الخميس، أغسطس 10، 2017

جان شمعون رحيل سينمائي لبناني كبير بقلم صلاح هاشم



رائد السينما الوثائقية اللبنانية
" جان شمعون " رحيل سينمائي لبناني كبير

أفلامه تمثل مدرسة في الفيلم الوثائقي

بقلم 

صلاح هاشم

توفي أمس الأربعاء 9 اغسطس المخرج اللبناني الكبير جان شمعون زوج المخرجة  الفلسطينية مي المصري واحد مؤسسي السينما اللبنانية الجديدة مع برهان علوية ومارون بغدادي، وكان شمعون -من مواليد 1944 - تخصص في اخراج الأفلام الوثائقية - لم يخرج إلا فيلما روائيا طويلا واحدا هو فيلم " طيف المدينة "وحقق مجموعة كبيرة من الأفلام التي وثقت لذاكرة وتاريخ لبنان والمقاومة الفلسطينية  ولاتقدر بثمن
وقد عرفت جان شمعون صديقا وزميلا عزيزا واخا محبا - ويالكرمه وتهكماته ولطفه وقهقهاته  العفوية المدوية  -ومثقفا لبنانيا ثوريا أصيلا، وتصادقنا خلال فترة دراسته في قسم السينما بجامعة باريس الثامنة - المعروفة بإسم " فانسان " وذلك عندما التحقت انا ايضا  للدراسة بالقسم في اواخر السبعينيات
كما كان جان يسكن في البيت اللبناني في المدينة الجامعية ، وكنت أعمل أنذاك في " مسرح المدينة " تياتر دولا سيتيه - مدير خشبة المسرح - واقيم في البيت الفيتنامي آنذاك في فترة الثمانينيات ولذا كنا نلتقي كثيرا في ساحة أو ساحات المدينة الجامعية سكن الطلاب في مدينة النور باريس
وعندما تخرج  جان شمعون في القسم ، واخرج فيلمه الوثائقي الطويل " تل الزعتر " وشرع يعرض افلامه في المهرجانات السينمائية الدولية التي بدأت اغطيها واحضرها -  ومنذا ان بدأت اعمل واكتب في مجلة "الوطن العربي" الاسبوعية التي كانت تصدر من باريس في اوائل الثمانينيات - مثل مهرجان قرطاج،كنت اكتب عن افلامه التي تحقق في رأيي وظيفة السينما الاساسية ،واعجب بها كثيرا ، لا لأنها من صنع صديق لبناني وسينمائي زميل أعرفه ، واقدره
بل لاتصالها دوما بالذاكرة- وبخاصة ذاكرة الحرب في لبنان والمقاومة الفلسطينية- والتاريخ ،واقترابها كثيرا من هموم الواقع وحياة الناس وتناقضات مجتمعاتنا الانسانية

وقد كانت سينما جان شمعون كما تمثلتها نموذجا باهرا لتلك " السينما الانسانية " الاساسية - مع الحرية وضد الظلم - التي تقف في خندق الفقراء  البسطاء  وضحايا الحرب والظلم والاحتلال وهي تشمخ  بنضالاتهم وكرامتهم ،ولذا كان جان  شمعون يستحق لقب رائد السينما الوثائقية - هكذا كان يحب ان يطلق عليها  " وثائقية " ، وهو يستهجن استخدام كلمة "تسجيلية"  كتوصيف لها، ويلعن بعض النقاد العرب الذين روجوا لتسميتها بالتسجيلية - رائد السينما الوثائقية اللبنانية  وعن جدارة ..
وقد افردت فصلا كاملا في كتابي " السينما العربية خارج الحدود " الصادر عام 1999 عن المركز القومي للسينما - طبعة ثانية 2014 عن الهيئة - لجان شمعون وافلامه
و بخاصة فيلمه عن " أطفال الحرب في لبنان" الذي حققه مع زوجته مي المصري، كما سجلت حوارا مع جان شمعون وشهادته عن تأثيرات السينما المصرية  في حياة الناس في لبنان ووجدان الشعب اللبناني وكتبت ايضا عن فيلمه " طيف المدينة "  فيلمه الروائي الطويل الوحيد -معجبا ومشيدا في كتابي " السينما العربية المستقلة . أفلام عكس التيار "

جان شمعون مع ملصق فيلمه الروائي " طيف المدينة "

ان سينما  المخرج اللبناني الكبير  جان شمعون - أعني أفلامه - تمثل لوحدها " مدرسة " في فن الفيلم الوثائقي، وفي علاقة السينما بالتاريخ والذاكرة، وينبغي ان تدرس ابعادها ومناهجها ، معالمها وملامحها، لاجيال السينما الجديدة من المواهب السينمائية الصاعدة ليس فقط في لبنان، بل في كل  أنحاءالوطن العربي
وداعا جان شمعون
صلاح هاشم
كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس
مؤسس ومحرر موقع " سينما إيزيس " على شبكة الانترنت
تأسس عام 2005 في باريس ويعني بـ " فكر " السينما المعاصرة

ليست هناك تعليقات: