الأربعاء، يوليو 16، 2008

شاشة2008: " سندباد عاد " في باريس بقلم صلاح هاشم

حكاية العفريت في فيلم سندباد التشيكي


ملصق فيلم سندباد للتشيكي كاريل زيمان انتاج 1974



شاشة باريس 2008

" سندباد عاد " في باريس

بقلم صلاح هاشم

من ابرز الافلام التي تعرض حاليا في باريس( يوليو 2008 ) فيلم " سندباد " رسوم متحركة ( 61 دقيقة ) من اخراج التشيكي كارل زيمان عام1974 الذي يحكي عن البطل سندباد ويروي في الفيلم 3 حكايات او بالاحري ثلاث مغامرات وقعت له في الف ليلة وليلة، فيتسامق العمل بجمالياته اولا من ناحية الشكل ، ويؤسس لمدرسة جديدة في فن الرسوم المتحركة ، من خلال استخدامه للصور الكرتونية ، وهي عبارة عن لوحات جميلة توحي باجواء الف ليلة وليلة الاسطورية، وتحركيها من لقطة الي لقطة ، مع ومراعاة ان الحركة هي جوهر السينما،لذا يسيرالفيلم بيسر وسهولة ونعومة، وكأنه يتنزه علي شط النيل في العصرية، وينساب مثل قارب يشق مياه بحيرة في لوزان ، فلا تشعر وانت تشاهده باي ملل، وفي حين يصور الفيلم سندباد للاطفال ، فيقدمه في صورة بطل، لكن ليس كهرقل الجبار الذي لايقهر ابدا، بل كجدع وطيب وبسيط وابن حلال ، مثل كل اولاد البلد في حي السيدة او حارة حريك ، فيظهره كبطل بصحيح لكن فقط بجدعنته وشهامته ونزاهته، ويظهر ذلك جليا في القصة الثانية او الثالثة التي يحكيها لنا الفيلم، حين يكتشف سندباد ان بنت السلطان المحبوسة في القصر يالطيف، تتحول في المغربية الي حمامة بيضاء ، حمامة تتسلل من داخل غرفتها في القصر من داخل الحبس ومن خلف القضبان الي الخارج لتطير الي حبيبها ، وتستنشق فقط في حضنه نسيم الحرية، وحين يحضر الوزير مع عساكر السلطان، للقبض علي الاميرة واعتقالها وذبح حبيبها، اذا بصاحبنا سندباد الانسان ينادي علي الحبيبين ، ويعطيهما بساطه السحري ، ويسهل لهما سبيل الهرب ، فيحملهما البساط السحري الي البعيد البعيد ، اذ ليس هناك اقسي من ان يحرم علي حبيب رؤية حبيبته والنوم علي صدرها. و يوضح الفيلم للكبار والصغار معا ان سندباد انسان عادي مثلي ومثلك ، وهو احيانا يتصرف ببراءة مثل الاطفال ، مثلنا جميعا
وان البطولة الحقة ليست في تخليص الاميرة من بين براثن وحش مفترس، او انياب غول متوحش ، او عفريت يخرج لك في الظلام من تحت السلم لسانا يتطاير منه الشرر، ايام ما كان فيه عفاريت، بل ان البطولة الحقة تكمن في ان نتسامي علي اهوائنا ورغباتنا، وان الشرط الوحيد لمتعة الحياة هو في المشاركة ومساعدة الغير ومد يد الي الجار والاقتراب اكثر من انسانيتنا. والجميل في الفيلم وبخاصة في تلك الافلام التي تعتمد علي حكاية ، ان مخرجه كاريل زيمان لاينسي علي الاطلاق ، انه في مثل هذا النوع يكون صوت الراوي اي شريط الصوت ، هو الذي يقود ، في الوقت الذي، وهو يحكي ويروي علي لسان الراوي، يتركنا - وفقط بمساعدة اللوحات الجميلة في الفيلم - يتركنا نصنع نحن ايضا حكايتنا ، اي حكاية الفيلم بالصور، ويطلق هكذا لمخيلتنا العنان، ويجعلها تحلق براحتها وتطير. فيلم سندباد كان سباقا وقبل ان يصنع لنا بول جريمو المخرج الفرنسي الكبير حكاية " الملك والطائر " بعدها باكثر من 20 سنة ، سباقا الي استخدام الصور الكرتونية بهذا الشكل الفريد المتميز الاصيل ، ولذا كان فيلمه ذاك المصنوع في عام 1974 انجازا علي مستوي فن التحريك عن حق، كما ان الفيلم يعتبر نموذجا للتكريس لشريط الصوت في السينما ، وهو جانب نفتقده في الدراسات الخاصة بهذا الفن ، وعلاقته بالموسيقي ,غير ان هذه -عن العلاقة بين شريط الصوت والصورة في السينما - حكاية اخري ،أليس كذلك؟
فيلم " سندباد " جميل وانساني وبسيط وعميق ، ويستحق المشاهدة عن جدارة

ليست هناك تعليقات: