فوضي المهرجانات
السينمائية في مصر
بقلم سلامة عبد الحميد
تزامن المهرجانات المصرية يضعفها ويحرمها من التغطية الاعلامية
منذ فترة ليست بالقصيرة أبحث مع أصدقاء وزملاء فكرة اقامة مهرجان سينمائي خاص بنا نسعى لتمويله بشكل جاد باعتبار التمويل هو العائق الاساسي أمامنا وكل ما بعده يهون، فنحن بحسب خبراتنا ومعارفنا قادرون على جلب أعمال متنوعة الأفكار والجنسيات بما يسمح لنا باطلاق مسمى "الدولي" على مهرجاننا هذا الذي لا يمكن أن يعتبره منصف إلا مهرجان شخصي أو ملاكي.
كيف لا نفكر في ذلك ونحن نرى من حولنا مهرجانات "بالكوم" بحسب التعبير المصري الدارج الذي يعبر بوضوح عن مدى سهولة اقامة المهرجانات والطريقة التي يتعامل بها القائمون على المهرجانات مع التنظيم والإعداد الذي قد لا يستغرق في بعض الحالات إلا أسابيع ولا يتجاوز في حالات معروفة أياما معدودة.
ورغم ايماني الشديد بأهمية المهرجانات الفنية وضرورة الإكثار منها إلا أنني في الوقت نفسه أصر على أن تكون تلك المهرجانات ذات أهداف واضحة وخطط مدروسة وأليات محددة في التعامل مع المشاركين والأعمال والتنظيم، حتى لا تتحول إلى "كمالة عدد".
لكن ظاهرة جديدة ومثيرة استوقفتني قبل أيام خلال اعدادي لأجندة مواعيدي نصف الشهرية حسب ما اعتدت في عملي حتى لا يضيع وقتي أو أجد أنني فقدت حدثا مهما لانشغالي بحدث أقل أهمية فقد وجدت أن مصر تشهد خلال الايام العشرين القادمة بدءا من الثلاثاء 5 سبتمبر/ ايلول فعاليات خمسة مهرجانات فنية متنوعة تتزامن عروضها ومنافساتها جميعا فيما يشكل حالة صارخة من عدم التنسيق الواضح بين ادارات تلك المهرجانات "المصرية" التي تنظم وزارة الثقافة المصرية ثلاثة منها بنفسها أو عن طريق اداراتها المختلفة وتشرف على تنظيم المهرجانين الاخرين.
تضم المهرجانات الخمس التي تم الاستقرار على عقدها في الفترة من 5 وحتى 22 سبتمبر/ ايلول ثلاثة مهرجانات سينمائية احدها للافلام التسجيلية والقصيرة وأخر للأفلام الروائية والثالث لأفلام حوار الثقافات اضافة إلى مهرجان مسرحي واخر للغناء والفيديو كليب وتتوزع المهرجانات الخمس بين اربعة مدن مصرية من أقصى الغرب إلى أقصى الشمال الشرقي حيث يعقد اثنان منها بالاسكندرية شمالا وثالث بالقاهرة في الوسط والاخران بمدينتي الاسماعيلية وشرم الشيخ غربا.
أما تداخل المواعيد بينها فهو أمر محير فبينما يبدأ مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي الثاني والعشرون لأفلام دول البحر المتوسط فعالياته 5 سبتمبر/ ايلول ويستمر حتى العاشر من الشهر نفسه فان مهرجان اوسكار الفيديو كليب الدولي السابع يقام بمدينة شرم الشيخ في الفترة نفسها بدءا من الثامن وحتى الحادي عشر من نفس الشهر.
في حين يقام مهرجان المسرح التجريبي الدولي الخامس عشر بالقاهرة في نفس التوقيت حيث تبدأ فعالياته يوم 10 سبتمبر/ ايلول ولمدة عشرة ايام متصلة تبدأ خلالها أيضا فعاليات مهرجانيين سينمائيين أخرين هما مهرجان أفلام حوار الثقافات الدولي الأول الذي يقام بمدينة الاسكندرية في الفترة من 11 وحتى 22 سبتمبر/ ايلول (وله قصة منفصلة قد نتحدث عنها لاحقا)، ومهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والقصيرة الذي تبدا دورته العاشرة يوم 15 وتستمر حتى 22 سبتمبر/ ايلول.
وتعاني المهرجانات المصرية الخمسة بلاشك من تضارب المواعيد الذي يقلل من حجم الاهتمام الاعلامي بها ويمنع النجوم المصريين من حضورها فيما يشكل ظاهرة متكررة سنويا لاشك انها ستكون اوضح هذا العام بسبب التزامن الذي لا يعطي ايا من تلك المهرجانات فرصة للتميز كما يقضى على فرصها الضئيلة أساسا في الوصول إلى الجمهور العادي الذي انصرف عن المهرجانات منذ أعوام حتى انطلقت تسمية كارثية يروج لها السينمائيين أنفسهم تصف أفلاما جادة أو ملتزمة بأنها "أفلام مهرجانات"
كانت الدورة الاخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي قد شهدت نقاشا طويلا حول فكرة تزامن المهرجانات وضرورة التنسيق بين اداراتها حتى لا يحدث تضارب بعدما عقد مهرجان دبي السينمائي في نفس موعد مهرجان القاهرة وتاثر كل منهما بالاخر وهو الامر الذي سيكون اوضح بالنسبة للمهرجانات المصرية الخمسة المقامة هذا الشهر، وصدرت عقب ذلك الكثير من التصريحات الوردية جدا التي أكدت التنسيق بين المهرجانات العربيةلكن ما سبق من التزامن المعيب للمهرجانات المصرية يعد تكذيبا واضحا وعمليا لتلك التصريحات، فكيف ينسق المصريون مع العرب مواعيد مهرجاناتهم إذا كانوا لا يستطيعون التنسيق فيما بينهم
سلامة عبد الحميد
صحفي مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق