الاثنين، مارس 31، 2008

أمل الجمل تكتب عن محاولة اغتيال جنينة الأسماك

ملصق فيلم " جنينة الأسماك " ليسري نصر الله


محاولة إغتيال فيلم على مستوى فني راقي..

واسمه "جنينة الأسماك"

بقلم

أمل الجمل

على العديد من المواقع على الإنترنت انتشر خبر مفاده أن عدداً كبيراً من الصحفيين والنقاد الذين حضروا العرض الخاص لفيلم "جنينة الأسماك" أحدث أعمال المخرج المبدع "يسري نصرالله" خرجوا أثناء عرض الفيلم محتجين بصوت عال معربين عن غضبهم واستيائهم وإحساسهم بالملل. ذلك الخبر أفزعني، فأنا طوال الأشهر الماضية كنت أُمني نفسي بمشاهدة "جنينة الأسماك" لأسباب كثيرة: أولها اشتياقي لمشاهدة عمل فني مصري ممتع، خالي من الزيف والتصنع ونبرة الصوت العالي، خالي من الإدعاء والمتاجرة بمناقشة هموم الناس وواقعهم الاجتماعي والإقتصادي والسياسي المتردي، خصوصاً في ظل السوق السينمائي الراهن، وفي ظل هيمنة أفلام زائفة عبارة عن قص ولصق من أخبار الحوادث وقصاصات الصحف، مع ذلك ظلوا يدقون لها الطبول ويرفعونها إلى عنان السماء معتبرين أنها فتح في تاريخ السينما المصرية. وثانياً إشتياقي لمشاهدة عمل جديد "ليسري" لأنه ببساطة كان ولا يزال أحد أهم الشخصيات التي ساهمت في تشكيل الوعي لديّ، وإدراك أسباب علاقتي المتوترة والمرتبكة بالمجتمع، وذلك عبر أفلامه وأفكاره المطروحة بهدوء وبساطة.

إن أعمال "يسري نصرالله" بدءاً من "سرقات صيفية" مروراً بـ"مرسيدس" ثم "صبيان وبنات"، "المدينة"، "وباب الشمس" جميعها إلى درجات متفاوتة ساهمت، إلى جانب أشياء وشخصيات آخري، في غرس الثقة في نفسي في ظل مجتمع يمتلك براعة فائقة في تحطيم أفراده خصوصاً النساء. وما أندهش له حقاً ويُثير بداخلي التساؤل أن "يسري نصرالله " عندما أشاهد أعماله أجد نفسي، تلك التي تنتمي إلى عالم النساء، موجودة بقوة في العالم الفني والسينمائي الخاص به رغم كونه رجلاً. وذلك يرجع برأيي إلى عدة أمور: أولها أنه دون شك تقدمي في نظرته إلى المرأة دون إدعاء ودون مزايدة. وثانياً للصدق الفني الذي لا يُمكن إغفاله في أعماله، وثالثاً لأنه يتعامل مع شخصياته الفنية بإنسانية، والإنسانية تتجاوز الجنس والنوع. أضف إلى ذلك كونه مخرجاً لديه حس مرهف وقدرة حقيقية على الإبداع وإحترام الذات.

لكل ما سبق متضامنة أنا مع "يسري نصرالله"، ومنحازة إلى سينماه. ولكل ما سبق لم تُؤثر على قراري بمشاهدة الفيلم تلك الحملة التي لا أعرف على وجه اليقين إن كانت مقصودة من قبل ذوي النفوذ والمصالح وهو كُثر، أم أنها وقعت بدون وعي إذ ربما كانت جزءً من الحصاد والاستخدام السلبي للتكنولوجيا.

ذهبت لمشاهدة "جنينة الأسماك" في أول عروضه الجماهيرية، وإذا بي أمام فيلم سينمائي عميق على مستوى فني راقي، شكلاً ومضموناً. واللافت أنه ليس عن قضية كبيرة مثل "باب الشمس" لكنه يطرح موضوعاً لا يقل خطورة وهو الشعور بالوحدة والإغتراب الذي يسيطر على قطاعات عريضة من الرجال والنساء، سواء كانوا شباباً أم مسنين. كما أنه يكشف بوضوح عن إختراق الجماعات الدينية والأصولية الإسلامية لمبنى الإذاعة والتليفزيون في مشاهد قليلة هادئة لكنها بمثابة جرس إنذار حاد.

خرجت من دار العرض يُسيطر عليّ إحساس بأنني رأيت فيلماً تميزت جميع عناصره الفنية بدءاً من السيناريو الذي اشترك في كتابته "ناصر عبد الرحمن" وجاء مختلفاً عن عمليه السابقين، مروراً بالإخراج والتصوير والموسيقى، وكلمات الأغاني، وأداء الممثلين. ولازالت شخصياته تصحبني حيثما أسير، وتُداعب تفكيري خصوصاً الشخصية التي جسدتها "سماح أنور" بقلقها ومخاوفها وارتباكها وصمتها وهواجسها، وشخصية "جميل راتب" المؤلمة والجميلة، وشخصية "هند صبري" بكافة أقنعتها. وبالطبع الفيلم يحتاج إلى تحليل مطول لأفكاره ومضمونه وجمالياته. ذلك أن "جنينة الأسماك" عمل فني يحترم جمهوره ويحترم الفرد ومشاعره. إنه يستحق المشاهدة والتقدير، يستحق أن نهنيء صاحبه وكل من شارك في إخراجه إلى النور.

يبقى التساؤل: إنحدار مستوى ذوق نسبة كبيرة من الجمهور أمر يُمكن تفهمه وتفسيره، لكن مالم أستطع فهمه حتى الآن ويُعد مؤشراً خطيراً هو موقف تلك المجموعة من النقاد والصحفيين الذين انسحبوا محتجين أثناء عرض الفيلم. تُرى هل هناك خطأ ما في ميكانيزم التلقي لديهم؟ أم أنهم انسحقوا دون وعي تحت عجلات شاحنة السينما التجارية الرخيصة والمبتذلة في إطار منظومة مجتمع فاسد؟ أم تراهم يرمزون إلى عصر سمته الأساسية الإنحدار في شتى الميادين ؟! ولا عزاء للفنانين والمبدعين

الخميس، مارس 27، 2008

المكتوب علي الجبين. المفكرة السينمائية لصلاح هاشم

الفنان اللبناني المصور سامي لمع ، مدير تصوير فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم

المكتوب علي الجبين

المفكرة السينمائية لصلاح هاشم




صديقي العزيز سامي لمع

لعلك تكون انتهيت الآن من قراءة الجرائد اللبنانية وجولتك الصباحية المعتادة علي الانترنت ، وشربت قهوتك، وتلفعت بالروب دو شامبرك الجميل .اتصل بي صديق سوري يدعي ماهر عرنجي من مدينة نانت ، وهو المشرف علي اختيار الافلام والاتصالات العربية لمهرجان القارات الثلاث الذي يقام سنويا في المدينة ، وقال لي انه سعد جدا جدا بخبر انجازنا لفيلم" البحث عن رفاعة" الذي طالعه في سينما ايزيس، واقترح ان اقدم الفيلم لمسابقة مهرجان القارات الثلاث
وكان ماهر في دورات سابقة للمهرجان اشرف علي ترجمة الافلام العربية الروائية والتسجيلية التي شاركت فيه، وقد نصحني من واقع تجربته في هذا المجال، واكتسابه لخبرة مديدة، بتبسيط الترجمة الي اقصي حد، اي الاحتفاظ بما هو اساسي وجوهري ( الافكار ) فقط فيها ،وان تكون باللهجة العامية التي يفهمها اغلب الناس ، من دون كلمات زي الدبش مفحلطة ولا يفهما احد، ولا شك ان هذا ما كنا كما تعلم فكرنا بالطبع فيه ، وتكلمنا فيه ، وسيترجم الي واقع محسوس، ولذلك ايضا لا اريد ان ارسل لك الترجمة الآن ،الا بعد ان اكون صنفرتها ووضبطتها واحتفظت فقط بما هو جوهري واساسي فيها ، وليس ارسال ترجمة حرفية ، و تذكر اني قلت لك ان الترجمة هي ايضا " كتابة " وخلق للفيلم وابداع ، لكن بلغة اخري.
وحشتني جدا طبعا ، واسأل متي تعود جلساتنا وقعداتنا وسهراتنا الابداعية الجميلة في اجواء السلام والطمأنينة الممتدة الي الصباح الباكر في تلك القرية الصغيرة الآمنة - و كم أحببتها كوبنهاجن - ، بعيدا عن صراخ ورنين الهاتف الملعون في باريس - الم تكن الاحداث والمظاهرات اشتعلت في ضواحيها ، ونحن من فرط انشغالنا في مونتاج الفيلم ولا هنا ، وكأننا نعيش في كوكب منفرد و في مولد آخر اسمه مولد سيدنا رفاعة رائد نهضة حضارة مصر، و ندلف الي تلك الصور الجميلة المتتابعة في رحلتنا وسط الناس والنخيل والاسواق والحشد الانساني ونحن نتنقل معها من باريس الي القاهرة ، ومنها الي اسيوط، ثم من اسيوط الي طهطا، و نتأمل في صورة مصر الجميلة ولا نمل ابدا من مشاهدتها . سلم لي علي ابنك آدم ، واشكرك علي قلقك علي صحتي، لكن المكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين كما يقولون والاعمار بيد الله كما تعرف ، وانا حي الآن ..لا اقدر الا علي التهامها - وهي والعة وتأكلها مثل رغيف العيش الخارج لتوه من الفرن وهو سخن ،حتي لو حرق لسانك - تأكلها وتلتهمها في كل وقت، قبل ان تمضي هذه اللحظات القليلة من الانسجام والوئام والسعادة، وتذوب وتتبخر، واجد نفسي فجأة سحابة
سحابة يقينا لا تصعد ولا تغادر، الا للانطلاق في رحلة سفر جديدة
. ندعو الله فقط أن يطيل - قليلا قليلا فقط - في اعمارنا ، واذكرونا فقط بالخير تكتب لنا السلامة حتي يوم اللقاء .انا علي كل حال لاطمئنك ياصديقي خفضت سرعة السير بدرجة كبيرة ، حتي يتسني لنا ان نفرح قليلا، نفرح للناس وبالناس-واما الزبد فيذهب جفاء- وتلتقي الفرحتان علي نجاح وكرم وغزل ان شاء الله، فاقبل ملهوفا علي الحياة ، كما اقبل في وضح النهارعلي التهام صدر حبيب
والي لقاء قريب

باريس.صلاح هاشم
تحريرا في 27 مارس 2008

الأربعاء، مارس 26، 2008

بابا عزيز في تونس



بابا عزيز في تونس

تشهد العاصمة تونس قريبا جدا خروج فيلم " بابا عزيز " للمخرج التونسي المتميز ناصر خمير للعرض التجاري يوم 8 ابريل 2008 وناصر كما يقولون عندنا في مصر صاحب سبع صنائع ، فهو كاتب وخطاط ورسام وحكواتي وروائي وشاعر ، وكنا شاهدنا جل أفلامه منذ ان عرض فيلمه الاول " الهائمون " في مهرجان القارات الثلاث في نانت وحصل في المهرجان علي جائزة " المنطاد الذهبي " اذ ينهل ناصر خمير من أعمال التراث العربي الصوفي في الف ليلة وليلة وغيرها ، ويقدم قراءة جديدة لبعض أعمال المتصوفة العرب في حكايات تشبه احيانا الالغاز، وتقترب من روح حكايات فلسفة الزن اليابانية ، يقدم سينما ناصر خمير سينما عربية جديدة وفريدة من نوعها، حيث يضع بصمته في كل فيلم ليصبح ايقونة علي سكة الطريق الصاعد الي الحكمة ، والتواصل مع كل الكائنات والموجودات . انظر مقالنا عن فيلم " بابا عزيز " في الارشيف بعنوان " عندما يتعثر الاسلام ماذا تستطيع السينما ؟ . وسوف يكون لنا لقاء مع ناصر في عدد مقبل اذا سمحت الظروف

الأحد، مارس 23، 2008

قراءة لرواية" ابنة القومندان " بقلم أمل الجمل

أيام زمان.لقطة من مجموعة صلاح هاشم


"شريف حتاتة" في "إبنة القومندان "..

أبطال مأسويون وحب قابل لأن يُستعاد

أمـل الجمل

"شريف حتاتة" كان ولايزال على قناعة بأن الشخصيات القوية الخالية من نقاط الضعف، القاطعة كحد السيف ليست لها وجود ، بأنهم لايعترفون بضعفهم أو أنهم لا يُدركون أصلاً أنهم ضعفاء. كانت الكتابة عن الضعف تستهويه خصوصاً ضعف الرجال . كأنه يرى أن الدراما في حياة الإنسان هى في محاولاته المستمرة للتغلب على الضعف الكامن فيه. لكنه في أحدث مؤلفاته رواية "إبنة القومندان" ـ صدرت عن دار نشر ميريت فبراير 2008ـ يقلب الأوضاع رأساً على عقب . يقلب موازين القوة بين الجنسين، ويُبدل الأدوار بين شخوصه الرجال والنساء.

تعيش الشخصية الرئيسية "حمدان محمد عميرة " طفولتها في عزبة للفلاحين اسمها "الكوادي "، ويُقرض الشعر منذ صباه . عندما يتوفى أبوه تُرسله أمه إلى مدينة "طنطا " لُيقيم مع أحد المشايخ ويُكمل تعليمه هناك . ينتهي من دراسته فيعود إلى القرية ليتزوج من "كريمة " ابنة مقاول للأنفار ، ويستقران في القاهرة لكنها بعد مدة قصيرة تُصاب "بالسُل "وتلفظ أنفاسها الأخيرة وهى راقدة بين ذراعيه فيثور ضد الأقدار التي اختطفت المرأة الشابة التي أحبها منذ أن كانا صغيرين يجمعان القطن في موسم الحصاد .

الرواية تبدأ في زمن آخر عندما يُصبح رجلاً ناضجاً وشاعراً ثائراً على الأوضاع ، تجد أشعاره صدى واسعاً بين الناس . في نسيج تكوينه كشاعر تُوجد خيوط تُعيدنا إلى "زوربا" اليوناني والمسيح وسيزيف . في ذلك الزمن الآخر كان النظام يعيش مرحلة تغيير لوجوه المسئولين الكبار ، فيُصدر رئيس الأمن في البلاد أمراً بإعتقاله وإحضاره إليه فيُحيط به العسكر كالفيضان الأسود وهو يروي الورود في حديقة بيته تُحني رؤوسها في انكسار عندما يصعد إلى جوف الشاحنة ويختفي عن الأنظار.

يحبسونه إنفرادياً في زنزانة تغط في الظلام ثم تبدأ المساومات . يُحاولون توظيف قلمه لصالح النظام، ولصالح التغييرات التي سيُقدم عليها . يُغرقونه بالوعود لكنه يرفض الإغراءات فيرسلونه إلى معتقل في الصحراء جمعوا فيه السياسيين من اليسار .

وصول القومندان

أحد أركان النظام رجل يُدعى "مصطفى الحناوي ". رجل أمن من نوع خاص . له ولع غريب بإصطياد المعارضين للحكم .. بالرصد ، والتتبع ، والتعذيب والإستجواب. كان متزوجاً بإمرأة أحبها وعاشت معه سنوات، ثم ماتت . تركت له إبنة فنانة تعزف على الكمان . بعد وفاة الزوجة تنشأ بين الفتاة وأبيها علاقة معقدة مزيج من الحب ، والصراع ، وإرهاصات جنسية لا تصل إلى علاقة بين الأجسام . لكن "الحناوي " يتم نقله " قومنداناً " لمعتقل الواحات لأنه حاول القبض على عناصر من النظام ظن خطأ أنها تُدبر شيئاً ضده . تصحبه إبنته إلى الواحات إشفاقاً عليه أو ربما هروباً من تجربة حب فاشلة تركت في نفسها أثاراً عميقة.

هكذا يجتمع الضدان "مصطفى الحناوي " "وحمدان محمد عميرة " لندخل في قلب الرواية التي تدور أحداثها فى معتقل الواحات . هناك يُوجد السجن بكل معانيه المادية والمعنوية . سجن الصمت المُحمل بالمعاني والذي يُصبح أحياناً لغة خصبة تتعدى حدود الكلمات . سجن السياسيين المُولعين باليومي والسطحي والنفعي ، والعاجزين عن إدراك أهمية الشعر والخيال. سجن الأسلاك الشائكة التي يخترقها شاعرنا ليزحف في ظلمة الليل على بطنه فوق رمال الصحراء متحدياً خطر الذئاب ، وطلقات الرصاص ، والضياع ليلتقي عند "طلمبة " المياه بـ"كريمة" إبنة "القومندان ". هناك أيضاً يعمل "حمدان " في المخبز وإعداد العجين ويرتبط بالصداقة مع أحد الشباب المتمردين على جمود اليسار . هناك فرصة للتأمل والإبداع ، والخوف من أن تجف ينابيعه، فيلجأ إلى نظم الشعر وكتابته على رمال الصحراء. هناك محاولة الهروب وما يترتب عليها من رصاص يُطلق بكراهية عمياء. هناك الصراعات الأبدية التي عاشها الإنسان منذ وعى أنه إنسان .

عظمة الإنسان وضعفه

جاء "حمدان " على نقيض شخوص المؤلف السابقة. فقد دأب "شريف حتاتة" في رواياته على كشف النقاب عن ثغرة تختبيء في أعماق أبطاله, ثغرة تقود إلى الضعف في الشخصية, لكن هنا البطل "حمدان محمد عميرة" يتسم بالقوة , لا يقبل الحلول الوسط أو المساومات , قاطع كحد السيف منذ الطفولة. وهو لا يزال صبياً صغيراً أمسك إبن الجزار ـ الذي حاول أن يغشه في الميزان ـ ودق رأسه في جذع الشجرة التي يقطع عليها اللحم , غير عابيء بضربة السكين التي تلقاها في الفخذ .

أما "كريمة" إبنة "القومندان" فيشوبها شيء من الضعف. هذا بينما كانت المرأة في رواياته السابقة تمتلك قدرة مدهشة على الحسم، لا تقبل الزيف , ولا تطيق الخداع أوالكذب. في هذه الرواية يُواصل "حتاتة" نظرته التقدمية إلى الأنثى التي من حقها أن تملك عقلها وقلبها وجسدها ولا تمنحه إلى أي انسان إلا بإرادتها الحرة. مع ذلك تخلت "كريمة" عن الحسم المميز لبطلاته، وركنت إلى الصمت هروباً من عالم أبيها ، فعندما أصبحت رائحة الخيانة تحلق حولها ونمى إحساسها بالنفور من أبيها واصلت الحياة معه . هل كان ذلك خوفاً من انهيار العلاقة بينهما ؟! أم أنها وهى الفنانة عازفة "الكمان" استمرأت الراحة والإمكانيات التي كان يوفرها لها ؟!.

حدث إذن تبدل في الأدوار بين شخوصه، بين الرجال والنساء. لكن يبقى التساؤل هل حقق "شريف حتاتة" بهذه الشخصية ، شخصية "حمدان محمد عميرة"، نوعاً من التطهير بسبب ما حدث ومازال يحدث حوله من انهيار لما كان يحلم به ؟

وجود مغاير

تنتمي روايات "شريف حتاتة" في الأغلب إلى تيار "الواقعية", لكن "إبنة القومندان " رواية رومانسية , فيها أشياء ملحمية وفانتازيا واقعية، وفيها أحياناً سخرية ضاحكة، ونقد لأعضاء اليسار الذين يقضون حياتهم في الكلام واللجان، في تكرار الإجتماعات ، في المشاريع التي تُطرح ولا تنفذ فتحل محلها مشاريع جديدة يطول حولها النقاش، يقول الروائي : "المقاعد التي يجلسون عليها اتخذت شكل أجسامهم، بعضها غدا طويلاً نحيلاً , أو قصيراً مكتنزاً, أو عرجاء ، أو في ظهرها كتف أعلى من كتف, أو هى مائلة على جنب , أو تصدر عنها رائحة أصبحت مميزة لصاحبها ."

تختلف الرواية أيضاً في كونها تعتمد على أسلوب في السرد شبه تقريري، في أن الرواي يُصبح جزئاً منها في النهاية. جاء الحكي كله بضمير الغائب باستثناء الخاتمة التي كُتبت بضمير المتكلم .. والمتكلم هو الراوي وهو نفسه "شريف حتاتة" الذي يفاجئنا بالظهور على الصفحات الأخيرة.

إن إعلان المؤلف عن وجوده بمثل هذا الوضوح ليس جديداً فقد لجأ إليه آخرون، ومنهم "جوزيف كونراد " في رواية "قلب الظلام "، لكن وجود "حتاتة" في أحدث رواياته ظهر بشكل مختلف. كأنه يُريد أن يُضفي علي هذا العمل المليء بالخيال قدراً كبيراً من الواقعية، وأراد أن يقول أن في أعماق الإنسان يقبع كائن جبار، قادر على تحويل الأساطير إلى واقع ملموس، أو أن يطرح تساؤلاً يقول: هل تُوجد أساليب فنية عفى عليها الزمن ؟!

أسلوب الصياغة

تتميز لغة هذا العمل بأنها تميل إلى البساطة. مع ذلك فيها أجزاء مهمة كثيرة تتمتع بشاعرية واضحة ، فالكلمات كالموسيقى لها نغم وإيقاع. لا يتعامل فيها الروائي مع الزمن كإطار جامد . فهو يُحرر نفسه من هذا السجن . يُواصل تحطيمه للزمن, يتردد بحرية بين الماضي والحاضر , يروح ويجيء كالطائر الحر، لا يعنيه الزمن بقدر ما تعنيه دلالات هذا أو ذاك التاريخ لأهميتها في رسم خلفياته الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي تُضفي ظلالاً وأبعاداً جديداً على الأحداث، فالحاكم الذي يستعد لولاية سادسة يستدعي جراحي التجميل لإخفاء فساد وزارئه ـ من بينهم مستشار الأمن القومي الذي يمتلك محلات لملابس النساء الداخلية ـ حتى يُواصل بيع ما تبقى من البلاد.

لم يغفل المؤلف المؤثرات الصوتية ففي " الآذان صوت قنابل إنشطارية , وصراخ أطفال بطونهم ممزقة, وأغان, وهتافات, وأنين،" ويختلط صوت دبيب أحذية العسكر بأنغام الكمان. إنه كمن يكتب سيناريو سينمائي . لا يهتم فقط بالصورة ، وحدودها ، وبقلبها المسكون بالحركة، لكن أيضاً بالتكوين, بالضوء ومصادره , بالألوان والظلال, بالإيقاع. كما يهتم بنحت أدق تفاصيل شخصياته. يستحضر تاريخ الشخصيات . كل الشخصيات ، رئيسية كانت أو هامشية. يرصد بجلاء بصمة الزمن عليها ، وبالملابسات التي ترتبط بنشأتها، بأخلاقها وسلوكها في الحياة، حتى إن كان هذا في جملة أو اثنتين.

شخصيات "شريف حتاتة" فيها هدوء ظاهري، لكن في الأعماق يظل البركان على حافة الإنفجار . إنه ممسوس بالأبطال المأسويين ، مع ذلك يغرس فينا الأمل بالحب المستحيل، بأن الأحلام قابلة للتكرار ، وأن الحب قابل لأن يُستعاد ، فـ"كريمة" الحبيبة الأولى التي ماتت حلت مكانها "كريمة" إبنة "القومندان" . والشاب هو الذي جمع أشعار "حمدان" بعد أن غاب، والخادمة هى التي تروي تفاصيل ما جرى بين "كريمة" وبين "حمدان". بل و"شريف حتاتة" نفسه يُصبح أحد شخصيات الرواية، ربما ليُقنعنا بأن ما جرى ليس فقط من صُنع الخيال وكأنه يُريد أن يقول أنه أيضاً جزء من هذه المأساة. جزء من الصراع الذي دار في معتقل الواحات، شاهداً عليه، مشاركاً فيه إلى أن أُزيل هذا المعتقل من فوق رمال الصحراء.








الخميس، مارس 20، 2008

مختارات ايزيس: البحث عن رفاعة

غلاف كتاب " تخليص الابريز في تلخيص باريز " ترجمة د.المرحوم أنور لوقا
ا

رفاعة رافع الطهطاوي رائد التنوير في مصر( 1801-1873 ) كما تظهر صورته في فيلم البحث عن رفاعة


لقطة من فيلم " البحث عن رفاعة " لصلاح هاشم.رحلة من باريس الي القاهرة واسيوط وطهطا بحثا عما تبقي من تراث التنوير


مختارات ايزيس

البحث عن رفاعة في المجلس الأعلي للثقافة

دعوة الطهطاوي انطلقت من الوعي بخصوصية الذات في تفهمها للآخر

ستون باحثا احتفوا بمرور مائتي عام على مولد الرائد التنويري بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر


احتفالا بمرور مائتي عام على مولد رفاعة الطهطاوي، نظم المجلس الأعلى للثقافة ندوة حول الاسهام الفكري والتنويري للشيخ رفاعة الطهطاوي (15 اكتوبر 1801 ـ 27 مايو 1873)، وقد اشتملت الندوة على مجموعة من الجلسات العلمية، وثلاث موائد مستديرة شارك فيها أكثر من ستين باحثا مصريا وعربيا وأجنبيا، كما أصدر المجلس الأعلى للثقافة عددا من أعمال رفاعة الطهطاوي منها «المرشد الأمين للبنات والبنين» و«مناهج الألباب في مباهج الآداب».

في جلسة الافتتاح تحدث محمد رفاعة ـ حفيد الطهطاوي ـ عن الابناء الحقيقيين للطهطاوي، الذين يحملون أفكاره ويدافعون عن قضاياه، غير ان موقف بعض المثقفين الآن ربما كان أكثر تحفظا أو تخلفا من موقف الشيخ الأزهري الصعيدي الذي تقبل الصدمة الحضارية في بعثته الى باريس بعقل واع، فلم ينزو عنها بالانغلاق أو يتهافت أمامها بالدونية، بل أعمل فيها عقله.

وأشار إلى رسالة الطهطاوي كمثقف ملتزم، هذه الرسالة التي وعاها مبكراً، وعمل على احيائها في مصر والبلاد الاسلامية، وتميز، في الوقت نفسه، بمقدرته على فهم الحضارة الغربية فهما منصفا.

وتحدث الدكتور أنور لوقا في كلمة الباحثين المصريين، مشيرا الى ان الطهطاوي لا يزال مجهولا رغم كل ما كتب عنه، رابطا بين فكره وكونه ابنا للثورة الفرنسية وللثقافة الأزهرية في نفس الوقت، إذ اهتم بمبادئ الحرية والاخاء والمساواة التي نادت بها الثورة الفرنسية، واستخلص منها القيم الكبرى. وأشار الحبيب الجنحاني في كلمة الباحثين العرب الى الفكرة المحورية التي شغلت بال الطهطاوي وهي فكرة التنوير التي تمثل مشروعا متكاملا في عصره من التأليف والترجمة والاسهام التربوي والتعليم والطباعة والنشر، فقد كانت للطهطاوي نظرة شمولية للفكر والثقافة العربية. وأشار الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الى ان الاحتفال بالطهطاوي يمنح فرصة للتقدم ولتأكيد الجسارة التي دفعت هذا الشيخ الى ان يفعل ما عجزت عنه أجيال سابقة عليه. وقال ان الطهطاوي يعتبر رائد التنوير الحديث بحق لانه انتسب الى الميراث العقلاني في التراث العربي بما فيه من صراع بين تيارات العقل والنقل، وانه لا ينتسب الى الأزهر لان فكره أقدم بكثير من طبيعة الفكر الأزهري، كما انه لا ينتسب الى فرنسا لأنه لم يندفع نحوها بسذاجة، بل اختبر كل شيء بعقله وطرحه في موضع المساءلة.

ودارت مناقشات جلسات الندوة حول قضيتين أساسيتين هما التنوير والنهضة، والغرب والآخر في فكر الطهطاوي، اضافة الى مفاهيم أخرى مثل السلطة والوطنية والتربية والترجمة والتراث والمرأة.

واستأثرت قضية الفكر التنويري والنهضوي بالقدر الأكبر من الحوارات، إذ أشار الدكتور انور عبد الملك الي ان الطهطاوي عاش وعمل في إطار مرحلة نهضة مصر التي بدأها محمد علي، واستمر فيها رغم انتكاس هذه النهضة، حيث نجح في مد الجسور بين الخصوصية المصرية والتحديث الغربي لصالح الاولى، مبرهناً بذلك على ان التضاد المزعوم بين الخصوصية الحضارية والقومية ومقتضيات التحديث العلمي والفكري، لا يمت بصلة الى التاريخ والفكر الوطني. بينما أشار الدكتور أنور لوقا الى تطبيق رفاعة الطهطاوي لمنهج الأدب التقليدي، في تأليفه لكتاب «المرشد الأمين للبنات والبنين» الذي يعتبر جريئاً في دعوته الى مساواة المرأة بالرجل في العلم والعمل، ومناقشته مسألة تعدد الزوجات. وحول مشروع النهضة العربية عند رفاعة الطهطاوي وعلاقته بالحداثة الغربية استعرض الحبيب الجنحاني نقاطا أربع هي: طريقة فهم رواد حركات التحديث العربية لأسس الحداثة العربية، ومدى ادراكهم للظروف التاريخية الموضوعية التي نشأت، ومدى تأثر الطهطاوي في علاقته بالآخر بين وجهي الغرب الاستعماري والمتمدن.

وتحدث الدكتور حامد أبو أحمد عن الأزهري الذي أصبح رائدا للتنوير، وعن دور الشيخ حسن العطار في توجيه رفاعة الى التزود بالعلم والمعرفة وتأكيد وعيه بالعمل على تغيير المجتمع. وتناول سيد عشماوي دور الطهطاوي في التحديث، وإيمانه بان المثل العامة الايجابية للنزعة الأوروبية لا تتعارض مع الاسلام. وقال انه اذا كان التحديث يرتبط ببناء الدولة الحديثة ويمثل المشروع الوطني للمجتمع بكل فئاته، فإن كتاب «مناهج الألباب» كان أشبه بمانيفستو التحديث في مصر آنذاك، حيث استخدم ارادة «التمدن» بما يتضمنه من أصل معنوي احقاقا للحق من وجهة نظره. وتناول فيصل دراج «سياسة المثقف الحديث ويوتوبيا المدرسة» بين الطهطاوي وطه حسين، مركزا على ان السياق التاريخي أملى على الطهطاوي ان يبدأ من نقطة عائمة، ومن نقاط انطلاق قلقة تستدعي المحاكاة والرهان والارادة الفاعلة، آخذاً بمبدأ المحاكاة كاعلان عن وحدة الحضارة الانسانية وعن تساوي حظوظ البشر في العقل والقدرات. وحول تناول رفاعة الطهطاوي لقضية «الغرب والآخر» توقف احمد ابراهيم الهواري أمام دلالات كتاب «تخليص الابريز في تاريخ باريز» محاولا استنطاق ما يحف بالنص من دلالة تجسد الخطاب المعرفي، مشيرا الى ان الركيزة الأساسية تتمثل في مرايا المكان على نحو ما صور رفاعة «المقهى» الباريسي في كتابه، وقد أتاحت له «المرآة» اكتشاف ذاته، وأطلعته على صورته، فكانت بمثابة ميلاد فجر وعيه بالعالم، وهو ما يعكس تجليات الوعي الذاتي بوصفه «أنا» حين يرى نفسه في «وعي ذاتي آخر».

وتناول بيتر جران الباحث الاميركي مفهوم الأزمة الثقافية المعاصرة انطلاقا من فكر الطهطاوي، من خلال عدة ملاحظات كان من بينها ان الثقافة المصرية لم تكن متمركزة في القاهرة فقط، بل كانت موجودة بشكل واضح في صعيد مصر خصوصا في بعده التاريخي، اضافة الى ان الطهطاوي كان كشيخه العطار ذا ثقة في قوة العلم والتكنولوجيا فيما يتعلق بالتغيير، فأصبح بذلك رائد الاصلاح أمام الدولة الحديثة بما يصلح ان يصبح قدوة ريادية للجيل الجديد.

أما خليل الشيخ فتحدث عن دور «تخليص الابريز...» في تشكيل صورة الآخر عند القارئ العربي، حيث قدم في كتابه تلك المدينة من منظوره الذي سيكون له تأثير واضح في تشكيل صورة باريس في الخطاب العربي المعاصر، بما أعاد تشكيل الآخر ذاته في إطار علاقة مختلفة نوعيا.

وأوضح خليل الشيخ ان الطهطاوي وهو يرسم هذا الآخر كان يصدر في رؤيته تلك عن بعدين أساسيين هما البعد الديني، ومنظور الدولة التي يجب أن تتشكل لتأسيس جيش قوي ذي طابع عصري، وهو ما تجلى من خلال مزج الطهطاوي بين الولاء لمحمد علي، وبين سعيه لفهم عناصر الدولة الحديثة ومؤسساتها وشروطها.

ويتفق مع هذه الرؤية سمير قطامي، الذي يؤكد على البعد الديني، على الرغم من تفريق الطهطاوي بين الدين ورسائله ونتائجه، وبين العلوم المادية والانجازات العلمية والاقتصادية والعمرانية، فرفاعة يرى ان فرنسا متقدمة لأنها أخذت بوسائل العلم، لكنها في نظره خاسرة إذ لم تنظر الى الدين بوصفه طريقا للنجاة، مؤكدا ان الطهطاوي لا يرى ضيرا في أن نأخذ من الغرب دون أن نتخلى عن عقيدتنا.

محمد ابو المجد

عن جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 13 ابريل 2002

الثلاثاء، مارس 18، 2008

افلام من العراق في نيويورك

المدرسة العراقية للسينما والتلفزيون


أفلام من العراق في نيويورك

تعرض جمعية " آرت ايست " في نيورك بعض اعمال مدرسة السينما والتلفزيون العراقية في بغداد التي أسسها قاسم عبيد وميسون باشاشي عام 2004 حتي تتيح للشباب العراقي التعبير عن معاناته ومأساته اليومية بالسينما، بعد ان عاش ومايزال تحت حكم الاحتلال والدمار والديكتاتورية ، وكانت الكلية أنجزت وحتي الآن كما هو معروف أكثر من 11 فيلما وثائقيا يعرض بعضها خلال تلك التظاهرة السينمائية يوم 25 مارس 2008 من الخامسة والنصف الي السابعة مساء ويعقب العرض حلقة نقاش مع المؤسسين وبعض طبة الكلية

العنوان

Open Society Institute
400 w 59 th Street
3 rd Floor
New York



الاثنين، مارس 17، 2008

تكريم سعودي للمخرج اليمني حميد عقبي بباريس

لقطة من فيلم الرتاج المبهور للمخرج اليمني حميد عقبي

تكريم سعودي للمخرج اليمني حميد عقبي بباريس



تقام حلقة نقاش وعرض خاص لفيلم الرتاج المبهور للمخرج السينمائي اليمني حميد عقبي بالمكتب الثقافي السعودي بباريس يوم الاربعاء 19 مارس يحضره عدد من النقاد و المهتمين بالسينما و الشعر
قال المخرج السينمايئ حميد عقبي في اتصال هاتفي مع " سينما ايزيس " : تلقيت دعوة كريمة من المستشار الثقافي السعودي الدكتور عبد الله الخطيب لعرض فيلم الرتاج المبهور، وعقد حلقة نقاش حول تجربتي السينمائية و هذا التكريم السعودي بباريس اعتز به للغاية وقد كان لقائي الاول مع الدكتورعبد الله الخطيب المستشار الثقافي بسفارة المملكة العربية السعودية بباريس فبل ايام في المركز الثقافي المصري بباريس، خلال عرض تجربة الشاعر السعودي محمد حبيبي ، و سمع الدكتور الخطيب عن تجربتي، فقدم لي دعوته الكريمة ، و انا سعيد جدا بهده الدعوة و هدا التكريم و انا مستمر في نشاطي الابداعي و البحثي، رغم بعض المعوقات، و خاصة عدم وجود دعم وامكانيات مادية لانتاج اعمال اخرى او للمشاركة بافلامي و تجربتي بالمهرجانات السينمايئة الدولية .
اكد المخرج عقبي بان اهمية مثل هدا الدعوة و التكريم بانه مهم جدا كون العرض و النقاش و بحضور نقاد و مهتمين من شأنه ان يثري التجربة السينمائية التي يطلق عليها سينمائية القصيدة الشعرية و أضاف

انا للعلم المتخصص الوحيد في العالم العربي في هدا الاتجاه السينمائي ، واخرجت الى الان ثلاثة افلام سينمائية قصيرة و متوسطة ، هي معالجات سينمائية لقصائد شعرية، و لدي عدة مشاريع اخرى مكتوبه ولكن عدم وجود دعم يمني او عربي لدعم انتاجها شي مؤسف حقا، و مع هذا فانا لم و لن اصاب بالاحباط لأن مهمة الفنان الاستمرار في الابداع و مهما تكن النتائج سلبية او ايجابية. هناك تجارب سينمائية و فنية اخدت وقتا طويلا حتى يفهمها الناس و من المهم الاستمرار و تاكيد التجربة ،و ما احتاجه قليل من الامكانيات المادية ،و املي ان اجد اي دعم عربي او فرنسي قريبا لانتاج عمل سينمائي اخر خلال هذا العام

فيلم الرتاج المبهور لحميد عقبي الذي يعرض في المكتب الثافي السعودي الساعة السادسة والنصف مساء يوم 19 مارس، يقدم معالجة سينمائية حرة لقصيدة الرتاج المبهور للشاعر الكويتي عبد العزيز البابطين ، وتم تصويره بعدة مدن تاريخية باليمن، وشارك في عده مهرجانات سينمائية عربية و دولية و عرض في عدد من لمراكزالثقافية بفرنسا و اليمن و مصر .

عنوان المكتب الثقافي السعودي

avenue foche 54
pARIS 75008




السبت، مارس 15، 2008

نادية مفلاح وشارلي شابلن والنساءفي معرض الكتاب



نادية مفلاح الناقدة الفرنسية من اصل جزائري
توقع علي كتابها الجديد عن شارلي شابلن والنساء
اصار دار نشر ميشيل راي
في معرض الكتاب بباريس
اليوم السبت 15 مارس
الساعة الخامسة مساء
ومرفق البيان التالي بالفرنسية عن الكتاب الجديد ومؤلفته
ورسالة من نادية مفلاح الي القراء دعوة للحضور


Je serais ravie de vous recevoir ce samedi 15 mars à 17h00 et mardi 18 mars à 18h00 pour une dédicace sur mon livre Chaplin et les femmes (ed. Philippe Rey) , lors du Salon du Livre qui se tient Porte de Versailles à Paris.
Les éditions Philippe Rey se trouvent au stand J72 près du stand des éditions du Seuil, notre hébergeur.
Accès Salon du Livre 14 au 19 mars 2008

Paris, Porte de Versailles, Hall 1

Métro : Ligne 12 / Porte de Versailles - Ligne 8 / Balard
Tramway : Ligne 3 / Porte de Versailles
Autobus : Lignes 39, 80, Petite Ceinture (PC)
Taxis : Borne 1 Boulevard Lefebvre 75015, Paris - Tél : 01 48 28 00 00
Velib' : Station n° 15049 - Porte de Versailles
Parking : Boulevard Victor – Avenue de la Plaine – Rue d’Oradour

Merci et peut-être à très vite!
Nadia Meflah

Chaplin et les femmes
Nadia MEFLAH




Présentation

Charles Chaplin a intensément aimé le cinéma, et tout autant les femmes…

Enfant, il assiste impuissant à l’effondrement physique et psychologique de celle qu’il aime tant, Hannah Hill Chaplin, sa mère. À 24 ans, en 1913, le jeune Anglais débarque en Amérique. Inconnu, étranger et sans famille, il y gravit tous les échelons de la réussite jusqu’à la gloire absolue, une gloire qui lui ouvre les bras des femmes…

Grand séducteur, Chaplin se plaît aussi à mettre en scène ses conquêtes. À la fois modèles, créatures et projections fantasmées, les actrices chez Chaplin ont toutes à voir avec un certain genre féminin qu’il ne cessera de sculpter, voire de détruire, tout au long de sa vie. D’abord la délicate Edna Purviance qui incarne, au temps du muet, l’exquise confiance d’un amour presque adolescent. Et puis une Lolita échappée de Nabokov, Lita Grey, qui joue à 12 ans l’ange de la tentation dans The Kid et se retrouve, à peine trois ans plus tard, enceinte de son Pygmalion. La muse la plus magnifique est sans doute Paulette Goddard, insolente de modernité avec sa silhouette élancée et ce regard clair qui illuminent Les Temps modernes. Dans Le Dictateur, honneur suprême, il lui donne le prénom de sa mère : Hannah. Plus tard, Chaplin réinvente à l’infini son dernier grand amour, Oona, la fille du dramaturge Eugene O’Neill, épousée alors qu’elle a 18 ans et lui 54.

Ce livre raconte le parcours amoureux de Charles Chaplin. Et c’est bien là une manière, d’actrice en actrice, de muse en muse, de suivre la construction de l’une des œuvres les plus éblouissantes de l’art du xxe
siècle…

L'auteur

Titulaire d’un DEA d’études cinématographiques, Nadia Meflah enseigne le cinéma depuis de nombreuses années. Programmatrice et critique, elle collabore à différents festivals français et internationaux.

Format : 14,5 x 22 cm
Prix de vente TTC : 17 €
192 pages, cahier photos 8 pages
ISBN : 978-2-84876-102-2
Parution le 31 octobre 2007

http://www.philippe-rey.fr/


الجمعة، مارس 07، 2008

ثقافة ايزيس: سهيل ادريس في مجلة الكلمة15

الخبز.لوحة للفنان جورج البهجوري.تصوير صلاح هاشم



ثقافة ايزيس


عدد 15 من مجلة الكلمة

سهيل إدريس وفؤاد التكرلي وملف عن راهن الرواية المغربية


صدر العدد الخامس عشر (مارس / آذار 2208) من مجلة " الكلمة " الاليكترونية الشهرية التي يرأس تحريرها الناقد الدكتور صبري حافظ.
ونطالع في هذا العدد أحدث قصائد الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف" أربع قصائد من الأقصر " التي يقطر فيها جوهر الحياة في المدينة المصرية العريقة في لقطات شعرية تقبض على روحها الممتدة من فرعون مصر رمسيس حتى ماسح الأحذية مصطفى. ويكتب صبري حافظ عن سهيل إدريس تحت عنوان " سهيل إدريس رحيل عصر" وينطلق من تساؤل: هل كان رحيل سهيل إدريس بعد أيام من جر (الآداب) للمحكمة مجرد صدفة؟ أم أنه لم يحتمل ألم الصدمة؟ هذا السؤال هو منطلق تناول حياة الرجل ورحيل عصره. كما تنشر (الكلمة) في باب علامات الذي تحرره الدكتورة أثير محمد علي افتتاحية رئيس تحرير (الآداب)، وهو يطلق مجلته للنور، في شهر كانون الثاني 1953. ونقرأ فيها: "وهدف المجلة الرئيسي أن تكون ميداناً لفئة أهل القلم الواعين الذين يعيشون تجربة عصرهم، ويُعدّون شاهداً على هذا العصر: فيما هم يعكسون حاجات المجتمع العربي، ويعبّرون عن شواغله، يشقون الطريق أمام المصلحين، لمعالجة الأوضاع بجميع الوسائل المجدية. وعلى هذا، فإنّ الأدب الذي تدعو إليه المجلة وتشجّعه، هو أدب "الالتزام" الذي ينبع من المجتمع العربيّ ويصبّ فيه. والمجلة، إذ تدعو إلى هذا الأدب الفعّال، تحمل رسالة قوميّةً مثلى. فتلك الفئة الواعية من الأدباء الذين يستوحون أدبهم من مجتمعهم يستطيعون على الأيام أن يخلقوا جيلاً واعياً من القراء يتحسسون بدورهم واقع مجتمعهم، ويكوّنون نواة الوطنيين الصالحين. وهكذا تشارك المجلة، بواسطة كتّابها وقرائها، في العمل القومي العظيم، الذي هو الواجب الأكبر على كلّ وطنيّ."

وتنشر المجلة أيضا أخر نصوص الكاتب الراحل الكبير فؤاد التكرلي " المقابلة " وتواصل المجلة نشر النصوص الروائية كاملة فتنشر رواية " لون الروح " لصلاح الدين بوجاه ويخلق الكاتب التونسي في هذه الرواية عالما مترعا بالمتخيل، يتردد بين قطبي رحى الواقعي والكابوسي، فهو عالم واقع في قبضة الرعب والمراقبة ومنطق التلصص والتفجيرات. ويضم العدد الجديد ملفا عن راهن الرواية المغربية أعده الناقد المغربي عبد الحق ميفراني ، ويحاول هذا الملف أن يتوقف عند راهن الرواية المغربية، في مسارات تشكلها وفي رهانات الكتابة الروائية المغربية، وما تطرحه من رؤى وصيغ تمكننا من تلمس سمات المشهد الروائي في المغرب. ويحوي ملف تسع دراسات تلملم شظايا هذا المشهد، وترصد تصوراته، وملامح التحول داخله.

بالإضافة إلى ذلك نقرأ في باب دراسات وبمناسبة مرور خمسين سنة على الوحدة بين مصر وسوريا " بارقة أمل من الخليج " ويتناول فيه المفكر العراقي البارز خير الدين حسيب هذا الحدث، ويتأمل عبره حاضر العالم العربي ومستقبل الوحدة فيه. وفي " ثقافة تأصيلية تحليل ونقد " يستعرض الطبيب السوداني حامد فضل الله أفكار الكاتب الفلسطيني محمد محمود شاويش وأطروحاته بدقة تحليلية، ثم يقدم تشخيصه الدقيق لما ينطوي عليه الكتاب من إشكاليات بهدوء وموضوعية. وفي "أنت حر مادمت قاتلا أو مقتولا" يكشف لنا القاص العراقي حسب الله يحيى المقيم في بغداد عن محنة الكاتب، بل الإنسان العراقي، الذي يعيش تحت وطأة الاحتلال الأمريكي وآليات القتل والموت التي كرسها في العراق. وتعيد الباحثة السودانية البارزة خديجة صفوت في "إيقاف علم الاجتماع على قدميه" تمحيص التصورات العلمية الجاهزة وتدخل التاريخ المطلسم عليه في قلب المفهوم لتطرح تصورا مغايرا للسائد الثقافي في مجال علم الاجتماع وفي "التخييل الأسطوري للراهن " يتناول الباحث المغربي بوشعيب الساوري مسيرة الكاتب الجزائري عزالدين جلاوجي ودور التخييل والأسطورة فيها ويحلل بالتفصيل روايته الأخيرة سرادق الحلم والفجيعة.

وفي باب الشعر تنشر المجلة ديوانا للشاعر المصري على منصور " في مديح الصبار " كما تنشر أحدث قصيدتين للشاعر الفلسطيني وليد خازندار و" قصيدتان " للشاعرة المغربية سميرة المصطفى و" مدن العزلة " للشاعر السعودي شريف بقنه مشهراني و" قصيدتان " للشاعرة المصرية نجاة علي

وفي باب السرد نقرأ قصة " قوس قزح منتصف الليل "للقاص المصري عاطف سليمان و" صداع " للقاص السوري إبراهيم علوش و" ذات الأحفاد " للكاتب المصري عبد الرشيد الصادق المحمودي و" كان يمكن للسماء أن تمطر " للقاص الليبي محمد العريشه.

وفي باب النقد نطالع "قابس آخر الملائكة " لشعيب حليفي وهذه رحلة من نوع خاص مع الرؤى والتواريخ القديمة بحثا عن الأيام الضائعة في رحلة سيدي على الشاوي، وفي رحلة الإنسان صوب ذاته، وصوب المعرفة معا. ويتناول الباحث المغربي أحمد بلخيري في "تعريب المصطلح المسرحي" إحدى أهم إشكالات تعريب المصطلح العربي هنا. ويحاول الوصول إلى تقعيد جديد لتعريب المصطلح المسرحي. وفي " كان سعدي يوسف الأكثر حداثة " يتناول الشاعر التونسي صالح بن عياد في هذه اليوميات بعض تجليات الواقع الأدبي في المشهد التونسي ليكتب عبرها تصوره للشعر، ولرأسمال الشعراء الرمزي، وللحداثة في آن. وفي" السينمائي التشكيلي وسؤال التأويل " يتناول الناقد السينمائي محمد أشويكة علاقة السينمائي والتشكيلي من زاوية ابستيمولوجية، لإبراز سمات التقاطع وقيمة التداخل بين المجالين. في العشاء الأخير في فلسطين " يكشف لنا الكاتب الفلسطيني زياد جيوسي كيف خلق المسرح معادلاته البصرية والحركية للوضع الفادح الذي يعيشه الفلسطيني تحت الاحتلال من خلال قراءة للمسرحية الفلسطينية العشاء الأخير.

ويضم باب كتب " في تاريخ الاستشراق وسياساته " حيث يقدم ثائر دوري فيه مراجعة لكتاب حديث ينطلق كاتبه من أطروحات المفكر الكبير إدوار سعيد ويتتبع وثائق الخطاب الاستشراقي ومسيرته حتى كتابة الاستلاب العربي المعاصرة وهي تبرر السيطرة الأمريكية على منطقتنا. وفي " بوّابُ الذاكرة الفظ" يكشف تحليل الناقد والشاعر الفلسطيني نصر جميل شعث لديوان الشاعرة اللبنانية رينب عساف عن التضافر الفريد بين الخاص والعام، بين الحاضر والماضي/ بين الموت والحياة في تجربة هذه الشاعرة الجديدة. وفي " الرجل ذو البذلة الشاركسكين " يقدم الباحث المصري محمد أبو الغار عرضا لكتاب يسعى لاقتناص بعض تفاصيل ذاكرة يهود مصر المنسية ويكشف فيه عن شهادة ناصعة على رقي حضاري مصري يدحض الكثير من الأغاليط الصهيونية. وفي " إسماعيل كاداريه في روايته الملف " يكشف محمد بنعزيز من خلال مراجعة لرواية الكاتب الألباني الشهير إسماعيل كاداريه قدرة الفن الروائي على الحفر في أغوار الواقع، وأركيولوجيا النفس البشرية، واستشراف المستقبل في آن. وفي " الإله الأخضر " يقدم الكاتب والروائي الليبي محمد الأصفر قراءة لديوان الشاعر البرتغالي فيرناندو بيسوا نتعرف على سحر البساطة حينما يتضافر مع عمق البصيرة وحدوس النبوءة. وفي " فاصل من حياة " يقرأ محمد العباس سيرة الشاعرة والقاصة الإماراتية ظبية خميس ويكشف عن براعة استخدام تقنيات القرينة السردية في الكشف عن كثير من المسكوت عنه.

بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير" و"أنشطة ثقافية"، تغطيان راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي. لقراءة هذه المواد اذهب إلى موقع الكلمة في الانترنت

www.al-kalimah.com


البحث عن رفاعة فيلم تسجيلي طويل من اخراج صلاح هاشم

صورت مشاهده بين باريس واسيوط وطهطا والقاهرة ويعرض لما تبقي من تراث التنوير في مصر



الأربعاء، مارس 05، 2008

ستان براكاج : شاعرية التجريب في هوليوود. محسن الذهبي




ستان براكاج شاعرية التجريب في هوليوود

حين تكون الكامرا عينا يتحرك التفكير البصري

يطلقون عليه عامود التجريب الاساسي في السينما الامريكية، لكنه يقول عن نفسه (لقد خصصت حياتي لما يطلق عليه " الفلم التجريبي " في أمريكا .ولكوني فنانّا ، فانني مقتنع بان التحرر من التعبير الشخصي÷، هو البداية الطبيعية لأي فن فكل فعل لدي هو تجريب الباعث فيه الشاعرية، وليس الدافع التجاري
ذلك هو المخرج الامريكي الرائد( ستان برادج ) والذي جعل من الكامرا صورة مجازية للعين ، والعين صورة مجازية لرؤية الفنان الكونية والشعرية . ففي مدينة كانساس بمقاطعة ميزوري ، وفي الرابع عشر من كانون الثاني - يناير عام 1933 ولد ((ستان برادكادج )) ومذ صغر سنه ظهرت مواهبة الفنية فدرس الموسيقى وتعلم العزف على البيانو لكن جمال صوته ، جعل منه وهو في الثالثه عشر من عمره مطرب سبرانو ذو موهبه واعده ، لكنه سرعان ما هجر الدراسة في مدرسة " دار تموث " لينتقل لمدينة كلورادو فيعمل بأدارة فرقة مسرحية متواضعة لمدة عام واحد ، يغادرها بعدها ملتحقا بمعهد الفنون الجميلة بسان فرانسيسكو . وليخرج اول افلامه ( استراحة )عام 1952 وهو ابن تسع عشر سنه . ثم يتبعه بفلمه الثاني ( الطريق الى حديقة الظلال – 1954 ) .ومن ثم (الفلم الممنوع – 1954 ) والذي يقول عنه جوناس ميكاس انه أحد الأفلام الاكثر تأثيرا بين الافلام الامريكية الحديثة اذ ان حركة كاميرا ستان براكادج الديناميكية هي التي بدأت (ثورة اسلوبية ) أثرت في توجه واسلوب سينما الحقيقة للافلام الوثائقية ، وادت الى انتشار الموجة الجديدة في السينما الفرنسية . لكن حياته القلقه تنقلب راسا على عقب فعليا أثر لقائه بالشاعر " كنت اكسروث" و تعرفه على ورفاقه في الطليعة الثقافية ، ليصفها فيما بعد بنهضة سان فرانسيسكو ، مما جعله يشد الرحال الى نيويورك ليلتقي هنك على اقطاب عالم الفن الطليعي امثال ادجر فارس ، جون كاج ، ماريا منكن ، مايا ديرن وجوناس ميكاس ليعيش وسط هذا الزخم الفكري الطليعي .فيكلفه الفنان " جوزيف كونل " بعمل فلم عن خطوط السكك الحديدية لمدينة نيويورك قبل هدمها في ذلك الوقت ، فياتي فلمه ( الحلقة العجيبة –1955 ) وهو فلم صامت الا من صرير العجلات البكائي مدتة اربع دقائق فقط وهوليس فلم تقليديا متسلسل الاحداث يؤدي فيه الممثلين ادوارا محفوظه بل هو بأختصار رحلة قطار لحظة تدمر فيها الارصفة بسرعة مرعبة .حيث تنكشف الاضواء والتشوهات اللونيه في زجاج النوافذ وحركة الضوء المتكور ، لقد صورها بشكل ايقاعي البناء بين السرعة والابطاء ليكثف ذلك غنى الحافز البصري المتاح امام العين المتيقظة .وبهذا الفلم يعد النقاد ستان براكادج قد بدأ مهمته الواعية مع اشكال التجريب السينما ئية والتي ستصبح موضوعه الاساسي .
لقد اعتمد براكادج على نظرية المؤلف لتعزيز القيمة الفنية أمام ماديةالسينما الامريكية التي افرزتها هوليود اذ جعل الكاميرا صورة مجازية للعين ، والعين صورة مجازية لروية الفنان ومشاعره الانسانية كما في فلمه ( ارتقاب الليل –1958 ) والذي يعد دراسة واضحة للوعي و باسلوب جديد لشكل ومفهوم الفلم الشعري الحافل بمضمون الدراما النفسية ، انه قصة انتحار رجل يخرج عبر الحديقة الى شجرة يعلق حبلا فوق احد فروعها ويعقده ليشنق نفسه فيشاهد طفلا مستلقيا هناك ، ان بين حدث السير والشنق تدور احدث الفلم ليقدم للمشاهد ما يمكن تسميته بمرور الحياة امام العين لحظة الحدث .مع انه لايقدم ابطالا للفلم الامجرد ظلال لكن الفلم يضج بالحركة والتعبير من خلال حركة الكامرا والمونتاج . وفي عام 1960 يبدأ التحضير لفلمه الملحمه (كلب يقوم بدور انسان ) والذي استغرق العمل فيه اربع سنوات وهو عباره عن قصة رجل يتسلق احد الجبال ليقطع شجرة ، وقد كتب اثناء هذه الفترة ونشر كتابه ( صور مجازية عن الرؤية السينمائية –1964 ) ليساعد على فهم العناصر الفنية والقيم التي يطرحها ستان براكادج ، ان الرؤى المعقدة للفلم والتي تمر خلال ثلاث وثمانون دقيقة عبر اربعة أجزاء ومقدمة ليقدم بطله الخاص وهو الكلب الذي يقوم بدور الانسان ليعيش الصراع المرير مع الطبيعة من خلال تقلب فصولها الاربعة ، ان الفلم يقدم رؤيه تعددية فلسفية تحاول ان تفسر نظرية النسبية لانشتاين اذ يتخيل المخرج عينا لا تحكمها قوانين الرؤية التي يصنعها لانسان ، عين لا تحد بمنطق تكوين الاشياء ولا تستجيب للمسميات لكنها تعرف كل شيء في هذه الحياة من خلال مغامرة الاكتشاف ، وهناك نسخة اخرى للفلم طويلة تمتد الى أكثر من اربع ساعات باسم ( فن الرؤية ) موجوده في مكتبة الكونجرس الامريكي اذ اختارتها لتكون جزء من تاريخ مكتبة السينما القومية الامريكية وسبب طول الفلم هو عرض البكرات المختلفة التي تستعمل لخلق صور مركبة بعضها فوق بعض مما جعل الفلم مميزا جدا وملفت للنظر وتعبر عن رسالة المخرج بان العين الناضجة مدربة على انتقاء عالم البراءة الخيالي والعجيب عكس العين التي لا ترى الا الذي امامها وحسب ، هذا ما يؤكده الناقد (اّدمز سيتني ) حين نشر كتاب - رؤية سينمائية - عام 1974 وهو أول عمل تاريخي مفصل لحركة سينما الرواد الامريكية وقد كانت اعمال ستان برادكاج هي محور هذه الدراسة التوثيقية التحليلية لاكثر من خمسين فلم اخرجها حتى ذالك الوقت.
وفي عام 1986 منحه معهد السينما الامريكية أول جوائز(مايا ديرن ) للسينما المستقلة وفناني الفديو وتعد مايا ديرن ذاتها احد اعظم الرائدت في السينما الامريكية . فيما رشحته مجلة الصوت والصورة كأهم مخرج سينمائي تجريبي في العالم على قيد الحياة وذلك عام 1993 وهو في الستين من عمره ثم اضيف فلمه كلب يمثل دور انسان الى السجل القومي للسينما الامريكية في العام1992 . هكذا استمر ستان براكادج في اغناء السينما بافلامه التي تحرك التفكير البصري حتى بلغت افلامه مايقارب 400 فلما على مدار نصف قرن تتراوح اطوالها مابين تسع ثواني الى اربع ساعات ونصف الساعة ، ورغم اصابته بمرض سرطان المثانه عام 1996 واجرائه عملية جراحية ناجحة لكنه بقى غزير الانتاج فقد عمل مئات الافلام القصيرة منها الرؤى في التأمل –90 19 والمرور من خلال الطقوس –91 وبرج الظلام –99 والجزيرة الرباعية فانكوفر 2002 ومجموعة افلام فاوست –88 وافلام عن السيد المسيح بالتعاون مع الموسيقي جيمس تيني وسلسة الفارسي –2001 وغيرها الكثير كما نشر مجموعة مقالات في كتابه (الوقت يحكي ) عام 2003 وعمل اخر افلامه (نافذة ستان ) وهو صورة ذتيه لحياته الشخصية، بعد ان قدم طلب احالته للتقاعد من التدريس في كلية ومعهد شيكاغو للفنون اذ شغل مقعد استاذ علم الجمال وتاريخ السينما وكف عن القاء المحاضرات في الجامعات والمعارض والمهرجانات وغادر الى كندا ليتوفى هناك في الثامن من اذار – مارس 2003 ولتنطوي حياة فنان ظل طوال حياته معاديا لمدرسة هوليود ومهاجما لذاك المصنع الحلم الخاص بالرأسمالية وهذا جزء من السمة الرومانسية فيه، كما ابتعد بنفسه عن ثقافة الستينات المضادة في القرن العشرين ،اذ يراها أستغرقت في فاشية مقنعة فهو وكما يقول عن نفسه انه يعتقد أن ,,الفنون تقدم للانسان المجال الشعبي الاخير الحر وبذلك تشكل أكبر تهديد لمن يشعرون بأن عليهم ، أو أنه بامكانهم استبعاد الحس المرهف ،،
محسن الذهبي
كاتب عراقي مقيم في بريطانيا