الأربعاء، نوفمبر 25، 2015

صلاح هاشم يكتب كشف حساب مهرجان القاهرة السينمائي 37 : أفلام ممطوطة وحصاد هزيل





صلاح هاشم يكتب 
كشف حصاد القاهرة السينمائي 37
أفلام ممطوطة وحصاد هزيل





كشف حساب مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 37
أفلام ممطوطة .. وحصاد هزيل

" ..يحسب لمهرجان القاهرة السينمائي الذي نحتاجه حاجتنا الى الثقافة والفن والمعارف الجديدة- مثل أكسجين الحياة الذي نستنشقه على درب الوعي والتنوير- وقوفه واصراره على البقاء والاستمرارية. إن إقامة المهرجان في دورته 37  تعني أن مصر يقينا لن تهزم ولن تقع ابدا في معركتها ضد الارهاب والظلامية.." ..

بقلم

صلاح هاشم


الجو العام : في جميع الأفلام التي حضرتها في مهرجان القاهرة السينمائي - الذي وجدته  منبطحا وكئيبا جدا ومملا ومحبطا في مناخات "الغيبوبة" سياسيا واعلاميا وفكريا في مصر و "زفة " الدورة الثانية لانتخابات مجلس النواب في الشوارع والميادين وعلى أرصفة غربتنا في وطن الأسياد ورجال الأعمال الأثرياء وقصف الهراءالعام الاعلامي اليومي المستمرفي محطات التلفزيون الرسمية والخاصة التي تلحس دماغك في جميع الأوقات وبلا رحمة -  لم استمتع ولحد الآن إلا بمشاهدة فيلم  " الفهد " رائعة المخرج الايطالي العظيم فيسكونتي - فهد مر من هنا - بعدما عرض في إفتتاح قسم الأفلام المرممة في الدورة 37 


وبعدها لم استمتع بأي فيلم ولحد الآن في المهرجان. وبدت لي معظم الأفلام التي شاهدتها - في ما عدا فيلم " مدام  كوراج " الجزائري لمرزاق علواش - أعمالا سينمائية ناقصة وقاصرة وعلى الرغم من انها أفلام روائية طويلة  إلا أنها بدت لي كما لو كانت أفلاما روائية قصيرة في أغلبها لكن منفوخة و "ممطوطة " مثل ذلك الفيلم الياباني " العبور الى الضفة الأخرى" لكويشي كيروساوا الذي فتح جيدا- اعني انه فتح ببداية صحيحة مشوقة، لكنه سرعان ما إنحرف وراح يدور حول نفسه ليأخذنا عبر شطحاته الى عوالم الموتى البعيدة ويلقي علينا دروسا مملة في أصل وفصل "الثقوب السوداء "في محيط الكون مما أفقد الفيلم غموضه و" شاعريته " من خلال " الشرح " الذي لانحتاجه ابدا لتذوق الأفلام ،والمشاركة أيضا بتفكيرنا وتجاربنا وخبرتنا في صنعها..
ومثل فيلم " الشجرة النائمة "  لمحمد بن راشد من عمان الطويل الممل جدا ويدعوك الى النوم مثل شجرة الحياة النائمة في الفيلم في قلب الصحراء، ولايصلح لأن يكون فيلما روائيا طويلا بالمرة، ويكفيه ربع ساعة ليس أكثر وهو يتقدم ببطء مثل سلحفاة وأقرب مايكون الى افلام محلك سر المخدرة من صنع الهواة، والعجيب ان مثل تلك أفلام تحصل على مساعدات من كل مؤسسات الدعم وبخاصة في منطقة الخليج، تلك المؤسسات التي تدعم مثل تلك افلام وتروج لها وهي لا تحمل لاهما ولا فكرا وتقتلك بسذاجتها وتفاهتها مثل الفيلم الفلسطيني " دراجييه " الذي يحمل إسم قصة شعر- ولم أعد اتذكر اسمه- وتدور أحداثه في محل كوافيير تديره روسية مقيمة في غزة، وقتلنا من الضحك في مهرجان " كان " 67 الماضي في تظاهرة اسبوع النقاد..

السينما فن الاقتصاد عن جدارة

لقطة من فيلم الكنز


وعلى الرغم من أن القيمة الأساسية في السينما تكمن في أنها فن الاقتصاد وعن جدارة من خلال عملية التكثيف، افتقدت معظم الافلام التي شاهدتها هذا "التكثيف" الضروري الذي يجعل الأفلام تقترب في شموليتها الفنية من روح الشعر والقصائد الكبرى العظيمة حتى تحول بعضها بتراكم سخافاته وتفاهاته الى " مزحة " وليس أكثر كما في الفيلم التسجيلي المصري " هدية من الماضي" لكوثر يونس - واتعجب من ان فيلما كهذا يتم اختياره  في مهرجان سينمائي كبير لكي يعرض في قسم " عروض خاصة " فليس فيه اي شييء مميز او " خاص " على الاطلاق إلا " ثرثراته " التافهة العقيمة التي غرقنا فيها ومن دون حساب وتستطيع ان تلقي بنصف مشاهده في صندوق الزبالة من دون أن يتأثر الخط العام في فيلم " ساعة لقلبك" هذا من صنع طالبة في معهد السينما الذي هلكنا بقفشاته ونكاته وانتهى على فاشوش بمشهد في ايطاليا على الرصيف ليكشف عن طيبة وعبط المصريين وسذاجتهم وليس أصالتهم كما يدعي أو قصد الفيلم أو ارادت .. وتوهمت مخرجته ..خسارة !
وزاد الطين بلة تلك الحوادث الارهابية التي وقعت في باريس والتي روع لها العالم ثم وفاة الناقد السينمائي المغربي الكبير مصطفى المسناوي أثناء حضوره لتغطية المهرجان، وهما الحدثان اللذان جعلا أجواء التشاؤم والانكسار والضياع والحزن تخيم - من وجهة نظري - على المهرجان وتضغط وسط هذا الكم من الافلام الرديئة - للأسباب التي ذكرناها- ..وتكتم على أنفاسنا، ولولا ذلك " الفهد" الذي مر من هنا وعبر، ما كنا خرجنا من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته 37 إلا بحصاد هزيل جدا من الافلام الجيدةة وبما لايكفي يقينا لعمل مهرجان تجمعت جل افلامه في قسم " مهرجان المهرجانات " و قسم الأفلام المرممة لتكبس على أنفاس " المسابقة الرسمية " وتسحب من تحتها البساط وتقزّمها وتحيلها الى الهامش، في وقت كان يجب فيه أن تستحوذ المسابقة - وهي بمثابة  " القلب " للمهرجان- وتستأثر على كل الأضواء كما عودتنا المهرجانات السينمائية الكبرى، كما في مهرجان " كان " لكل سينمات العالم ،و مهرجان " نانت " - سينما القارات الثلاث افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية و مهرجان " مونبلييه " للسينمات المتوسطية وغيرها، التي نتابع أعمالها منذ زمن..

