الأحد، يوليو 24، 2011

هل الواقع السياسي المصري بحاجة الى متمرسين في النقد المسرحي ؟ أول خطوة ..خواطر وتأملات وصور بقلم وعدسة صلاح هاشم

لقطات وصور بعدسة صلاح هاشم


كما يقول ريتشري هيفن في اغنية البلوز الحزينة " حرية " فريدوم في فيلم " وودستوك "أحيانا أشعر باني يتيم ومشرد وبعيد جدا عن وطني
وكأني ذهبت بعيدا مع الروح التي تجوب القطر، بعد ان عرفت نفسي من خلال ألف جرح
صلاح هاشم.أول خطوة









لقطات وتجارب بعدسة صلاح هاشم





أول خطوة على سكة التوثيق للسينما العربية وتقييم للخطوة


أول خطوة لصلاح هاشم

خواطر وتأملات وصور

هل الواقع السياسي المصري

صار مثل "مسرحية عبثية"

لشخصيات تبحث عند بيرانديللو

عن مؤلف ؟


بقلم

صلاح هاشم


كتب صديقي عزيز من أصحابي في مصر ، كتب يقول لي فى رسالته بعد فترة غياب وانقطاع إن أين أنت يامولانا.؟ نريد أن نسمع صوتك! وكنت انشغلت في الايام الاخيرة في الواقع بمنتجة الافلام التي صورتها في مصر أثناء الاسبوع الاخير للثورة الذي يبدأ بيوم 6 فبراير - كنت عدت الى مصر فورا قبلها بيومين اي يوم 4 فبراير، بعد ان شاهدت موقعة الجمل على شاشة التلفزيون الفرنسي، وهبطت الى الميدان يوم 5 فبراير من دون كاميرا، لكني بدأت أصور من يوم 6 فبراير بكاميرا صغيرة خفيفة صابون ، فهي لاتتجاوز من حيث حجمها قطعة صابون نابلسي ، ويمكن ان يخفيها المرء بسهولة في الجيب ،ولم يكن يهمني وقتها شكلها او حجمها، على الرغم من الكاميرات الكبيرة للخبراء والمحترفين والمختصين عادت ما تخوف الناس ، وتجعلهم يشعرون احيانا تجاهها بانها عدوانية وتغتصب حميميتهم اوتعتدي عليها ،واحيانا تظهر لهم او تبدو لهم كمدفع رشاش مصوب تجاههم ، وقد يكون هذا الخوف من الكاميرات الكبيرة وبخاصة كاميرات التلفزيون الضخمة الدبابة ، راجع الى طبيعة العلاقة التي تطورت بين الناس في مصر والاعلام التلفزيوني

هذ الاعلام الذي ظل يروج للاكاذيب و" الهراء " العام ويستهتر بعقول الناس ويستعبطهم لفترة عقود ، وسوف يتطلب تصحيح صورة التلفزيون في مصر ( الذي اعتبره " وباء " مصر الحقيقي) فترة طويلة ، وبخاصة بعد الدور القذر الوسخ الذي لعبه في الثورة، وترويعه للخلق، سوف يتطلب الأمر وقتا حتي يشعر الناس انه صار معبرا عن الواقع المصري بحاله ومحتاله ، وبكل أحزابه وطوائفه ، وليس مجرد أداة في يد الحكومة للدعاية للسياسات التي تخدم مصالحها فقط ، وتلميع الدولة ووزرائها ومذيعيها وشاشاتها ومجالسها ورجالاتها، ولايمكن بالطبع ان يتغير الأمر في يوم وليلة، وأنا مع رأي الكاتب السياسي الصديق سعد هجرس الذي استضافه التلفزيون حديثا، وكان مثل كل الصحفيين والكتاب الشرفاء ممنوعا من دخوله من قبل، وذكر بأن التلفزيون في مصر يحتاج الى ثورة لوحده، و أرى أبعد من ذلك أرى أن تلغي وزارة الاعلام تماما، لأن التلفزيون طالما بقيت سوف يظل بوقا لأي نظام ، وأداة في التلاعب بالعقول في مصر لحساب النظام ، أي نظام، وضد اي معارضة له..

تصوير الواقع كيف يكون بكاميرا صابون أو كاميرا من ذهب ؟


هبطت الى الميدان بكاميرتي الصابون ،و آلة تصويرصغيرة بامكانيات ضئيلة اهدتها لي ابنتي دنيا في عيد ميلادي وأخذت أصور وأرصد بالكاميرتين الوقائع والاحداث التي عشتها مع الناس ، في قلب الثورة ميدان التحرير حتى تنحي الرئيس السلبق حسني مبارك ، ولم يكن يهمني أن أخرج من ذلك بفيلم ما أوتحقيق مجد شخصي، أو بعدة أفلام بتكليف من مهرجان سينمائي كبير كما حدث مع البعض، واستغل البعض الفرصة لتحقيق مكاسب شخصية لذواتهم، بل كان همي كله أن أسجل فقط بكاميرتي الصابون ( وأي كاميرا صابون في اطار تصوير تلك اللحظات و والظروف الاحداث التاريخية تصبح كاميرا ذهب عيار 24 )
أن أسجل كل ماتقدر بامكانياتها المتواضعة الضعيفة على تسجيله في التو اللحظة كصورة سينمائية متحركة، وليس مهما ان تكون باهتة أو متربة أو، فلم تكن جماليات الصورة تشغلني، وامساكها كاميرتي العلبة الصابون الصغيرة بتلك اللحظات التاريخية المدهشة ، لتكون قطعة من ذاكرة مصر الوطن ضد الفناء والعدم ، واتاحة الفرصة لمشاهدة تلك الذكريات العزيزة ،قبل ان تتلاشي وتختفي وتنمحي الى الأبد، ولم أكن افكر وقتها في عمل فيلم بكاميرا صابون أو من الذهب، بل كان هدفي أن أشارك في المواجهة وأكون في الثورة مشاركا مع الناس ، ثم من بعدها الامساك بتوهج اللحظة في حياة الميدان، ولم يكن في مقدوري بالطبع أن أصور كل شييء، ولذلك اخترت أن أصور بطريقة "خطف خطف "او الارتجال،( أفتكر أن الشعب المصري ارتجل في الميدان ايضا ثورته حسب ما بدا لي، فلم يكن يخطر على بال احد ان تنتهي تلك المظاهرات التي خرجت يوم 25 يناير بثورة ، كما قال لي صديقي المخرج السينمائي الكبير على الغزولي الذي شاهد المتظاهرين في ذلك اليوم من نافذة مسكنه بجوار مبني المتحف المصري، ورآهم يدخلون الميدان، فهبط مسرعا بكاميرته ليشارك في المظاهرة " السلمية " ويصورها، ولم يخطر على باله ان تنقلب المظاهرة الى ثورة شعبية عمت أنحاء البلاد )
ومن دون الاعتماد على سيناريو تصوير محدد ، أو خطة تصوير معينة والالتزام بها ، بالاضافة ان الثورة وقتها لم يكن يعرف أحد في ذلك الوقت ( 6 فبراير اي اليوم الثامن عشر على الثورة التي انطلقت في 25 يناير) كيف ستنتهي ، غير ان الاصرارعلى اسقاط النظام والاعتصام في الميدان حتي الموت كانت الخيار الوحيد المتاح وقتها ، ولم يكن بالامكان التراجع عن تلك المطالب، مطالب " الشرعية الثورية " بعد فترة حكم قمعي فاسد واستبدادي استمرت تجثم مثل الهم على قلب الشعب المصري لفترة عقود لأكثر من 28 سنة من حكم مبارك
ويبدو لي ان المكسب الوحيد الذي تحقق ، (ومازالت الثورة التي انطلقت يوم 25 يناير مستمرة )هو اننا لن نعود الى الخلف مرة اخري، خلاص مفيش خوف ، ولن نتراجع عن مطالب الثورة " الشرعية " بعد ان استعاد الشعب بثورته حريته وكرامته (ارفع رأسك فوق انت مصري )، وأهم من مطلب العدالة في رأيي كما قال الفيلسوف والمشرع والمفكر الفرنسي الكبير من عصر " التنوير " مونتسكيو أن يري الشعب العدالة تتحقق أمامه، وليس في المكاتب او صالونات الوزير والمؤتمرات الشعبية أو في التصريحات التي يدلي بها على شاشة التلفزيون
سأل صديقي عني وعن احوالي واخباري " أين أنت يامولانا ؟ " وعرج في رسالته على الواقع السياسي الحالي في مصر فكتب يقول ان ذلك الواقع السياسي لم يعد في حاجة الى خبراء في التحليل السياسي، بل متمرسين في النقد المسرحي ، وعنده حق، فكتبت له الرد التالي بالحرف، أقول له:

شخصيات من " الأغلبية الصامتة " تبحث عن مؤلف في واقع عبثي

عندك حق، أنا شفت حديثا جماعة في التلفزيون اطلقت على نفسها " الاغلبية الصامتة " خرجت في مظاهرة في " مصر الجديدة " وراح افراد الجماعة يسبون ويشتمون في العيال الغير مسئولة المعتصمة في الميدان، ويتهمونهم بانهم يعطلون سير " عجلة الانتاج " وانا افضل بالطبع استخدام كلمة " بكرة " انتاج، ولم اكن اعرف ان هناك انتاجا في مصر الا من ناحية انجاب العيال، ثم ان الاغلبية المذكورة راحت تهتف انها مع المجلس العسكري وتطلب عدم انتقاده بل تأييده والبصم بالعشرة على كل قراراته، وراح التلفزيون ينقل كلامهم وكله سموم على الملأ ، وكأنه ابن .. متضامن معهم وموافق على كلامهم، و مازال الاعلام " الوباء " يبث سمومه ،وبالطبع اخذت اضحك من هذه المسرحية العبثية التي تقع فصولها حاليا في مصر، والمشهد كله اللي يموت من الضحك، وكل ما اضحك افتكرك وانت تقلد بعض الاصدقاء في مصر واتذكر ايضا يوسف وهبي " ما الدنيا الا مسرح كبير" وهذا يحيل الى كلامك ، فقد صرنا نشهد حاليا مساسلات التلفزيون في الشارع مع تلك الاغلبية الصامتة، والبنت المذيعة التي كانت تنقل مظاهرتهم في مصر الجديدة نست واغفلت بالطبع ان تسألهم ولم يخطر على بالها أن تسأل من يقف خلف هذه المظاهرة ؟ ومن هو ممولها الذي فتح لهم هذا الشادر؟ ووزع عليهم مشروبات وكيك وساندوتشات بسطرمة
الواقع الآن في مصر يذكرني ببرانديلو الكاتب المسرحي الايطالي الله يرحمه، ومسرحية شخصيات تبحث عن مؤلف، وادارة مسرح بواسطة مجلس عسكري ، وعنوان " دعنا نرتجل "، وآمل ان نلتقي قريبا في مدينة نصر ونفس الميدان وذات المقهى، بس المرة دي ساستضيفك عندي في "مقهى الدراويش" في الحي السابع بالقرب من مطعم الشبراوي وادعوك على كوب سحلب محترم ,او عصير ليمون، وشكرا على سؤالك..

ليست هناك تعليقات: