الجمعة، سبتمبر 27، 2019

وداعا جاك شيراك.كان مسكونا بروح الأرض بقلم صلاح هاشم


كان مسكونا بروح الأرض 
وداعا جاك شيراك
بقلم

صلاح هاشم
-->




كان مسكونا بروح الأرض..
وداعا جاك شيراك




باريس- صلاح هاشم



كشف إستطلاع للرأي أجرته إذاعة " فرانس آنفو" أن ثمانين في المائة من الشعب الفرنسي يعتبرون أن الرئيس الفرنسي الكبير جاك شيراك الذي توفي في باريس صباح الخميس الموافق٢٦ سبتمبركان رئيسا جيدا وصالحا للفرنسيين، بعدما إكتسب خلال فترة تزيد على الأربعين عاما، شعبية كبيرة، تفوق شعبية أي رئيس فرنسي آخر، وشعر الشعب الفرنسي لفقدانه، أنه سيفتقد صديقا، أبا وجدا٫ والى الأبد..



 فقد كان جاك شيراك -من مواليد إقليم الكوريز الفرنسي الريفي عام ١٩٣٢ قريبا جدا من الفرنسيين، وجمع في شخصيته المحبوبة، كل تناقضات " الشخصية الفرنسية" وبكل تشابكاتها وتعقيداتها، فهو من ناحية " وحش " ومحارب سياسي" صنديد في كل المعارك السياسية التي دخلها، وبخاصة ضد الجبهة القومية العنصرية المتطرفة، بزعامة لو بن ، كما وصفه البعض..

 ومن ناحية أخري كان الرئيس الراحل جاك شيراك كما وصفه آخرون " بلاي بوي" لعوب، وصاحب "كاريزما" وجاذبية خاصة، مثل نجوم السينما من المشاهير، ولاشك أن هذا الحضور المغناطيسي الساحر المتألق لشيراك ،هو الذي جعل الرئيس أيمانويل ماكرون ينعيه للفرنسيين على شاشة التليفزيون الفرنسي  مساء يوم الخميس، بقوله : " ..لقد أحببناه بنفس القدر من الحب، الذي كرسه لحبنا، لقد كان جاك شيراك يشبهنا، ويجمّعنا أيضا، في آن "  ..

خلال أكثر من أربعين عاما وأكثر على إقامتي في فرنسا لم أحب رئيسا مثلما أحببت الرئيس الفرنسي الجميل الوسيم الدرويش جاك شيراك، الخارج لتوه- كماكنت اراه واتمثله- من أحد أفلام فزانك كابرا أو جون فورد أو كلينت إيستوود، وكان شيراك يحب أفلام الأخير، ويهيم بحب الحياة، والحرية،والنساء، والبيرة، وأفلام الوسترن،وجريجوري بيك، واقليم الكوريز في قلب الريف، وحياة الفلاحين، ورياضة السومو العريقة المصارعة اليابانية، كما كان كان يعشق "الفنون الأولية"- وليس البدائية كما يطلق عليها - التي أسس لها شيراك متحفا - متحف كاي برانلي- يضم مجموعات فنية نادرة، للفنون الافريقية والأوسيانية والأسيوية..
غير أن آهم ما كان يميز جاك شيراك بإختصار- بعيداعن إضافاته وإنجازاته على المستوي السياسي داخليا وخارجيا - هو بساطته وتواضعه،وإنسانيته الجمة،كما لو أن هذا الشيراك، مثل كل الدراويش الواصلين، كان مسكونا بروح الأرض، وروحانيتها العميقة..

وداعا جاك شيراك..
صلاح هاشم

ليست هناك تعليقات: