الأربعاء، أبريل 10، 2013

المخرج المصري الشاب تامر عيسى يحكي عن تجربة فيلمه الجديد " المخيم "


مختارات سينما إيزيس



المخرج تامر عيسى: “المخيم” فيلم صنعه أطفال بالصدفة


حوار ناهد سمير


المخرج تامر عيسى
المخرج تامر عيسى
أنا بعمل أفلام بحبها ومصدقها بعيدا عن معايير السوق اللي مابتتغيرش وخايفة تجرب أي جديد

الأستاذ داوود عبد السيد نصحني بالعمل كمخرج.. وتسبب في استقالتي
حوار: ناهد سمير
شاب سويسي عنده 30 سنة ، مقيم في القاهرة بقاله 13 سنة.. درس إعلام قسم إذاعة وتليفزيو.. أسس أول فريق مسرح في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وقت ما كان بيدرس.. مش كده وبس درس كمان سينما في قصر السينما.. ودرس الموسيقي بشكل حُر في ورش الفنان/ فتحي سلامة .. اشتغل مصور فوتوغرافي لفترة واشترك في ٦ معارض جماعية ونظم مهرجانات سينما وموسيقي في بعض المراكز الثقافية .. حالياً هو مخرج أفلام تسجيلية .. آخرها فيلم ( المخيم ) .. المخرج ” تامر عيسي “ بطل هذا الحوار:
ليه مخرج للأفلام التسجيلية بالذات ؟
في ٢٠٠٧ لما كنت منسق لبرنامج مهرجان الأفلام الروائية القصيرة في أحد المراكز الثقافية كان رئيس لجنة التحكيم المخرج الأستاذ داوود عبد السيد، ساعتها قالي في نهاية المهرجان “ممكن تروح تشتغل في السينما وتعمل أفلام، مش لازم تبقي هنا.. في ناس غيرك ممكن تعمل ده ” ..
وبعديها بأيام قدمت استقالتي لأسباب أخرى، وإكتشفت بعدها إنه هو كان السبب الرئيسي.
وبعدين؟
الغريب بقى إني جيت من السويس في الأول علشان كان نفسي ألعب مزيكا، وبعدين إكتشفت حبي للسينما اللي هو كان مستخبي من أيام المدرسة بسبب أفلامه، وفيلم (الكيت كات) تحديداً ومعظم أفلام الأستاذ عاطف الطيب، ومكنتش أعرف يعني أيه مخرج اللي هو بيعمل الفيلم أصلاً، وده يمكن لاحظته من أداء الممثلين في أفلامهم اللي كان بيبقاىعظيم ونفس الممثليين في أفلام تانية كان بيبقى حاجة تانية.. هما كانوا بيحبوا ممثلينهم.. وده فهمته بعدين لما إتعلمت وإشتغلت في صناعة السينما.. وفهمت وقتها يعني أيه مخرج وإنه هو الشخص المسئول عن كل حاجة في الفيلم، ومنها أداء الممثلين ومساعدتهم في تقمص أدوارهم.. ورأيي ده بيزعل معظم أصدقائي الممثلين مني، بس دي الحقيقة.
البداية كانت إيه ؟
بدأت أشتغل في السينما التجارية والمسلسلات مساعد مخرج، ثم مخرج منفذ، ثم انتقلت لفترة للسينما المستقلة كمدير إنتاج ومنتج فني ومخرج منفذ في أفلام تسجيلية وروائية، منها فيلم ميكروفون إخراج صديقي أحمد عبدالله.. وهو من أهم المشاريع اللي كنت ضمن فريق العمل فيها، وكنت بشتغل فيه مساعد مخرج أول.. وكانت تجربة غنية بكل المقاييس من طريقة صناعة الفيلم.. للروح.. لكل حاجة في الفيلم..
ويمكن تجربة الفيلم ده هي اللي خلتني بعدها إني أتجرأ في ٢٠١١ وأقرر إني أبطل أشتغل مساعد مخرج ومخرج منفذ في ما يسمى بالأفلام التجارية والمسلسلات التليفزيونية التي تصنع بطريقة تعبئة الشرايط.. وأقوم بتأسيس شركة “بور توفيق” اللي منها بنعمل أفلام تسجيلية ومشروعات موسيقية مصورة وبنحاول نصنع مع مجموعة من الأصدقاء السينمائيين والموسيقيين مشروعات إحنا بنحبها ومصدقينها، بعيدا عن معايير السوق التجاري، اللي ممكن يتفرض علينا علشان نبقى شبه الحاجات التانية المعلبة المستهلكة الناتجة من إتهام خاطيء وظالم للجمهور المصري، من معظم منتجي وممولي ومقاولي السينما التي تسمي تجارية أن الجمهور المصري لا يحب التغيير ولا يقبل التجديد.. ورأيي إن الكلام ده مش حقيقي.. كل يوم يتأكد لي أن الجمهور يقبل اللي بنقدمه وبيتفاعل معاه، طالما بنحترم عقله .. أظن إننا زهقنا خلاص من ناس في الأجيال القديمة التي تعتقد أنهم أصحاب القرار وناس تعودت على أنماط وأشكال وخايفة تجرب حاجة تانية.
من ٢٠١٠ جبت كاميرا وقلت أنا هاصور كل الأفكار اللي مكتوبة في ورق ومستخبي من سنين، وهصورها بأيدي وهدرب نفسي على حرفية التصوير أكتر، وأتعلم أخر التقنيات اللي حصلت من تصوير ومونتاچ، وهاسيب نفسي لإحساسي وهشوف هيويديني فين.. ورأيي إن أي صانع أفلام دلوقتي مع تطور التكنولوچيا وتسهيل عملية صنع الأفلام إنه لابد أن يتعلم ويتقن كل تفاصيل صناعة فيلمه، حتي لو كان بيصوره بكاميرة الموبيل ويعمل مونتاچ علي أي كمبيوتر بإمكانيات بسيطة ويطلع فيلمه لناس تانية تشوفه.

كلمنا عن أفلامك اللي عملتها قبل فيلم “المخيم”
من زمان وأنا مهتم بموسيقى الفولكلور والتراث المصري، وشايف إنها موسيقى عظيمة خارجه من روحنا وشبهنا.. بس في نفس الوقت لظروف وأسباب كتير خلتها مسخبية ومحدش يعرف عنها حاجة ولا مهتم بيها والإعلام ومسئولي الثقافة في الدولة لا يفعلون شيء، لأنهم لا يعرفون ولا هايعرفوا .
 إهتمامي بنوع الموسيقي ده له تاريخ يمكن بسبب صوت السمسمية اللي كنت بسمعه وأنا طفل في الحنة السويسي عندنا طول الوقت.. مثلاً تلاقي آلة الربابة والأرغول والطنبورة والسمسمية اللي هي آلات لها أصول فرعونية لا تدرس في المعاهد الموسيقية المصرية وعازفي هذه الآلات قليلون في قرى ونجوع مصر، ولا يعرفهم أحد.. وأما ولادهم منهم من يحب المهنة ويتورثها ومنهم لا يريد لإنه شايف ما يعانيه أهله من هذه المهنة من عدم الإعتراف بهم في نقابة المهن الموسيقية، لتقاضيهم أقل الأجور وخلافه، ده غير حياتهم البائسة التي يعيشونها من تهميش.
وبالفعل بدأت في مقابلة ما تبقى من هؤلاء الموسيقيين الشعبيين العواجيز، وصورت معاهم عدد لا نهائي من الحواديت والقصص، وسجلت موسيقاهم لحد ما لقيت نفسي غرقان في أنواع موسيقى مصرية لا حصر لها، وموسيقيين محترفيين وغير محترفيين يتقنون ويعشقون ما يعملوا به.. واحدة واحدة بدأت أركز في كل نوع منهم وأمشي ورا الخيوط بتاعته وبدأت فعلاً بفيلم وثائقي طويل عن جماعات الزار المصرية وموسيقاهم الغنية جداً، واخترت مجموعة منهم، جمعهم دكتور أحمد المغربي مدير المركز المصري للثقافة والفنون (مكان) وسماهم (مزاهر) ، وأصبح الفيلم عن أعضاء فرقة مزاهر وأهاليهم اللي توارثوا منهم المهنة وأولادهم اللي مش عايزين يتورثوها.
وبعدها قام مخرج المسرح حسن الجريتلي، مؤسس فرقة الورشة، وهو مهتم بتوثيق التراث الموسيقي وتراث الحكي في مصر من أكتر من ٢٠ سنة – وإقترح عليا إخراج مشروع فيلم وثائقي بدعم من مهرجان حكايا في عمان ، لتوثيق السيرة الهلالية من خلال شاعر السيرة الكبير سيد الضوي وتلاميذه من أجيال مختلفة، وأصبح عندنا فيلم وثائقي طويل من عدة أجزاء اسمه أجيال (رحلات مع ٥ أجيال مختلفة من حكائي السيرة الهلالية).
في خلال هذه الفترة عملت ٣ مشاريع موسيقية مصورة مع بعض الفرق الموسيقية المستقلة.. أغنية قصة الطيور المهاجرة لفرقة لايك چيلي – ومشروع يا سعادة البيه دمج للشعر والموسيقي والصورة بالتعاون مع الموسيقار محمد عنتر والشاعر مايكل عادل – وأغنية مع سادات وڤيجو من صانعي موسيقي المهرجانات، كجزء من دعم حملة مرشح الرئاسة خالد علي وقت الإنتخابات.
كلمنا عن فيلم “المخيم”..
يشاء القدر أن المخيم بالرغم من إنه أجدد مشروع يتم العمل عليه، إلا أنه من غير ترتيب يصبح أول مشروع طويل يخرج إلى النور ويعرض عرض عام في أكتر من مكان.. وكان أهمهم العرض اللي إنتي شفتي فيه الفيلم في مهرجان “حل بديل” في تاون هاوس جاليري .. وأظن إني مش هلاقي ظروف أحسن من كده يعرض فيها فيلم قائم على التطوع من عرضه في مهرجان رائع، منظمينه يعملون كل ما فيه بالتطوع وبالجهود الذاتية وخارج الأطر التقليدية التي تعوق أي فن.
ليه المخيم بالذات ؟
مبدئياً “المخيم” ممكن اللي يتفرج عليه يعتبره فيلم، وممكن لأ، وممكن كمان يعتبره رحلة قصيرة.. الأمر كله كان صدفه، في يونيه ٢٠١٢ سافرت لمدينة نويبع المصرية، كنت ضمن فريق “مخيم الربيع العربى للأطفال” أبناء شهداء الحرب على غزة وأبناء شهداء الثورة المصرية – لمدة ١١ يوم – كانت النية الأولى من مشاركتى أن أعمل مع الأطفال على ورشة لتعليم فنون الفوتوغرافيا والڤيديو، لكنى من غير ترتيب ، لقيتنى مسحول فى طوفان من الذكريات والحواديت والتأمل والطاقة الإيجابية، وتحولت هذه النية على أرض الواقع إلى توثيق بعض تفاصيل الرحلة ومحاولة حكى جزء من حواديتهم.. ده غير إن كان شرط من إدارة المخيم إني أكون رائد أحد الأسر ومسئول عن ١٠ أطفال، ومعايا مازن منيب مساعد المخرج وبالفعل أخدنا دورة تدريبية متخصصة قبل السفر لكيفية التعامل مع الأطفال.

خلص المخيم ورجعت للقاهرة المزدحمة شايل علي كتفي ذكريات الرحلة ومش عارف أعمل أيه باللي صورته .. ليتولد بعد شهور مع فريق عمل الفيلم فى غرفة المونتاچ ، الفضل كله لأطفال الـمخيم أبطال الفيلم، هما اللى صنعوا فيلمهم بنفسهم.. وعلموني يعني أيه البهجة.