ملصق حفل يحيي خليل الجديد يوم السبت 18 اغسطس 2007 الثامنة مساء في المسرح المفتوح بدار الاوبرا.مصر
حفل جديد لفنان ورائد موسيقي الجاز في مصر يحيي خليل
غدا السبت 18 اغسطس.المسرح المفتوح. الاوبرا. الثامنةمساء
يحيي خليل في المشهد الموسيقي المصري
بقلم صلاح هاشم
لم يعد يحيي خليل فنان ورائد موسيقي الجاز في مصر، وصانع النجوم، يحتاج الي هذا " الاعلان " الصريح عيني عينك أو اي تقديم. .فبفضل يحيي وعلي يديه دخلت موسيقي الجاز الي مصر، وبخاصة بعد عودته عام 1972 من العمل والحياة والدراسة في امريكا ،لفترة تجاوزت الخمسة عشرة عاما. قبلها كانت موسيقي الجاز مقصورة علي الصفوة، والطبقات الاجتماعية المصرية الغنية المرفهة، والجاليات الاجنبية التي تعيش في مصر، وبعد عودة يحيي الي مصر، ومن خلال مسيرته الفنية الطويلة المتميزة التي صنع فيها عددا من نجوم الغناء، ومن دون ذكر أسماء، واصدر العديد من الالبومات والمقطوعات الموسيقية والغنائية الناجحة من تأليفه، ومن ضمنها موسيقي برنامج " حكاوي القهاوي "، وكذلك تقديمه للعديد من الحاننا المصرية الملهمة ، بأصوات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وغيرهم، بأسلوب الجاز، أصبحت موسيقي الجاز، وبخاصة بعد ان فتح له يحيي له نافذة للتواصل مع كل طبقات الشعب من خلال برنامج" عالم الجاز " في القناة الثانية بالتلفزيون المصري، اصبحت فنا اصيلا له تاريخه وعلاماته ونجومه، وصارت جماهير الشباب المصري المتعطشة الي من يعطيها ويغذيها من فنه وعلمه وثقافته، تنتظر حلول هذا البرنامج بشوق ولهفة، لتتعرف من خلاله علي نماذج ومدارس موسيقية اخري، غير الغناء " البكش " المزيف المهيمن في الساحة
وبفضل " عالم الجاز" ، صارت تقارن بين حفلات موسيقي الجاز الاصيلة الممتعة التي يشاهدونها في البرنامج، وبين حفلات نجوم الغناء المسخ بالكوم في بلدنا ، التي هبطت بالغناء المصري الي القاع، غناء وتلحينا وتأليفا، فصار مسخرة وقلة ذوق وحياء، تتسابق القنوات التلفزيونية علي بثه، وقذفنا به ليل نهار، لاثارة الغرائز والشهوات والانحطاط بالذوق العام
في حين يقدم " الاستاذ " يحيي خليل- الذي صار " علامة " من علامات الموسيقي الخالصة النظيفة في مصرويستعد حاليا لاصدار البومه الموسيقي الجديد - يقدم في كل حفل من حفلاته الموسيقية مجموعة من اشهر مقطوعات الجاز العالمية ، وباقة من الحانه الجازية الشرقية الاصيلة مثل مقطوعة " دنيا " فيصفق الجمهور من فرط حبه واعجابه بالفن المحترم الذي يقدمه مع فرقته ، ويطلب المزيد، وبعدما اصبحت الفرقة التي تضم اكثر من 12 موسيقيا من المصريين والاجانب، بمثابة معمل تجريب وتفريخ، تعكس " روح " موسيقي الجاز الاصيلة التي تعتمد علي عنصرين اساسيين : عنصر " الارتجال " - اي التقسيم الفردي في اطار " جماعية " الفرقة - وعنصر " السوينج " اي التفاعل الحركي الايقاعي بالجسد مع اللحن والنغمة، حين يكون هو الانتشاء بالطرب العميق
ولذلك لا تتحقق متعة الجاز القصوي الفريدة في كل مرة ، الا من خلال حضور حفلات يحيي خليل ، حيث نري فقط في الحفل ،كيف يرتجل العازف حين يأتي دوره ، كيف يرتجل انطلاقا من اللحن الاساسي، فيبدع ويخترع ويتفنن، ويجعلنا نصفق له حين يجيد. وهذا هو سر الاقبال علي حفلات يحيي خليل الموسيقية،فموسيقي الجاز لاتطرح عطرها وعبقها واصالتها الا بحضور حفلاته، والمشاركة فيها بالروح والجسد، وليس من خلال الاستمتاع بالسماع الفردي لها في الغرف، فبالاضافة الي شحنة الغذاء النوراني الموسيقي الروحاني في حفلات يحيي خليل ، هناك ايضا تفانين وتقاسيم واضافة جديدة في كل حفلة جديدة ، حتي صار يحيي خليل وفرقته " ظاهرة " في المشهد الموسيقي المصري الخواء ، وصار الموسيقيون يفتخرون بانهم يعزفون ويعملون في فرقته، ويسافرون معه الي اشهر مهرجانات الجاز في العالم
وكان يحيي شارك مؤخرا في اكبر مهرجان لموسيقي الجاز في جنوب افريقيا ، وحضرت سفيرة مصر الحفل الذي استقطب اليه الجماهير وكان اشبه بمظاهرة احتفاء بهذا النوع من الجاز الشرقي المخلط " ميكس " الذي يقدمه يحيي مع فرقته، فخرجت مسحورة و مدهوشة، وكتبت بعدها علي الفور تقريرا لوزارة الخارجية المصرية في مصر، اشادت فيه بيحيي والفرقة ، وطلبت ان توجه له الخارجية اي الدبلوماسية المصرية رسالة امتنان وتحية وشكر، لذلك التمثيل المصري الموسيقي المشرف من خلال يحيي خليل وفرقته ، في احد اعظم مهرجانات موسيقي الجاز في القارة الافريقية
و كان يحيي خليل قبلها عزف مع فرقته في الشارع المصري، وسط الناس ، اثناء الاحتفال بمرور مائة عام علي تأسيس وانشاء حي مصر الجديدة - ويحيي هو احد ابناء ذلك الحي العريق ،الذي شهد مولده- فقدم حفلا رائعا مجانيا للناس، سوف يتذكرونه له الي الابد ، فقد كان احد ابرز الحفلات الموسيقية التي قدمت خلال تلك التظاهرة، ولا نعرف لماذا لايخرج تسجيل هذا الحفل في شريط موسيقي دي في دي للناس ؟
ولذلك لايتعجب المرء حين يجد ان حفلات يحيي خليل، الذي صار " نجما " في الشارع المصري وبعدما حقق له برنامج " عالم الجاز" في التلفزيون شعبية وجماهيرية كبيرة ، صارت محجوزة مقدما و" كومبليه "أي كاملة العدد، قبل الهنا بسنة، سواء عزف يحيي في " ساقية " محمد الصاوي، او علي خشبة المسرح الصغير في الاوبرا في الهواء الطلق، او في اي مكان. اغتنم اذن الفرصة ان كنت في مصر، زائرا او مقيما ،و لاتدع حفل يحيي خليل هذا، غدا السبت الثامن عشر من اغسطس الثامنة مساء في المسرح المفتوح بالاوبرا، يفتك باي ثمن. جرب حفلا ليحيي خليل ولو مرة ولو بدافع الفضول والتعرف الي موسيقي الجاز، هذا الفن الامريكي المتوغل بجذوره في التربة الافريقية، والذي لا يعد غريبا علي الجانب الافريقي في الروح المصرية، تلك الروح الذواقة التي تستطيع بذكائها وخبراتها ان تستوعب و تهضم كل فن وارد مهما كان ، وتعمل علي تدجينه وتطويعه وتطعيمه ، فالمؤكد انك ستخرج منتشيا من الحفل لكي تنضم وبسرعة الي الجمهور الذواقة الذي ينتظر حفلات يحيي خليل بشوق ولهفة، ويتابع مغامرته الفنية الموسيقية الفريدة الفذة ، في وسط موسيقي مصري " أقرع " ، اصبحت تسيطر عليه روح الكسب السريع باي ثمن، وضحالة الفكر، وخبط الحلل والفهلوة
صلاح هاشم