السبت، مايو 30، 2015

مفتول العضلات.. وتدهور الثقافة السينمائية في مصر . بقلم مجدي الطيب

مختارات سينما إيزيس
"مفتول العضلات"..وتدهور الثقافة السينمائية في مصر
بقلم


مجدي الطيب

  «مفتول العضلات» ! 

يسأل المذيع مفتول العضلات،وكأنه في صالة «جيم» وليس في بلاتوه تصوير برنامج تليفزيوني،ضيفته الممثلة : «هذا الاستياء من الألفاظ الخادشة التي تخللت الفيلم الذي قمت ببطولته وعُرض متأخراً. ما سببه ؟» فتعلق الممثلة بحدة : «أين هي هذه الألفاظ ؟» وبسهولة مدهشة،وكأنه مُدرب على إلقاء الأسئلة فقط،يتجاهل تعليقها ويبادرها بالسؤال التالي : «.. ولماذا لجأتم إلى المشاهد الهابطة التي نفرت الجمهور من الفيلم ؟». وبنفس الحدة تعاجله الممثلة : «فيلمنا نظيف ويخلو من أي مشهد واحد هابط» !
هذا الحوار أنموذج للحوارات الركيكة والمستفزة التي تمتلئ بها برامج السينما،والفن بوجه عام،في القنوات العامة والمتخصصة، وتصدمنا بين الحين والآخر بسبب ضعف محتواها،وسطحية أسئلتها،والشكل التافه التي تطالعنا به على الشاشة؛فالمذيع سالف الذكر، ومثله ألاف المذيعين والمذيعات في مئات الفضائيات،لم يكلف نفسه عناء مشاهدة الفيلم،وآثر الاكتفاء بما أملاه عليه «المعد»،الذي تبين أيضاً أنه لم يشاهد الفيلم،وبالتالي أطلقا العنان للممثلة لكي تتلاعب بهما،وبالبرنامج،كيفما شاءت؛فمن حقها أن تستنكر وجود ألفاظ خادشة،ومشاهد هابطة،لكن «المذيع» النابه،ووراءه «المعد» اليقظ،عليهما مواجهتها بقائمة الألفاظ والمشاهد التي تضمنها الفيلم بالفعل،وإلا فما الفائدة من توجيه السؤال ؟ وكيف ارتضيا،ومعهما المخرج،لأنفسهم أن يتركوا لها الحبل على الغارب بحيث تضع ساقاً على ساق وهي ترد على الأسئلة،التي أدركت تفاهتها،وأيقنت أنها صاحبة اليد الطولى في البرنامج !
انه الجهل المتفشي في مثل هذه النوعية من البرامج،التي تعاني ندرة المتخصصين،وغياب المخلصين،وسيطرة الدخلاء الذين يتصورون أن إعداد وتقديم برامج السينما «أسهل من شكة الدبوس»،ومن ثم تدهورت الأحوال،وتراجعت الأمور،ووصلت إلى الدرجة التي تستضيف فيها قناة متخصصة في السينما ملحناً ومطرباً بوصفه «نجم اليوم» بينما تبث قناة أخرى خبراً عن مخرج عالمي انتهى من تصوير فيلمه الجديد،والكل يعلم - إلا القناة – أن الموت غيبه منذ قرابة الشهور !
البعض يُرجع التدهور الحاصل في مجال إعداد البرامج التليفزيونية المعنية بفن السينما،مقارنة بالطفرة التي شهدتها حقبة السبعينيات من القرن الماضي على أيدي نقاد وإعلاميين كبار مثل : يوسف شريف رزق الله،سامي السلاموني،درية شرف الدين،محمد قناوي، سلمى الشماع،أحمد صالح،رءوف توفيق وعلي أبو شادي .. وغيرهم،إلى ما يمكن تسميته «عوامل التعرية الثقافية»،في حين يتجاهلون - أو يجهلون – سبباً آخر أكثر أهمية يتمثل في البعدين الاقتصادي والحضاري؛فالنظرة تبدلت بشكل جذري مخيف،وأصبح القيمون على القنوات ينظرون إلى برامج السينما بوصفها أداة لتكريس صورة «الفن الرخيص»،وفي أفضل الأحوال «جلسات نميمة» تُرضي غرور «التافهين» أو بديل مرئي للصحافة الصفراء أو «صحف التابلويد» الفضائحية،وتبعاً لهذه النظرة المتدنية تضاءلت الموازنات المرصودة من قبل القنوات الفضائية للبرامج المتخصصة في تقديم السينما،واتسعت مساحة السطحية على حساب رقعة الثقافة السينمائية التي ضاقت كثيراً،وبدلاً من أن تصبح برامج السينما،عبر الفضائيات،منبراً للتنوير،ووسيلة للتوعية بدور ورسالة وأهمية السينما، فقدت جدواها،وتحولت إلى سلاح ناجع في أيدي المتطرفين،بل جملة رئيسة في الخطاب التحريضي الداعي إلى تعميق الشعور العام بأن «الفن حرام»،وأنه المسئول عن إشاعة الفسق والفجور في المجتمع !





الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي
جيل كامل في مصر تعلم من برامجه السينمائية التليفزيونية وطانت بمثابة جامعة سينمائية حقيقية
 


الناقد السينمائي الكبير المرحوم سامي السلاموني احد أعلام الأدب السينمائي في مصر

سبب آخر للأزمة يكمن في مذيعي ومقدمي برامج السينما،ممن اهتموا بارتياد صالات ألعاب اللياقة البدنية «الجيم» لتربية عضلاتهم بأكثر مما حرصوا على ارتياد المكتبات،التي تصقل عقولهم،أو شراء الكتب والمراجع،التي توسع مداركهم،وتعينهم على أداء رسالتهم بنجاح،وأسهم في تفاقم الأزمة أن ثمة من تصور أن تقديم برامج السينما «مهنة من لا مهنة له»،وأنها لا تحتاج إلى مؤهلات؛مثل الثقافة أو التخصص،وإنما يكفي المذيعة أن تكون ممشوقة القوام،ناهدة الصدر،باسمةُ الثغر كبيرة الأرداف بينما يُشترط في المذيع أن يكون وسيماً،ذو شعر أصفر،وعينان خضراوان،ويرطن العربية بلكنة أجنبية !
اللافت للنظر أن تراجع الدور الذي تلعبه برامج الثقافة السينمائية في القنوات التليفزيونية تزامن مع الانهيار الكبير الذي اجتاح قصور الثقافة في المحافظات المصرية،وكان سبباً في تحول الغالبية منها إلى خرابات ينعق فيها البوم بينما نجح الباقي منها في أن يُصبح عنصر طارد للجمهور من محبي السينما،والطامعين في جرعة من الثقافة السينمائية،وكلنا يذكر الفترة التي دأبت قصور الثقافة خلالها على فتح أبوابها على مصاريعها أمام الفيلم الهندي وأفلام «الكونغ فو» و«الكاراتيه» قبل أن تُغلق تماماً،وما بقي منها ألغي السينما من أنشطته،وكأنها «رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» !

عن جريدة "الجريدة " الكويتية بتاريخ 29 مايو2015

الخميس، مايو 28، 2015

الملتقي الدولي الثاني لتفاعل الثقافات الافريقية ( في الفترة من 1 الى 3 يونيو ) ومبحث الهوية



الملتقى الدولي الثاني لتفاعل الثقافات الافريقية
 ومبحث الهوية



القاهرة . سينما إيزيس

من أهم وأبرز الملتقيات الفكرية التي  تعقد قريبا جدا في مصر، الملتقي الدولي لتفاعل الثقافات الافريقية ، من تنظيم المجلس الأعلى للثقافة في مصر الذي يقام في القاهرة في الفترة من 1 الى 3 يونيو، ويناقش موضوه " الهوية في الآداب والفنون الافريقية، وتعقد جلساته في مبنى المجلس الأعلى للثقافة بالأوبرا، بمشاركة أكثر من مائة باحث ومفكر افريقي، من مصر والمغرب وغانا وغينيا وموريتانيا وليبيا والنيجر وموزمبيق الخ. ويشارك من مصر مجموعة كبيرة من الكتاب والمفكرين  والجامعيين من ضمنهم جابر عصفور وصابر عرب وشاكر عبد الحميد وعماد ابو غازي وأحمد مجاهد والروائي ابراهيم عبد المجيد وغيرهم.

الاثنين، مايو 25، 2015

كان السينمائي يوزع جوائز الدورة 68 .فوز لبنان بسعفة كان الذهبية للفيلم القصير بقلم صلاح هاشم

فيلم ديبان لجاك أوديار الحاصل على سعفة كان الذهبية للدورة 68
فرنسا تفوز بالنصيب الأكبر من كعكة كان الدورة 68  

فيلم ابن شول فاز بالجائزة الكبرى
فيلم سرطان البحر فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة

مهرجان " كان " السينمائي يوزع جوائزالدورة 68

فيلم " موج " اللبناني لإيلي داغر يفوز بسعفة كان الذهبية للفيلم القصير


بقلم 
صلاح هاشم.مهرجان كان 68

بعد الاعلان الأحد 24 مايو عن جوائز مهرجان كان في دورته 68 - المنعقدة في الفترة من 13 الى 24 مايو -  وخروج الأفلام الإيطالية  : " أمي "  لناني موريتي- أثر فينا لحد البكاء- وحكاية الحكايات  لماتيو جارون وفيلم الشباب لباولو سارانتينو، خروجها من مولد " كان "68 بلاحمص..
 لكنها وبعد الترحيب الذي حظت به  من قبل  الغالبية العظمى من النقاد في المهرجان - حتى أن مجموعة النقاد التي غطت المهرجان لجريدة " الفيجارو " الفرنسية العريقة رشحت فيلم " الشباب " YOUTH لباولو سارانتينو للفوز بسعفة " كان " الذهبية قبل اعلان الجوائز بيوم. انظر الصورة المرفقة - سوف تجد هذه الافلام الايطالية لاشك اقبالا وترحيبا كبيرين بها،عند خروجها للعرض التجاري في ايطاليا و أنحاء العالم ، ولن يقلل ابدا من اهميتها وزهوها وتألقها في المهرجان والاضافات " السينمائية " التي حققتها، عدم حصولها على جوائز


 ويكفيها ماحظت به من تقدير وتبجيل من الغالبية العظمي من نقاد السينما في الدورة 68 .



فانسان ليندون أحسن ممثل وجاك أوديار السعفة الذهبية وإيمانويل بيركو أحسن ممثلة مبروك لفرنسا وسنة 2015 سعيدة

وقد صدقت كذلك ترشيحات و توقعات سينما إيزيسCINEMAISIS بشأن توزيع جوائز مهرجان كان 68 فقد فاز فيلم " ديبان " للفرنسي جاك اوديار الذي رشحناه للحصول على الجائزة الكبرى، فاز بالسعفة الذهبية للدورة 68. في حين فاز فيلم " ابن شول " للمجري الذي رشحناه للحصول على السعفة الذهبية، فاز بالجائزة الكبري للدورة 68 ،وهي الجائزة الثانية مباشرة من حيث الاهمية بعد جائزة السعفة الذهبية..
 كما صدقت توقعاتنا في سينما إيزيس بشأن جائزة احسن ممثل، التي رشحنا لها الممثل مايكل كين عن دوره في فيلم " الشباب " لباولو سارانتينو، أو الممثل فانسان ليندون عن دوره في فيلم " قانون السوق " للفرنسي ستيفان بريزيه، وفاز بها الأخيركما توقعنا..

لجنة تحكيم المسابقة الرسمية

كما فاز فيلم " كارول " أيضا بجائزة ضمن ترشيحاتنا، فقد رشحنا بطلته كيت بلانشيت للفوز بجائزة احسن ممثلة في أفلام مسابقة الدورة 68 ، لكنها بدلا من أن تذهب الى كيت، ذهبت الى الممثلة روني مارا ، التي لعبت دور العشيقة امام كيت بلانشيت  في إطار قصة حب " سحاقية " تدور أحداثها في نيويورك عام 1953 وقد بدا لنا فيلم " كارول " من أكثر الأفلام إكتمالا بين أفلام المسابقة الرسمية ولولا أن أحداثه تقع في فترة الخمسينيات، وليس في الوقت الحاضر، لكان فاز بجائزة من جوائز المهرجان..
تلك الجوائز التي بدا واضحا أن لجنة التحكيم الرسمية في الدورة 68 التي ترأسها الأخوين كوين وضعت في اعتبارها منحها في المقام الأول للأفلام "السياسية الاجتماعية" التي تناقش مشاكل الحاضر- مثل مشكلة "الهجرة " كما في فيلم " ديبان " الفرنسي، الذي خطف سعفة كان الذهبية في الدورة 68،  ولانعتبره من افضل افلام جاك أوديار صاحب فيلم " نبي " على الاطلاق، ولم نفرح كثيرا بفيلمه كما فرحنا مثلا بفيلم الشباب "، وكما في فيلم " قانون السوق " الذي يطرح مشكلة " البطالة " في فرنسا وأعجبنا جدا به - وتوظف السينما كأداة للتحديق في واقع ومتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية


ملصق فيلم موج 98 لايلي داغر

والجميل في حفل توزيع الجوائز أن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة في المهرجان التي تراسها المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو منحت سعفة كان الذهبية للفيلم القصير لفيلم عربي قصير من لبنان الا وهو فيلم " موج " للمخرج اللبناني إيلي داغر( فيلم تحريك )، فالف مبروك للبنان ، والسينما اللبنانية المتميزة
والجميل أيضا أن الدورة 68 التي حصلت فيها فرنسا على نصيب الأسد والجزء الأكبر من كعكة الدورة 68 أن السينما الفرنسية أثبتت أنها تعيش بالفعل سنة سعيدة كما ذكر  المندوب العام للمهرجان تيري فريمو في المؤتمر الصحفي للمهرجان في 16 ابريل والاعلان عن مشاركة 6 أفلام فرنسية دفعة واحدة في المسابقة الرسمية للدورة 68 وقد صدّق حصول 3 أفلام من ضمنها على جوائز على كلامه، بل لقد بلغ حجم المشاركة الفرنسية في كل تظاهرات المهرجان بما فيها تظاهرة " إسبوع النقاد " وتظاهرة " نصف شهر المخرجين " أكثر من 25 في المائة من مجموع كل الأفلام المشاركة من أنحاء العالم في جميع تظاهرات المهرجان

جوائز المهرجان

السعفة الذهبية للفيلم القصير : فاز بها فيلم " أمواج 98 " لإيلي داغر من لبنان
الكاميرا الذهبية ( لأحسن عمل أول في جميع مسابقات المهرجان): فيلم " الأرض والظل " لسيزار أوجستو آسيفيدو. أسبوع النقاد
جائزة السيناريو : فيلم " مزمن " لميشيل فرانكو من كولومبيا
جائزة أحسن ممثلة : وزعت مناصفة بين روني مارا عن دورها في فيلم " كارول " لتيد هاينس. أمريكا ، والممثلة إيمانويل بيركو ( مخرجة فيلم الإفتتاح " الرأس المرفوع" عن دورها في فيلم " ملكي " للفرنسية مايوين
جائزة لجنة التحكيم الخاصة : فيلم " سرطان البحر " للمخرج اليوناني يورغوس لانتيموس
أحسن ممثل : فانسان ليندون عن دوره في فيلم " قانون السوق : للفرنسي ستيفان بريزيه
أحسن إخراج : المخرج التايواني الكبير هو سياو سين عن فيلمه البديع " القاتلة "
الجائزة الكبرى : فيلم " ابن شول " للمجري لاسلو نيميس
السعفة الذهبية : فيلم " ديبان- النمر - " للمخرج الفرنسي جام أوديار

صلاح هاشم

جريدة الفيجارو الفرنسية رشحت فيلم " الشباب " لباولو سارانتينو مثل الغالبية العظمى من النقاد للحصول على سعفة " كان " الذهبية للدورة 68

الأحد، مايو 24، 2015

نزهة الناقد في مهرجان " كان " السينمائي 68 بقلم صلاح هاشم


نزهة الناقد في مهرجان " كان " السينمائي 68

بقلم
صلاح هاشم.مهرجان " كان " 68

نزهة الناقد  : سألني صديق عزيز مشرف على صفحة السينما في جريدة مصرية لماذا لم أكتب على صفحتي كما جرت العادة تعليقاتي " الجميلة " - هكذا وصفها - على الافلام التي شهدتها في مهرجان كان السينمائي 68 هذه المرة ، فقلت له أنني لن أكتب اية تعليقات بعد الآن، لأني أكتشفت أن هناك من يسرق هذه التعليقات ،وينسبها لنفسه، بل وهناك من لايخجل بالمرة، عندما يعيد نشر ما أكتبه ويضع عليه أيضا صورته الشخصية ! من الآن فصاعدا سأضع فقط عناوين المقالات التي أكتبها وبعد أن تكون نشرت مع الإشارة للمصدر، وبدوام التواصل والمحبة ،على سكة التنوير ، ونقل المعارف الجديدة..

دعوة من فضلك للمشاركة في عيد السينما بعدسة صلاح هاشم

اللقطة المرفقة لملصق - أفيش - فيلم "الشباب" للمخرج الايطالي الكبير باولو سارانتينو صاحب فيلم " الجمال العظيم " وكتبت عنه مقالا - ينشر قريبا - ووضعت للمقال العنوان التالي : فيلم " الشباب " للايطالي باولو سارانتينو يفتح لمهرجان في دورته 68 باب الخلود..وكتبت في المقال عن الفيلم ضمن كتيبة الافلام الايطالية " الرائعة " 3 افلام التي شاركت هذه المرة في المسابقة الرسمية للدورة 68

سينما إيزيس في مهرجان " كان " السينمائي 68 : ترى من يفوز بسعفة " كان " الذهبية ؟ بقلم صلاح هاشم



ملصق فيلم الشباب لبلولو سارانتينو
لقطة من فيلم ابن شول المجري

سينما إيزيس في مهرجان " كان " السينمائي 68

ترى من يفوز بسعفة " كان " الذهبية في الدورة68  ؟

كيت بلانشيت في فيلم " كارول " أحسن ممثلة ؟

فيلم  " الشباب " للايطالي باولو سرانتينو يفتح لـ" كان " باب الخلود  ؟
" ابن شول " للمجري لاسلو نيميت، أهم فيلم سياسي في المهرجان، وإضافة حقيقية الى فن السينما ،على الرغم من أن الفيلم هو العمل الأول لمخرجه

بقلم
صلاح هاشم.مهرجان " كان " 68

ترشيحات سينما إيزيس

كان . من صلاح هاشم
ترشح سينما إيزيس الأفلام التالية - بالترتيب - للفوز بسعفة " كان " الذهبية التي تذهب لأفضل فيلم في المسابقة الرسمية للدورة 68
فيلم " الشباب " لباولو سرانتينو - و فيلم " ابن  شول " للاسلو نيميس من المجر -و فيلم كارول للامريكي تيد هاينس - فيلم أمي للايطالي ناني موريتي
وإن كان علينا أن نختار فيلما واحدا من بينها فان سينما إيزيس تمنح سعفتها الذهبية للفيلم المجري "ابن شول" أهم فيلم سياسي في المهرجان وأعتبره إضافة حقيقية الى فن السينما
وترشح كيت بلانشيت بطلة فيلم " كارول " للحصول على جائزة أفضل ممثلة في أفلام المسابقة
وترشح الممثل الانجليزي القدير مايكل كين للحصول على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم " الشباب " لباولو سارانتينو
اوالممثل الفرنسي فانسان ليندون عن دوره في فيلم  قانون السوق للفرنسي ستيفان بريزيه
الجائزة الكبرى تذهب الى فيلم ديبان للفرنسي جاك اوديار
 جائزة احسن سيناريو تذهب الى الفيلم الياباني أختنا الصغيرة او فيلم سيكاريو - القناص - للكندي دوني فيلنوف
وسوف تعلن لجنة تحكيم المهرجان التي يترأسها الأخوين كوين من أمريكا عن جوائزها هذا المساء الأحد 24 مايو


الأربعاء، مايو 06، 2015

فيلم " ثورة الزنج " لطارق تويقة : حتى لو كان كل ماتبقى من الذاكرة حفنة تراب بقلم صلاح هاشم .



صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة " القاهرة "
 عن فيلم " ثورة الزنج " للمخرج الجزائري طارق تويقة 


 فيلم " ثورة الزنج " لطارق تويقة : حتى لو كان كل ماتبقي من الذاكرة حفنة تراب !


أفضل مافي " ثورة الزنج " أنه يؤسس لـ " مناخات " في  مبحث الهوية، ويوثق  مابين الشعر والسياسة والفلسفة، ويكفيه فخرا  في رأينا أنه يفتح عيوننا فقط على جمال العالم ..
بقلم
صلاح هاشم





باريس.صلاح هاشم



من ابرز الافلام العربية التي خرجت للعرض حديثا في باريس، فيلم " ثورة الزنج " للمخرج الجزائري طارق تويقة ،وهو فيلمه الروائي الثالث، وكان مركز جورج بومبيدو " بوبورغ " أقام تظاهرة تكريمية لتويقة للتعريف بفنه وأفلامه ، وعرض مجموعة منها بعد أن ظافت مع مخرجها العديد من المهرجانات السينمائية المرموقة، وحصل بعضها عى أرفع الجوائز، مثل حصول فيلمه " ثورة الزنج " على الجائزة الكبرى، في مهرجان بلفور السينمائي في فرنسا..




لكن ماذا في فيلم " ثورة الزنج " يستحق الإشارة والإشادة ،وبستوقف الجمهور الغربي ويجعله مشدودا الى ذلك المخرج الجزائري الذي درس الفلسفة والفن التشكيلي في فرنسا  وعمل كمصور فوتوغرافي،  واقيمت له العديد من المعارض ؟.هل لأن أفلامه كما يري البعض بطيئة ومملة ،وتستعصي على الفهم، أما لأن السينما التي تعنينا من خلال أفلامه،  تطرح دوما تساؤلات فلسفية ،ليس فقط على " الواقع الجديد " الذي تصوره، بل أيضا على الإسلوب الفني الذي يجب أن  تنتهجه – وهو سؤال الفن- لكي تقبض على ذلك الواقع ، وتقدمه لنا، في أفضل شكل؟





                   بن بطوطة من عصرنا يحكي عن " زنج الحاضر "



يحكي فيلم " ثورة الزنج " اذا أردنا أن نلخص الفيلم في كلمتين، عن صحفي جزائري يدعى " بن بطوطة " وإسمه هكذا يذكرنا في التو، بأننا سنكون بطبيعة الحال  مقبلين على رحلة في صحبته ،وهي رحلة بالفعل التي نقطعها في الفيلم مع بن بطوطة من عند الجنوب الجزائري الذي يهبط إليه بصفته المهنية لإجراء تحقيق عن انتفاضة ويسمع بن بطوطة آنذاك على لسلن الجزائريين المتمردين عن " ثورة الزنج " فيقرر أن يبحث في حقيقة  تلك  الـ" ثورة الزنج " التي قامت في  مدينة البصرة في جنوب العراق في القرن التاسع الميلادي واستمرت أكثر من 14 عاما وأنهكت دولة الخلافة العباسية وقضت عليها، وكانت الثورة تضم  العديد من الطوائف والقبائل وليس الزنج أو السود وحدهم التي سميت الثورة بإسمهم ،لأنهم كانوا يعانون من فسوة العمل وضنك العيش ويعاملون كالأرقاء العبيد، وكانوا كلفوا بردم المستقعات في مدينة البصرة وتجفيفها، ويروح يبحث بن بطوطة في الفيلم عما خلفته تلك الثورة في تاريخنا وذاكرتنا ، يروح يبحث كما تقول له صديقته الفلسطينية التي التقي بها في معسكر صبرا وشاتيلا في لبنان عن "أشباح" في عالم صار في خبر كان ، لأن آفة حارتنا  - كما يقول الروائي الكبير نجيب محفوظ  - النسيان ، بعد أن دارت عجلة التاريخ والزمن..

 وداست عليهم وأكلتهم، وصار أصحاب ثورة الزنج موضوعا للجدل والشك حتي في وجودهم ذاته بين المؤرخين، ولم يتبقى من تلك الثورة غير بعض قطع  من النقود المعدنية التي سكت في ذلك الزمن، وبضع قطع حجارة أثرية يقوم بعض العراقيين بنهريبها ويعرضونها للبيع لبعض أصحاب محال الانتيكة والكتب القديمة في بيروت ..



                     السينما أهم من  عقدة القصة في الفيلم





لاتوجد في فيلم " ثورة الزنج " حكاية أو قصة بالمعنى المتعارف عليه، يوجد في الواقع أهم من ذلك. توجد " دراما " و " سينما " وهما الاثنان أهم من عقدة القصة في الفيلم الذي يحكي في الواقع عن " رحلة " وتجعله ينضم الى أفلام الرود موفيROAD MOVIE  أو " أفلام الرحلات " وخلال هذه الرحلة يتوقف بطوطة الصحفي الجزائري بالطبع عند بعض المحطات الأساسية في تلك " الأوديسة " التي تنطلق بنا من الجنوب الجزائري مرورا بسالونيكي في اليونان وبيروت في لبنان والشوارع الخلفية  وحتى الوقوف في نهاية الرحلة عن مدينة " المختارة "  عاصمة ثورة الزنج في جنوب العراق ،و هي ذات الرحلة بالطبع التي قطعها عوليس في  " أوديسة " الشاعر اليوناني العظيم هوميروس عندما انتهت حرب طروادة وأراد أن يعود الى بينلوبي زوجته الحبيبة ومدينته إيثاكا ويخلص مدينته من حكامها الاشرار.لاتوجد في فيلم " ثورة الزنج " قصة بل توجد رحلة تصور " دراما " . دراما أو مأساة الواقع  "الكارثي" الذي صرنا نعيشه في مجتمعات القهر والقمع والاستبداد بعد أن إنهارت ألأسوار والحدود وصار الشقاء الإنساني الواحد هو ما يجمعنا..

يطوف بن بطوطة في رحلته ليحكي عن \الانتفاضات والثورات المعاصرة في سالونيكي، ويحكي في تطوافه عن " زنج الحاضر" المعاصر، وحال الناس المفهورين والبشر. مع الهم والأرق والشقاء والفرح وهراوات  السلطة التي تتتعقبهم وتطاردهم، ويقول لنا وهو يصور هؤلاء الثوار وهم يرسمون  ويكتبون شعاراتهم على الجدران ، يقول لنا مع الشاعر الالماني العظيم برتولت بريخت أنه حتى في وقت الثورات والانتفاضات سوف يكون هناك أيضا غناء، فالطلبة اليوناننيين الملثمين في الفيلم لاتمنعهم المشاركة في المظاهرات من الاحتفال ببهجة الحياة والرقص والغناء  في حفلاتهم ..

يؤسس طارق بن تقية في فيلمه للوحة تشكيلية أشبه ماتكون بموزاييك ومنذ أول لقطة في الفيلم ويبتكر شكلا جديدا – كما فعل المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير جان لوك جودار في فيلمه الأخير البديع "وداعا للغة " ADIEU AU LANGAGEوفي " ثورة الزنج " ملمحا من ملامحه - لكي يطرح من خلال ذلك الشكل واقعا جدبدا، ويؤسس  بذلك لسينما مغايرة . سينما تتدعو الى التأمل، وتحفز على التفكير، ويشيد  أيضا بفيلمه " مناخات " نفسانية وفلسفية – كما في مشهد في بيروت بالابيض والاسود بين بن بطوطة الجزائري و" نهلة " الفلسطينية وهو مشهد حميمي جدا ،وفيه يقومان بقراءة تعريف للفوضوية في كتاب – الفوضوية كفعل ثوري- وهذه " المناخات " CLIMATS هي أهم  عندي من عقدة القصة ويطلب طارق تويقة في فيلمه أن نحسها ونستشعرها ونتعايش معها فقط ..



                         ثورة الزنج يصالح بين الشعر والسياسة



 لايريد  تويقة هنا أن يطرح خطابا فكريا بفيلمه – رغم أن الفيلم ملييء بالثوريين المنظرين الذين لايملون من الجدل والنقاش وبخاصة في بيروت ،فليس الوعظ من وظيفة الفن..بل يريد فقط ان نتأمل ونتعايش مع تلك المناخات التي يرسمها لنا في لوحات بديعة في الفيلم، ويمنح نفسه حرية تلوينها والاشتغال عليها ، كما تلك اللوحة البديعة التي نخرج من الفيلم وهي مازالت تسكننا، اللوحات البديعة الخلابة للسماء عند الغروب، وبحر بيروت وأسطخ المنازل في صبرا وشاتيلا ولتموجات المياه في تلك الرحلة النهرية في مستقعات " المختارة " عند " شط العرب " ،حين يصل بن بطوطة الصحفي الجزائري الى مدينة البصرة ،ومنها الى مدينة " المختارة " عاصمة ثورة الزنج، ويكون بذلك قد وصل الى نهاية رحلته، ولايهم في تلك الرحلة الوصول الى النهاية، بل المهم هو الرحلة كلها ، المهم " جماع الرحلة " وشموليتها ،وبكل مافيها من تفاصيل ومناظر ومشاهد ودلالات. والمهم في الرحلة أن يكون السؤال وفي أي بقعة من عالمنا ،وليس فقط في  الجزائر أو بيروت أو العراق، أن يكون السؤال سؤال الحاضر وأين نحن الآن والى أين نحن ذاهبون ؟ كي نتعرف على هويتنا من خلال دروس الماضي، والتفتيش والتنقيب في ذاكرتنا، قبل أن نرسم خريطة جديدة للنضال والمستقبل. المهم هو أن نعيد الاعتبار كما فعل طارق تويقة في فيلمه لكل هؤلاء الذين  ينتمون الى " أشباح " الماضي ، والتفتيش والتنقيبب في الحقيقة، والبحث عما تبقي في ذاكرتنا ،حتى لو كان كل ماتبقى.. مجرد حفنة تراب..

يؤسس تويقة بفيلمه لسينما مغايرة لجيل جديد مغايرمن شباب السينما العربية الجديدة. هوجيل مهموم بتساؤلا ت الحاضر في علاقتها بالواقع الجديد الذي يعيشه ومن طبيعة الحال أن تكون فكرة هذا الجيل الجديد عن ثورة التحرير مختلفة عن فكرة الجيل الذي عاش الثورة ومن الطبيعي أيضا أن تكون أحلامه وطموحاته مختلفة وهو يبحث عن " شكل " جديد للمضامين والقضايا والتساؤلات التي تسكنه وتشغله و تهمه، ولذلك نتعاطف مع بن بطوطة في الفيلم، ونحن ندور معه من بلد الى بلد  - يبدأ الفيلم باليونان وينتهي وينتهي بالمظاهرات التي خرجت تطالب بإسقاط الحكومة والنظام وفرض سياسات التقشف بالقوة،وهو يرسم لنا صورة مغايرة  ومدهشة لكل تلك المدن التي زرناها  في فيلمه ،ويرسم طبوغرافيا جديدة للمكان.لايفاضل طارق تويقة في فيلمه "ثورة الزنج "بين شكل الفيلم ومحتواه ،بل يجدل فيلمه من رباط واحد لاينفصم بين الاثنين، فيصبح محتوى الفيلم ومضمونه في شكله وإيقاعه وشموليته الفنية..

لاتكمن أهمية فيلم " ثورة الزنج " في القصة التي يحكيها لنا الفيلم، وليس هناك في فيلم" ثورة الزنج " قصة بالمعني المتعارف عليه..بل تكمن أهميته في " الشكل " الذي يبسطه لنا على الشاشة،ونوعية "القماشة " الموزاييك – سلسلة اللوحات والمشاهد الرائعة في الفيلم - التي صيغ منها..وكذلك "إشتغالات" المخرج الجزائري الشاب طارق تويقة الفنية الجمالية والفكرية الفلسفية الملهمة في فيلمه.حيث أن تلك الاشتغالات أيضا هى التي تمنح فيلم " ثورة الزنج " الفيلم الثالث لمخرجه تفرده وتميزه عن استحقاق وجدارة، وتجعله من أفضل الأفلام العربية التي شاهدتها وأعجبت بها حديثا،.

وهذا مايفعله تويقة في فيلمه، إذ ينطلق من أرض الجزائر، ويفتتح فيلمه بمشهد لبطل الفيلم الصحفي الجزائري الذي يدعى إبن بطوطة وهو يتقدم بطيئا جدا مثل قادم من بعيد من أعماق صحراء الجزائرو أعماق الزمن، وعلى إيقاع موسيقي ودق الطبول الافريقية، ويجعله يدخل مثل نصل سكين قاطع حاد، في لحم الفيلم..


                              فيلم يفتح عيوننا على جمال العالم 

               

لا يعني طارق تويقة في فيلمه – الذي قد يجده البعض مملا بمقارنته بالافلام الاستهلاكية التجارية التي تعودنا عليها في عصر الأكل السريع والنوم السريع والركض السريع  الخارجة من مصنع " الأحلام " في هوليوود -  لايعني بتصوير " الواقع " الجزائري الذي تعودنا عليه الذي تروج له الاذاعات والشاشات الجزائرية الحكومية الرسمية، وغالبا مايخضع لعمليات ترميم وتجميل ، بل يصور واقع مختلف ومغاير. واقع الشباب من الجيل الذي ينتمي إليه طارق تويقة ،ليحكي عن غربته داخل وطنه، وغربتنا جميعا في العالم ويروح يسأل ذات السؤال في كل أفلامه ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش، وكيف تستطيع السينما أن تقدم لنا ما لانعرف أننا نريده ،ولا تحكي لنا في كل مرة  نفس الـ" قصة " المعادة المكررة التي سأمناها ومللنا منها، وبذلك يحقق طارق تويقه وظيفة السينما الاساسية كونها كما يقول المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي جان لوك جودار، كونها مجرد " أداة "  للتفكير في واقع تناقضات مجتمعاتنا الإنسانية..

فيلم ثورة الزنج يقترب في اشتغالاته الفنية – تكوين الكادر واللقطة وحركة الكاميرا ووضع الأشخاص في  المكان - من روح البحث عن شكل جديد للسينما عند الايطالي انطونيوني وبخاصة في فيلمه الأثير " المغامرة "، وعند ا لفرنسي بريسون وبخاصة في فيلم " النشال " ومسكون بالـ " الهم " السينمائي : التفكير في السينما الفن كفن تشكيلي في الأساس،  والمشاركة في مغامرة صنع أفلام تشبهنا، وصنع سينما بديلة مغايرة،غير تلك السينما التجارية الاستهلاكية التي عودتنا على الكسل، وأن تمنحنا كل مانريده..

لايطمح  تويقة فيلم " ثورة الزنج " الى تحقيق " لذة " إستمتاع مريحة ، من خلال  صنع فيلم يسلينا، ولامانع أن يمتعنا وثقفنا في آن ، بل يطمح الى تحقيق وإنجاز سينما من نوع  مختلف ومغاير. سينما تتأمل وتاخذ راحتها، وهي تطهى  أو تطبخ على نار هادئة وتحفز على التفكير.والمهم هنا هو أن يصبح " الخطاب " الفكري هو الرحلة ذاتها، المهم في الفيلم ليس الفيلم ،بل السينما التي يستطيع أن يحققها، والمادة التي يصنع منها، وليس الدرس الأخلاقي المستفاد منها..

 ان مايمنح هنا رحلة بن بطوطة الصحفي الجزائري في فيلم " ثورة الزنج " قيمتها هو التفتيش والتنقيب عن تلك الثورات المنسية في ذاكرتنا وتاريخنا- كعنصر ضروري في مبحث " الهوية " – وطبيعة الرسالة المتمثلة في الرحلة كلها ، كمواجهة.. و كمساءلة لـ" واقع " حاضر ومختلف..




 واقع يعلي فيه طارق تويقة بفيلمه من قيمة  " البحث "  في ذاكرتنا حتى لو كان كل ماتبقى منها حفنة تراب ، ويتسامق بقيم " النضال " ضد القمع والقهر، وأهمية واستمرارية التمرد على الظلم وكبت الحريات، و بكل فعل من أفعال " المقاومة " في كل وقت، بعد أن صار  الشقاء الانساني الواحد  يقينا هو الذي يجمّعنا ، ويكفيه فخرا أنه يفتح فقط عيوننا على العالم

تحية الى طارق تويقة وفيلمه الضروري البديع،الذي يصالح مابين الشعر والسياسة، و يستحق المشاهدة عن جدارة ....



باريس . صلاح هاشم

عن جريدة " القاهرة "  بتاريخ  5 مايو 2015