فهد مر من هنا

لقطة من فيلم البحر الأبيض المتوسط

لكن يحسب لمهرجان القاهرة السينمائي الذي نحتاجه حاجتنا الى الثقافة والفن والمعارف الجديدة- مثل أكسجين الحياة على درب الوعي والتنوير- وقوفه واصراره على البقاء والاستمرارية، وتحدي اعتى وأصعب الظروف الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية والأمنية التي تعيشها مصر الآن ،لأن قدرنا - قدر كل المصريين - يقينا  أن لا نركع لأحد، ومعني إقامة المهرجان في دورته 37 أن مصر يقينا لن تهزم ولن تقع ابدا ، لن تقع في معركتها ضد الارهاب والظلامية. معناه شموخ وطن - بتوهج الحياة في بر مصر العامرة بألفة الناس الطيبين وكرم وأصالة شعب –ويكفي المهرجان- حضن مصر الكبيروتوهج الحياة في بر القاهرة -  أن فهد فيسكونتي مر من هنا وبحضور ممثلته الايطالية الرائعة بنت تونس كلوديا كاردينالي عاشقة مصر في الدورة 37 -  كي يقدم لنا " درسا" في السينما العظيمة ويتألق بسحر الفن..
والآن نسأل وقبل اعلان  النتائج  وتوزيع  الجوائز بساعات ترى ماذ حقق مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 37 ؟.
لقد حقق يقينا الكثير فقد جلب لجمهور المهرجان " روائع " الأفلام في ما يمكن أن يعد بمثابة " بانوراما " أو " مسح " شامل لأبرز انتاجات السينما في العالم..حيث إستحوذ قسم  "مهرجان المهرجانات " في الدورة 37 على الجزء الأكبر من كعكة أو تورتة الدورة وعرض أكثر من 41 فيلما ، كما عرض قسم " عروض خاصة " 6 أفلام من ضمنها 4 أفلام – اي الجزء الأكبر من افلام القسم – عرضت أو شاركت من قبل في مهرجانات سينمائية عالمية مثل فيلم " ديبان " للفرنسي جاك أوديار الذي فاز بسعفة مهرجان " كان " في الدورة 67، وفيلم " أختنا الصغيرة " لهيرو كازو كوريدا الذي دخل أيضا المسابقة الرسمية للمهرجان، وفيلم " رحلة الى الضفة الاخرى "  من اليابان الذي عرض في قسم " نظرة خاصة " في ذات المهرجان، وفيلم " إنجريد برجمان تتحدث عن نفسها " الذي عرض أيضا في قسم " كلاسيكيات كان " في ذات المهرجان بمعنى أن الأفلام الأربعة المذكورة كان يمكن أيضا ضمها الى قسم " مهرجان المهرجانات " وتكريس قسم " عروض خاصة " للمفاجآت والأفلام السينمائية التي تمثل حدثا وتكون من العيار الثقيل مما يمنحها مصداقية وشرعية الوجود في ذلك القسم. مثال ذلك عرض فيلم مفاجأة تم العثور عليه في أرشيف الفيلم القومي أو فيلم  جديد لمخرج كبير لم يعرض من قبل في اي مهرجان، ويكون عرضه في القسم بمثابة " إختبار " لردود فعل الجمهور تجاهه وتقييمه قبل خروجه للعرض التجاري ، وأتذكر اننا شاهدنا ذات مرة في إحدي دورات مهرجان " كان " السينمائي العالمي فيلم " مفاجأة " في " عرض خاص " من دون أن نعرف ماذا يكون ومن هو مخرجه – ومثل تلك أفلام في رأيي الشخصي هي التي تصلح لهذا القسم ومن دونها لاتكون له " ضرورة " – وبالطبع سارعنا الى مشاهدة ذاك الفيلم في المهرجان في صحبة الأستاذ الناقد الكبير الراحل رفيق الصبان والناقد المصري الكبير الصديق الراحل سامي السلاموني – واستمتعنا به كثيرا فقد كان الفيلم المفاجأة هو فيلم  " تحفة " بجد ، ويستحق هذا العرض الخاص وعن جدارة. كان فيلم" إي تي " للمخرج الامريكي الكبير ستيفن سبيلبرغ..
أما أن يعرض المهرجان لفيلم تافه وعبيط مثل فيلم " هدية من الماضي " لكوثر يونس  وهي طالبة في معهد السينما فهذا لم نستسيغه ولم نبلعه وينزل من زورنا، ويجب أن نفهم أن تصفيق الجمهور واسترساله في الضحك طوال عرض الفيلم – لما فيه من جرعة كبيرة من الزغزغات و القفشات والغمزات واللزمات المضحكة الهبلة لايعني على الاطلاق انه فيلم جيد، بل لقد كشف ذلك الضحك عن ذوق الجمهور المصري الهابط المتردي وحالة " الغيبوبة " عقليا وفكريا التي يعيشها الناس في مصر بعد ثلاثين سنة من حكم الحاكم المستبد ونظام مبارك القمعي الذي هبط بالذوق الفني الى الحضيض في ظل تردي الأوضاع السياسية والثقافية التعليمية والصحية والاقتصادية والاعلامية و هيمنة ذوق موظفي وزارات الثقافة المتعاقبة على البلاد  طوال فترة حكم مبارك ودوما في خدمة مصالحهم الانانية الاستهلاكية الوظيفية وفرض حضورهم الطاغي في خدمة السياسة الرسمية للدولة والتطبيل للوزير ورؤساء قطاعات وزارة الثقافة ( وكل قطاع هو وزارة ثقافة خاصة يديرها رئيس القطاع) من الموظفين الذين لايهمهم إلا البقاء في أماكنهم وتلميع حذاء الوزير الى جانب حفنة من الصحفيين والنقاد المنتفعين الذين يروجون في كتاباتهم لهذا النزيف من " الهراء العام " الذي نقصف به في كل ساعة بترهاته وغثيانه وضجيجه على شكل مسلسلات التلفزيون المصري وبرامجه واغنياته التافهة المباشرة العقيمة في " حب مصر بلدنا "..
وعودة الى قسم " عروض خاصة " سنجد أن أفلامه مع أفلام قسم " مهرجان المهرجانات " حولت مهرجان القاهرة السينمائي الى مجرد " شاشة " لعرض الأفلام والاكتفاء بالفرجة فقط، وحولت الأنظار عن أفلام " المسابقة الرسمية " التي عادت ما تستقطب في كل المهرجانات الدولية التي نتابعها ومنذ زمن ، تستقطب كل الأضواء وتحول المهرجان الى ساحة للنقاش والحوار والجدل وتثير العديد من القضايا حول دور السينما وموقفها من اشكاليات عالمنا المعاصر بحروبه وأزماته وتناقضاته ،وتصبح  هنا موضوعات الافلام وأساليبها الفنية الجديدة المتعددة ونجومها مادة للكتابات النقدية والنقاشات المفتوحة على الواقع والحياة وتساؤلات الوجود  الانساني الكبري التي تفلسف حياتنا وتمنح للمهرجان من خلال أفلام المسابقة دفقة حياة جديدة، يتقدم ويتطور بها الى الأمام..
وأعتقد أن أفلام المسابقة الرسمية في الدورة 37 لمهرجان القاهرة التي ضمت 16 فيلم لم تحقق أي شييء من هذا بعد أن طغت مجموعة الأفلام ( أكثر من 60 فيلما) في قسمي " مهرجان المهرجانات " وقسم " عروض خاصة " على قسم المسابقة الدولية وهمشتها واكتسحتها بأفلامها وحولت عنها الأنظار كما ذكرت وجعلت المسابقة الدولية مجرد سد خانة، ولذلك بدا لنا المهرجان مفتقدا لروح المنافسة والجدل الفكري المثير الذي يمنح كل المهرجانات السينمائية الكبيرة حضورها البهي  من خلال أفلام المسابقة  والافكار والتصورات والرؤى التي تحملها وتطرحها علينا حين تمسك السينما بنبض واقعنا  المعاش وتجعلنا نستشعر أنفاسه وندخل في لحمه  وتطور من فن السينما ذاته أيضا في نفس الوقت بكل اختراعات وابتكارات الفن المدهشة ..
ولذا أيضا برز فقط في أفلام المسابقة الدولية عدة أفلام جيدة ومتميزة أعجبتنا كثيرا ونرشحها للحصول على جوائز يقينا في حفل ختام المهرجان وتوزيع الجوائز الليلة- ليلة الجمعة الموافق 20 نوفمبر- من ضمنها  فيلم " البحر الأبيض المتوسط " للايطالي جوناس كاربنيانو الذي يعرض لمشاكل المهاجرين واللاجئين ويتجاوز الحديث عن وتصوير " أهوال " و مشقة رحلة العبور الى " الفردوس " الأوروبي وخطر الغرق في البحر، ليحكي – وهنا يكمن تميزه - عن حلم الثراء الوهم الذي تكسر وتبخر على رصيف الواقع الايطالي ، ونرشحه للحصول على جائزة أفضل عمل أول ..
وفيلم " الكنز "  من رومانيا اخراج كورنيلليو بويمبويو وهو في رأيي أهم فيلم " سياسي " في المسابقة وقد جعلنا نضحك – لتفكيكه - في صحبة جهاز كشف عن المعادن " ديتيكتور " للواقع الحياتي المعاش في رومانيا والعلاقات الاجتماعية  بين الناس وحضور " السلطة " في حياتهم في كل كبيرة وصغيرة وتحكمها في مصائرهم ،من خلال قصة البحث عن كنز مدفون، ويذكرك الفيلم بمسرحيات أوجين يونسكو ( فرنسي من أصل روماني ) العبثية  ( مسرح الامعقول ) في فترة الستينيات والحس الفكاهي الروماني التهكمي الساخر الذي ينظر الى الحياة  نظرة تنهل من اضافات هذا الاتجاه الأدبي وعامل المصادفة الذي يلعب دورا كبيرا في حياتنا ولا عجب أن يكون يونسكو من أبرز كتابه ، كما يذكرك  فيلم " الكنز " بأفلام بستر كيتون الفكاهية التي يظهر فيها بوجه صارم مثل الصخر ولا يضحك بستر كيتون ابدا في أفلامه تلك التي يضطلع بكتابتها وتمثيلها واخراجها ، ولذا ينهل هنا مخرجنا الروماني من هذا " المزاج " الروماني المتوسطي ويعرض للتحولات التي طرأت على حياة الناس والتأثيرات التي استحدثتها تلك الفترة الانتقالية من مجتمع روماني شيوعي الى مجتمع روماني رأسمالي لايهتم فيه المواطن كما رأينا في الفيلم إلا بأحلام الثروة التي تهبط عليه فجأة من السماء ومعها سوف يجد يقينا حلولا لكل همومه وديونه ومشاكله، ونرشح الفيلم للحصول على جائزة ومازالت الاصوات المنبعثة من جهاز الكشف عن المعادن في الفيلم الروماني الأثير تقتلنا من الضحك..
وفيلم " مدام كوراج " للجزائري مرزاق علواش ونرشحه للحصول على جائزة الهرم الذهبي كأحسن فيلم في أفلام المسابقة أو جائزة أحسن مخرج، لعرضه مشاكل حياة الهامشيين في عشش الصفيح والعشوائيات في الجزائر العاصمة وإنحيازه الى عالمهم وبكل مافيه من عنف وبؤس وفقر وضياع وحب أيضا ويجعل علواش نهاية الفيلم مفتوحة حتى نشارك نحن أيضا في " صنع الفيلم " ونضيف اليه بفكرنا من عندنا، حين نروح نتأمل ونتألم أيضا ونتأسي لحالهم والأوضاع الاجتماعية والحياتية المتدهورة البائسة التي أفرزتهم و تدفعهم الى الهروب من المجتمع الظالم واللجوء الى المقابر وتدخين الحشيش وتعاطي الاقراص المخدرة مثل قرص مدام كوراج في رفقة الموتى..
فيلم " مدام كوراج " صفعة من مخرج جريء على وجه جزائر الحاضر وجل مجتمعاتنا العربية القمعية الاستبدادية التي تقبل للبعض بالاستسلام لـ " عيشة الكلاب " تحت شاشات التلفزيون التي تقصفنا بمواعظ  وخطب الأئمة من الاخوان المسلمين والمتشددين السلفيين وتعمل على تغييبنا عن واقعنا وهي تعاني من ظلمها الفادح. ولاينسى علواش أن يذكرنا بأن بطل فيلمه " عمر " الذي يتعرض لاهانات الأم في كل لحظة ويريد أن يكسر لها التلفزيون، ليس كلبا بل إنسانا من لحم ودم ،وله قلب ينبض ويحب، وأنه صاحب " كرامة " فلا يقبل مثلا في الفيلم بأن يعتدي المجرمون الحقراء على شقيقته فيثأر لها ويروح ينتقم من المجرم القواد الذي اعتدى عليها في الفيلم. " مدام كوراج " تكمن قيمته – بشريط صوت مميز ورائع-  في كونه فيلما لمجد " الكرامة " الإنسانية وكل الأفلام  "الواقعية " العظيمة التي صنعتنا والتي يتفاخر بها الإنسان..
وبإنتظار إعلان  النتائج خلال ساعات كل مهرجان وأنتم ومصر بخير ..

عن جريدة " القاهرة " الصادرة الثلاثاء 24 نوفمبر 2015
 




ليست هناك تعليقات: