السبت، فبراير 18، 2017

فيلم لا لا لاند : عندما تنتعش الروح ببهجة الفن الجميل بقلم يسري حسين

مختارات سينما إيزيس


فيلم لا لا لاند : عندما تنتعش الروح ببهجة الفن الجميل

بقلم


يسري حسين
كاتب وناقد مصري مقيم في لندن 

خرجت من سينما ( أوديون ) بريتشموند - لندن -في حالة بهجة عارمة دفعتني للشعور بالطيران في سماء البقعة الجميلة على ضفاف التيمز.

 دائما تنتعش روحي برؤية الفن الجميل والبديع ،اذ ينقذنا من سحب الواقع السوداء وينقلنا لعالم البهجة ،حتى ولو كانت متخيلة وغير واقعية .

 هذا دور الفن : بث البهجة في النفوس ومنح الأمل في عناق الحب والنشوة والجمال ،والشعوب المحرومة من الفن والغناء ،شعوب تعسة وتمارس العنف ضد نفسها وتوجه الكراهية للآخرين .

شاهدت الفيلم الموسيقي الجميل (la la Land فغمرني طوفان من سعادة لبساطةالقصة واعتمادها على حكاية حب بين رجل وامرأة جمعهما الطموح ومدينة لوس انجلوس ،مدينة الحلم والسينما والنجومية والأضواء ،الفتاة ( ميا) تعمل في كافتيريا وتحلم بالتمثيل والشهرة ،والفتى ( سابستيان) عازف يهوى موسيقى الجاز ،ويعمل في أماكن لا يحبها تفرض عزف موسيقى المناسبات.
 يلتقي الحلم في واقع الخيال والأماني الطائرة في فضاء الخيال ،مع موسيقى راقصة وغناء ينسج الحلم ،بعيدا عن الواقع الذي تحوطه مناظر أفلام وإيحاءات من أفلام رومانسية.
 ازدهر الحب في اجواء الخيال واقتربت نبضات القلوب ،تصنع أغنية واحدة تنسج الأماني والأمل ،ويدفع الحب عربة الرغبات في نجاح وتخطي الأحباط والفشل.
يدفع الفتى فتاته لقهر مشاعر الإحباط ويؤكد أنها ممثلة موهوبة وأن الفرصة قادمة وأنه لا يأس مع الحب.
الفتاة بدورها تشجع الفتى على رفض فن لا يشعر به وموسيقى لا يحبها وترحل معه مع حلم أمل امتلاك قاعة خاصة يعزف فيها لونه الموسيقي الذي يحبه ،وتدفعه لرفض إغواء المكسب والربح على حساب فنه ،اذ المهم التعبير عن مكنون الروح بما تحب.
 الفيلم إذن عن الحب في عصر الدم والقتل والحجاب والنقاب وولاية الرجل ومكان المرأة المنزل ولا حق لها بالخروج للعمل أو الدراسة ،كما تروج ثقافة الموت الشرقي ..
 في زمن الكراهية العربي ،يأتي هذا الفيلم الجميل من كفّار ليحدثنا عن حب وموسيقى ،وحق الإنسان في اختيار موسيقى وتحدي الفشل بالأصرار.
 يقدم الفيلم قصة حب بموسيقى غير عادية تتجاوز ألم الواقع وكراهية عابرة للقارات وحقد أسود يغتصب النساء ،ويقتل الرجال ويدمر مجتماعات .
 هذا الفيلم الجميل ينقلنا لعالم الحلم ويتحدث عنوانه عن دنيا الخيال التي نحتاجها لتقويض ألم الواقع وخلافات تنشب بين الأفراد تنسف الحب وتعزز الكراهية.
وينبهنا الفيلم لحقيقة أن الخيال مهم للعيش في الواقع وتحمله ،وقصة حب ( ميا) وسيباستيان  ،انهارت عندما نجحت الفتاة وحاصرتها الشهرة اذ تزوجت من آخر وأنجبت منه ،وعندما دخلت قاعة موسيقى وجدت الحب القديم وفتاها الذي حقق احلامه ،وعندما دخلت القاعة ،تخيل الفتى أنها لا تزال معه وتنقلنا الكاميرا لعالم الخيال مرة أخرى ،لكن لحظة الحقيقة تفرض نفسها وتتلتقي العيون فتتذكر أيام الخيال والأحلام فترتسم على الشفاة ابتسامة تحية لذكرى الحب الذي كان بلا مرارة ولا انتقام ،لأنه ليس كل ما يحلم به المرء يدركه ،يكفيه أنه يحلم ويحلق في سماء الجمال والحب.
كل تلك اللقطات يهمس بها الفيلم بموسيقى الجاز العميقة التي تلمس نبض القلب وتفجر الحنين والشجن .
تخيلت نفسي في قلب تلك الحكاية وأطير في اجواء الفرح ،حتى الفراق جاء بموسيقى تعزف مارش  الإنفصال بحزن يفجر المزيد من عواطف على أمل تجديد قصة الحب ،اذ لأننا نحيا فالحب هو ماء الحياة والحلم طوَّق النجاة ،وعلينا بالحلم لعلاج القبح والإحباط ، والحب لمقاومة الكراهية.
 هذا فيلم جميل يعيد إلينا فن السينما وقدرتها على بث البهجة في القلوب

ليست هناك تعليقات: