الاثنين، مايو 06، 2019

طفولة إيزيس من تاني . بقلم صلاح هاشم . فقرة من كتاب " تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس . سيرة ذاتية مختصرة " لصلاح هاشم


فقرة بعنوان
" طفولة إيزيس "
من كتاب " تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس. سيرة ذاتية مختصرة "
لصلاح هاشم..


طفولة إيزيس
من تاني
بقلم

صلاح هاشم

" كان يا مكان بحار، زرع حديقة على شاطيء البحر، وجعل من نفسه بستانيا، فلما أزهرت، ترك متجره للنهب، وأنطلق في بحار الله "


أبي همفري بوجارت الأنيق الجميل الوسيم من منيا القمح شرقية

هذه صورة لأبي ياكزانتزاكيس، أبي المرحوم عم هاشم مصطفى عبد الفتاح، من منيا القمح شرقية، همفري بوجارت. القدوة ، والأناقة، والجمال والمثال. حكواتي" شرقاوي" أصيل، ومحارب من عصر الأسرات، ووريثا لجدنا الأكبر هوميروس، وعاشقا للأفلام الأجنبية في سينما إيزيس، و زوربا المصري الذي عرفته، ونمت في حضنه، قبل أن أشاهد الفيلم المأخوذ عن روايتك البديعة، رواية " زوربا اليوناني "، وقبل أن التهم كل أعمالك الروائية والفلسفية، وأكتب لك هذا التقرير..

كان نجمه المفضل همفري بوجارت، وكان اصطحبني في صغري الى قاعة سينما إيزيس" في شارع مراسينا ، بجوار حديقة ومستشفى حوض المرصود،على بعد خطوات من مسجد أحمد بن طولون، وسينما الهلال الصيفي،ومسمط الركيب، وسينما الأهلي ، وسينما الشرق، 4 قاعات سينمائية، في مربع جد صغير، في حينا العريق الكبير " السيدة زينب " ..

وجعلني وانا لم أتجاوز الرابعة من عمري، أشاهد معه سلاسل أفلام " شارزام " و" زورو" وسلاسل أفلام الكاوبوي، وسلاسل أفلام دينية ،وسلاسل أفلام شارلي شابلن وغيرها. وكان فيلم " كينج كونج " اول فيلم كامل، خارج تلك المسلسلات، أشاهده في حياتي..

هذا هو يا كازانتزاكيس أبي عم هاشم، الذي جعلني أحب السينما، وأعشق أفلام طرزان ، وشارلي شابلن، ولوريل وهاردي ،وبستر كيتون، واسافر مع كل أفلام السينما العظيمة، .انظر ياكازانتزاكيس كم هو جميل، مثل الممثل الأمريكي القدير همفري بوجارت بطل فيلم " كازابلانكا " مع إنجريد برجمان..

.لقد كان صديقا وعما لكل أصحابي وأصدقائي ، عبد العظيم الورداني ،وخالد جويلي، ومحمد سيف ،والشيخ ابراهيم ، وعبد السلام من بورسعيد ، ومحمد خليل، وكانوا يحبونه ويستمتعون بأحاديثه، وحكاياته، وحكايات أسفاره ، ومغامراته التي لاتنتهي، ويتناقشون معه في الأفلام..

وعندما كبرت، والتحقت بالجامعة لدراسة الأدب الانجليزي، وقراءة شكسبير بلغته الأصلية. كانوا يزورونني في حينا العريق قلعة الكبش، فيستقبلهم " عم هاشم "بكل تواضع وترحاب وحب، ويصنع لهم الشاي،وهو يجلس على الأرض، ويتركهم يجلسون على الكنبة، ويروح وهو يداري حرجه من السؤال، يروح يطمئن منهم، على أن الحصان الشارد -ابنه الصعلوك - الذي لم يعد يتردد على المنزل، بخير..

هذا هو ياكزانتزاكيس، أبي عم هاشم الكبير،الذي كان يعلق صورة " بن آب " لحسناء هوليوود إستر ويليامز، من فيلم" السابحات الفاتنات " من أعظم الأفلام الموسييقة التي شاهدتها في صغري في سينما إيزيس، كان يعلقها على جدران شقتنا في "بيت الشيخ راشد" في حينا العريق الصغير " قلعة الكبش " مدينة "القطائع " القديمة ،عاصمة مصر، التي شيدها أحمد بن طولون، والي الخليفة على مصر، في القرن الثامن الميلادي، و" صرة " السيدة زينب..

هذا هو أبي عم هاشم الجميل - كانت نجمته المفضلة هيدي لامار في فيلم " شمشون ودليلة " - الذي علمني القراءة والكتابة، ودروس الإملاء ، وأنا " عيل " طفل صغير، فصرت اقرأ قصص الأطفال التي كان يجلبها لي عمي عبد الرحمن مصطفي، كان يستعيرها لابن أخيه ، من مكتبة مطبعة البابي الحلبي وأولاده، في حي الأزهر العتيق..


الحصان الشارد الطفل

وكنت عندما أنتهي من قصة، أحملها اليه، فيردها الى مكتبة المطبعة، التي كان يعمل بها آنذاك ، مطبعة البابي الحلبي وأولاده في حي الأزهر، ثم يأتي الي بقصة جديدة، وهكذا كنت اقرأ بنهم قصص الأطفال، وأسافر مع السندباد، وأحلم بقصص ألف ليلة وليلة ، وتاجر البندقية، واركب البساط السحري، في فيلم لص بغداد، وأنا لم ألتحق بعد بالمدرسة الابتدائية ، ولم أبلغ بعد السن القانونية....




وحين بلغت السادسة من عمري، والتحقت بمدرسة حسن باشا طاهر الابتدائية في حي الحلمية ،على بعد خطوات من سينما وهبي، كان طه حسين -علمت ذلك في مابعد من أمي الحاجة سيدة سيد محمد مرزبان - هو " وزير المعارف" آنذاك في مصر، ولم أكن بحاجة ، بفضل ابي عم هاشم آنذاك ،أن أتعلم القراءة والكتابة ..

فقد كان أبي، قبل أن ألتحق بمدرسة حسن باشا طاهر الابتدائية، علمني ايضا السباحة، وعمدني في بحر النيل ، وأطلقني حرا، ولذلك فأنا مدين له ، بكل ما صنعت في حياتي.
أفضل من أن تجعل السينما حياتك، أن تجعل بعشق المغامرة وحب الفضول، تجعل من حياتك سينما..

( يتبع )

صلاح هاشم

ليست هناك تعليقات: