الخميس، أبريل 07، 2016

كتاب يحاكي الأفلام في إثارته وتشويقه . قراءة لكتاب " عاطف الطيب رائد الواقعية المصرية المباشرة " لهاشم النحاس بقلم مجدي الطيب في مختارات سينما إيزيس


الباحث الناقد المخرج السينمائي الكبير هاشم النحاس

مختارات سينما إيزيس

 قراءة لكتاب " عاطف الطيب رائد الواقعية المصرية المباشرة " لهاشم النحاس

كتاب يحاكي الأفلام في إثارته وتشويقه


بقلم


مجدي الطيب



في صمت يليق به،وفي هدوء،ومن دون ضجيج،فاجأنا الناقد والباحث والمخرج التسجيلي هاشم النحاس بكتاب ضخم يحمل عنوان «عاطف الطيب رائد الواقعية المصرية المباشرة» يُعد إضافة حقيقية وإثراء جميل للمكتبة العربية .
الكتاب من القطع الكبير،ويتكون من 389 صفحة،وصادر عن المجلس الأعلى للثقافة،الذي يدعم الأفكار الجادة،ويُلقي الضوء على الاتجاهات والمذاهب الفكرية المختلفة. وقد بدأ الباحث الكبير كتابه بشكر كل من عاونه في إنجاز الكتاب،وبتواضع الزاهد،وسمة العالم،كتب يقول : «ولم يكن لي إنجازه دون معاونتهم»،وقبل أن يبرر الباحث السبب في إطلاق وصف «المباشرة» على «واقعية عاطف الطيب» ويردها إلى : (آنية الأحداث،المكان / الزمان،المشكلة المعاصرة،الذاتية،الجرأة النقدية،ايجابية الشخصية وشهامة ابن البلد)،سجل في المقدمة : «حرصت أن يكون الكتاب مرجعاً وافياً يضم خلاصة كل ما كتب عن عاطف الطيب وأعماله» وكشف عن المنهج أو «التكنيك» الذي اتبعه عند الشروع في إعداد الكتاب قائلاً : «كلفني ذلك الاطلاع على كل الملفات الموجودة في المركز الكاثوليكي المصري للسينما ومثيلاتها في مركز الثقافة السينمائية،فضلاً عن الكتب الصادرة عن عاطف الطيب» وأضاف : «ولتحقيق أكبر قدر من الموضوعية في عرض الأفلام لم ألجأ إلى تلخيص قصصها مما يسمح بالتدخل الذاتي في صياغتها،وإنما لجأت إلى تسجيل تتابع المشاهد المهمة لكل فيلم،وهو ما جعلني أعيد مشاهدة الأفلام واحداً بعد الآخر مستعيناً بوسائل العرض المنزلية الحديثة،ولعل تسجيل مشاهد الفيلم – كما ظهرت على الشاشةيجعل الفيلم حاضراً أمام القاري بصورته على شرائط السيلولويد الأمر الذي يسمح للقارئ – أكثر من الملخص - بتكوين رأيه الخاص عن بناء الفيلم وبالتالي يسمح له بمناقشة مصداقية ما ذهبت إليه وذهب إليه النقاد من ملاحظات أو أراء نقدية تحليلية» .
فعل «النحاس» هذا وفي ذهنه أن يقدم كتاباً للقارئ المثقف العام وليس القارئ المتخصص؛سواء أكان مؤرخاً أو ناقداً أو دارساً للسينما أو متذوقاً،ولهذا السبب نجح في تقديم كتاب بسيط في توجهه،عميق في رؤيته،سلس في لغته،وشامل في المعلومات التي تضمنها؛حيث لم يترك مرحلة تخص المخرج الموهوب عاطف الطيب من دون أن يتطرق إليها،منذ لحظة ميلاده في 26 ديسمبر عام 1926 بقرية الشارونية مركز المراغة بمحافظة سوهاج (صعيد مصر) إلى اليوم الذي لفظ فيه أنفاسه في 23 يونيو عام 1995 عن عمر يناهز السبعة وأربعين عاماً أنجز خلالها واحد وعشرين فيلماً،بعد التحاقه بالمعهد العالي للسينما،وعمل خلالها كمساعد لمخرجين مثل : مدحت بكير،شادي عبد السلام،يوسف شاهين ومحمد شبل،فضلاً عن المخرجين الأجانب مثل : لويس جلبرت،جون جيلر،مايكل بانويل،فيليب ليلوك وفرانكلين شاخر،ومنهم اكتسب صفات ومهارات كثيرة،على رأسها إدارة العمل في موقع الفيلم،والتحكم في أوقات التصوير،والقدرة الفائقة على عدم تجاوز الميزانية والالتزام الصارم بالجدول الزمني المتفق عليه،وأخلاقيات التعامل مع الممثلين بشكل يجمع بين اللين والحزم إذا اقتضى الأمر.
نوه «النحاس» إلى تعلق «الطيب» بعائلته،وتطرق إلى شركة «الصحبة» التي أسسها مع رفاقه : بشير الديك،محمد خان ونادية شكري،وأنتجت فيلم «الحريف» إخراج محمد خان،وكان «الطيب» هو المسئول الإداري عن الإنتاج والتنفيذ،كما توقف الكتاب عند اليوم الذي عرف فيه مخرجنا الواعد بأنه مريض بالقلب (كان الباحث أميناً في التنويه إلى الكاتب الصحفي يسري الفخراني صاحب المعلومة)،ومشاكله مع الرقابة بسبب تناوله في أفلامه،لقضايا حساسة مثل : الدين،تزييف الوعي الديني، ابتزاز البسطاء باسم الدين،فساد جهاز الشرطة،تلفيق التهم للأبرياء،تعذيب المعتقلين السياسيين والتعرض لفساد جهاز المخابرات كما رصد الكتاب الجوائز التي حصدها «الطيب» طوال مشواره السينمائي وكذلك التي حصل عليها أبطال أفلامه .
جاءت عناوين أبواب كتاب «عاطف الطيب رائد الواقعية المصرية المباشرة» ملخصة لرأي الباحث في المخرج،والحب الذي يكنه تجاهه؛مثل : «مخرج عظيم»،«رائد الواقعية المباشرة» و«المخرج الإنسان» لكن أهمية الكتاب تكمن،بحق،في رصد وتوثيق الأفلام التي أخرجها «الطيب» منذ أول أفلامه «الغيرة القاتلة» (عُرض في 24 مايو 1982)،وحتى آخر أفلامه «جبر الخواطر» (عُرض في 18 مايو 1998)،وما كتبه النقاد عقب عرض تلك الأفلام؛سواء في الباب الذي يحمل عنوان «رؤى نقدية مقارنة» أو «عن قرب رؤى تحليلية»،وإن كنت لا أرى الفارق بينهما،وكشف طريقة تعامل «الطيب» مع موضوعات أفلامه تحت عنوان «كيف يصنع الطيب أفلامه» .والخلاصة أننا حيال كتاب يحاكي الأفلام في إثارته وتشويقه.


عن جريدة " الجريدة " الكويتية بتاريخ 4 ابريل 2016

ليست هناك تعليقات: