الأربعاء، سبتمبر 23، 2015

الفن هو الحل . ذكريات سينمائية بخصوص " سينما إيزيس" وتلك القاعات التي إندثرت وللأبد من حياتنا بقلم يسري حسين

الربة إيزيس أم المصريين ترضع ابنها الطفل حورس

فيلم امريكا امريكا ابتسامة الأناضول لإيليا كازان شاهدناه في قلعة سينما إيزيس في السيدة


الفن هو الحل ؟


عن " سينما إيزيس " في حي السيدة زينب 
وتلك القاعات
التي إندثرت من حياتنا
*
تنمية المناطق العشوائية في بريطانيا عن طريق إنشاء القاعات السينمائية والمراكز الثقافية الفنية

بقلم


يسري حسين

نشأت في حي السيدة زينب  في القاهرة عاصمة مصر،وكانت تنتشر خلال شوارعه عدة دور سينمائية، بعضها يعرض خلال الحفلة الواحدة ثلاثة أفلام دفعة واحدة . كانت السينما المتعة الوحيدة المتاحة أمامنا، وقد عشقنا الشاشة البيضاء التي تنقلنا الى عالم الخيال وتمنحنا البهجة وتمتعنا بالتسلية، خصوصا أفلام رعاة البقر الأمريكية وكانت تعرضها شاشة سينما( إيزيس) بشارع قدري، وعلى بعد عدة أمتار منها سينما أخري اسمها( الهلال) وهي صيفية بلا سقف


 
فيلم أمريكا أمريكا لإليا كازان شاهدناه في سينما إيزيس

 وخلال أمسيات الصيف القاهري تتحول لملتقى لبنات الحي لأستعراض الأناقة ،ومظاهر الجمال والمرح والحياة المفتوحة على الرقي والنظافة . ذهبت في رحلة أخيرة الى شارع قدري، فوجدت أطلال الماضي بلا أضواء ولا بريق الجمال، حيث أختفت سينما ( إيزيس ) تماما، اما الآخرى ( الهلال) فمغلقة ومهجورة ومظلمة، والشارع نفسه لم يعد كما كان، اذ يسود اللون الأسود القاتم ، ويهيمن الزحام
وقد اختار الناقد والمتجول فى حدائق الكتابة صلاح هاشم أسم ( إيزيس) لموقعه في العالم الإفتراضي، للمحافظة على أسم السينما التي كونت وعينا، ونسجت أحلاما، وجعلتنا نجري وراء الألوان والموسيقى والرسم، ونري خلاص أنفسنا والدنيا كلها في رفع راية الفن، حتي تنهض الشعوب، وتكون قادرة على حلم يفجر الطموح، ويقود للحياة ، مع بث الأمل ومحاربة اليأس والقنوط، والإيمان بأن الإنسان حر لا عبد ، وأنه يعمل لتنوير حياته بالعلم والمحبة والقدرة على إسعاد الآخرين،  وليس قتلهم او ذبحهم، كما تفعل تيارات الجنون الحالية، التي تدفعنا لتدمير أوطاننا.
 
غلق دور السينما خنق رئة الأحلام
 
 سينما ( إيزيس) الذي يحافظ على أسمها صلاح هاشم، زرعت في جيلنا أبناء حي السيدة زينب عشق الفن ،وهو أداة للبناء، وفي بريطانيا موجة تعمير وإحياء حضاري تتجه نحو المناطق العشوائية والمهملة، وتبني في قلبها "مركز فني" يشمل قاعة سينما وأخري للعروض المسرحية مع صالة عرض للفن التشكيلي . 
رأيت هذه التجربة في مدينة ليفربول وحضرت الأفتتاح، ووجدت الفقراء يدخلون دار العرض ويتابعون معرضا للفنون التشكيلية. الأشتباك مع الفن يمنح رؤية مختلفه، وتلك نظرية التنمية بالفن منتشرة داخل بريطانية، وتم محاربة الأدمان والسلوك العشوائي بهذا الأسلوب. وعندما كانت مصر منفتحة على الفنون ،وضعها مكنها من مقاومة التطرّف، اذ كان معروفا عن باشوات ما قبل يوليو حب الفن، وكان الملك فاروق يحب الأستماع الى أم كلثوم ويذهب الى المسارح ودار الأوبرا لمتابعة العروض القادمة من إيطاليا، والخديو إسماعيل كلّف فيردي الإيطالي لكتابة أوبرا عايدة، ولعبد الوهاب أغنية رائعة بعنوان الفن يمدح الملك راعي الفن .
غلق دور السينما خنق رئة الأحلام ، وتم احلال ثقافة أخري كارهة للجمال وتجرم الانفتاح للحياة،  وتعتبر الغناء حرام، وصوت المرأة نفسه عورة . وكان الغناء المصري ينعش أقاليم الجدب الصحراوي ، كان أهل المناطق المحرومة من الغناء يأتون الى القاهرة عندما كانت زاهرة بأصوات بلابل مصر الذين يغنون للحب والجمال مع أم كلثوم وهي تشدو بدلال وتقول( افرح ياقلبي )..



 اذا ارادت مصر العودة الى قوتها، فعلى الدولة بناء دور السينما في المناطق العشوائية، والصعيد والقري لهزيمة الظلام، ولنشر الضياء ، وإعادة بناء سينما ( إيزيس) ،ومنح صلاح هاشم الذي هاجر الى فرنسا، لكن القاهرة الجميلة وحيه قلعة الكبش داخل وجدانه ، وحفظ لنا أسم إيزيس في فضاء موقع يعيد قراءة افلام مصر والعالم من خلال تلك النافذة التي تحمل عبق المدرسة التي تعلمنا فيها حب الجمال والألوان والحكايات الناطقة بلغة الإبداع الموسيقى، المستخدم لحيل الصناعة والفن، لتقديم القصص المصورة مع موسيقى وتمثيل، بعث الفنون المصرية أمل استنهاض المصريين من ظلام الخرافة والجهل والتعصب، لفتح نوافذ الحياة، حتي يدخل صوت أم كلثوم وهو يحمل أغاني الحب،  لحصار رياح الكراهية البشعة التي تهدم الأوطان ..
 الفن هو الحل

يسري حسين

ليست هناك تعليقات: