بينيلوب كروزفي فيلم عودة للمودوفار
المخرج الفلسطيني ايليا سليمان عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية
زيدان صورة للقرن العشرين يعرض خارج المسابقة
كتب صلاح هاشم
ربما كان اهم مايميز الدورة التاسعة والخمسين من مهرجان كان السينمائي الدولي التي انطلقت بالامس الي جوار بحر " كان "، شط الهوي والاحلام اللازوردي، والذي يعتبر " عيد " السينما في العالم، وأكبر تجمع سينمائي اعلامي، لصناعة السينما والعاملين في الوسط السينمائي، علي ظهر البسيطة. ولكل دورة يقينا طعم ومذاق خاص، هو انها ستكون دورة ملتهبة ومثيرة وحامية، مثل جمرة نار، بكل المقاييس، وربما بلون الدم الاحمر الساخن المشتعل ، اللون المفضل عند المخرج الاسباني الكبير بيدرو المودوفار، الذي يشارك بفيلمه " عودة " بطولة حسناء السينما الاسبانية والعالمية بينيلوب كروز في مسابقة المهرجان, وتتنافس افلامها جميعا – 21 فيلما - علي خطف سعفة " كان " الذهبية. فالمهرجان فجر عند افتتاحه بالفيلم الامريكي " شيفرة دافنشي " الذي سنعود اليه مفصلا ،" قنبلة " سينمائية لاشك، بالافكار الجريئة التي يطرحها الفيلم، في مواجهة المؤسسة الدينية المسيحية- " الفاتيكان "- واعتماده قيمة " الشك " ، كقيمة فلسفية عميقة، في علاقتها بالايمان والاخلاق.حيث يطعن في العديد من مسلمات العقيدة المسيحية، التي تاسست عليها الحضارة الغربية، من خلال شريط بوليسي مثير لاهث، يحبس الانفاس، ويروج لافكار وأسرار، ظلت في طي الكتمان منذ زمن. والمهم انه يشتغل علي عدة محاور وافكار نظرية، فينقلها من صياغات باردة مجمدة وتجريدية ،ويبعث فيها الحياة من جديد، بكيمياء وعناصرالفن.. وسحر الضوء الملهم ..
في" كان ".. اختراع النظرة
وهو امر اشبه مايكون بمعجزة، مثل تحويل المادة الي روح، وتحويل الشييء- شريط السيلولويد- الي قيمة، وقيمة السينما الاولي، هي انها تتسامي اساسا من خلال اعمالها بارواحنا. اهميتها، في اطار هذا " المولد " ،الذي يعتبر الحدث الاعلامي الاول في العالم، بافلامه واحداثه ووقائعه واحتفالاته ،بعد الدورةالاوليمبية، هي في انها تنور وتطور من وعينا بالعالم، وتعززايماننا بمباديء وتقاليد وطقوس وروحانيات، وتجعلنا نعيد النظر في سياسات، ونحلم. حلم السينما وحده، كما يقول الشاعر الفرنسي فاليري، ولا حلم آخر يشبهه، هو الذي يقربنا من أعمق أعماق انسانيتنا.والغريب انك ان دققت النظر فلن تجد ان في السينما جديد ، وهي لم تغير كثيرا في موضوعاتها منذ نشأتها .ان الموضوع الواحد للسينما، ليس الموضوعات الثرثارة التافهة وقصص المسلسلات التي تقصفنا بها المحطات التلفزيونية العربية الرسمية والحديثة، فهذه " اكوام زبالة "، لاترقي الي مسلسلات الاذاعة القديمة المحفزة والمنشطة لتحريك الخيال، كما يقول الشاعر الالماني برتولت بريخت.
وذلك لكي يذكر بأن اهمية السينما، ليس في الموضوعات أو الثيمات التي تناولتها وطرحتها ، بل في النظرة الجديدة الطازجة، التي تجعلنا من خلالها نطل علي الاشياء والمواقف والاحداث. تلك " النظرة " التي يمكن ان تتشكل في واقع مدهش بديع مثل " قوس قزح " في السماء، ثم اذا بها تتفجر مثل فيلم " أحلام " للياباني اكيرا كيروساو، أو " القيامة الآن" للامريكي كوبولا أو " التوت البري " للسويدي برجمان. هذه النظرة التي تتفجر عبر الاعمال السينمائية مثل الدرر، هي حجر الزاوية في مهرجان " كان " السينمائي 59 الذي يروح يسلط عليها الضوء ، مثل الجواهرجي او صانع المجوهرات الذي يفتش عن جوهرة ، كي يزيح عنها التراب، ويجلوها ويلمعها ويعرضها علي الناس. لذلك يعتبر مهرجان " كان " كما قال عنه الممثل الامريكي جاك ليمون اكبر محل او معرض " مول " للمجوهرات " السينمائية " في العالم . فقط من خلال تلك " النظرة " التي تشدنا، وتفاجئنا في كل مرة، ومع كل فيلم نادر وفريد، بسحر الضوء والفن، تغزونا وتدهشنا، وربما تصنع لنا حياة جديدة. والطريف انك تشعر مع كل الافلام العظيمة كما يقول المخرج الفرنسي الكبير جودار، انها هي التي تشاهدنا، ولسنا نحن من نشاهدها, تصبح هي " الفاعل " ونحن " المفعول به، فاذا بالفيلم بمجردالاعجاب به يمتلكنا،ويستحوذ بجماله علي ارواحنا في ظلام القاعات التي تشبه المعابد القديمة. ولاعجب ان يقول فنان ومخرج سينمائي هندي عظيم مثل ساتيا جيت راي ان السينما دين.
وتكمن اهميتها في الحث علي التفكير والتأمل ، مثل رياضة " اليوجا " الروحانية، فتجعلك ،وانت تركض هنا في المهرجان الكبير " سيرك النجوم والافلام" من قاعة الي قاعة، ومن فيلم الي فيلم ، ومن حلم الي علم، تفكر كيف اشتغل المخرج علي عمله، في ورشة الابداع. وهي عملية اشبه ماتكون ب " تفصيص الماس " ، اي الفرز بين الاصيل والمزيف، والامساك ب " روح " الفيلم وتوهجه الاصلي. وهناك افلام بسبع أرواح، وهناك افلام بلا ضمير فهناك الفيلم الذي يداعب قلبك، ويقول احبوني، والفيلم الذي يخاطب عقلك، ويقول افهموني،ثم عليك من بعد المشاهدة البلاغ ، عبر تحليل الاستماع و الاستمتاع والمشاهدة، وحث الآخر اي المتفرج علي المشاركة ، اي اداء واجب النقد. اذ لاتكتمل العملية السينمائية، الا اذا كان هناك ايضا متلق وناقد ، وغياب احد هذه العناصر في المثلث الفيلمي، يؤدي الي تأخر السينما في بلادنا. نعم توجد أفلام في بلادنا، لكن لاتوجد سينما، ولاتوجد ثقافة سينما . توجد ثقافة بالطبع في حياتنا , لكننا نتعامل معها ونفهمها، مع اشياء كثيرة ، بمفاهيم مغلوطة وقديمة عفي عليها الزمن، والتمسك بها، والتعصب لها ، هو سبب تخلفنا. وربما كان أكبر دليل علي ذلك هو ان المهرجانات السينمائية التي تقام في بلادنا تدار بواسطة الموظفين، في حين ان " كان " اكبر مهرجان سينمائي في العالم، من تنظيم جمعية أهلية, ولا يعتبر مهرجانا رسميا او حكوميا فرنسيا. بل لقد تسبب المهرجان ، وفي دورات كثيرة، في احراج الدبلوماسية الفرنسية، بعرضه افلاما ممنوعة، ولاترضي عنها حكوماتها . مثل فيلم " التصريح " – يولYOL –للمخرج التركي العظيم ايلماظ جوني الذي اخرجه وهو في الحبس، وتم تهريب الفيلم من تركيا لكي يعرض في " كان " ويشارك في المسابقة, ويفوز بجائزة السعفة الذهبية مناصفة مع فيلم " مفقود " اخراج الفرنسي كوستا جافراس. وهذه مواقف تحسب للمهرجان الذي صار يعلي من قيمة الحرية، ويشارك ايضا في معركة الانسان ضد القبح والظلم والبربرية والعنصرية في العالم، وتكتشف هنا من خلال خياراته لافلام المسابقة( 21 فيلما ) من ضمن اكثرمن 3 الآف فيلم قدمت للمهرجان، انه اختار الافلام التي تربط السينما بالواقع الذي نعيشه، والسياسات التي تمارس ضدنا، والمخاوف التي تزعزع ثقتنا بالحياة، ليضع السينما في قلب عصرنا، ويصور احباطاتنا، علي سكة الخلاص..
مولد " الامم المتحدة في السينما"
مهرجان " كان " ايضا هو " الامم المتحدة " في السينما، او حكومة السينما في العالم، فهو وبعد مرور 58 عاما علي تأسيسه، الجهة الوحيدة في العالم التي تحافظ علي بقاء السينما كفن، وحماية التراث السينمائي من الانقراض والاندثار. تمنع " حكومة " كان، من ان تتحول السينما كفن الي مجرد بضاعة تجارية في ورق سوليفان، وقد اسس كان عدة قواعد سينمائية مهمة للمحافظة علي حرية المبدعين السينمايين من الشباب، وحمايتهم وتشجيع الموهوبين منهم ، من ضمنها "مؤسسة كان" CANNES FONDATION لرعاية المواهب الجديدة الشابة في الاخراج، وينظم المهرجان كذلك مسابقة بين احسن افلام المعاهد السينمائية في العالم, كما أنشأ مسابقة" الكاميرا الذهبية " للافلام الاولي منذ اكثر من عشرين عاما, وتساعد الجائزة التي تصل قيمتها الي اكثر من 300 الف فرنك- المخرج علي انجاز فيلمه الثاني..
السينما الاستثناء والاربعة الكبار
ليست السينما في مهرجان " كان " هي التجارة..، علي الرغم من انه يفسح مجالا كبيرا لتجارة وصناعة السينما، من خلال سوق الفيلم الذي يقام في قصر المهرجان، ويمتد خارجها علي شاطيء البحر. بل هي السينما الاستثناء،.. السينما الفن، التي يشتغل عليها بدأب وحدب، ويلتف حولها مجموعة من السينمائيين المبدعين في العالم ، ومن ضمنهم 4 مخرجين عتاولة كبار، يهبطون ديار"كان" في دورة هذا العام، وكل واحد منهم يستحق من عشاق السينما تعظيم سلام، وتحية تقدير واحترام وشكر علي فنه، وابداعاته واضافاته الي فن السينما..
وعلي مقدمة هؤلاء في الدورة 59 البريطاني كين لوش، ألمع نجوم السينما الاجتماعية اليسارية الملتزمة في بريطانيا ،وهوعلم من اعلام الاخراج السينمائي في العالم.والاسباني بيدرو المودوفار، الذي يعود الي كان بفيلم " عودة " الذي يحكي فيه فقط عن ثلاث نساء، بينما كانت افلامه الاخيرة تدور حول رجال، وتجسد فيه بينيلوب كروز دور أم حامل ، ليكون كما قال مجرد تحية الي امرأتين ممثلتين عظيمتين في السينما الايطالية هما صوفيا لورين وآنا مانياني، وجميعنا نذكر حضوريهما الشامخ في افلام السينما الواقعية الايطالية في الخمسينيات والستينيات..
وحاليا يعتبر المودوفار، كما هو معروف ، اشهر واعمق مخرج اسباني، وزعيم حركة الموفيدا الفنية في فترة الستينيات، التي عملت في السر تحت الارض ضد حكومة فرانكو الفاشية ، وهواستاذ في افلام الميلودراما الهوليوودية، كما هو معروف، وتخرج مثل شاهين في حضن السينما الامريكية الهوليوودية، ومعظم افلامه كسرت تابوهات ومحرمات، وساهمت في تحرير العقلية الاسبانية، من الكبت وسلطة الدين، والتعصب الاعمي المقيت للقوميات، في اسبانيا، الخارجة لتوها من ويلات حكم الديكتاتور فرانكو..
سينما المودوفار سينما حرة اجتماعية ونفسانية رائعة، وكأنه يغزل لنا بفنه, فستان فرح قطيفة من حرير احمر، فستان بلون الرمان في غرناطة وقرطبة. بلون دم الشاعر الاندلسي الغجري العظيم لوركا، الذي قتله العسكر الفاشي، بعد ان أحرقوا اشعاره، ومثلوا بجثته. بلون الفلامنكو الاحمر الملتهب, والاقدام المتشبثة بتربة الارض، والمزاج المتوسطي العصبي الدموي الحامي..
وجميعهم، كين لوش والمودوفار، والمخرج الايطالي ناني موريتي الذي يحكي عن بيرلسكيوني، في فيلم سياسي ، وينضم اليهم المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي، ابو الافلام التي تذوب انسانية ورقة مثل الشهد ، والتي تشبه برقتها قصائد جاك بريفير، وحبات المطر، وتقطر وداعة، وتتضامن مع كل المساكين الهامشيين الصعاليك، ضحايا مجتمعات الاستهلاك والبطالة الكبري في الغرب، والمعذبين والمتسولين والعاطلين عن العمل..
جميعهم يأخذون السينما كرسالة وليس حرفة، ويطرحون وهو منهمكون في ورشة الخلق والابداع، تساؤلات جوهرية، تمس صميم حياتنا، والمشكلات والازمات التي يمر بها عصرنا. والمهم هنا ان اعمال هؤلاء المخرجين الاربعة وغيرهم, بالاضافة الي اعمال المواهب الجديدة الشابة مثل صوفيا كوبولا التي تعرض فيلمها " ماري انطوانيت " في المهرجان، تقدم قراءة السينما لعصرنا، وتكشف عن معضلات الوجود الانساني، وتناقضات المجتمعات الانسانية تحت الشمس، من كوارث ومذابح وازمات، ومآسي وحروب, فتحول السينما الي مجموعة نظرات، للتامل , اي توظف السينما كأداة للتفكير في العالم..
وهنا بالضبط تتحقق الاهمية الكبري لمهرجان " كان " ،لأنه لايعرض افلام هؤلاء المخرجين السينمائيين الكبار فقط، ويرينا كيف يفكرون في العالم، وكيف يبدعون في الورشة فقط، بل يكشف ايضا عن المواهب الجديدة، ويدعمها ويساعدها، ويمشي مع الموهبة حتي تصنع فيلمها الثالث، ومن بعدها تسير عجلة القطار وحدها، بعدما يكون المهرجان كما يقول جيل جاكوب رئيس المهرجان ل " القبس " في حوار معه، يكون انهي مهمته، وحقق لتلك الموهبة الرعاية المنشودة التي تستحقها، وسلط علي موهبتها الضوء..
الرهان كما يقول جيل جاكوب هو قدرة المهرجان علي الاستمرارية، في دعم ورعاية المواهب السينمائية الجديدة في العالم. والدليل علي ذلك " عربي " امامنا، ففي مهرجان " كان " تحققت نجومية المخرج الفلسطيني ايليا سليمان في غمضة عين، بعد ان شاهد جمهور كان الذي نحكي عنه فيلم" يد الهية " لصاحبنا، فصار في اليوم التالي نجما، في " كان " و في العالم . احب جمهور كان كان فيلم ايليا سليمان ، الذي كشف عن موهبة سينمائية ناضجة اصيلة، فصفق لها ولفنها، ولم يسأل من أين أتت، او ما لون ونوعية جواز السفر الذي تحمله. واليوم يحتفل المهرجان بموهبة ايليا سليمان التي اطلقها بعرض فيلمه " يد الهية "، ويضمه كمخرج عربي مبدع الي لجنة تحكيم مسابقة السعفة الذهبية ، وهو شرف ومكسب كبير، وتكريم للسينما العربية ومواهبها السينمائية الجديدة ، كما احتفل من قبل بالنجوم من الممثلين والمخرجين الذين ولدوا واكتشفوا في كان مثل الامريكية شارون ستون الذي عرض لها فيلمها " غرائز أساسية " والفرنسية جولييت بينوش, والمخرج الالماني فيم فندرز والمخرج البوسني أمير كوستوريكا والقائمة تطول ، بل ان المخرج الامريكي ترانتينو يقول ان نجاح الفيلم في كان، يوفر علي المخرج الدعاية للفيلم لمدةسنة كاملة ، اذ يتكفل الاعلام الصحافي والتلفزيوني الدولي الهائل في المهرجان الكبير بتلك المهمة..
كيف خانت فرنسا العرب ؟
يعرض " كان " في دورته الجديدة 59 لعدة موضوعات وثيمات، تربط السينما من خلال الاعمال المشاركة في المسابقة، بالاضافة الي افلام تظاهرة "نظرة خاصة" الجانبية ( حوالي 55 فيلما )، تربطها بالسياسة والحب والثورة والتاريخ، لكي تكون " مرآة " لحركة وتطور مجتمعاتنا الانسانية. كان هو قارة سادسة، كما يقول جيل جاكوب، قارة نذهب لكي نتعرف علي افلامها في الاحتفال السينمائي الكبير او " اعظم استعراض في العالم. قارة تتحول احيانا الي " سيرك قرود " كما يقول المخرج الفرنسي رومان بولانسكس ، غير انه يضيف : ولكن من منا لايحب القرود الشمبانزي ؟ !..
ومن المنتظر ان يثير فيلم " سكان المستعمراتLES INDIGENES او السكان الاصليون " للمخرج الفرنسي من اصل جزائري رشيد بو شارب، المشارك في مسابقة المهرجان، ويمثل الجزائر، الكثير من النقاش و الجدل، حيث يعرض لمشاركة فرقة من الجنود العرب من سكان المستعمرات الفرنسية في الجيش الفرنسي، اثناء الحرب العالمية، وتنكر وخيانة الحكومة الفرنسية لهم بعد التحرير، اذ تمس هذه القضية، وتتفاعل مع الاوضاع المزرية المتردية التي يعيشها ابناء الجالية العربية، في جيتوهات العزلة والفقر والبطالة والبؤس في ضواحي مدينة باريس، واطراف المدن الفرنسية الكبري، كما تتلاقي مع المشاكل الخاصة بالذاكرة والتاريخ والهوية، وماضي فرنسا الاستعماري والعرب والعبيد السود المنسيين، المطروقة الآن بجدية علي خريطة الواقع السياسي والفكري والاجتماعي الفرنسي..
وتدعو مثل تلك افلام بالطبع، من خلال الافكار التي تطرحها، وهي تعتمد علي تقديم وتصوير وقائع تاريخية معينة محددة ، تدعو الي التضامن مع هؤلاء المهاجرين العرب في نضالاتهم والمطالبة بحقوقهم، ،كما ترسخ من خلال الكشف التاريخي الي تغيير العقليات، وتفتيح الاذهان علي الحقائق الجديدة لمجتمعاتنا،التي سوف تكون يقينا في المستقبل، متعددة الجنسيات والهويات والثقافات، ولا تتعصب لفرقة او حزب، واكثر محبة وعدالة وتسامحا, وضد العنصرية والبربرية..
وسنتوقف عند ابرز افلام واحداث المهرجان في رسائل اخري قادمة..
المخرج الفلسطيني ايليا سليمان عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية
زيدان صورة للقرن العشرين يعرض خارج المسابقة
مفكرة كان السينمائي
59
مفكرة يومية بانطباعات وافكار وملاحظات وتعليقات حول أفلام ووقائع الدورة 59 في الفترة من 17 الي28 مايو
كتب صلاح هاشم
ربما كان اهم مايميز الدورة التاسعة والخمسين من مهرجان كان السينمائي الدولي التي انطلقت بالامس الي جوار بحر " كان "، شط الهوي والاحلام اللازوردي، والذي يعتبر " عيد " السينما في العالم، وأكبر تجمع سينمائي اعلامي، لصناعة السينما والعاملين في الوسط السينمائي، علي ظهر البسيطة. ولكل دورة يقينا طعم ومذاق خاص، هو انها ستكون دورة ملتهبة ومثيرة وحامية، مثل جمرة نار، بكل المقاييس، وربما بلون الدم الاحمر الساخن المشتعل ، اللون المفضل عند المخرج الاسباني الكبير بيدرو المودوفار، الذي يشارك بفيلمه " عودة " بطولة حسناء السينما الاسبانية والعالمية بينيلوب كروز في مسابقة المهرجان, وتتنافس افلامها جميعا – 21 فيلما - علي خطف سعفة " كان " الذهبية. فالمهرجان فجر عند افتتاحه بالفيلم الامريكي " شيفرة دافنشي " الذي سنعود اليه مفصلا ،" قنبلة " سينمائية لاشك، بالافكار الجريئة التي يطرحها الفيلم، في مواجهة المؤسسة الدينية المسيحية- " الفاتيكان "- واعتماده قيمة " الشك " ، كقيمة فلسفية عميقة، في علاقتها بالايمان والاخلاق.حيث يطعن في العديد من مسلمات العقيدة المسيحية، التي تاسست عليها الحضارة الغربية، من خلال شريط بوليسي مثير لاهث، يحبس الانفاس، ويروج لافكار وأسرار، ظلت في طي الكتمان منذ زمن. والمهم انه يشتغل علي عدة محاور وافكار نظرية، فينقلها من صياغات باردة مجمدة وتجريدية ،ويبعث فيها الحياة من جديد، بكيمياء وعناصرالفن.. وسحر الضوء الملهم ..
في" كان ".. اختراع النظرة
وهو امر اشبه مايكون بمعجزة، مثل تحويل المادة الي روح، وتحويل الشييء- شريط السيلولويد- الي قيمة، وقيمة السينما الاولي، هي انها تتسامي اساسا من خلال اعمالها بارواحنا. اهميتها، في اطار هذا " المولد " ،الذي يعتبر الحدث الاعلامي الاول في العالم، بافلامه واحداثه ووقائعه واحتفالاته ،بعد الدورةالاوليمبية، هي في انها تنور وتطور من وعينا بالعالم، وتعززايماننا بمباديء وتقاليد وطقوس وروحانيات، وتجعلنا نعيد النظر في سياسات، ونحلم. حلم السينما وحده، كما يقول الشاعر الفرنسي فاليري، ولا حلم آخر يشبهه، هو الذي يقربنا من أعمق أعماق انسانيتنا.والغريب انك ان دققت النظر فلن تجد ان في السينما جديد ، وهي لم تغير كثيرا في موضوعاتها منذ نشأتها .ان الموضوع الواحد للسينما، ليس الموضوعات الثرثارة التافهة وقصص المسلسلات التي تقصفنا بها المحطات التلفزيونية العربية الرسمية والحديثة، فهذه " اكوام زبالة "، لاترقي الي مسلسلات الاذاعة القديمة المحفزة والمنشطة لتحريك الخيال، كما يقول الشاعر الالماني برتولت بريخت.
وذلك لكي يذكر بأن اهمية السينما، ليس في الموضوعات أو الثيمات التي تناولتها وطرحتها ، بل في النظرة الجديدة الطازجة، التي تجعلنا من خلالها نطل علي الاشياء والمواقف والاحداث. تلك " النظرة " التي يمكن ان تتشكل في واقع مدهش بديع مثل " قوس قزح " في السماء، ثم اذا بها تتفجر مثل فيلم " أحلام " للياباني اكيرا كيروساو، أو " القيامة الآن" للامريكي كوبولا أو " التوت البري " للسويدي برجمان. هذه النظرة التي تتفجر عبر الاعمال السينمائية مثل الدرر، هي حجر الزاوية في مهرجان " كان " السينمائي 59 الذي يروح يسلط عليها الضوء ، مثل الجواهرجي او صانع المجوهرات الذي يفتش عن جوهرة ، كي يزيح عنها التراب، ويجلوها ويلمعها ويعرضها علي الناس. لذلك يعتبر مهرجان " كان " كما قال عنه الممثل الامريكي جاك ليمون اكبر محل او معرض " مول " للمجوهرات " السينمائية " في العالم . فقط من خلال تلك " النظرة " التي تشدنا، وتفاجئنا في كل مرة، ومع كل فيلم نادر وفريد، بسحر الضوء والفن، تغزونا وتدهشنا، وربما تصنع لنا حياة جديدة. والطريف انك تشعر مع كل الافلام العظيمة كما يقول المخرج الفرنسي الكبير جودار، انها هي التي تشاهدنا، ولسنا نحن من نشاهدها, تصبح هي " الفاعل " ونحن " المفعول به، فاذا بالفيلم بمجردالاعجاب به يمتلكنا،ويستحوذ بجماله علي ارواحنا في ظلام القاعات التي تشبه المعابد القديمة. ولاعجب ان يقول فنان ومخرج سينمائي هندي عظيم مثل ساتيا جيت راي ان السينما دين.
وتكمن اهميتها في الحث علي التفكير والتأمل ، مثل رياضة " اليوجا " الروحانية، فتجعلك ،وانت تركض هنا في المهرجان الكبير " سيرك النجوم والافلام" من قاعة الي قاعة، ومن فيلم الي فيلم ، ومن حلم الي علم، تفكر كيف اشتغل المخرج علي عمله، في ورشة الابداع. وهي عملية اشبه ماتكون ب " تفصيص الماس " ، اي الفرز بين الاصيل والمزيف، والامساك ب " روح " الفيلم وتوهجه الاصلي. وهناك افلام بسبع أرواح، وهناك افلام بلا ضمير فهناك الفيلم الذي يداعب قلبك، ويقول احبوني، والفيلم الذي يخاطب عقلك، ويقول افهموني،ثم عليك من بعد المشاهدة البلاغ ، عبر تحليل الاستماع و الاستمتاع والمشاهدة، وحث الآخر اي المتفرج علي المشاركة ، اي اداء واجب النقد. اذ لاتكتمل العملية السينمائية، الا اذا كان هناك ايضا متلق وناقد ، وغياب احد هذه العناصر في المثلث الفيلمي، يؤدي الي تأخر السينما في بلادنا. نعم توجد أفلام في بلادنا، لكن لاتوجد سينما، ولاتوجد ثقافة سينما . توجد ثقافة بالطبع في حياتنا , لكننا نتعامل معها ونفهمها، مع اشياء كثيرة ، بمفاهيم مغلوطة وقديمة عفي عليها الزمن، والتمسك بها، والتعصب لها ، هو سبب تخلفنا. وربما كان أكبر دليل علي ذلك هو ان المهرجانات السينمائية التي تقام في بلادنا تدار بواسطة الموظفين، في حين ان " كان " اكبر مهرجان سينمائي في العالم، من تنظيم جمعية أهلية, ولا يعتبر مهرجانا رسميا او حكوميا فرنسيا. بل لقد تسبب المهرجان ، وفي دورات كثيرة، في احراج الدبلوماسية الفرنسية، بعرضه افلاما ممنوعة، ولاترضي عنها حكوماتها . مثل فيلم " التصريح " – يولYOL –للمخرج التركي العظيم ايلماظ جوني الذي اخرجه وهو في الحبس، وتم تهريب الفيلم من تركيا لكي يعرض في " كان " ويشارك في المسابقة, ويفوز بجائزة السعفة الذهبية مناصفة مع فيلم " مفقود " اخراج الفرنسي كوستا جافراس. وهذه مواقف تحسب للمهرجان الذي صار يعلي من قيمة الحرية، ويشارك ايضا في معركة الانسان ضد القبح والظلم والبربرية والعنصرية في العالم، وتكتشف هنا من خلال خياراته لافلام المسابقة( 21 فيلما ) من ضمن اكثرمن 3 الآف فيلم قدمت للمهرجان، انه اختار الافلام التي تربط السينما بالواقع الذي نعيشه، والسياسات التي تمارس ضدنا، والمخاوف التي تزعزع ثقتنا بالحياة، ليضع السينما في قلب عصرنا، ويصور احباطاتنا، علي سكة الخلاص..
مولد " الامم المتحدة في السينما"
مهرجان " كان " ايضا هو " الامم المتحدة " في السينما، او حكومة السينما في العالم، فهو وبعد مرور 58 عاما علي تأسيسه، الجهة الوحيدة في العالم التي تحافظ علي بقاء السينما كفن، وحماية التراث السينمائي من الانقراض والاندثار. تمنع " حكومة " كان، من ان تتحول السينما كفن الي مجرد بضاعة تجارية في ورق سوليفان، وقد اسس كان عدة قواعد سينمائية مهمة للمحافظة علي حرية المبدعين السينمايين من الشباب، وحمايتهم وتشجيع الموهوبين منهم ، من ضمنها "مؤسسة كان" CANNES FONDATION لرعاية المواهب الجديدة الشابة في الاخراج، وينظم المهرجان كذلك مسابقة بين احسن افلام المعاهد السينمائية في العالم, كما أنشأ مسابقة" الكاميرا الذهبية " للافلام الاولي منذ اكثر من عشرين عاما, وتساعد الجائزة التي تصل قيمتها الي اكثر من 300 الف فرنك- المخرج علي انجاز فيلمه الثاني..
السينما الاستثناء والاربعة الكبار
ليست السينما في مهرجان " كان " هي التجارة..، علي الرغم من انه يفسح مجالا كبيرا لتجارة وصناعة السينما، من خلال سوق الفيلم الذي يقام في قصر المهرجان، ويمتد خارجها علي شاطيء البحر. بل هي السينما الاستثناء،.. السينما الفن، التي يشتغل عليها بدأب وحدب، ويلتف حولها مجموعة من السينمائيين المبدعين في العالم ، ومن ضمنهم 4 مخرجين عتاولة كبار، يهبطون ديار"كان" في دورة هذا العام، وكل واحد منهم يستحق من عشاق السينما تعظيم سلام، وتحية تقدير واحترام وشكر علي فنه، وابداعاته واضافاته الي فن السينما..
وعلي مقدمة هؤلاء في الدورة 59 البريطاني كين لوش، ألمع نجوم السينما الاجتماعية اليسارية الملتزمة في بريطانيا ،وهوعلم من اعلام الاخراج السينمائي في العالم.والاسباني بيدرو المودوفار، الذي يعود الي كان بفيلم " عودة " الذي يحكي فيه فقط عن ثلاث نساء، بينما كانت افلامه الاخيرة تدور حول رجال، وتجسد فيه بينيلوب كروز دور أم حامل ، ليكون كما قال مجرد تحية الي امرأتين ممثلتين عظيمتين في السينما الايطالية هما صوفيا لورين وآنا مانياني، وجميعنا نذكر حضوريهما الشامخ في افلام السينما الواقعية الايطالية في الخمسينيات والستينيات..
وحاليا يعتبر المودوفار، كما هو معروف ، اشهر واعمق مخرج اسباني، وزعيم حركة الموفيدا الفنية في فترة الستينيات، التي عملت في السر تحت الارض ضد حكومة فرانكو الفاشية ، وهواستاذ في افلام الميلودراما الهوليوودية، كما هو معروف، وتخرج مثل شاهين في حضن السينما الامريكية الهوليوودية، ومعظم افلامه كسرت تابوهات ومحرمات، وساهمت في تحرير العقلية الاسبانية، من الكبت وسلطة الدين، والتعصب الاعمي المقيت للقوميات، في اسبانيا، الخارجة لتوها من ويلات حكم الديكتاتور فرانكو..
سينما المودوفار سينما حرة اجتماعية ونفسانية رائعة، وكأنه يغزل لنا بفنه, فستان فرح قطيفة من حرير احمر، فستان بلون الرمان في غرناطة وقرطبة. بلون دم الشاعر الاندلسي الغجري العظيم لوركا، الذي قتله العسكر الفاشي، بعد ان أحرقوا اشعاره، ومثلوا بجثته. بلون الفلامنكو الاحمر الملتهب, والاقدام المتشبثة بتربة الارض، والمزاج المتوسطي العصبي الدموي الحامي..
وجميعهم، كين لوش والمودوفار، والمخرج الايطالي ناني موريتي الذي يحكي عن بيرلسكيوني، في فيلم سياسي ، وينضم اليهم المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي، ابو الافلام التي تذوب انسانية ورقة مثل الشهد ، والتي تشبه برقتها قصائد جاك بريفير، وحبات المطر، وتقطر وداعة، وتتضامن مع كل المساكين الهامشيين الصعاليك، ضحايا مجتمعات الاستهلاك والبطالة الكبري في الغرب، والمعذبين والمتسولين والعاطلين عن العمل..
جميعهم يأخذون السينما كرسالة وليس حرفة، ويطرحون وهو منهمكون في ورشة الخلق والابداع، تساؤلات جوهرية، تمس صميم حياتنا، والمشكلات والازمات التي يمر بها عصرنا. والمهم هنا ان اعمال هؤلاء المخرجين الاربعة وغيرهم, بالاضافة الي اعمال المواهب الجديدة الشابة مثل صوفيا كوبولا التي تعرض فيلمها " ماري انطوانيت " في المهرجان، تقدم قراءة السينما لعصرنا، وتكشف عن معضلات الوجود الانساني، وتناقضات المجتمعات الانسانية تحت الشمس، من كوارث ومذابح وازمات، ومآسي وحروب, فتحول السينما الي مجموعة نظرات، للتامل , اي توظف السينما كأداة للتفكير في العالم..
وهنا بالضبط تتحقق الاهمية الكبري لمهرجان " كان " ،لأنه لايعرض افلام هؤلاء المخرجين السينمائيين الكبار فقط، ويرينا كيف يفكرون في العالم، وكيف يبدعون في الورشة فقط، بل يكشف ايضا عن المواهب الجديدة، ويدعمها ويساعدها، ويمشي مع الموهبة حتي تصنع فيلمها الثالث، ومن بعدها تسير عجلة القطار وحدها، بعدما يكون المهرجان كما يقول جيل جاكوب رئيس المهرجان ل " القبس " في حوار معه، يكون انهي مهمته، وحقق لتلك الموهبة الرعاية المنشودة التي تستحقها، وسلط علي موهبتها الضوء..
الرهان كما يقول جيل جاكوب هو قدرة المهرجان علي الاستمرارية، في دعم ورعاية المواهب السينمائية الجديدة في العالم. والدليل علي ذلك " عربي " امامنا، ففي مهرجان " كان " تحققت نجومية المخرج الفلسطيني ايليا سليمان في غمضة عين، بعد ان شاهد جمهور كان الذي نحكي عنه فيلم" يد الهية " لصاحبنا، فصار في اليوم التالي نجما، في " كان " و في العالم . احب جمهور كان كان فيلم ايليا سليمان ، الذي كشف عن موهبة سينمائية ناضجة اصيلة، فصفق لها ولفنها، ولم يسأل من أين أتت، او ما لون ونوعية جواز السفر الذي تحمله. واليوم يحتفل المهرجان بموهبة ايليا سليمان التي اطلقها بعرض فيلمه " يد الهية "، ويضمه كمخرج عربي مبدع الي لجنة تحكيم مسابقة السعفة الذهبية ، وهو شرف ومكسب كبير، وتكريم للسينما العربية ومواهبها السينمائية الجديدة ، كما احتفل من قبل بالنجوم من الممثلين والمخرجين الذين ولدوا واكتشفوا في كان مثل الامريكية شارون ستون الذي عرض لها فيلمها " غرائز أساسية " والفرنسية جولييت بينوش, والمخرج الالماني فيم فندرز والمخرج البوسني أمير كوستوريكا والقائمة تطول ، بل ان المخرج الامريكي ترانتينو يقول ان نجاح الفيلم في كان، يوفر علي المخرج الدعاية للفيلم لمدةسنة كاملة ، اذ يتكفل الاعلام الصحافي والتلفزيوني الدولي الهائل في المهرجان الكبير بتلك المهمة..
كيف خانت فرنسا العرب ؟
يعرض " كان " في دورته الجديدة 59 لعدة موضوعات وثيمات، تربط السينما من خلال الاعمال المشاركة في المسابقة، بالاضافة الي افلام تظاهرة "نظرة خاصة" الجانبية ( حوالي 55 فيلما )، تربطها بالسياسة والحب والثورة والتاريخ، لكي تكون " مرآة " لحركة وتطور مجتمعاتنا الانسانية. كان هو قارة سادسة، كما يقول جيل جاكوب، قارة نذهب لكي نتعرف علي افلامها في الاحتفال السينمائي الكبير او " اعظم استعراض في العالم. قارة تتحول احيانا الي " سيرك قرود " كما يقول المخرج الفرنسي رومان بولانسكس ، غير انه يضيف : ولكن من منا لايحب القرود الشمبانزي ؟ !..
ومن المنتظر ان يثير فيلم " سكان المستعمراتLES INDIGENES او السكان الاصليون " للمخرج الفرنسي من اصل جزائري رشيد بو شارب، المشارك في مسابقة المهرجان، ويمثل الجزائر، الكثير من النقاش و الجدل، حيث يعرض لمشاركة فرقة من الجنود العرب من سكان المستعمرات الفرنسية في الجيش الفرنسي، اثناء الحرب العالمية، وتنكر وخيانة الحكومة الفرنسية لهم بعد التحرير، اذ تمس هذه القضية، وتتفاعل مع الاوضاع المزرية المتردية التي يعيشها ابناء الجالية العربية، في جيتوهات العزلة والفقر والبطالة والبؤس في ضواحي مدينة باريس، واطراف المدن الفرنسية الكبري، كما تتلاقي مع المشاكل الخاصة بالذاكرة والتاريخ والهوية، وماضي فرنسا الاستعماري والعرب والعبيد السود المنسيين، المطروقة الآن بجدية علي خريطة الواقع السياسي والفكري والاجتماعي الفرنسي..
وتدعو مثل تلك افلام بالطبع، من خلال الافكار التي تطرحها، وهي تعتمد علي تقديم وتصوير وقائع تاريخية معينة محددة ، تدعو الي التضامن مع هؤلاء المهاجرين العرب في نضالاتهم والمطالبة بحقوقهم، ،كما ترسخ من خلال الكشف التاريخي الي تغيير العقليات، وتفتيح الاذهان علي الحقائق الجديدة لمجتمعاتنا،التي سوف تكون يقينا في المستقبل، متعددة الجنسيات والهويات والثقافات، ولا تتعصب لفرقة او حزب، واكثر محبة وعدالة وتسامحا, وضد العنصرية والبربرية..
وسنتوقف عند ابرز افلام واحداث المهرجان في رسائل اخري قادمة..