فيلم " حتى الحضانة "
وكشف حصاد السينما الفرنسية في عام
بقلم
صلاح هاشم
وزعت السينماالفرنسية جوائزها
يوم الجمعة الموافق 22 فبراير في حفل " السيزار
" السنوي الكبير 44، وهوعلى غرار حفل "الأوسكار" في هوليوود، للكشف
عن أفضل حصاد العام 2018 في السينما الفرنسية.. وعلى العكس من كافة
التوقعات،خرجت الأفلام الكوميدية من نوع " فيل جوودFEEL GOOD "مثل الفيلم الفرنسي " الحمام
الكبير"للترويح عن الجمهوروالتخفيف عنه،في محاولة لنشر"التفاؤل"
بين الناس، في أجواء اليأس والاحباط والسخط العام ومظاهرات" أصحاب السترات
الصفراء" التي مازالت تجتاح فرنسا.. خرجت هذه الأفلام الكوميدية وأغلبها تافه وسخيف من مولد السيزار بلا حمص، و بدون جوائز
يعتد بها
بعدما كان أغلب أهل صناعة
السينما الفرنسية، أكثر من 3 الآف عضو في أكاديمية السيزار المذكورة، قد صوتوا لصالح
الأفلام الفرنسية" الواقعية" التي تكشف عن تناقضات المجتمع الفرنسي، وهموم الناس..
مثل قضية " الضرب و العنف" الذي مازال يمارس على
النساء في بلد متحضر مثل فرنسا، وتروح ضحيته زوجة كل ثلاث دقائق ! وقضية
"التحرش الجنسي" بالنساء والأطفال، حيث يتعرض طفل من كل خمسة أطفال في
فرنسا للتحرش الجنسي ويقع ضحية له ،ومآسي "المنازعات الزوجية"التي تصل
الىالمحاكم، و يروح ضحيتها الأطفال كما في فيلم " حتى الحضانة "JUSQUA LA GARDE اخراج إكزافييه لو جراند، وهو العمل الأول لمخرجه، الحاصل على
جائزة سيزار أحسن فيلم لعام 2018 ويتسامق من بين كل الأفلام الحاصلة على جوائز في
الدورة 44 بفنه وبما فيه من أداء تمثيلي رائع لليا دروكر ، ولذا لم يكن غريبا أن
تحصل بطلة الفيلم الممثلة الفرنسية ليا دروكرعلى جائزة سيزار أحسن ممثلة أيضا في
الدورة 44 التي ترأستها الممثلة الانجليزية القديرة كريستين سكوت توماس، ووزعت
جوائزها كالتالي..
جائزة سيزار أحسن اخراج ذهبت
للمخرج الفرنسي الكبير جاك أوديار عن فيلم " اخوان وأخوات" من اخراجه،
وحصل ذات الفيلم على جوائز أحسن تصوير، وأحسن صوت، وسيزارأحسن ديكور أيضا
جائزة
أحسن سيناريو أصلي ذهبت لفيلم " حتى الحضانة ".
جائزة أحسن ممثل
فاز بها الممثل الفرنسي الكس لوتز عن دوره في فيلم " جي ".
جائزة
سيزارالعمل الأول ذهبت للمخرج الفرنسي جان برنارد مارلان عن فيلم "
شهرزاد"بطولة مجموعة من الممثلين من غيرالمحترفين
فيلم شهرزاد يحكي عن
مجتمعات الهامشيين والعنف و الدعارة والجريمة المنظمة في مدينة مارسيليا، وحصل بطل
الفيلم الشاب ديلان روبرت على سيزار أحسن ممثل شاب، وحصلت بطلته كينزا
فورتاس على سيزار أحسن ممثلة شابة.
كما منحت اكاديمية السيزار جائزة شرفية للممثل
الامريكي الكبير روبرت ردفورد عن مجمل أعماله.
يذكر أن الدورة الـ44 اقيمت على شرف
المطرب والملحن والممثل الفرنسي الكبير شارل ازنافور وحضرها الممثل الكبير
روبرت ردفور، ومنحت جائزة سيزار أحسن فيلم أجنبي للفيلم الياباني " مسألة
عائلية" الفائز بسعفة مهرجان " كان " الذهبية " في دورة
المهرجان 71 واشرف على تقديم الحفل الممثل الفرنسي من أصل جزائري كاد مراد..
فيلم " حتى الحضانة " الفرنسي
لاكزافييه لو جراند الفائز بسيزار أحسن فيلم الذي شارك في مهرجان فينيسيا الأخير،
وحصل عى جائزة الأسد الفضي
يحكي عن نزاع بين زوجين للفوز بحضانة الابن وهو فتي في
الثاني عشرة من عمر,,
ومن أول
مشهد في الفيلم حيث يجتمع الزوجان، وكل واحد منهما في صحبة محاميه أمام القاضي،
تسرد علينا تفاصيل النزاع، وتاريخ العلاقة الزوجية، فالزوجة تريد حضانة الأبن
بعدما خبرت عنف الأب المسئول عن الحراسة في شركةـ ذلك العنف الدموي الذي قلب حياة
الأسرة وحولها الى جحيم بقسوته وجنونه..
وتطلب
محامية الزوجة قبل أن تؤؤل حضانة الفتي لأبيه، أن يعالج الأب أولا في مصحة عقلية
لأنه مريض بالفعل ،ويكون تحت العلاج، لكن القاضية في المشهد الأول الطويل والمكثف
نسبيا في الفيلم، تسمح فقط للأب بحضانة الفتى الصغير يوما واحدا في الاسبوع..
وفي
المشاهد التالية نري الأب يصطحب ابنه الى بيت جدته وأسرة الأب، ويضغط الأب على
الإبن، ليعرف موقع سكن زوجته الجديد، وفي ليلة الاحتفال بعيد ميلاد ابنته الكبرى،
يتسلل الأب الزوج الى مكان الحفل، من دون دعوة، و يكتشف ان زوجته تقف في الخارج مع
صديق لها، فيظن أنه عشيقها،ويقرر أن ينتقم من زوجته أبشع انتقام..
وعندما
ينتهي الحفل، وتعود الزوجة الى بيتها ،وتأخذ ابنها في حضنها لتنام، اذا بهما
يسمعان طرقا على باب الشقة من الخارج، واذا بصوت الأب الزوج يناديها إن افتحي
الباب يامريم ..
فيلم " حتى الحضانة " هو فيلم اجتماعي
واقعي، من ناحية المضمون، وكلاسيكي من ناحية الأسلوب، و يسير على وتيرة هادئة، في
المشاهد الأولي في الفيلم، لكنه يصل ويتسامق بفنه، وعنفه، عند نقطة الذروة،
وبالتحديد في حفل عيد الميلاد،و
بتوتر متصاعد، مرعب ومخيف، يصل الىأعلى مستويات الفيلم البوليسي، كما في فيلم
" نفووس معقدة " لمعلم أفلام الرعب الانجليزي ألفريد هيتشكوك،لكي ينفجر
الفيلم في النهاية، مثل قنبلة في وجهك، في المشهد الأخير ، الذي وأنا أكتب الآن،
لم اتخلص بعد من وقعه،وصدمته..
وكأن سقف الغرفة قد سقط فجأة فوق رأسي، ورأس تلك السيدة العجوز التي تعيش
وحدها في الشقة المقابلة،وكادت من فرط الرعب، والخوف ، وهي تشهد من فتحة الباب
الموارب الزوج المجنون، وهو يصرخ إن افتحي
الباب يامريم، كادت أن تفقد وعيها..
فيلم "حتى الحضانة " لإكزافييه لو جراند لم يخطف جائزة سيزار
أحسن فيلم فرنسي لعام 2018 بل استحقها عن
جدارة، وكان من الطبيعي، أن تنال بطلته جائزة سيزار أحسن ممثلة، بذلك الاداء الرائع، الذي جعلنا ننحني اعجابا
لها، ولن ننسى لها ابدا "مشهد الحمام" الأخير في الفيلم.,
باريس. صلاح هاشم