مصر التي في خاطري وردة في بستان الأبدية
بقلم
صلاح هاشم
صلاح هاشم
كتب الناقد السينمائي المصري الكبير سمير فريد المقال
التالي بعنوان " صورتان عن مصر في نفس اليوم " في جريدة " المصري
اليوم " بتاريخ 29 ابريل.. ويقول فيه..
"..الصورة المنشورة مع هذا المقال
للزميل المصور أسامة السيد تصدرت الصفحة الأولى من «المصرى اليوم» عدد الجمعة ٢٦
إبريل، وفى نفس اليوم نشرت «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن صورة من وكالة
رويترز على أكثر من ثلث الصفحة الخامسة من دون ذكر اسم المصور. وكلتا الصورتين من
أهم الصور الفوتوغرافية الصحفية هذا العام.هنا لا تنقل الصورة حدثاً، ولا تعبر عن
خبر، وإنما تعبر عن معنى متكامل يعادل عشرة آلاف كلمة أو أكثر. ولنبدأ بصورة
الوكالة الدولية غير المنشورة مع المقال، ولنحاول إيجاز العشرة آلاف كلمة بقدر
الإمكان، وإن كانت الكلمات لا تغنى عن مشاهدة الصورة.إنها لقطة مكبرة، أو ما يطلق
عليه فى السينما «كلوز أب» لامرأة ترتدى نقاباً أسود لا يظهر سوى عينيها، وقد كتبت
باللون الأبيض على جبهتها المغطاة كلمة «مصر». والصورة فى مجملها كتلة سوداء لا
يتضح فيها أى شىء سوى كلمة مصر بخط كبير واضح.النص المنشور تحت الصورة «تحتج ضد
حكومة الرئيس محمد مرسى فى القاهرة أمس الأول، أى أن المرأة سلفية تحتج ضد حكومة
الإخوان. الصورة تسأل هل هذه مصر، أو هل هكذا أصبحت مصر، والمعارضة فى مصر. هل
أصبح على مصر أن تختار بين حكم الإخوان وحكم السلفيين؟ لم يعرف الناس فى مصر أن
هناك قوة سياسية من قوى الإسلام السياسى تسمى السلفيين إلا بعد ثورة يناير، بل لا
يعرفون معنى السلفى إلا أنه من يتبع أخلاق السلف الصالح، وكل المسلمين فى مصر
يحترمون السلف الصالح منذ ألف سنة ويزيد، ولكنهم لا يعتبرون ذلك انتماء إلى تيار
سياسى. وكل الناس فى مصر منذ خمسة آلاف سنة ويزيد، وقبل كل الأديان السماوية يغطون
رؤوسهم رجالاً ونساء فى أغلب الأحوال، ولكن نساء مصر طوال ذلك التاريخ الطويل لم
يعرفن أبداً هذا النقاب. إنه مستورد بكل معنى الكلمة، والتناقض كامل بين ارتداء
هذا الزى وبين كتابة كلمة «مصر».أما صورة أسامة السيد المنشورة مع هذا المقال،
وأرجو أن تتأملها معى، فهى لمنفذ من منافذ توزيع الخبز، حيث يتزاحم الناس للحصول
على أكبر كمية ممكنة منه، ولكن عبقرية الصورة، وأنا حذر جداً فى استخدام كلمة
عبقرية، تكمن فى «الفورجراوند» أى المقدمة، حيث تم التقاطها من داخل المنفذ، فبدت
قضبانه مثل قضبان السجن تماماً، وفى «الباك جراوند»، أى الخلفية حيث بدت الأهرامات
التى وقف عندها بونابرت منذ مائتى عام وقال لقادة جيشه «إن خمسة آلاف عام من
الحضارة تطل عليكم».
الصورة تسأل: ..على ماذا تطل الأهرامات اليوم؟!
فكتبت الرد التالي المرفق الذي نشرته " المصري
اليوم " كـ " تعليق " وفيه كما سوف يتبين القاريء إشارة الى أغنية
أم كلثوم وأقول فيه..
" .. على ماذا تطل أهرامات مصر اليوم ؟. تطل على
مصر التي كانت وردة في بستان الأبدية ثم لم تعد. تطل على "غربة" المصري
في بلده بلا تعليم ولا ثقافة ولا صحة ولا اعلام ولا حتى رغيف عيش طري ولا سولار
ولا بنزين ولا كهرباء.. وتتأسى لحاله ! تطل على "الظلم" الذي يمارس بحق
الانسان المصري الذي صار أقرب مايكون الى "مسخ " في بلد مهد الحضارات
وتسأل إن يا مصر التي كانت "وردة " في " بستان الابدية " ..
كيف حالك الآن والألم !.تطل على جبال القاذورات ومسلسلات التغييب الذهني قبل وبعد
رمضان ومهرجانات التصفيق للأمير والوزير وأشباه وأنصاف النجوم المفبركة علني . تطل
على هذه الأفلام الرديئة المبتذلة الرخيصة للكسب السريع التي تفضح تخلفنا وجهلنا
وشاشات النهب الحكومي الرسمي وسينمات العالم تتطور و تتغير بسرعة من حولنا ونحن
ثابتون هكذا في المكان محلك سر ثم خلفا در.. والعودة الى الوراء. تطل على أشرس
معركة يخوضها الانسان المصري ضد حكم الاخوان المسلمين والسلفيين القادمين من كهوف
الظلمات السحيقة وتريد أن تركب الشعب المصري وتجعله بلا تاريخ ولا ذاكرة ولا هوية.
تطل على أعظم عملية غسيل مخ يتعرض لها الشعب المصري تحت حكم الاخوان وأصحاب الذقون
المخيفة من السلفيين ومليشياتهم الفاشية.تطل على مصر التي خرجت من مصر ومعها الشعب
المصري كله بعد أن دخل الإخوان، وبانتظار عودتها المظفرة بعد اقصاء ذلك الكابوس
الذي يجثم على صدر البلاد بحكمهم ، وذهاب الفساد الى غير رجعة ..