الخميس، يونيو 11، 2015

ابراهيم الدسوقي.. للأسكندرية طعم آخر بقلم صلاح هاشم


ابراهيم الدسوقي..للأسكندرية طعم آخر
الناقد السينمائي ابراهيم الدسوقي
 
بقلم
صلاح هاشم


فجعت بالأمس، بخبر وفاة الناقد المصري الاسكندراني الصديق ابراهيم الدسوقي، وفقدت بوفاته ،صديقا عزيزا وأخا محبا، وفقد النقد السينمائي في مصر، واحدا من أبرز كتابه ونقاده. فقد كان ابراهيم الدسوقي صاحب الابتسامة الكبيرة الهادئة الواثقة المحبة إن أهلا ومرحبا، أحد مؤسسي "جماعة الفن السابع" في الاسكندرية، التي ضمت مجموعة من عشاق فن السينما ومحبيها  في مدينة الاسكندر الأكبر العريقة.تلك المدينة الرائعة الملهمة التي شهدت ميلاد السينما المصرية، وفرضت جماعة الاسكندرية بتلك المجموعة ،وبنشاطاتها السينمائية على مستوى عروض وندوات وأسابيع الأفلام، فرضت حضورها المؤثر والمكثف والأثير،وكانت بالفعل "جامعة سينمائية" حقيقية لشبا ب الاسكندرية.
 ولولا حضور هذه الجمعية في قيادة حركة مهرجان الأسكندرية السينمائي، على مستوى النشر، اي في مايتعلق بمنشورات وكتب وجريدة المهرجان اليومية بفضل ابراهيم الدسوقي، وكذلك على مستوى الإدارة بفضل الأستاذ سامي حلمي احد مؤسس جماعة الفن السابع ايضا ومدير المهرجان في الأسكندرية، لما كان يمكن أن تقوم لهذا المهرجان المخصص لسينمات البحر الأبيض المتوسط قائمة..
 فقد توهج مهرجان الاسكندرية السينمائي الذي اشتغلت معه لفترة تمتد الى أكثر من عشرين عاما ومنذ تأسيسه بحضورهما، ومن خلال عملي كمندوب للمهرجان في فرنسا، تعرفت عليهما ، وعلى مجموعة كبيرة من اعضاء الجمعية في المهرجان ونعمت بإنسانيتهم الجمة وسخاء اسكندراني اصيل بلا حدود، وصرنا أصدقاء.
 كما اني اقتربت أكثر من ابراهيم الدسوقي وسامي حلمي بالذات،وتعددت لقاءاتنا أثناء تواجدهما في القاهرة ،لحضور مهرجان القاهرة السينمائي، وكنت كلما هبطت الى الاسكندرية، توجهت على الفور لزيارتهما، بعدما توطدت بيننا أواصر الصداقة والمحبة، في ما هو أبعد من حدود السينما، الى اشتغالات الحياة، و" الصعلكة المنتجة "،والابداع والنقد، والكتابة والفن، ومن خلالهما توثقت أيضا علاقتي بمدينة الاسكندرية ، وفي صحبتهما صارللاسكندرية التي عشقتها " طعم" ومذاق آخر، وبخاصة عندما كانت دورات المهرجان المذكور، بإدارة الاستاذ أحمد الحضري ورءوف توفيق، تتالق مثل قوس قزح فوق بحر الاسكندرية، بالبهجة و بالفرح العميق،وتطلقنا في سموات الأحلام الكثيرة السعيدة ..
وكنت سعيدا جدا كذلك، عندما كلف الناقد الكبير سمير فريد صديقي ابراهيم الدسوقي للاشراف على الادارة التفيذية، لقسم السينما في مكتبة الاسكندرية ،الذي كان سمير يشرف عليه ،وعلى برنامجه السنوي الحافل باسابيع الافلام والندوات والكتب  والمحاضرات،وكذلك عندما كلفتهما الناقدة الكبيرة الصديقة خيرية البشلاوي بالكتابة في السينما في المجلة الفنية التي كانت تترأس تحريرها..

 
الصديقان ابراهيم الدسوقي في الصورة الأول من على اليمين، وسامي حلمي على اليسار، ويتوسطهما صلاح هاشم


لكن كانت سعادتي أكبر، للانجازات التي حققها ابراهيم الدسوقي وسامي حلمي، ليس فقط على مستوى نشاطات جمعية الفن السابع ،ومهرجان الاسكندرية 
 بل على مستوى التفتيش والتنقيب في تاريخ و "ذاكرة" السينما المصرية التي خطت خطواتها الأولي في الثغر الاسكندراني الجميل، بانفتاحه على سكة البحر والمغامرة، والنهل من تلك الثقافات، التي عرفتها الاسكندرية عبر تاريخها الطويل - بوصفها مثلا  ولمن لايعرف- كأول عاصمة لمصر البلاد - وبوصفها أيضا كمحطة كبرى لاجيال من الجاليات الاجنبية اليونانية والايطالية والفرنسية التي هبطت فيها ، وبكل الاضافات الفكرية والفنية التي حققتها، من عند فلاسفة الاغريق والرهبان المسيحيين، ومرورا بقسطنطين كفافي ولورانس داريل..
 وقد تمثلت هذه الاضافات من خلال توثيقهما لـ"لمرجعية الفكرية والتاريخية" لذلك الميلاد السينمائي المصري البهي، في مدينة محمد بيومي و سيد درويش وأدهم وسيف وانلي، من خلال الكتب التي صدرت لهما ( عن المجلس الأعلى للثقافة ومكتبة الأسكندرية ) في ذلك المجال.
 وقد كان لابراهيم الدسوقي وسامي حلمي فضل مشاركتهما الكبيرة في إنجاز المخرج المصري الكبير محمد كامل القليوبي لفيلمه الوثائقي الرائع عن محمد بيومي، والعثور على ماتبقي من أفلامه، ووضعه كاول سينمائي مصري من الاسكندرية على خريطة السينما في مصر.
وداعا ابراهيم الدسوقي.
صلاح هاشم

ليست هناك تعليقات: