من أفلام السينما المصرية العظيمة وتراثها السينمائي العريق" لك يوم ياظالم " للعملاق صلاح أبوسيف
نزهة الناقد
تأملات في سينما وعصر. فقرة بعنوان :
هل السينما فكر أولا ؟
سألني صديقي ما رأيك يامولانا - يحب أن يداعبني بهذا الإسم - في السينما المصرية وواقعها الحالي "
ترددت قايلا وأخذت أرتب كلامي، للاجابة على سؤاله، بعض الوقت ، ثم قلت له :
مازلت عند رأيي، في أن السينما الحقيقة، لا نجدها إلا في الأفلام، التي تحكي عن هم أو ألم أو وجع، أو تحكي عن " مشكلة" ، كما يقول استاذي المخرج العظيم صلاح ابو سيف. ليس أي مشكلة، بل المشكلة التي تهم كل الناس، في الوطن، ولاتوجد في السينما المصرية حاليا، إلا في فيلم أو فيلمين،اي سينما حقيقية بالمرة، في الأفلام التي ينتجها حاليا التجار المصريين أو ممن ينتحلون صفة المصرية، المروجين للعنف الدموي، والسادية والبلطجة، والألفاظ المبتذلة الحقيرة، مع تقديم شخصيات مشوهة، منقولة من مسلسلات العنف، في مجتمعات أمريكية وغربية لاتعنينا،و من صنع المخيلة التي ترقد في قاع صناديق القمامة للتجار الحقراء، و بكل وسخها وقبحها وعفنها،وذلك بعد ان تركت الدولة ممثلة بوزارة الثقافة، تركت السينما المصرية، ووضعتها في يد التجراء الحقراء.
السينما أكثر منها مهنة، رسالة
ان ماينتج في بلدنا للأسف من أفلام، لا يمت الى السينما- كأداة تفكير في مشاكل وقضايا وتناقضات مجتمعاتنا- بصلة بالمرة،إذ ننتج في مصر افلاما مقطوعة الرأس، ولا علاقة لها ، لا بالفكر ولا التفكير، بل إن علاقتها تتوثق سنة بعد أخري - إلا في محاولات جد مخلصة، وأمينة ونعد على أصابع اليد الواحدة، بل وربما أقل- بالقبح العام، وسوء التنظيم و التعليم والصحة والإدارة، وسوء كل شييء
و
ولو كانت الدولة، أو وزارة الثقافة، تريد أن تصنع شيئا للسينما المصرية، والحفاظ على تراثها الفني الرائع، لكانت أوقفت مخصصات الدعم الهائلة، التي تصرف بسخاء على مهرجانات ملهاش ضرورة ولا لازمة،وحرضت مفتشيها الماليين، لفحص ميزانيات المهرجانات، ومعرفة الى جيوب من تذهب، وحق المواطن في أن يسأل ويعرف
وحرصت قبل دعم تلك مهرجانات ، من صنع الوزيرة، أو الوزيرة، أو بموافقة الوزيرة و أصحابها وشلتها، والمحيطين بها من مستشارين واتباعها، وكرست الأموال المستردة المنهوبة من تلك مهرجانات، لبناء صرح " سينماتيك مصري حقيقي "وكبير، يليق بسمعة مصر، وحضاراتها العريقة، وخافت على تراثنا السينمائي من الضياع،
ليكون هذا السينماتك أو " الأرشيفي " الفيلمي، "المدرسة" أو " الجامعة المفتوحة " التي يتخرج فيها - وليس من خلال الكليات والجامعات، ومعاهد السينما القاصرة، التي يتخرج فيها العاطلين عن العمل بعد تخرجهم بالمئات،
لكن طالما أن الدولة تركت السينما للتجار الحقراء، لن يكون هناك في بلدنا سينما مصرية بالمرة، بل مجرد " بضائع استهلاكية" في شكل افلام ملفوفة بورق سوليفان، للاستهلاك السريع مثل شطائر الهمبورجر،
ذلك لأن السينما هي " فكر " أولا،
وسينما بلافكر، هي سينما بلا رأس، ووطن بلا تفكيرعقلاني، هو وطن تستطيع الجماعات الدينية الارهابية الفاشية المتطرفة أن تستبيحه، وتجند شبابه، لخدمة الايديولوجيات الهدامة، التي لاتعترف بأرض أو جنسية أو وطن ،
بل يمكن القول أيضا، وبجرأة، أن الأفلام - آسف اقصد " البضائع الفيلمية" التي تصنع وتفبرك الآن، ربما تكون أخطر من عدونا " الصهيونية" على شبابنا ومجتمعاتنا، ذلك لأن تلك أفلام، تروج أساسا لنشرللهراء العام، وتغرينا عن بلادنا وتغريبا عن أنفسنا،
أنها أفلام " صهيونية، بل أخطر علينا من الأفلام الصهيونية ذاتها من إنتاج العدو،
عدونا الصهيوني، لأنها أفلام صهيونية تنبع وتأتي من الداخل ، لأنها تنبع من الداخل، وتنتشر مثل السرطان، وتفتك بنا.
السينما المصرية ابدا لم تفلس كما يقول البعض، لأنها غير موجودة أصلا على الأرض،
وأبسط دليل على ذلك، اننا لم ننجح في العثور على فيلم واحد فقط . فيلم يكون عليه قيمة وفيه سيما أو سينما بجد،
ويستحق أن يطلق عليه فيلما ،
للمشاركة في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي 42 أو للمشاركة في أي مهرجان مصري،عقد قبله أو سيعقد بعده.
دعونا، حين يكون هناك حديث عن السينما المصرية، نحط رأسنا في الأرض، ولا ننبس ببنة شفة، ثم نمضي الى حال سبيلنا..
إن صناعة الافلام ليست مهنة، بل " رسالة " في مبحث الهوية.رسالة فكر ووعي تنويري، و " تثويري " أيضا..
رسالة تضع في الاعتبار تراثنا السينمائي المصري العريق، واضافاته الثرية لتطوير فن السينما ذاته، بكل الأفلام العظيمة ،التي تطرح " صورة " تشبهنا..
غير أن تلك الأفلام المصرية العقيمة من انتاج عام 2019 ، في أغلبها،لاتطرح مطلقا صورة تشبهنا،ولا تليق ابدا بسمعة مصر " أم العالم"، ولاتحمل للأسف، هما أوفكرا، أو وجعا أو ألم..
صلاح هاشم
ناقد ومخرج سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنساا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق