3rd JAZZ AND FILMS FESTIVAL
بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة من مهرجان " جاز وأفلام " للموسيقى في السينما
صلاح هاشم يكتب لجريدة " القاهرة " عن
نشأة وتطور موسيقى الجاز في أمريكا والعالم
salah hashem
Writer& Fim critic
الجاز أكثر منه إيقاعات و الحانا وموسيقى، إنه اسلوب حياة يعلّى من قيمة الحرية من خلال عنصر “الارتجال”والانفتاح دون حدود على التراث الموسيقى العالمى والنهل منه، فكرت بمناسبة انعقاد الدورة الثانية لمهرجان “ جاز وأفلام “ يوم السبت 8 أكتوبر فى مصر أن أحكى عن تلك الموسيقى التى عشقتها، بعدما صار العالم كله يحتفل بها من خلال “ اليوم العالمى لموسيقى الجاز” الذى يقام فى شهر ابريل كل سنة، والقصد منه طبعا الاحتفال بتلك “القيم” التى رسختها هذه الموسيقى عند نشأتها فى التربة الامريكية، منذ أكثر من مائة سنة وإلى الآن..
ثم انتشارها فيما بعد فى أنحاء العالم..
حيث لايوجد تقريبا مدينة فى العالم الآن الا وفيها مهرجان لموسيقى الجاز- فى تونس والإمارات ولبنان والمغرب واليابان وبولندا وتركيا والصين – لكن لا يوجد للأسف مهرجان لها فى بلدنا، وأعنى بهذه القيم التى رسخها هذا النوع الموسيقي، قيم المشاركة والتسامح والتواصل والتقارب والتفاهم بين الشعوب والثقافات والأمم ضد الظلم وقهر الانسان للانسان، وسياسات التمييز العنصرى ..
ذاكرة العبد الإفريقى المختطف إلى أمريكا
ولقد تطورت موسيقى الجاز التى حملت “ذاكرة” العبد الافريقى المختطف الى العالم الجديد لتكون “ صلة وصل” مع تاريخه فى القارة، وبكل ما يتضمنه ذلك التاريخ من حكايات وأصوات، ولغات وحركات، وممالك وقصص وإشارات، بل ” كنوز“ أيضا، وهذا ما أقصده بـ “هند“، ذلك العالم السحرى الذى لم يكتشف بعد خلف تلك التلال البعيدة
تطورت لقدرتها على التعبير عن “ ايقاع “ عصرنا، و”الحساسية الموسيقية الجديدة “ وقدرة الجاز على “الحوار” مع موسيقى العالم، والانفتاح دون حدود على مصادرها والنهل منها، حتى اصبحت أعمال الجاز- موسيقى الشوارع بامتياز – والألحان التى وضعها بعض عمالقة النوع من أمثال لوى آرمسترونج أو سيدنى بيشيت أو دوق الينجتون أو كوينسى جونز أو مايلز ديفيز مثل مسرحيات الكاتب الانجليزى وليام شكسبير أصبحت ملكا، ليس لامريكا وحدها، بل للانسانية جمعاء..
بل لقد شكلت هذه الالحان الجازية مجتمعة، ما يمكن أن نطلق عليه ”الموسيقى الكلاسيكية الامريكية” فلم ينشأ أو يتطور فى أمريكا كما هو معروف إلا هذا النوع الذى ولد فى مدينة نيو اورليانز على حافة نهر المسيسيبى فى نهاية القرن 19 ونهل من موسيقى الشوارع، والموسيقى الاوروبية التى حملها المهاجرون الاوروبيون الجدد الى العالم الجديد، كما نهل من موسيقى الاحتفالات الدينية وأغانى العمل فى مزارع القطن والتبغ الأمريكية فى الجنوب والكرنفالات الشعبية..
ولا بد أن نتذكر أيضا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى لموسيقى الجاز الدور الكبير الذى لعبته هذه الموسيقى – الافريقية الجذور الامريكية النشاة – فى تشكيل ثقافة وحضارة العالم الجديد، فقد صارت “صوت” الشعب الافرو امريكى الأسود وسلاحا فى نضالاته ضد المؤسسة الامريكية الحاكمة، من أجل نيل حريته و حصوله على حقوقه المدنية، ومن معطف الجاز خرجت كل الأنواع الموسيقية الأمريكية مثل الصول ميوزيك والبوب والروك وأنتشرت فى أمريكا والعالم
وتحققت لـ “ شعب أمريكا الأسود“ كل انتصاراته بسلطة الجاز، THE POWER OF HAZZ وقدرة هذه الموسيقى ليس فقط التعبير عن ذكريات المعاناة والاسى والالم، كعبد مختطف عبر موسيقى “البلوز” BLUES الحزينة، بل بسلطة الجاز وقوته على أن يكون صرخة أو طلقة مدفع، لشحذ واستنهاض الهمم والثورة على الذل والقهر والظلم والعبودية..
موسيقى الجاز تطرح ثمارها
اذا كنا نحتفل الآن بموسيقى الجاز، فهو اعتراف منا بأن القيم التى ترسخت وتعززت عبر مسيرتها الطويلة, قد طرحت اخيرا ثمارها العظيمة، وعلينا الآن ألا نقلل ابدا من قدرة هذه الموسيقى على أن تكون سلاحا ضد التمييز وقهر الانسان.
ان التطور المذهل الذى حققه هذا النوع فى العالم استطاع أن يكتسب يوما بعد يوم احترام وتقدير الشعوب، ومن هنا كان التفكير فى تكريس يوم 30 ابريل من كل عام للاحتفال بموسيقى الجاز فى أنحاء المعمورة، فقد اصبحت موسيقى الجاز بشتى انواعها من جاز لاتينى وجاز شرقى وجاز بلقانى وجاز أوروبى.. الخ، وبكل ماتحمله من رموز وتاريخ، من ذاكرة وتاثيرات ..
الجاز.. المعمل التجريبى للموسيقى الجديدة
أصبحت موسيقى الجاز ”المعمل التجريبي” للموسيقى فى العالم وبكل ابتكاراتها واختراعاتها المدهشة، وصارت تتواصل مع كفاح الجماعات الانسانية للحصول على حقوقها المسروقة المنهوبة والتى نص عليها اعلان الامم المتحدة العالمى لحقوق الانسان، وصرخة ضد الاستعباد والعبودية. ولذلك اذا كان الجاز هو هدية افريقيا الى العالم الجديد امريكا، فهو أيضا هدية أمريكا الى العالم دون جدال ويمثل الاضافة الحقيقية للثقافة الامريكية الى الثقافة العالمية فى القرن العشرين..
فى اليوم العالمى للاحتفال بموسيقى الجاز تحية الى هذه الموسيقى “الضرورة“ ورشة الابداع الموسيقى فى العالم عن جدارة، وممارسة للحرية فى أعلى صورها
ولنتذكر اثناء الاحتفال باليوم العالمى لموسيقى الجاز فى 30 ابريل كل سنة – تاريخها الذى ارتبط بقارة افريقيا، وبتجارة العبيد، وبتهجير أكثر من 4 ملايين افريقى من المخطوفين الى العالم الجديد أمريكا، للعمل فى مزارع القطن والتبغ
وليشيدوا الطرق والمبانى والسكك الحديدية فى امريكا، وكيف ان من شجرة موسيقى الجاز نبتت موسيقى البوب والروك والصول، فالجاز هو الاصل، والباقى فروع..
كما أن أصل الجاز وأهم آلاته الموسيقية فى المركز تماما هى “الطبلة“ أو آلة الدرامز التى تضبط ايقاعات الجاز الافريقية على الواحدة، ولا غرابة لأن موسيقى الجاز فى بداياتها الاولي لم تكن إلا طرقا على علب الصفيح والخشب والبراميل فى ميدان الكونغو فى قلب مدينة نيو أورليانز طرق يتواصل مع تلك الايقاعات والاصوات ولغات الممالك الافريقية العريقة التى حملها معه العبد الافريقى المختطف الى العالم الجديد فى منتصف القرن 19. ولا شك ان معرفتنا بتاريخ وذاكرة هذه الموسيقى، بالاضافة الى حضور حفلاتها الموسيقية، سيعزز ويقوى ويعمق من استمتاعنا بها أكثر واكثر، لندرك بعدها انها كانت تسكننا- البعد الافريقى فى الشخصية المصرية – ولم تغادرنا .
يحيى خليل.. فنان الجاز الأول فى مصر
ولنتذكر أيضا أن نشأة وتطور هذا النوع فى مصر ارتبطا باسم الفنان الكبير يحيى خليل الذى استطاع أن يرسخ من خلال مسيرته الموسيقية الطويلة لذوق مصرى اصيل، لتذوق والاستمتاع بهذا الفن المحترم – الجاز الشرقى – وثيق الصلة بحياتنا، فى ايقاعاته وموسيقاه، وانفتاحه مثل شباك على الهواء الطلق على كل ثقافات العالم الموسيقية، وكونه أصلا، ممارسة لحرية التعبير والخلق فى أرقى صورها..
لكن ما علاقة موسيقى الجاز بالسينما ؟ وما القواسم والروابط المشتركة التى تجمع بينهماا؟
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق