فقرة من كتاب " الحصان الشارد . من قلعة الكبش الى بلفيل "
بعنوان
ملاءات بيضاء في جراند أوتيل
رحلة بالسيارة الى فلسطين مع طنط
بقلم
صلاح هاشم
- 1 -
كانت ترضعه، حين فكرت أن أنحيه جانبا برفق، فنظر الي وإبتسم. نحيته عن أمه بدعة وحنان، وأخذت أشرب من لبنها . يا الهي .. ربما يكون ذلك الطفل الذي كنته، في صحبة تلك السيدة التي هربت به الى مصر !.
هكذا فكرت بعد أن كان الورثة- أهلي من دمي ولحمي- قد ضيقوا علي الخناق منذ عودتي من باريس الى مصر، حتى جعلوني أطلب من صاحبة البيت أن تمهلني إسبوعا لأدفع لها بإيجار البيت المتأخر، وكنت سكنت في شقتي المهجورة " اسكوات " أي بوضع اليد واحتلال المكان بالقوة ، حتى علمت صاحبة البيت بالأمر، فطلبت تدخل قسم شرطة الحيّ، وهددتني بالطرد في أقرب فرصة ..
- 2 -
ليس لدي عيوني ملاءات بيضاء ، قلت لها ، وليس لدي جراند أوتيل، وليس لدي عملات فضية
لكن لدي مفارش الحقول، ورحابة الغيطان، وزقزقة العصافير المجانية على الشجر، وبهجة مواعيد الغرام ، واسما مذهبا لها في القائمة، ورحلة قريبا مع مسافر، حين يدلف بسيفه الى داخل مياهك العميقة مثل سحابة،ويشعلها نارا من دون خوف أو وجل.
لذا دعينا نذهب الى النبع الآن في اللحظة، ونتطهر أختاه في عرق حبنا، لنجعل من كل يوم يمضي وزائل لا محالة، جسرا الى سعادة، لم ولن ندرك كنهها يا ملكتي ربما، ولن نعشها إلا بعد حين..
- 3 -
نحيته جانبا فترك حلمتها ، وصار يرتعش. قامت ووضعته في الفراش. جلست الى جواري .مالت علي وهمست في أذني بسؤال, أخذت بيديها وصرت اتحسسهما وأمسح بيدي على شعرها وبطنها. أجل لن أكون ابدا مثل ذلك الطفل الذي هربت به تلك السيدة الى مصر.مددت لها يدي، وسحبتها الى الجسر، ورحنا نسير على الجسر معا.
حتى أكثر الأرواح أجنحة يا يوسف، لا تستطيع أن تنجو من حاجة الجسد..
صلاح هاشم
( يتبع "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق