«حلم العلم».. المشروع القومى لمصر
فى عام ٢٠٠٧، كتبت مقالاً فى إحدى الجرائد المستقلة، أدعو فيه للاكتتاب الشعبى من أجل إنجاز ما يمكن أن نسميه «مؤسسة أحمد زويل العلمية»، ذلك المشروع الذى حلمنا كثيراً أن نراه.. وللأسف الشديد وأدته قلة إمكانيات الدولة.. كان لدى تصور محدد للمشروع.. محسوب بالورقة والقلم.. لكن الإحباط العام وقف حائلاً بينى وبين كتابة هذا التصور بشكل مفصل. ويوم السبت ٧/٢/٢٠٠٩ استضافت الإعلامية المبدعة منى الشاذلى العالم الكبير أحمد زويل فى حلقة من أمتع وأجمل ما رأيت.. وفوجئت بمنى تطرح نفس الفكرة «الاكتتاب الشعبى».. ثم اتصال من صاحب مكتبة فى إحدى مدن الدلتا يعلن فيه عن استعداده للمشاركة، وهكذا دب الحماس فى أوصال مشاعرى وأحلامى مرة أخرى. لماذا لا نفعلها؟! إن السؤال الدائم فى كل شىء وفى كل مشكلة: «أين الحكومة؟!»، هو سؤال غير صحيح.. وقد تم استبداله فى السنوات الأخيرة بسؤال غير صحيح أيضاً، وهو أين «رجل الأعمال؟!». بينما السؤال الصحيح «أين مبادرات الشعب المصري؟!». لماذا لا نبدأ.. جميعاً.. كشعب وحكومة ورجال أعمال؟.. لماذا لا تبدأ المبادرة من الشعب المصرى؟! بمنتهى الصراحة.. القول بأن الشعب لا يملك شيئاً هو قول خاطئ تماماً.. واحسبوا عدد المليارات التى وضعها مصريون فى جيوب النصابين فى مجال توظيف الأموال.. من أول المضاربين فى البورصات وحتى تجار كروت الموبايلات!! إنها أمول لم تجد المسار الصحيح للاستثمار.. وأقول - جازماً - إن هذا المشروع هو أفضل استثمار من الممكن أن يشارك فيه المصريون.. فالعلم لا يدر على الدولة التى تتبناه القوة فقط أو التقدم فقط، ولكنه يدر الأموال والرفاهية على جميع أفراد المجتمع. وحينما نتساءل ما هو هذا المشروع.. وما هى أهدافه؟! وكيف نموله؟! فإننى أفضل أن أجيب أولاً عن كيفية التمويل.. فالتمويل هو المشكلة الكبرى التى يمكن أن تعيق تنفيذ أى مشروع. «أربعون ألف مصرى.. يتبرع كل منهم بألفين وخمسمائة جنيه سنوياً - لمدة عشر سنوات - هذا يعنى أننا سنجمع مليار جنيه فى هذه السنوات العشر.. بمعدل مائة مليون جنيه سنوياً». إن مائة مليون جنيه سنوياً هى مبلغ - بالطبع - لا يكفى هذا المشروع العملاق.. ولهذا فإنى أعتبر هذا المبلغ هو الحد الأدنى.. الذى يأتى عن طريق الأربعين ألف شخص الملتزمين بأداء الألفين وخمسمائة جنيه السنوية. وما هو الحد الأقصى؟! الحد الأقصى ستحدده تبرعات المصريين بجميع توجهاتهم وإمكانياتهم.. فليتبرع من يشاء بمليار جنيه وليتبرع من يشاء بجنيه واحد، وليتبرع من يشاء بمعدات علمية مثلاً. الدولة ممثلة فى شخص السيد الرئيس حسنى مبارك، سنطلب منها ثلاثة أشياء: أولاً: إصدار قرار جمهورى من الرئيس مبارك بتكوين هذه الهيئة العلمية بقانون خاص «هذا القانون يضعه علماء مصر.. ويضمن لهذه الهيئة الاستقلالية الكاملة عن كل لوائح وقوانين البحث العلمى التى أعاقت البحث العلمى فى مصر طوال السنوات الماضية». ثانياً: تخصيص الأرض - أو الأراضى - اللازمة للمشروع مجاناً كمساهمة من الدولة. ثالثاً: إعفاء هذا المشروع العلمى المستقل من جميع أنواع الضرائب والجمارك. والآن.. ما هو هذا المشروع؟! وما هى أهدافه؟! المشروع: هو إقامة مؤسسة علمية مصرية تليق باسم مصر وحضارتها.. على أن تكون هذه المؤسسة ونشاطها.. علمياً خالصاً.. بعيداً عن السياسة والتسييس.. وبعيداً عن أى حسابات حزبية أو فئوية أو دينية.. إنها مؤسسة علمية لا تعمل إلا من أجل نهضة مصر العلمية. اسم المشروع: مؤسسة.. حلم العلم أهداف المشروع: أولاً: خلق قاعدة علمية مصرية متكاملة، وتوفير مناخ علمى حقيقى قادر على جذب العقول المصرية - والعربية والعالمية أيضاً - لتحقيق الطموحات العلمية المشروعة للعلماء المصريين، مما يوقف نزيف الأدمغة الذى تتعرض له مصر سنوياً.. بهجرة علمائها إلى الخارج. ثانياً: جمع المبتكرين والمخترعين المصريين واكتشاف العناصر الواعدة فى مجال الاختراع وتسهيل تنفيذ نماذج من مخترعاتهم واختبار مدى جديتها وتسهيل تسجيلها فى مصر والعالم وتوفير الإمكانيات العلمية والمادية اللازمة لتطوير هذه الاختراعات وتسجيلها بأسماء مخترعيها فى دول العالم.. وإنشاء المصانع اللازمة لإنتاجها على أوسع نطاق.. لتتحقق بذلك نهضة صناعية قائمة على الابتكار المصرى الخلاق.. مما يؤهل مصر لجنى حصتها المناسبة من الاستثمار العالمى.. وفتح مجالات جديدة للتصدير، مما يعود بالخير على أبناء مصر جميعاً. ثالثاً: دعم وتطوير قدرات مصر فى جميع المجالات التكنولوجية والطبية والصناعية، خصوصاً فى مجالات صناعة الحاسب الآلى والطاقة النووية السلمية.. والأقمار الصناعية.. والنانوتكنولوجى. رابعاً: وضع حلول علمية جذرية - تأخذ بها الدولة - لحل مشاكلنا المستعصية - برغم سهولة حلها - مثل مشاكل التلوث البيئى والصناعى ومثل إهدار المياه وعدم استخدامها الاستخدام الأمثل. خامساً: نشر ثقافة التفكير العلمى فى مصر، والعالم العربى، وممارسة حرية البحث العلمى على أوسع نطاق. سادساً: تحقيق التواصل بين دارسى العلوم فى مصر من طلبة جامعة ومعيدين، وأساتذة مساعدين مع أحدث ما ينتجه العقل البشرى فى مجال العلوم فى أى مكان فى العالم، والاطلاع والاستفادة من جميع الأبحاث التى تجرى فى العالم المتقدم، حتى تكون نهضة مصر من حيث انتهى الآخرون. سابعاً: إصدار دوريات علمية متخصصة فى نشر أحدث الأبحاث العلمية باللغة العربية وبغيرها من اللغات. إن السطور السابقة تمثل المشروع كما أتخيله.. وكما أتمناه.. وكما يوصلنى إليه تفكيرى المتواضع. إنها مجرد سطور أولى.. أرجو أن يتبناها كل صاحب رأى بالتصحيح والحذف والإضافة.. حتى تكتمل صورة «حلم.. العلم»، فى ضمير المصريين. كيف ننفذ هذا المشروع ونحوله إلى واقع؟! ولتنفيذ هذا المشروع، أعتقد أننا يجب أن نمر عبر عدة خطوات: أولاً: مناقشة هذه الأفكار على أوسع نطاق فى وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة والحزبية. ثانياً: تكوين لجنة قومية تضم - من وجهة نظرى المتواضعة - شخصيات مصرية عامة من جميع التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية لتتحقق قومية المشروع، وإن كان لى أن أقترح بعض الأسماء فى انتظار اقتراحات أخرى، فإننى أقترح رؤساء جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس بصفاتهم ورؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية والحزبية والمستقلة بصفاتهم، ورئيس المركز القومى للبحوث بصفته. وكذلك ممثلون عن المجلس الاقتصادى العربى ورجال الأعمال والغرف التجارية والصناعية واتحاد الكتاب واتحاد الناشرين ونقابات العلميين والأطباء والمحامين والصحفيين ومؤسسات المجتمع المدنى. بالإضافة إلى مجموعة من الإعلاميين الذين يمثلون وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. ويكون الهدف من اجتماعات هذه اللجنة هو وضع التصور القانونى لمشروع «حلم.. العلم» لتقديمه إلى السيد رئيس الجمهورية من أجل أن يصدر به قراراً جمهورياً. وكذلك تضع اللجنة نموذجاً لإقرار يتعهد بموجبه من يوافق على التبرع الثابت بدفع مبلغ ٢٥٠٠ جنيه سنوياً لمدة عشر سنوات. كما تنشئ اللجنة موقعاً على الإنترنت للمشروع، وتضع الخطوات العملية والقانونية لاستقبال التبرعات. على أن يتم البدء من اليوم فى استقبال «إعلان نوايا» من جميع فئات المجتمع لكل من يريد أن يكون متبرعاً ثابتاً على مدى السنوات العشر الأولى، من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، حكومية وحزبية ومستقلة، ويكون معلوماً - وننشد على هذا - أننا فى هذه المرحلة نستقبل «إعلان نوايا» فقط، ولا يحق لأى إنسان أو جهة أن يستقبل أى تبرعات إلا فى المرحلة اللاحقة لإنشاء الهيئة ووجود قنوات شرعية وقانونية لاستقبال هذه التبرعات من القائمين - وقتها - على أمر هذا المشروع. مجلس الأمناء يكون لهذه الهيئة المستقلة مجلس أمناء مهمته وضع السياسة العامة للهيئة ووضع الأولويات والآليات التى تعمل خلالها الهيئة ومراجعة جميع أعمالها والإشراف على عملية تلقى التبرعات المحلية والدولية بجميع أشكالها وتوجيهها فى الاتجاه الصحيح. والأسماء التى اقترحها لهذا المجلس - بصورة مبدئية - هى الدكاترة: أحمد زويل ومصطفى السيد ومجدى يعقوب وفاروق الباز ومحمد النشائى ومحمد البرادعى ومحمد غنيم. من يدير هذا المشروع؟! يختار مجلس الأمناء عالماً مشهوداً له بالكفاءة من بين أعضائه، أو من خارجه، لإدارة هذا المشروع. وبعد.. - هل أخطأت فى شىء؟! - ربما. - هل نسيت شيئاً؟! - ربما. - هل تجاوزت فى شىء؟! - ربما ولكن هذا هو اجتهادى، وأننى أنتظر اجتهادات أخرى لوجه الله والوطن والعلم، أما عن دورى فى هذا الحلم، فهو فقط الترويج له بالكلمة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية كلما أمكننى ذلك. وأن أكون رقم واحد فى قائمة المتبرعين الثابتين لمدة عشر سنوات.. لو كان فى العمر بقية.. والله الموفق. عن جريدة المصري اليوم بتاريخ 24 فبراير 2009 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق