الثلاثاء، مارس 23، 2010

قراءة في فيلم " عصافير النيل " بقلم هاشم و ابو عواد

لقطة من فيلم " عصافير النيل " لمجدي احمد علي


قراءات



سينما ايزيس




فيلم " عصافير النيل " لمجدي احمد علي



قراءة لرياض ابو عواد



و استهلال كتبه صلاح هاشم



---------------------------------------------





استهلال





ألم يتبق لعصافير النيل سوي الذكريات ؟




بقلم صلاح هاشم






يسعدني ان اقدم هنا قراءة لفيلم " عصافير النيل " اخراج المصري مجدي احمد علي ، للصحفي و الناقد الفلسطيني الصديق رياض ابو عواد ، و كنت شاهدت الفيلم معه اثناء تواجدي في مهرجان القاهرة السينمائي الفائت 33 وكتبت عن ذلك ، في مجموعة تحقيقات عن المهرجان بعنوان " طقوس الخروج ليلا " ، كتبت منها جزأين و نشرتهما في " سينما ايزيس " و لم اكمل الجزء الثالث كما وعدت، بسبب انشغالي مهنيا بوضع قاموس بالفرنسية للعامية المصرية مع مجموعة من الباحثين و الدارسين العرب في ياريس ،حملني الي منطقة اخري من مناطق ابحاثي و انشغالاتي ، و اعد بان اعود الى طقوس الخروج ليلا عندما تسمح الظروف وعلها تسمح قريبا جدا

دخلت مع رياض الفيلم ، وخرجت منه في ذلك العرض الاول للفيلم في المهرجان حيث شارك في مسابقة مهرجان القاهرة وانا استشعر حالة انسجام وفرح و شجن ، و حين سألني رياض عن رأيي في الفيلم ، لخصت الحالة كالعادة في جملتين :( اعتبر ان فيلم " عصافير النيل" بمثابة "قصيدة " تشدو بحب الحياة ، رغم الواقع السريالي العبثي المفروض على المواطن المصري أن يعيشه ) فاحتفظ بهما و اوردهما في مقاله وانا لجميله شاكر و ممتن ، واسرعت بالخروج ، حتي اذهب واكتب عن تلك الحالةالجميلة التي وضعني فيها الفيلم ، في خلوتي بغرفة الفندق التي تطل على نيل القاهرة ، بعيدا عن صخب هذا العالم المسعور

واثناء سيري باتجاه الفندق ،التقيت بالصحفي الكاتب الصديق سعد القرش الذي نادى علي من شباك سيارة وعرض ان يوصلني لميدان التحرير في طريقة وآخذ من هناك تاكسي الي الفندق او اروح اتمشي وتحدثنا في السكة عن الفيلم ، و كان سعد مهتما بالحديث عن التطابق بين الفيلم و الرواية وان كان الفيلم نجح في نقلها للشاشة ، و لم يكن ذلك بالنسبة الي مهما ، و لم اكن قرات الرواية او بالاحري قرات عدة صفحات منها ثم تركتها ، و كنت مشغولا فقط بهم ان اكتب عن تلك الحالة و الحالات التي تنتابني وانا اشاهد افلام مجدي وبعض المخرجين المجيدين في مصر مثل المخرج داود عبد السيد الذي سعدت بصحبته في لجنة تحكيم مسابقة الافلام الروائية القصيرة في مهرجان ساقية الصاوي في مصر

. سينما مجدي احمد علي في " عصافير النيل " تظل امينة لمشاغل و انشغالات مجموعة من المخرجين المتميزين في البلاد من ضمنهم داود ، تسعي الي تكملة مشوار الرواد الاوائل الذين صنعوا لمصر بافلامهم كيانا سينمائيا مصريا و عربيا شامخا بافلام من نوع " درب المهابيل " لتوفيق صالح ، و " السقامات " لصلاح ابو سيف و "صراع في الوادي" ليوسف شاهين ، وغيرهم ، على سكة صنع " صورة " تشبهنا ، و تحكي عنا ، تحكي عن مصر وشعبها

يشتغل مجدي باخلاص علي ذلك الهم الاساسي ، من خلال الحكايات و الروايات التي تحكي دوما عن الناس في مصر وهي تبرز القيم الانسانية الاصيلة التي صنعتنا ، و تكشف في آن عن احلام و اوهام عصافير النيل الصغيرة والكبيرة معا

يحكي مجدي في فيلمه الجديد بعد ان اتحفنا ب "خلطة فوزية" المدهشة ، عن عملية تفتيش داخل كيانات مهمشة بسبب ظروف الحياة القاسية ، تفتيشها عن اصلها و فصلها و حقيقة رغباتها الحقيقية، و هي تبحث عن صيغ وأساليب حياة جديدة تتعايش بها من خلال بحثها عن ذاكرتها في الفيلم ، تتعايش مع واقع حياتي عبثي راهن بائس وطارد ، حتي ان تلك الكيانات لم يعد لديها لتعيش اي فرح في الحاضر ، سوي التعلق بتلك الذكريات الجميلة ، و قد شعرت ان مجدي في ذلك الفيلم هو اكثر حرية وتحررا منه في اي فيلم مضي وهو يحاول و يجرب ، وربما كانت تللك الحرية التي مارسها في صنع فيلمه ن بعد ان تذهب حكايات الناس والذكريات ، هي اهم انجاز حققه مجدي في فيلمه بل و في كل افلامه، و معني ذلك ان مجدي ماشي في السكة السليمة ، سكة صنع تلك الافلام المصرية الجميلة الاصيلة التي بمجرد مشاهدتها تصبح قطعة منا ، وتحية الي مجدي على فيلمه الجميل


صلاح هاشم


---------------------------------------------------







فيلم "عصافير النيل" حالة انسانية متدفقة



في واقع سريالي مليء بالعبث والاغتراب



بقلم رياض أبو عواد



القاهرة - رياض أبو عواد - يصور فيلم "عصافير النيل" لمجدي احمد علي الذي يمثل مصر في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي حالة انسانية متدفقة في حب الحياة في ظل واقع سريالي مليء بالحياة والاغتراب

والفيلم المستند الى رواية تحمل العنوان نفسه للروائي ابراهيم اصلان، قادر على المنافسة على جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان وكذلك المسابقة العربية بقوة، فهو "قصيدة تشدو بحب الحياة رغم الواقع السريالي العبثي المفروض على المواطن المصري ان يعيشه" على ما يقول الناقد المصري المقيم في فرنسا صلاح هاشم.

ويصور الفيلم الذي تتعدد مستويات السرد الروائي والبصري فيه، مسار عائلة تعيش في منطقة امبابة الشعبية في الثمانينات من القرن الماضي حين يأتي شاب من الريف (فتحي عبد الوهاب) للعيش مع شقيقته (دلال عبد العزيز) وزوجها (محمود الجندي) لحصوله على وظيفة ساعي بريد في القاهرة.

ويبدأ الفيلم بمشهد لقاء فتحي عبد الوهاب مع حبيبته القديمة جارة شقيقته في السكن عبير صبري في المستشفى بعد سنوات فراق طويلة وكلاهما يعاني من مرض السرطان، مما يثير شجنهما ويعيدهما الى زمان مضى في حالة من الاستذكار الجميل.

ويتنقل الفيلم في الزمان من الماضي الى الحاضر والعكس، فيتذكران معا بداية تعرفهما من خلال مشهد يشير الى سيريالية الواقع المعاش حيث يذهب الشاب الريفي لصيد السمك فبدلا من ان تصطاد صنارته سمكة تصطاد عصفورا فلا يملك سوى ان يبدأ في الجري الى ان يصل الى قسم شرطة امبابة فيتم اعتقاله والاعتداء عليه.

هذا المشهد السريالي بما يحمله من عبثية وفي الوقت نفسه من حالة تمرد ومواجهة مع النظام القائم تحمل اشارة واحدة ومحددة: محاولة الخروج للحرية الا ان ذلك يبدو بعيدا فلا يحصل سوى عودة بطل الفيلم الى روتين الحياة اليومية.

لكن هذا الحدث ايضا يؤسس لبداية علاقة مع عبير صبري تعيش في داخلهما الى ان يلتقيا من جديد بعد عشرات السنين في المستشفى.

ويصور كيفية انتهاء العلاقة بينهما عندما ترفض الزواج منه بعد رفضه الرد على سؤال وجودي بالنسبة لها وهو "فيما اذا ما كان يؤمن بان سمعتها سيئة كما يقول الجيران ام انها انسانة حقيقية تبحث عن حياة جديدة في القاهرة بعد طلاقها من زوجها في مدينة بورسعيد؟"

وعندما لم يجب على سؤالها بشكل مباشر اعتبرت ذلك ادانة هجرت الحي بعد رفضها الزواج منه.

الا ان الحياة تستمر فيخطب من ممرضة تقوم برعايته خلال اجراءه عملية في مستشفى لكنه يفترق عنها لانها تجعل الحياة اكثر تعقيدا من البساطة التي يراها فيها.

ثم يتزوج امرأة تعيش على راتب زوجها المتوفي، سرا وعندما يطالبها بالاعلان عن زواجهما تطلب الطلاق فينفصل مجددا عنها ليتزوج فتاة ريفية من بلده حيث ينجب منها اطفالا لكنها لا تشكل جزءا حقيقيا من حياته لان قلبه مع امرأة اخرى لم ينسها طوال عمره.

ويصور الفيلم ايضا اشارات الى تصاعد دور المد الديني في المنطقة "وهي الفترة التي دعم فيها النظام الحركات الدينية لمواجهة اليساريين والناصريين حتى انقلب السحر على الساحر وادى بعد ذلك الى مقتل الرئيس محمد انور السادات" كما يؤكد المخرج مجدي احمد علي في الندوة التي اعقبت عرض الفيلم.

وهناك الكثير من اللقطات الجميلة التي تضمنها الفيلم منها قيام محمود الجندي بالقاء مقطع كامل من مسرحية هاملت لشكسبير "ان تكون او لا تكون" مرفقة بمشاهد حول مصائر شخصيات الفيلم.

كذلك الحوار بين محمود الجندي ودلال عبد العزيز وخوفها من الظلام ورغبتها باضاءة قبرها لمدة اسبوع بعد وفاتها الى جانب العديد من المشاهد التي لها جماليتها التي جمعت فتحي عبد الوهاب مع نسائه عبير صبري ومنى حسين ومشيرة احمد وحواراته مع ابن شقيقته اليساري (احمد مجدي) ابن المخرج

الخميس 19 نونبر 2009

رياض أبو عواد

عن جريدة الهدهد الاليكترونية

ليست هناك تعليقات: