ملصق أفيش الدورة 69
جوائز مهرجان " كان " 69 تذهب واحسرتاه لأفلام لاتستحقها !
بقلم
لجنة التحكيم برئاسة جورج ميلر تمنح جائزتها
الكبري للخطاب السياسي الفكري في فيلم كين لوش ، وليس لـ " قيمته أو "
شموليته " الفنية..
قرارات لجنة التحكيم الرسمية جاءت " سياسية " صادمة
وظالمة ومهينة للـ " ضمير " المهني لأكثر من 4500 ناقد وصحفي في الدورة 69
لقطة من فيلم توني إردمان الذي كان يستحق سعفة كان الذهبية في دورته 69
لقطة من فيلم انا دانيال بليك الفائز بجائزة السعفة الذهبية
لقطة من فيلم نهاية العالم فقط لإكزافييه دولان من كندا الحاصل على الجائزة الكبري
كان .فرنسا .من صلاح هاشم
انتظرت قبل الاعلان عن جوائز مهرجان " كان "
69 أن تكون لجنة التحكيم الرسمية "منصفة"
في قرارتها، وأن تعكس – كما تعودنا في دورات سابقة للمهرجان الذي أتابع دوراته منذ
عام 1981 - ردود فعل جمهور المهرجان – لجنة التحكيم الكبرى - المكون في أغلبه من النقاد والصحفيين المحترفين
الذين حضروا الى المهرجان – أكثر من 4500 ناقد وصحفي معتمد من أنحاء العالم -
بعدما تجشموا مشاق السفر والترحال والغربة، لكي يكتبوا عن الأفلام من واقع خبراتهم
وتجاربهم وتاريخهم المهني، ويقولوا لنا – وبمسئولية - رأيهم فيها..
وعلى اعتبار أن هؤلاء المحترفين ايضا، في رأيي، هم جزء
لايتجزا من لجنة التحكيم الرسمية الصغرى في المهرجان، ولابد أن أن تؤخذ ارائهم
ايضا في الاعتبار، ويكون لها صداها في قرارات لجنة التحكيم " الصغرى "
الرسمية ..
لكن كانت المفاجأة التي نكدت علينا عيشتنا بعد استمتاعنا
بماسات كان 69 من الروائع السينمائية
الباهرة ومن ضمنها فيلم " توني إردمان " للمخرجة الألمانية مارين إده الذي
رشحناه مع الأغلبية من نقاد المهرجان من المحترفين للفوز بسعفة " كان "
69 الذهبية ..
قرارات لجنة التحكيم جاءت صادمة
وظالمة ومهينة
كانت المفاجأة أن قرارات لجنة التحكيم الرسمية الصغرى في
الدورة 69 عند الاعلان عن جوائزها، جاءت صادمة وظالمة، بل ومهينة أيضا للضمير
الصحفي لأكثر من 4500 ناقد محترف ،ومخيبة للآمال،وعلى العكس تماما من أغلب
توقعاتنا، وذهبت أغلب الجوائز، وبخاصة جائزة السعفة الذهبية – واحسرتاه - ..لأفلام
لاتستحقها ..
بل لقد صفر "جمهور المهرجان" من النقاد
والصحفيين الذي يمثل الاغلبية الساحقة من جمور المهرجان عموما،وعبر عن استهجانه
لبعض الأفلام - من بين تلك الأفلام التي
حصدت الجوائز – وذلك عند عرضها في العروض المخصصة للنقاد والصحفيين، ومن ضمنها
فيلم " عسل أمريكي " للبريطانية
اندريه ارنولد الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وفيلم " مجرد
نهاية العالم " للكندي اكزافييه دولان الذي فاز بالجائزة الكبرى،وهو بالقطع
لايستحقها ، و فيلم " المتسوقة الشخصية " للفرنسي اوليفييه الساياس،
وجاءت قرارات اللجنة سياسية توافقية وربما في أغلبها لإرضاء فقط أعضاء لجنة التحكيم
الرسمية الشخصية..
" لسنا كلابا " : صرخة كين لوش على
لسان دانيال بليك في الدورة 69
كما أن فيلم " أنا دانيال بليك " للمخرج
البريطاني الكبير كين لوش الذي حصل على سعفة " كان " الذهبية في الدورة
69 نال جائزة لايستحقها في رأيي، لأنه فيلم أقرب مايكون الى الأفلام التسجيلية
الوثائقية التي تعرض لظروف الطبقة العاملة في بريطانيا،ويشبه كل افلام كين لوش
" السياسية اليسارية التي تتعاطف مع قضايا الفقراء والعاطلين عن العمل
والمعذبين في الأرض،وتقف في خندق ضحايا النظام الراسمالي العالمي الجديد وتحولاته..
وهو فيلم جد " مباشر" وبسيط، وأشبه مايكون بـ
" خطبة "وخال من أية إضافات أو إختراعات أو "طموحات فنية"
جديدة، يقف فيه كين لوش "محلك سر
" في مكانه ولايضيف به جديدا الى " سينما المؤلف " التي يصنع،
والتي عودنا عليها عبر مسيرته السينمائية الطويلة..
إنه أقرب ما يكون
الى " صرخة " يطلقها بطل الفيلم دانيال – نجّار بريطاني يقع ضحية
لبيروقراطية حكومة كاميرون الليبرالية اليمينية،ويحكي الفيلم عن ضحية أخرى في صورة
أم تعول وحدها طفلين، ويتعاطف معها دانيال، بعد أن تسرق من السوبر ماركت كي تطعم
طفليها وينقذها من براثن عصابة، تدفعها للعمل كمومس في بيت للدعارة - وعندما يموت دانيال بسكتة قلبية في نهاية الفيلم
، ينتهي الفيلم بمشهد تقرأ فيه تلك الأم علينا " خطبة " كتبها دانيال
قبل وفاته ، ويصرخ فيها إن نحن " بشر ".. و " لسنا كلابا " ..
ونطالب فقط بمعاملة " إنسانية " أفضل ..
وقد وجدته فيلما عاديا ومملا – ويتطور -على مستوى تطور
"حبكة " الفيلم- ببطء شديد وميلودراميا زاعقا أيضا في بعض اجزائه ، كما في
ذلك المشهد الذي يحكي فيه دانيال عن زوجته " مولي " – مشهد طويل جدا –
وحسناتها وأفضالها عليه ،ويتحسر على وفاتها ، وكما في تلك " الخطبة "
الزاعقة " لسنا كلابا " في المشهد الأخير في الفيلم ، ولذا كتبت في ترشيحاتي لجوائز المهرجان ، أنه يمكن للجنة
التحكيم الرسمية أن تمنحه فقط جائزة السيناريو والتي يستحقها طبعا وعن جدارة ..
أما أن تمنحه لجنة التحكيم جائزة " السعفة الذهبية
" للدورة 69 وأن لا تذهب الجائزة لفيلم " توني إردمان " التي
يستحقها وعن جدارة فهو " ظلم "
مبين في حق الفيلم الألماني الإنساني
" النبيل " الجميل الرائع الذي صفقنا له طويلا، وتوقعنا مع جمهور النقاد من النقاد والصحفيين أن
ينالها -وعن جدارة وإستحقاق ..
والواضح جدا أن جائزة السعفة الذهبية لم تذهب لفيلم" أنا دانيال بليك " لكين لوش لقيمته أو
" شموليته " الفنية "، بل منحت للمخرج البريطاني كين لوش الكبير –
80 سنة – لمسيرته الفنية الطويلة- ( حصل لوش بفيلمه " الريح التي تهز الشعير
" عام 2006 على سعفة كان الذهبية ) وبما فيها طبعا من " إضافات "
فنية مهمة لـ " سينما المؤلف " – من ذلك اقتراب السينما الروائية من
سينما الواقع في الافلام الوثائقية التسجيلية - ولقناعاته الفكرية، وللخطاب "
الايديولوجي " في الفيلم..
ذلك الخطاب الذي يخطه دانيال بليك بنفسه على جدران أحدي
البنايات في الفيلم خارج مكتب العمل، ويقول فيه : " .. لسنا كلابا.. بل نحن
بشر .. ونستحق معاملة " إنسانية " أفضل فقط " ..وينتصر للـ "
الكرامة " الإنسانية..
ضد بيروقراطية
جهاز ومكاتب العمل في حكومة دافيد كاميرون ،التي تماطل و ترواغ في حصول العاطلين
عن العمل على مستحقاتهم، وتنهب حقوقهم، وتعاملهم للأسف معاملة الكلاب..
كما منحت لجنة
التحكيم أيضا جوائز في غير محلها ، فجائزة أحسن إخراج – في رأيي - كان من المفروض أن تذهب لفيلم " الزبون " لأصغر فرهاديـ أو
أي فيلم آخر، لكن اللجنة منحته جائزة أحسن سيناريو ! بينما كانت الجائزة يمكن أن
تمنح مثلا لفيلم كين لوش، أو فيلم " باترسون " البديع للأمريكي جيم
جامروش..
أما جائزة أحسن إخراج فقد وزعت مناصفة – نسأل لماذا ؟ - بين فيلم " بكالوريا " للمخرج
كريستيان من رومانيا، وفيلم " المتسوقة الشخصية " للمخرج الساياس من فرنسا، والمؤكد أن عضو لجنة
التحكيم المخرج الفرنسي أرنو دبلشيان تدخل أكيد لفرض فيلم الساياس بالقوة، وكان
المخرج الروماني في رأيي يستحقها وحده..
كما تدخل ذات المخرج أرنو دبلشيان في رأيي لكى تمنج
الجائزة الكبرى لفيلم " نهاية العالم فقط " للمخرج الكندي إكزافييه
دولاند ،الذي صفر له جمهور المهرجان من النقاد والصحفيين فهو فيلم " مسرحي
" شخصي جدا لمخرجه ولم يأت فيه بجديد ياحسرة، وعبارة عن " تمرينات في
الإسلوب " وترف عقيم، ويعج بمشادات وخناقات كلامية طويلة وثرثارة، وشتائم
واتهامات متبادلة لاتنتهي ،لأفراد إسرة برجوازية تعاني من التمزق والضياع والفرقة،
وربما كانت الأسرة هنا هي صورة مصغرة للأسرة الإنسانية الكبيرة،- وهذا فقط من
عندنا - لأنه فيلم مدع كما تمثلناه وهضمناه، ولم نتعاطف مطلقا مع أبطاله، وأشبه
مايكون بمباراة ملاكمة بين شخصيات الأسرة المتصارعة، التي حط فيها الإبن أخيرا بعد
غياب طويل، كي يبلغها – ومالنا نحن وهذا الأمر الذي لايعنينا ؟ - بأنه سيموت عن قريب، ويريد أن يودع أفراد اسرته
الآن والى الأبد، لكن محاولة التصالح مع أفراد الأسرة.. تنتهي في الفيلم..
بالفشل..وتكسير دماغنا..
والحق اننا يمكن في رأيي أن نغفر للجنة التحكيم تخبطها
في قراراتها، ومحاولة إرضاء جميع أعضاء اللجنة - مثال ذلك – في رأيي - منح المنتجة الايرانية
عضوة اللجنة جائزتين لبلدها إيران، بمنح جائزة أحسن ممثل لبطل الفيلم الايراني
" الزبون " لأصغر فرهادي ومنح مخرجه جائزة أحسن سيناريو..
لكننا لن نغفر لها وبعد أن عرفنا انه لم يسبق لأية لجنة
تحكيم في تاريخ المهرجان أن تجاوزت - على مستوى الوقت الضروري للمناقشة والمداولة
السرية والحكم على الأفلام- الوقت المقرر لها بكثير..
لن نغفر لها ابدا خروج الفيلم الألماني العظيم "
توني إردمان " من مولد " كان " الولي بلا حمص أو جائزة، فقد كان في
رأيي ورأي معظم النقاد والصحفيين "
تحفة " سينمائية، و يستحق أن ينال وحده جائزة السعفة الذهبية، وجائزة احسن
ممثل ( بيتر سيمونيشك) وجائزة احسن ممثلة (ساندرا ويلر) أيضا في دورة مهرجان " كان " السينمائي 69 ..وعن جدارة ..
صلاح هاشم
موفد " سينما إيزيس " الى مهرجان " كان
" 69