هناك فراغ في هذه الشخصية وخلل الى نهاية الفيلم.. الفئة الارهابية في هذا الفيلم ظهرت مختفية ومتاورية عن الانظار وتتخذ من مجتمع العشوائيات مجرد ستار بشري وهي لا تتدخل في الحياة العامة، وهذا قد لا يكون صحيحاً كون الجهات الدينية المتطرفة والرديكالية دائما تفضل المجتمعات الفقيرة وتحاول السيطرة عليها وفرض قوانينها وهي تستغل الفقر والحاجة وهذا يحدث في مدن كثيرة ، مثلاً اليمن نجد بعض الجهات الدينية تقوم بتاسيس جمعيات ومعاهد دينية لنشر فكرها ومسخ المجتمع بنشر العنف والفوضاء والقسوة والتركيز على الشباب وتحويلهم الى حيونات مفترسة لا انسانية والترويج للجهاد والخلافة الاسلامية وقتل أعداء الإسلام، أي أن شخصاً يخالفهم بالفكر يصبح عدواً لله ، وهم ليس لديهم استعداد للفهم والحوار بل للقتل والتدمير لكل ما هو حضاري وانساني وروحي.
إن هذه الفئة تهدد مجتمعاتنا والانسانية بشكل عام كونهم اعداء للحياة والتحرر والثقافة والفن والاستقرار وهي تجد مرتعاً خصباً بسبب الانظمة الديكتاتورية وغياب الديمقراطية والتنمية والحل الوحيد هو مزيد من الحريات والتنمية وتشجيع الثقافة والفنون والتعليم من أجل اسئصال هذه الفئة والقوة وحدها قد لا تنفع، ومصيبتنا في العالم العربي اننا لا نفكر بعقلية علمية لحل مشاكلنا ونعيش تحت وطأة أنظمة مستبدة ومتهالكة يسودها الفساد.. الطبقة البرجوازية هي الاخرى تجد في هذه المجتمعات الفقيرة والعشوائية مجرد مصدر للذة الجنسية، وناهد دلالة واضحة ومشهد الاغتصاب يحاول اظهار مدى قسوة وعنف الطبقة البرجوازية واستغلالها، فناهد مجرد جسد ينهشه هؤلاء ولا يفكرون في مشاعرها كإنسانة .وهذه الطبقة أيضاً ضائعة وخاوية روحياً وليس لديها أدنى مسئولية وكل ما يهمها اللذة الشخصية وهي نتاج فساد عام، وللاسف في مجتمعاتنا العربية اصبحت هي الشريك الاول في السلطة أي انضم الفساد للفساد لتشكيل لوحة لا مكان فيها للروح ، لا مكان فيها للفقراء، لا مكان فيها للحرية الاجتماعية ، وهذه الطبقة المترفة ليس لديها اخلاق أو قيم أو دين وهي مستعدة لانتهاك كل الحرمات وتدنيس الروح وهي مدعومة بالمال والسلطة وقد ظهرت الطبقة البرجوازية بشكل بسيط في هذا الفيلم لكنها موجودة من خلال مشاهد أخرى في الحارة الشعبية وهي سبب كل البلاء والبؤس الإنساني.. خالد يوسف يرى أن الخطر الذي يهدد استقرار المجتمع المصري والعربي هو ذوبان وسقوط الطبقة المتوسطة الى قاع الفقر ، وهذا يسبب خللاً اجتماعياً وسياسياً فكرياً، ولكل مجتمع أوطبقة سلبياتها واظهار سلبيات المجتمع ليس عيباً ونحن نؤيد هذه النقطة ولا نرى من العيب اظهار مشهد جنسي فاحش أوعنف مقزز كوننا بحاجة الى نوع من الصدمة كي يستيقظ الاحساس فينا ونشعر بالواقع على حقيقته ولا نكتفي بما تنشره الصحف الرسمية من إنجازات وهمية لمشاريع التنمية والتحديث، فالخراب يعم ويسيطر ويقتل فينا اشياء كثيرة وأهمها أدميتنا وإنسانيتنا ولواستمر الحال فسوف نصبح مجتمعات وحشية وخارجه عن إطار الحضارة وللاسف لا توجد مشاريع قوية حضارية في عالمنا العربي والتفاؤل بالتغيير أصبح مجرد وهم أو حلم ساذج ولكن الفنان عليه الا يستسلم ويعرض أفكاره ورؤيته بشكل صادق ومعبر وفني أيضاً .
نختم هذا الملف بالعودة والحديث عن المثلية الجنسية ، وقد تلقيت بعض الرسائل وبعضها كان قاسيا ويظهر ان هناك سوء فهم حول ما تم ذكره في الحلقات السابقة، وأود أن اطرح بكل صراحة ان فئة المثلية الجنسية هي جزء وشريحة من مجتمعاتنا ولا يمكن أن نلغيها أو نستمر في ازدرائها وعزلها، وعلينا ان نطور القوانين المدنية ونوسع من حرية التعبير لتجد هذه الفئة المناخ الملائم للتعبير عن نفسها واندماجها وتفاعلها مع الاخرين ، ففي الغرب والدول المتقدمة توجد مؤسسات عملاقة وجمعيات لحماية هؤلاء ونبذ العنصرية ضدهم وتم سن قوانين عديدة لحمايتهم ومساعداتهم على الاندماج والتعايش مع الفئات الاخرى وهم يطالبون بسن مزيد من القوانين مثل قوانين الزواج من بعضهم البعض والتبني وغيرها من الحقوق المدنية، وعلينا التفريق بين المثلي الجنسي اي الرجل الذي يجد الرغبة في رجل آخر أو امراة تجد الرغبة واللذة في امراة اخرى وتكون علاقتهم مبنية على الحب والاحاسيس وبين الرجل الذي يستغل الصبيان مثلا والقاصرين لسد شبقه الجنسي فهذا الفعل في اغلب القوانين يعد جريمة يعاقب عليها القانون وكذلك المراة التي تستغل القاصرات لغرض جنسي فهذا فعل شنيع ومرفوض ولكن العلاقات المتكافئة أي أن يكون السن متقارباً وتكون العلاقات حميمية وانسانية وهناك مشاعر حب وعشق ورغبة للاستمرار في العلاقة وليس مجرد متعة عابرة والتي أصبحت تنتهي بالزواج أو بنظام اجتماعي معين فيه استقرار ولكل طرف حقوق وواجبات، وأصبحت عقود الزواج المثلية يتم عقدها في الكنائس وبعض الدول مثل السويد مثلا سنت قوانين الزواج المدني بين المثليين وكل يوم يمر يحدث تقدم ويحمل مكاسب جديدة للمثليين وهم يودون العيش بامان واستقرار ولا يعني هذا ان هذه الجمعيات تدعو الناس لسلك نفس السلوك ونشر الرذيلة كما نطلق عليها نحن في الشرق، ورغم قسوة الواقع في العالم العربي بالنسبة لهذه الفئة فقد تحقق انتصارات وتنتزع الاعتراف الرسمي والمدني وربما بعد عشرين عاماً قد يصبح حضور مراسم زواج مثلي جنسي في بلد مثل اليمن أمراً عادياً ليس فيه أي نوع من الغرابة أوالدهشة نحن نعيش في عالم السماوات المفتوحة والتغيرات السريعة ونحن جزء من المجتمع الانساني ولا يمكننا أن نظل معزولين عنه ومن الأفضل ان نناقش مثل هذه القضايا بشكل علمي بعيداً عن سطوة وتاثيرات أخرى كالدين والعادات والتقاليد.
الاثنين، أبريل 19، 2010
البحث عن رفاعة ينفتح علي "الحاضر الإنساني "في مصر.
تأجل عرض فيلم " البحث عن رفاعة " الذي كان مقررا أن يعرض اليوم الاثنين 19 ابريل في المركز الثقافي الفرنسي بمصر الجديدة القاهرة مصر ، بسبب توقف حركة الملاحة الجوية في اوروبا ، وتعذر سفر د. لميس عزب بالتالي من باريس الي مصر ، وكانت ستلقي محاضرة عن رفاعة الطهطاوي رائد نهضةمصر الحديثة قبل عرض الفيلم ، وتحكي عنه..
وكانت " سينما ايزيس " شرعت في نشر بعض المقالات النقدية التقيمية عن الفيلم باقلام كبار النقاد والمعلقين قبل عرضه في المركز المذكور ، و من ضمنها المقال المرفق هنا ، وكان مقررا له ان ينشر اليوم ، ويقدم حصاد الندوة التي اقيمت في اعقاب عرض الفيلم يوم 9 يونيو 2008 في جامعة لندن ، و يعرض للافكار الاساسية لمخرجه، والأسباب التي دفعته لانجازه ، وكيف أشتغل عليه
فيلم " البحث عن رفاعة " ينفتح
وهو يناقش
أفكار الطهطاوي
علي " الحاضر " الإنساني في مصر
إيلاف.خاص
عرض يوم الاثنين الفائت، التاسع من شهر يونيو2008، في مدرسة الدراسات الإفريقية والشرقية بجامعة لندن، فيلم الناقد والكاتب المصري صلاح هاشم " البحث عن رفاعة "، الفيلم الذي أنتجته " مجموعة نجاح كرم للخدمات الاعلامية " بالكويت، قام بتصويره ومونتاج سامي لمع. بعد عرض الفيلم ، فتح النقاش حول الفيلم بحضور المخرج صلاح هاشم والمصور سامي لمع والدكتور صبري حافظ أستاذ الأدب العربي الحديث بالجامعة، وأستاذ الأدب المقارن الدكتور أيمن الدسوقي
استقبل الفيلم بترحاب كبير، بسبب القضايا الفكرية والفلسفية التي يعرض لها، وتوهجه وشكله الفني أيضا، حيث يقدم " رفاعة " بأسلوب موسيقي الجاز ، وينفتح علي المنظر الطبيعي و" الحاضر " الإنساني في مصر، ويدخل إلي الزحام من دون خوف ، في القاهرة وطهطا وأسيوط، ويمتزج أثناء بحثه عن رفاعة في ربوع مصر بالحشد الإنساني
وكان هناك إجماع من خلال مداخلات الحاضرين ، علي أن الفيلم قد حفزهم أيضا علي التفكير والتأمل في " حاضر " مجتمعاتنا العربية وتناقضاتها ، في بحثها عن " هوية " ومستقبل ومصير، و هي تواجه أشرس صعود للتيارات والجماعات الدينية السلفية الظلامية المتطرفة ، التي تريد العودة بنا إلي عصور التخلف والجاهلية ، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وما تبعها من غزو "بوش " للعراق، و في إطار المتغيرات الجديدة المتلاحقة التي نعيشها كل يوم في عصر العولمة
وكان صلاح هاشم مخرج الفيلم ، نوه في مداخلته بالمتاعب التي تجشمها في صنعه ، حيث صور أكثر من عشرين ساعة في القاهرة وطهطا وأسيوط، واستغرق العمل في مونتاج الفيلم أكثر من ستة شهور بين باريس وكوبنهاجن، وذكر أن الهدف من صنع الفيلم ، لم يكن نوعا من التكريس ل " عبادة البطل " او إقامة التماثيل لشخصية رفاعة الطهطاوي المعلم والمفكر الإنسان ورائد نهضة مصر الحديثة
بل التحفيز علي التفكير في " فكر " رفاعة ، و أفكاره و معتقداته الأساسية، بخصوص مفاهيم ومعاني النهضة والتقدم ، وحرية المرأة ، ودور المثقف ، وحقوق الإنسان..
وذكر صلاح هاشم في مداخلته، إن الفيلم ليس فيلما عن " الماضي " أو الحنين إلي الماضي، بل هو عن " حاضر " مصر وواقعها الآن" كما ذكر انه من بين كل الأفلام الروائية او التسجيلية التي سوف تصنع مستقبلا عن رفاعة الطهطاوي، سيكون فيلمه " البحث عن رفاعة " ، أكثرها قربا من الناس في بر مصر العامرة بالخلق ، حتي لتلمس فيه لفح أنفاسهم ، و حفيف خطواتهم ، وحبهم وعشقهم للحياة ووطنهم مصر
وقد أراد من خلال الفيلم ان يجسد ذلك العشق، بل وأن يمسك بتوهج الحياة ذاتها في مصر، ضد الفناء والاندثار والعدم ، ومتاعب ومشاكل كل نهار
كما أراد كما نوه، أن تكون تجربة الفيلم في شموليته الفنية، وهنا تكمن أهميته، ليس في مناقشة الأفكار التي أتي بها رفاعة من رحلته إلي باريس عام 1826 ، بل في التركيز أساسا علي " مسلك " رفاعة الحضاري ذاته أثناء تلك الرحلة، وذلك من خلال الأسلوب الذي انتهجه رفاعة في التعامل مع الحضارة الغربية والنظر فيها: أسلوب " الانفتاح " علي إضافاتها ومنجزاتها ، من دون شعور بالدونية أو الاستعلاء
وذكر أن رفاعة كان مسنودا في ذلك علي ثقافته الدينية الأزهرية ، وواعيا بموروثه الثقافي والحضاري، ولذا كان بالتالي محميا من " الانبهار " بتلك الحضارة، والارتماء في أحضانها
كما أشار المخرج إلي انه اعتبر وهو يشكل " بنية " الفيلم ،اعتبر انه يؤلف قطعة موسيقية بأسلوب موسيقي الجاز، ولذلك حرص علي أن يبرز في الفيلم عنصر " الارتجال " ، وعنصر " الحرية في العزف " التي يرتكز عليهما هذا النوع، وأراد أن يقدم " رؤية " لرفاعة بأسلوب الجاز، وظهر ذلك من خلال مونتاج الفيلم، وإيقاعه، وحركة التنقل في المشاهد بين باريس والقاهرة وطهطا وأسيوط
وتلك التلقائية المقصودة المحببة ، التي تظهر بوضوح في الفيلم، فتمنحه نفسا وروحا، وتجعله ينبض بالحياة
ونوه هاشم في مداخلته بأن الفيلم يطرح أيضا أثناء بحثه عن رفاعة ، يطرح سؤال السينما ، وكيف يمكن أن تكون أداة بالفعل ، لا للترفيه والتسلية فحسب ، بل للتفكيرايضا في واقع ومشاكل ومتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية، ووسيلة للمحافظة علي ذاكرتنا: ذاكرة رفاعة ، وذاكرة الحاضر الآن في مصر، وعلي أمل أن يكون الفيلم كله عبارة عن معزوفة موسيقية جازية حديثة ، قصد بها أن تكون تحية حب وتقدير إلي المعلم الأكبر الطهطاوي، ومنهجه وفكره، وقصيدة أيضا في حب الناس، وبحيث تتحقق من خلالها أيضا متعة السينما كفن للمخاطبة والتواصل من خلال شريط الصورة ، عن جدارة
عن جريدة " إيلاف " الاليكترونية بتاريخ الخميس 12 يونيو 2008
الأحد، أبريل 18، 2010
البحث عن رفاعة : نظرة تشريحية تضع اليد على الجرح بقلم عثمان تزغارت
بمناسبة عرض فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم في المركز الثقافي الفرنسي بمصر الجديدة القاهرة مصر يوم 19 ابريل 2010 و يسبق عرض الفيلم محاضرة عن "الطهطاوي" رائد نهضة مصر الحديثة للدكتورة لميس عزب
تعيد "سينما إيزيس " هنا نشر بعض المقالات التي كتبت عن الفيلم بأقلام كبار النقاد و المعلقين..
عن الطهطاوي والنهضة و الأسئلة المعلقة
فيلم " البحث عن رفاعة: لصلاح هاشم
يطرح الأساليب الحكائية التقليدية جانبا
لحساب لغة بصرية مكثفة
ويعرض " نظرة" تشريحية قاسية
تضع اليد على الجرح و مكمن الخلل
في فيلم «البحث عن رفاعة»..بعد قرابة قرنين على رحلة رفاعة الطهطاوي الشهيرة إلى فرنسا، يسير صلاح هاشم في شريطه على خطى صاحب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، معيداً طرح السؤال ذاته: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟
بقلم
عثمان تزغارت
تتنازع الإعلامي والناقد السينمائي المصري صلاح هاشم ثلاثة انشغالات أساسية: حبّ السينما وموسيقى الجاز والبحث في الفكر التنويري، بوصفه المنطلق التأسيسي لأي مسعى تحرّري ، من شأنه تخليص الثقافة العربية من براثن التشدد والظلامية.
وها هو يجمع بين هذه الانشغالات الثلاثة في شريطه «البحث عن رفاعة» (وثائقي 63 دقيقة ـــــ إنتاج كويتي مصري) الذي قُدّمت عروضه الأولى أخيراً في لندن وباريس.
يمثّل هذا الشريط الجزء الأول من ثلاثية توثيقية ، يعتزم هاشم تخصيصها لفكر رفاعة الطهطاوي ومساره، ضمن مشروع يشغله منذ أكثر من عقدين.
لكن إعجابه بشخصية الطهطاوي ومكانته الرائدة ، لم يمنعه من أن يطرح جانباً الأساليب الحكائية التقليدية، ليخرج من الإطار الضيّق المتعلق بالتأريخ لسيرة هذا المفكّر، ويوسّع المشهد إلى ما هو أبعد وأعمق وأكثر راهنية، عبر إعادة طرح السؤال ذاته الذي شغل الطهطاوي قبل قرن ونيف: لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟
وإذا برحلة البحث عن الطهطاوي بين باريس والقاهرة وطنطا وأسيوط، إذا بها تتحوّل إلى رحلة تأمّلية في الواقع المصري والعربي اليوم، ضمن نظرة تشريحية قاسية، تضع اليد على الجرح ، وعلى مكمن الخلل ، في المشروع الحداثي العربي المعطّل والمعطوب...
يقول صلاح هاشم: «لم يكن الهدف من إنجاز الفيلم نوعاً من التكريس لـ«عبادة البطل»، رغم مكانة رفاعة المعلّم والمفكّر والإنسان ورائد نهضة مصر الحديثة، إلا أنّ ما شغلني هو التحفيز على التأمل في فكر رفاعة، ومفاهيمه لمعاني النهضة والتقدم وحرية المرأة ودور المثقف وعلاقة الحاكم بالمحكوم، من أجل طرح سؤال أكثر راهنية، وهو: أين موقع مصر والعالم العربي اليوم ، من ذلك الفكر التنويري المجدّد؟».
لهذا، لم يسلك هاشم في ثلاثيته المخصّصة للطهطاوي المنحى الكرونولوجي التقليدي، بل سلّط الضوء في هذا الجزء الأول على موقع فكر الطهطاوي وأثره في الراهن العربي اليوم، بعد قرابة قرنين من الزمن، على أن يعود لاحقاً، في الجزءين الباقيين إلى التأريخ لرحلة الطهطاوي إلى باريس، عام 1826، ومن ثم إلى الجهد التحديثي الذي اضطلع به بعد عودته إلى مصر.
في الملخص التقديمي للشريط، يقول هاشم إنّه " ..عمل يحكي وقائع رحلة مطوّلة بين باريس والقاهرة، مروراً بأسيوط وطنطا في صعيد مصر، بحثاً عن ذاكرة رفعت رفاعة الطهطاوي (1801 ـــــ 1873)، رائد نهضة مصر الحديثة، الذي يلخص مشواره العلمي قصة بلاده في القرنين الماضيين." ..
لكنّ الفيلم يطرح السؤال الأكثر راهنية: ترى ماذا بقي من تعاليم الطهطاوي ونظرياته وأفكاره بخصوص العلم والتعليم وحرية المرأة والعلاقة بين الحاكم والمحكومين في مصر والعالم العربي اليوم؟
بغية تحقيق ذلك، لم يراهن صلاح هاشم على المغايرة على صعيد المضمون فحسب، من حيث كسر الوتيرة الكرونولوجية، بل أيضاً على صعيد الشكل الفني، إذ طرح جانباً الأساليب الحكائية التقليدية، لحساب لغة بصرية مكثّفة ، أتاحت له الغوص في الواقع المعيشي للناس، ليرصد مآل بلد الطهطاوي بعد كل هذا الوقت على رحيل رائد نهضتها. ولم تمثّل موسيقى الجاز مجرد خلفية صوتية للفيلم، بل مثّلت عنصراً بصرياً أساسياً فيه، بحيث لم تكتف أجواء الجاز، وتلوّناته الإيقاعية بمرافقة إيقاع الفيلم وضبطه، بل كانت مرتكزاً استند إليه هاشم وشريكه في المشروع المصوّر اللبناني المقيم في كوبنهاغن سامي لمع، للغوص في أعماق الحياة الشعبية للناس البسطاء في مصر..
حتى أننا حين نسأله عن أهم ما يميّز عمله التوثيقي هذا، يجيب: «لا بد من أن أفلاماً كثيرة تسجيلية وروائية ستُنجز مستقبلاً عن الطهطاوي، لكنّي واثق بأنّ عملي سيبقى أكثرها قرباً من واقع الناس البسطاء ومعاناتهم في بلد الطهطاوي، حتى لنكاد نلمس في الفيلم حفيف خطواتهم ولفح أنفاسهم...».
عن جريدة "الاخبار" اللبنانية بتاريخ 18 اغسطس 2008