الجمعة، ديسمبر 23، 2016

لا وقت للحزن، آكلك منين يابطة تحت أعتاب النخيل في فيلم يسري نصر الله بقلم صلاح هاشم


فيلم " الماء والخضرة والوجه الحسن " ليسري نصر الله
يخرج للعرض التجاري في فرنسا


لا وقت للحزن.آكلك منين يابطة تحت أعتاب النخيل ؟

عن  "جنة" مصر الحقيقية وقدسيتها



بقلم

صلاح هاشم

 فيلم " الماء والخضرة والوجه الحسن " للمخرج المصري يسري نصر الله ، هو من أجمل الأفلام التي صنعها ولحد الآن، بعد سلسلة من الافلام السيئة الكئيبة الباردة "المفبركة "التي تمتليء بالكثير من الادعاء التي حققها من قبل، ولم نتوقف عندها كثيرا، فلم تهزنا، وكانت تنقصها جميعها حرارة أو نفس أو نبض الحياة الحقيقة في بلدنا مصر،او على أقل تقدير محاولة الاقتراب منها،وليس كما ترتسم فقط في خياله، والنهل من جذوتها

 ولذا كانت أفلامه تلك ، تمنحنا الانطباع بأن المخرج المصري والمثقف " السينمائي " الكبير، ليس لديه مايقوله، كما في فيلمه " بعد المعركة " الذي ذبحنا باصطناعيته، عندما عرض في مهرجان " كان " السينمائي 
وأنه المخرج  " الفرانكوفوني" القح ، أبعد في برجه الطبقي العاجي من أن يكون قريبا من، أو يعرف عن حياة الناس في مصر، إلا مايستطيع فقط ، ان يطل عليه من عليائه في لقطة " بلونجيه - من أعلى " من سطح البرج العادي الذي يسكنه في مصر


كما ان شهرة يسري نصر الله التي اكتسبها كمخرج، من خلال عمله كمساعد لمخرجنا الكبير الراحل يوسف شاهين، لم تكن تعني أو تفرض، او تستدعي بالضرورة ان يصبح مخرجا، أو أن يتوقف أحدهم عند أفلامه، لأنها تستحق الكتابة عنها
 حيث ان كل تجاربه السينمائية التي اخرجها، وقبل هذا الفيلم،لم نفهمها، أو أنا بالتحديد لم افهمها،واعتقد انه هو ايضا قد حققها وانجزها ، وهو لايعرف ماذا يريد أن يقوله بها،  أو من خلالها بالضبط ، وياله من " ترف "  فكري عقيم حقا، بل واتحدي ان يكون هو ذاته قد فهم منها اي شييء، او حتى يأمل بأن يتبقى منها اي شييء بالمرة، فكما ظهرت تلك افلام  أو " تجارب سينمائية غير مكتملة " ليسري نصر الله  ،بلا حياة ولا نفس ولا روح، وبلا قضية،  كما اختفت.. وتلاشت تماما بالمرة من ذاكرتنا
،
 وأنا لا اعرف مثلا أن احدا يريد أن يشاهد من جديد - في ما يطلق عليه " إستعادة "- اي فيلم من افلام المخرج الفرانكوفوني الكبير يسري نصر الله

هل يعرف أحدكم ؟ 

 فيلم " الماء والخضرة والوجه الحسن" ليسري نصر الله المخرج المصري القح الذي خرج للعرض التجاري في فرنسا ، هو فيلم مصري جميل ومباشر وبسيط وبلا ادعاء ، وهي أول مرة اشاهد فيها فيلما ليسري ويعجبني، ويكشف فيه نصر الله وربما لأول مرة 
عن تلك الاشياء المصرية  "الاصيلة " التي أهملها في كل افلامه في حياة المصريين ولم ينهل منها : حب المصريين أصلا للحياة الآن وعشقهم للطبيعة والضحك والأكل والشمس، واللحم بكافة أشكاله
 لحم البط و لحم المحشي ولحم الرقاق ولحم الكفتة، وكذلك لحم النهود والارداف والشفاه، و "حسية" المصريين " الهيدونية " الابيقورية الباخوسية، المحبة للحق والخير والجمال، وآكلك منين يابطة
فليس هناك في مصر أجمل من الاحتفال بتلك القبلات المختلسة المسروقة تحت أعتاب النخيل، أوالغطس في صدر حبيب، وقدسيتها

فيلم " الماء والخضرة والوجه الحسن " ليسري نصر الله يصور  " جنة  " مصر الحقيقية، من خلال الاحتفال بهدايا وعطايا الحياة الآن في اللحظة
 وهو فيلم "  سياسي " بالدرجة الأولى، لأنه في شموليته الفنية، ومهما كانت سقطاته" أو " عيوبه " الفنية "يقف في خندق الحب والحرية والجمال ويكشف عن طبيعة المصريين
في  الاحتفال ببهجة الحياة الآن - الجنة الحقيقية - ضد قيم الكراهية والتعصب  والعنف والارهاب التي تروج لها الجماعات السلفية الفاشية البيوريتانية التطهرية المنافقة، وتريد ان تجعلها بقوة السلاح والعنف والقتل منهاجا لحياتنا 

صلاح هاشم
..
( يتبع .. )

ليست هناك تعليقات: