الثلاثاء، سبتمبر 08، 2015

جريدة القاهرة تنشر فقرات من كتاب " الحصان الشارد، حكايات من قلعة الكبش وبلفيل " لصلاح هاشم







نشرت جريدة " القاهرة " الاسبوعية العدد 793 الصادر يوم الثلاثاء 8 سبتمبرمجموعة  فقرات  من كتاب جديد " الحصان الشارد، حكايات من قلعة الكبش وبلفيل " لصلاح هاشم - تحت الطبع حاليا - على صفحة كاملة ( ص 19 ) ومن ضمنها الفقرة التالية بعنوان زنجية تسفيني الحليب



زنجية تسفيني الحليب

تعلمت من أمى  النوبية الحاجة سيدة بنت الحاج سيد محمد مرزبان التى  تطبعت بطابعها، أن أحترم البشر وأحب الخير لكل الناس. من أول عم محمود بائع اللبن الذى  كان يأتينا فى  حينا العريق «قلعة الكبش» فى  السيدة زينب، قادما على  دراجته من أعماق مجاهل الجيزة، وهو يحمل لسكان منزلنا الحليب، ومرورا بالحاج بيومى  النجار، الذى  كان يلاحقنا نحن الصغار الأشقياء بالشتائم حين نعبر من أمام دكانه، حتى  لو لم نكن قد اقترفنا جرما، ولحد عم عوض صاحب محل البقالة فى  أول الدحديرة - الطريق الصاعد إلى  منزلنا فوق هضبة الكبش - الذى  كنت أقصده كل صباح، لكى  آتى  لمنزلنا بالخبز. وكذلك عم عربى  الترزى، والأسطى  حسين المكوجى، وعم حسن الحلاق، تعلمت أن أحترمهم جميعا.
وكانت أمى  توقظنى  وأنا طالب فى  الجامعة من (أحلاها نومة) وأنا أقف فوق مئذنة مسجد أحمد بن طولون وأستعد للقفز والتحليق، فإذا بها تقطع على  سعادتى  بالحلم، لكى  أقوم وأسلم على  عم محمود بائع اللبن الذى  يقف عند الباب، وتطلب منى  أن أعامله بمقام جدى  الحاج سيد مقرئ القرآن.
«.. من غير ما تبقى  كريم ونبيل وشريف فى  أفعالك، إيش تسوي؟.. إيش تسوى  غير حفنة تراب على  الأرض يا آدم».. هكذا كانت تردد، ولم أكن أعرف هذا الآدم الذى  تخاطبه أمى  فى  صلواتها، وعندما غادرت مصر وانطلقت في رحلتي الطويلة ، كانت دعوات أمي النوبية الحاجة سيدة من قلعة الكبش تصحبني تحت بوابات العالم، فإذا بي أتبين بعضا من ملامحها في كل إمرأة عشقتها، وتسقيني من فمها الحليب..




ليست هناك تعليقات: