الثلاثاء، مايو 08، 2007

فيلم " الحي الشعبي " بقلم عماد النويري

عماد النويري



'فيلم " الحي الشعبي' وإطلالة نيكول وملامح البطل ' السبكي
بقلم عماد النويري


لابد من الاعتراف مهما كانت الاعتراضات والاختلافات ان عائلة السبكي لها فضل كبير على السينما المصرية، وأنها تحاول جاهدة بكل الطرق الممكنة تقديم 'تحف' سينمائية خالدة في تاريخ السينما العربية بشكل عام ولا شك في ان بعض الأعمال 'السبكاوية' تصل الى درجة الملاحم الكبيرة ووجه الملحمية هنا له صلة بنجاحات وغزوات عائلة السبكي في تجارة المواشي و'الجزارة' وليس عيبا ان يتاجر المرء في لحوم البقر وان يتاجر في الأفلام فالاثنان يساهمان في غذاء العقل. وملاحم البقر وملاحم الأفلام كلاهما يقدمان البروتين المطلوب لتغذية الانسان وتسليته!! . ايمكن ان تكون هذه المقدمة 'التهكمية' مدخلا لموضوع فيلم هذا الاسبوع 'قصة الحي الشعبي'؟. اتمنى ان يكون الامر كذلك!! من افضال شركة السبكي للإنتاج الفني على السينما المصرية انها قدمت لنا من قبل مجموعه أفلام 'اللمبي' التي أطلقت نجم محمد سعد في عالم الكوميديا، مرورا بموجة المطربين الشعبيين بداية من سعد الصغير وريكو في فيلم 'لخمة راس' ثم 'حاحا وتفاحة'، ثم المطربة والراقصة ذائعة الصيت مروة. وبعد فترات من الحيرة والانتظار وبعد العديد من التجارب الناجحة دفع ثمنها جمهور مغلوب على امره، وجد السبكي خطا سينمائيا طال البحث عنه منذ القدم، فخرج علينا بمواسم الفاكهة والخضار وظهر فيلم 'عليا الطرب بالثلاثة'، الذي غنى فيه ريكو أغنية 'خوخه' وسطع نجم الصغير عندما غنى ل 'العنب'.واستكمالا لمسيرة الفاكهة والخضار انضم إلى فريق السبكي عماد بعرور، صاحب أغنية 'العنب' الأصلية الذي دخل مع الصغير في معركة حامية وانتهى به الامر الى الغناء للسمك. دفع السبكي بعرور ليحتل مكانة مميزة في فيلم 'ايظن'!! الذي بدأ عرضه مع بداية عيد الأضحى المنصرم . ومن بعدها انضمت الى القائمة نيكول سابا بفيلم 'قصة الحي الشعبي' الذي يعرض الان على شاشات الكويت ويشارك في الفيلم اكتشاف السبكي المتأخر طلعت زكريا إضافة الى سعد الصغير في ثاني بطولة له على الشاشة الفضية.اذن اجتمعت أطباق المائدة 'السبكاوية' أخيرا ولم تعد عامرة فقط باللحوم، وانما أصبحت عامرة أيضا بالخضار والفاكهة والاسماك!البطل السبكي ! ملامح توليفات أفلام السبكي اصبح من الممكن التعرف عليها بسهولة، فالبطل ينتمي الى الطبقات الشعبية التي تكافح ليل نهار لتأمين لقمة العيش في ظروف صعبة وقاهرة ولكن ليس على الطريقة 'السبكية'.البطل السبكي لا يكمل تعليمه وهو عاطل عن العمل يقضي معظم وقته على المقاهي او في الوقوف تحت شباك البطلة صباحا او مساء. واذا حدث وعمل هذا البطل فهو يعمل كعجلاتي او مغنيا من الدرجة الرابعة في الأفراح الشعبية، او يعمل عازفا في احدى الفرق التي تحيي الافراح مقابل العشاء، وما ينطبق على البطل ينطبق أيضا على البطلة، مع اختلافات بسيطة.وفي كل أفلام السبكي هناك راقصة ووصلة رقص، واذا تعذر وجود الراقصة يمكن الاستغناء عنها بترقيص البطل. وليس من قبيل المصادفة ان يجيد أبطال أفلام السبكي الرقص مثل محمد سعد وسعد الصغير وحتى طلعت زكريا في فيلمه الأخير 'قصة الحي الشعبي'. وفي كل أفلام السبكي لابد من وجود 'قعدات' خاصة يتقابل فيها البطل مع أصحابه لتناول المسكرات او المخدرات واثناء 'القعدة' لابد من اطلاق بعض النكات او الأفيهات المضحكة.وفي كل أفلام السبكي لاتوجد اي صورة إيجابية للمرأة فكل النماذج قدمت حتى الان تقدم المرأة الراقصة والمرأة الداعرة والمرأة الخادمة والمرأة المغلوبة على امرها. ولم نصادف ولو لمرة واحدة المرأة العاملة بشرف لتعول أسرتها، او المرأة الطبيبة التي تساند زوجها او غيرها من النماذج المشرفة للمرأة العربية. وفي سينما السبكي لا تبحث كثيرا عن محطات تميز فنية، فهو دائما يدفع بمخرجين جاهزين لتفصيل الأفلام كما يرغب المنتج وكما يرغب الأبطال. وهكذا كان الأمر في فيلم 'قصة الحي الشعبي'. كوميديا الشخصية في 'قصة الحي الشعبي' جرى تفصيل كل شيء ليتلاءم وقصة 'ليالي' التي جسدتها نيكول سابا. وجذور القصة ستعود بك الى مئات القصص التي استهلكتها السينما المصرية من قبل عن موت الام والميراث المشروط في ضرورة وجود الابنه الضائعة والديون المتراكمة عند فتح الوصية. هي قصة خفيفة وسهلة ومقبولة. ومع وجود طلعت زكريا وسعد الصغير لابد من وجود 'قعدات الانس والفرفشة' لاطلاق النكات وسط هالات الدخان الازرق، ولابد من وجود فرقة موسيقية لتبرير تقديم الرقص والغناء. ثم لابد من وجود مواقف مضحكة تعتمد على كوميديا الشخصية اكثر من اعتمادها على كوميديا الموقف. ويكفي وجود طلعت زكريا ومن معه لنعرف نوعية الكوميديا المقدمة التي تعتمد في اغلبها على طريقة الحديث ونطق الكلمات بطريقة غير مفهومة، واستخدام عيوب النطق، وحركات الجسد وغيرها من الطرق والأساليب التي استهلكتها الأفلام العربية. هذا إضافة الى استخدام الفاظ يومية بذيئة لايجب بأي حال من الأحوال نقلها في الأعمال الفنية. ويكفي وجود نيكول سابا لتكون هناك وصلات من الاغاني التي أقحمت لتطل نيكول البهية في فواصل غنائية هي اقرب الى الفيديو كليب. واغلب هذه الاغاني ليست لها صلة اكيدة بالحدث الرئيسي، هذا اذا اعتبرنا اصلا ان هناك في الفيلم حدثا يحدث من اي نوع. وهذا كله لايقلل من اعترافنا بموهبة طلعت زكريا الكوميدية، ولايقلل ايضا من اعترافنا بموهبة نيكول سابا الغنائية والتمثيلية.طريقة مشوهة لابد من الاشارة اننا لسنا ضد ان يكون من صناع السينما من لهم صلة بتجارة اللحوم. فكثير من الشركات السينمائية الكبرى في أميركا وغيرها لها صلة باستثمارات غذائية كثيرة، وحتى الكثير من نجوم هوليوود من أصحاب المطاعم. ولسنا ضد ان يدخل من بوابة الفن أصحاب الحرف مثل بائعي السمك والمكوجية والطبالين، فكل المهن شريفة واصحابها شرفاء الى ان يثبت العكس.وليس من حقنا مطالبة السبكي ان يكون مصلحا اجتماعيا بالتركيز على تصوير مشاكل الواقع بدلا من تزييف هذا الواقع واظهاره بطريقة مشوهة.وليس من حقنا ايضا مطالبه السبكي ان يكف عن تقديم ابطال وبطلات ليس لهم ايجابيات على الاطلاق وكل مايعرفونه في الحياة هو الرقص والغناء.وليس من حقنا للمرة الثالثة ان نطالب السبكي واخوانه بتقديم القيم الجمالية الراقية والصفات الانسانية النبيلة لان السبكي واخوانه لن يقوموا بدور وزارات الثقافة ولن يلعبوا دورا اكبر من حجمهم الاجتماعي والثقافي. لكن نعيد ونزيد ونكرر أننا ضد ان تستغل الأفلام في تقديم مواضيع مغشوشة وضد ان يدافع أصحاب هذه الأفلام عن أفلامهم باعتبارها تقدم الكثير من لحم البتلو الصغير وهي في الواقع تقدم لنا لحما جمليا عجوزا عسير الهضم لايغني ولايسمن.

كتابة عماد النويرى
imadnouwairy@hotmail.com


ليست هناك تعليقات: